أثناء تقليبي لقنوات التلفزيون ... وفي أحد الأفلام الأجنبية
سمعت مقطع من أغنية أجنبية يقول مطلعها

( تعال نتحدث عن لا شئ )

جميلة هذه الدعوة ..

إنها دعوة لتمضية وقت جميل في الحديث الغير مخطط له


يذهب أستاذ الجامعة ليلقي محاضرة على طلابه وطالباته ...
حضّر لها في الليلة الماضية
إنه يعرف ما سيقول ... وطلابه يتوقعون ما سيقول

ويذهب رجل الأعمال للقاء رجل أعمال آخر أو مندوب شركة
أو مؤسسة ليعقد صفقة كان قد درس تفاصيلها بعناية ...
إنه يعرف ما يريد ويعرف ما سيقول


أما اللقاء الذي تتحدث عنه الأغنية الأجنبية هو غير هذه اللقاءات
إنه لا يشبهها في شئ


إنها تتحدث عن لقاء يجمعنا مع شخص قريب من قلوبنا
هو شخص نريد رؤيته والحديث معه

ليس مهما ماذا سوف نتحدث عنه ...
سنجعل من كل أمر صغير موضوعاً
يمكن أن نتحدث عن كل شئ وأي شئ وأن نجد متعة
في الحديث عن أي موضوع

كل قضية يمكن أن تصبح حديثاً وقد نتحدث في أشياء
نعرفها أشياء ليست جديدة تماماً
ليس هناك موضوعات مهمة وأخرى غير مهمة
في هذا الحديث الحميم هناك حديث فقط ..
حديث ممتع .. مسل .. شفاف ... حنون ... وهادئ

كأننا نتدرب فيه على الكلام لأول مرة ..
كأننا نختبر قدرتنا على الكلام على ايصال فكرة بسيطة
إلى شخص يعنينا أمره كما لا يعنينا أمر أحد سواه

سنجد زوايا مختلفة للحديث
سنكتشف أن للحديث متعة لم نكتشفها من قبل
سنكتشف مقدرة كامنة في أرواحنا على الحديث الحر
... للبوح ... للمكاشفة الدافئة
لقول ما نعجز أن نقوله للآخرين

شعور غريب بالحرية ينتابنا كأن من نحاوره منحنا
أماناً كي نقول مانريد
فنتدفق في الحديث ... ونتعجب من مقدرتنا على كل هذا الكلام
لأننا نظن أنفسنا ميالين إلى الصمت وعازفين عن الكلام
فنبدأ بسرد أبسط التفاصيل .. أخف التفاصيل
فنروي كل ماحدث ... ونسأل عن كل ما حدث


يُقال بأن تدفق الكلام أمارة بأن القلب ينبض بقوة
و يُقال إنه حين تصاب بالعجز عن الحديث
و تجد في الصمت ملاذاً من حضورهم معك
فأعلم أن الأمور قد دخلت في خريفها .. ؛
........................
تحياتي لكم ..
juhgd kjp]e uk gh az ?!!