أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حكم الوقف على قوله تعالى : [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ]
قال تعالى: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وجعلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا..][التوبة: 40]
في هاء(عَلَيْهِ ) ثلاثة أوجه:
القول الأول: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد كون الضمير في [عَلَيْهِ]للنبي صلى الله عليه وسلم الضمير في [وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا]لأنه المؤيد بهذه الجنود التي هي الملائكة كما كان في يوم بدر (1)
وعلى هذا التأويل: فلا وقف على (عَلَيْهِ) لتعلقه بما بعده، فالكلام مازال متصلا بشأن النبي صلى الله عليه وسلم .
القول الثاني: أنها ترجع إلى أبي بكر، واحتج من نصر هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مطمئنا لم تزل معه السكينة.
قال العلامة ابن عطية: قال حبيب بن أبي ثابت الضمير في [عَلَيْهِ]عائد على أبي بكر رضي الله عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله ، قال القاضي أبو محمد: وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش (1).
قال الشوكاني: أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس في قوله: [فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة (1).
وعلى هذا التأويل: يوقف على(عَلَيْهِ) لعدم تعلقه بما بعده، حيث الانتقال من كلام أبي بكر، ثم انتقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(1) المحرر الوجيز 3/ 40
القول الثالث: أن الهاء هاهنا في معنى تثنية والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما فاكتفى بإعادة الذكر على أحدهما من إعادته عليهما كقوله: [وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ][التوبة: 62] أي: يرضوهما، ذكره ابن الانباري (3).
قال أبو حيان الأندلسي: الضمير في عليه عائد على صاحبه، قاله حبيب بن أبي ثابت، أو على الرسول قاله الجمهور، أو عليهما. وأفرده لتلازمهما، ويؤيده أنّ في مصحف حفصة: فأنزل الله سكينته عليهما وأيدهما. والجنود: الملائكة يوم بدر، والأحزاب (4)
(1) فتح القدير: ( 2/526).
(3) زاد المسير في علم التفسير: ( 3/429).
(4) البحر المحيط: ( 5/45).

رأي أهل الوقف:
قال الداني: (( الوقف على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]
كاف: إن جعلت الهاء في [عَلَيْه]لأبي بكر الصديق رضي الله عنه  وهو الاختيار.
وعن سعيد بن جبير قال على [سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ]قال: على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تنزل السكينة معه، فإن جعلت الهاء للنبي لم يكف الوقف على [عَلَيْهِ، وأما الهاء في [.. وَأَيّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا..]فللنبي عليه الصلاة والسلام )) اهـ (1).
وذكر شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، والأشموني نفس ما ذكره الإمام الداني ورأوا أن الضمير لأبي بكر الصديق رضي الله عنه هو المختار (1).
الراجح في المسألة:
الراجح: القول الأول وهو عود الضمير على النبي صلى الله عليه وسلم مع احتمالية أن يعود على أبي بكر الصديق رضي الله عنه
قال أبو جعفر الطبري: فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله، وقد قيل: على أبي بكر [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا]، وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم [وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ]، وهي كلمة الشرك [السُّفْلَى]، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها، وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى [وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا]، ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله، وهي كلمتُه [العليا]، على الشرك وأهله، الغالبة (3).
(1) انظر: المكتفى: ص: 293.
(1) انظر: المنار: 337
(3) تفسير جامع البيان ( 14/261).
قال ابن عطية: قال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أقوى، والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى: [فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ][البقرة: 248] (1)
قال ابن كثير: قال تعالى: [فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْه]أي: تأييده ونصره عليه، أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال؛ ولهذا قال: [وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا]أي: الملائكة (3)
رموز المصاحف: عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف على (سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) إشارة إلى ترجيح الرأي الأول.
(1) تفسير القرآن العظيم: ( 3/40).
(3) تفسير القرآن العظيم: ( 4/155).
الأثر العقدي في الوقف والابتداء لـ جمال القرش