ـــــــــــــــ



بسم الله الرحمن الرحيم
اطلعت على الكلام الجميل المؤثر المنسوب لصاحب السمو الأمير الدكتور / فيصل بن محمد ابن ناصر بن عبد العزيز آل سعود الذي نشر في مقال بعنوان ( اقترب الحلم من الحقيقة )عبر موقع ( فيفاء أون لاين الإلكترونية ) والذي وجهه سموه للحاضرين من أبناء فيفاء في الحفل الذي أقيم له في فيفاء بتأريخ 2 / 1 / 1434 هـ فهيجت تلك الكلمات والتوجبهات نفسي فقررت كتابة هذه الكلمة ، قال سموه : إني سعيد وأنا في فيفاء التي أكن لها ولأهلها حبا كبيرا ، وما أخبرهم به من حبه لهم وسعادته بزيارتهم هو من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه ) حديث صحيح ، وهذا الأسلوب يجعل القلوب تتآلف ، ثم قال سموه : دعيت إليها فاستشرت أبي وسيدي ففرح وشد على يدي ، وقال : أوصل إليهم سلامي الحار . ، واستئذان سموه والده لإجابة الدعوى ، كونه والده ، وكونه أمير المنطقة ، فيه أدب رفيع مع والده ، وانظروا ذلك الحب الكبير الذي يكنه صاحب السمو الملكي أمير المنطقة لأهل فيفاء . ، ثم قال سمو الأمير فيصل : لقد حدثوني عن القات فأبيت أن أخوض فيه حتى أرسل منه عينة للمختبر ، وفعلا حدث ذلك . ، وهذا التصرف الحكيم من سموه مع القات هو النهج القويم الذي تبنى عليه المواقف ، وهو التثبت قبل الحكم على الأشياء ، فسموه لم يجرب ، ولم يبد رأيا شخصيا حتى تعرف على حقيقة القات ومحتواه ، ، وانظروا إلى النتيجة العلمية التي توصل إليها ، قال سموه : وأجريت الاختبارات ، وخرجت النتائج ، وكانت المفاجأة أنه صنف مع التبغ واكتشف أنه يؤثر على الكبد والمسالك البولية ، وفيه مادة مخدرة .

وهنا أقول : إن هذا هو الأسلوب الحكيم الأمثل لتوعية الناس وإرشادهم للتخلص من هذه العادة السيئة المضرة فهل بقي لمستعمل القات حجة في استعماله بعد ما ثبت أنه يحتوي على عدد من المواد الضارة بأجزاء الجسم ، وثبت مخبريا أن فيه مادة مخدرة . ، وقال سموه : في هذا اليوم وأنا أحدثكم صدر قرار في أمريكا يمنع القات لما علموا عنه من مضار .

وأقول : ألسنا أولى من أمريكا بالامتناع عن القات ، وقد ثبتت مضاره بما لا يدع شكا ، وقد أفتى علماؤنا بتحريمه ، وأمر ولاة أمرنا بإزالته ، والله تعالى يقول : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ النساء: 59 , ونحن لو فعلنا ذلك فإننا نرجو من الله الأجر والثواب ، ففي الحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ترك عبد لله أمرا لا يتركه إلا لله إلا عوضه الله عنه ما هو خير له منه في دينه ودنياه ) ، ثم قال سموه : ترون دولتكم أعدت لفيفاء خمس مليارات لتطويرها فاستغلوا هذا العطاء . ، هذه نصيحة من محب ينبغي قبولها ، وهذا المبلغ الكبير الذي رصدته الدولة لتطوير فيفاء هو بداية الخير ، وسوف يفتح آبوابا كثيرة من أبواب الرزق المختلفة في حال استثماره في تطوير فيفاء استثمارا صحيحا المبني على الاهتمام بالبنية التحتية والعناية بالمرافق العامة التي تهئ البلاد لأنشطة عمرانية واقتصادية وسياحية ، وما قاله سموه عن أضرار القات يتفق مع تلك الدراسة الخاصة التي أجرتها عنه جامعة جازان ، والتي أثبتت جملة من الأضرار والأمراض التي يسببها استعمال القات ، وأذكر هنا بما سبق ونقلته من الأبحاث والدراسات عن أضرار القات في مقالي الذي نشر بعنوان ( أما آن الأوان لشجرة القات أن تترجل ) ، ولم يعد بعد ما قيل عن القات من الناحية الشرعية والصحية والاجتماعية والاقتصادية إلا أن يقال : أما آن الأوان أن يزال ، وأقول عن القات . . ثلاث مرات ) في الأمور التالية ما يلي :
الأمر الأول ـ أما آن الأوان لمستعمل القات أن يتقي الله ويقلع عن استعماله ، وقد علم حكم الشرع في استعماله ، وتبنت واتضحت أضراره ، والله تعالى يقول :(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة: 195 ، فينبغي لمستعمل القات أن يستعين بالله ويتركه طاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر ، ومن ترك شيئا لله عوضه بخير منه ، ولقد عرفت أشخاصا كانوا مولعين بالقات تركوه فظهرت أثار تركهم له في صحتهم ونضارة وجوههم ، واستقامتهم ، ومن ذلك المحافظة على الصلاة مع الجماعة ، فجرب كما قال سمو الأمير : الحياة دون قات ستجد سعادة وراحة لا حدود لها .

المرة الثانية ـ أقول : أما آن الأوان لغارس القات أن يتخلص منه ، وقد أفتى علماؤنا بأنه حرام ، وأدنى ما يقال عن القات أنه من المشتبه فيه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، رواه البخاري و مسلم ، فالمتعلق بالقات استعمالا من أجل نشوة عابرة ، وإنتاجا ، وبيعا ، وشراء من أجل مردود مالي بسيط ، وقد تبين حكمه ، وثبتت أضراره فإنما مثله كمثل الطفل الرضيع يصر على الرضاع ويأبى الفطام مع أن ما بعد الفطام من أصناف المأكولات والمشروبات أكثر لذة ونفعا بدليل لو طلب من الطفل بعد افتطامه وتعوده على الأغذية المختلفة أن يرضع لأبى وعافت نفسه ذلك .

المرة الثالثة ـ أقول فيها لولاة أمرنا : لقد آن الأوان أن تخلص البلاد من هذه الشجرة لا سيما وقد عزمت حكومتنا على تطويرها ، والنهوض بها ، وما المبلغ الكبير الذي بشر به سمو الأمير لتطوير البلاد إلا بداية لتوجيه الناس لاستثمار جهودهم وأوقاتهم وأموالهم في الأعمال الصالحة النافعة ، ولضمان التخلص من القات ، ومن أجل ذلك أرى إتباع ما يلي :-

أولاً ـ التأكيد والتذكير بالفتاوى الشرعية والأوامر السامية التي تقضي بتحريمه ووجوب إزالته وتنفذ ذلك بحزم وعزم وعدم إضاعة الوقت والمال في أمور لا جدوى فيها كالبحث عن البديل ، فالبديل موجود في أبواب الرزق المفتوحة إذا فتحت الفرص ، وعلى كل إنسان أن يبحث عما يفيده بطريقته الخاصة .
ثانياً ـ ومع أن الوعي عند الناس بأضرار القات قد ارتفع فإنه لا مانع من تكثف الدعوة والتوعية والإرشاد بأضراره ، ومقتضى وجوب السمع والطاعة بإزالته .
ثالثاً ـ يستبعد كليا تعليق إزالته بإيجاد بدائل زراعية لأن ذلك يحتاج إلى وقت وحهد ومال ، وقد ثبت فشله وعدم إمكانية نجاح هذا البديل .
رابعاً ـ وأرى من المفيد لاستئصاله أن تشكل عدة لجان تأتيه من كل مكان يوجد فيه ، تقوم بالوقوف على مزرعة كل مواطن عنده أشجار منه قديمة وليست مغروسة من أجل التعويض وتحصى ويعمل محضر بذلك ، ويؤخذ من صاحب الحيازة إقرار بأنه لا توجد عنده سوى تلك الأشجار التي حصرت ، ويؤخذ توقعه على ذلك بحضور عريفته وأعضاء اللجنة ، ويكون هذا الإجراء في عموم الأماكن التي توجد فيها هذه الشجرة في فيفاء وغيرها حتى لا تبقى هناك بؤر لوجوده .
خامساً ـ يقدر تعويض مجز ومناسب لكل شجرة حسب عمرها ومردودها المالي ، ويكون ذلك بمعرفة خبراء بهذه الشجرة ، ومعلوم أن مثل هذا التعويض له مردود إيجابي مهما كان حجمه لأنه يفضي إلى التخلص من هذه الشجرة ، ولأن السيولة النقدية إذا وجدت بأيدي الناس فتحت لهم آفاقا من فرص العمل في مشاريع وخدمات نافعة إذا وجهت توجيها سديداً مفيدا ً .
سادساً ـ تقوم اللجان بالوقوف على كل مزرعة قد تم حصر أشجارها ، ومعهم الوسائل الكافية لإزالتها ، ويسلم تعويض الأشجار التي حصرت في حيازته بموجب شيك ويؤخذ منه إقرار بذلك وتعهد بعدم إعادة غرسه ويشرع فوراً في إزالة أشجاره .
سابعاً ـ إذا امتنع أحد عن التنفيذ وعن أخذ التعويض الذي قدر له عن أشجاره يعمل بذلك محضر ، ويترك إلى غيره ، ويستمر العمل على ما ذكر في سادسا .
ثامناً ـ إذا انتهت جولة التنفيذ حسبما ذكر تعاد الكرة على الذين امتنعوا عن التنفيذ ويطلب منهم الامتثال فإن أصروا على رفضهم يشعرون بأنه سيطبق بحقهم ما تقضي به المادة الثالثة من نظام المخدرات والمؤثرات العقلية وما في معناه من القرارات والأوامر ، وحينئذ سوف لن تبقى إلا قلة لا يؤبه بها يطبق بحقها هذا النظام لأنه لم يبق لهم عذر في عدم الامتثال ، نسأل الله العلي القدير أن يوفق الجميع للحق والصواب وأن يخلص البلاد والعباد من هذه الشجرة ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

كتبه الفقير إلى الله
د / سليمان بن قاسم الفيفي