حذر أساتذة الطب النفسي الطلبة من تعاطي شبح الامتحانات المخيف "الامفيتامين" والذي يتسلل خفية بين الطلبة أثناء فترة الامتحانات في محاولة وهمية منهم ليتجاوزوا هذه المرحلة الصعبة غير مبالين بالنتائج المترتبة جراء تعاطيها.
وقال الدكتور فلاح بن محمد العتيبي استشاري الطب النفسي مساعد مدير الخدمات الطبية بمجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض: أنه نتيجة للمفاهيم الخاطئة يأخذ بعض أبنائنا الطلاب في استعمال مواد خطرة على الصحة النفسية والعقلية والجسدية بحجة أنها تساعدهم على السهر وتجعلهم يؤدون مهامهم بصوره أفضل أثناء فترة الامتحانات لأنها في مفهومهم تزيل عنهم التعب وتساعدهم على التركيز وترفع مزاجهم ولا ينامون فيحصلون اكبر فائدة ووقتاً للمذاكرة، واشهر هذه المواد هو ما يطلق عليه العامة "المسهرات" والمدمنون يطلقون عليه عدة ألقاب أشهرها "الأبيض" و"أبو ملف" ومعروف عند الأطباء ما يسمى الامفيتامين، وهذه الامفيتامينات من أشهر المواد على مستوى العالم انتشارا للإدمان، ويلجأ إليها الطلبة في هذا الموسم لمساعدتهم على تحصيل دروسهم، ولا يعلمون انهم يلقون بأنفسهم في براثن الإدمان على هذه الحبوب ولكنهم يحظرونها ويعلمون زملاءهم حتى يقعوا فيما وقعوا فيه هم أنفسهم، وأضاف استشاري الطب النفسي: انه من نظرية طبية تعمل هذه الامفيتامينات داخل الدماغ على موصلات المخ الكيميائية وهي التي تنقل الأوامر من خلية إلى خلية لتنفيذ عملية معينة مثل التفكير أو المشاعر أو الإدراك، أو الانتباه، أو السلوك، بمعنى أي عملية يريد الإنسان تنفيذها لابد أن تكون عن طريق المخ أو بالأحرى عن طريق الموصلات بالمخ ولذلك إن الخلل في هذه الموصلات هو الذي يؤدي إلى فقدان الوظيفة التي يقوم بها هذا الموصل وبالتالي خلل بالعملية المطلوبة مثلا التفكير بالطريقة الصحيحة أو خلل بالسلوك أو المشاعر أو غيرها من العمليات الكثيرة، وتعمل هذه الامفيتامينات على موصلات الدوبامين وتؤدي إلى زيادة نشاط إفراز هذا الموصل بين خلايا المخ مما يؤدي إلى ما يطلق عليه بمرض الذهان وهو مرض يتميز بوجود الضلالات وفي حالة الامفيتامين يعاني المريض من الضلالات الزورانية أي ضلالات الاضطهاد والعظمة، ويعاني من الهلاوس السمعية والبصرية واضطراب شديد بالسلوك والعدوانية واضطراب المزاج والوجدان وقد يؤدي زيادة الجرعات في بعض الحالات إلى نوبات صرعيه شديدة وخطيرة بل وفي بعض حالات زيادة الجرعات تؤدي إلى الوفاة، وحذر الدكتور العتيبي من اللجوء إلى سوء استخدام العقاقير والركض وراء المفاهيم الخاطئة وأصدقاء السوء وشدد على أهمية دور المدرسة والأسرة في تفهيم أولادنا المفاهيم الصحيحة وتنظيم الوقت، مؤكدا أن التدخل السريع وبصورة صحيحة لمراجعة الطبيب النفسي عند ملاحظة الأسرة أو المدرسة أعراض سوء استعمال العقاقير يحقق نتائج طبية جيدة في الشفاء بإذن الله، وشدد على ضرورة تنظيم الطالب لوقته من بداية العام الدراسي حتى لا يشعر بهذا التوتر والقلق مع ضيق الوقت في نهاية العام، وأكد أن على المدرسة والأسرة دوراً هاماً في تنبيه أبنائنا الطلبة بضرورة تنظيم الوقت والتحصيل الجيد المنظم منذ بداية العام.
وقال استشاري الطب النفسي: أن الرغبة الأكيدة للطالب سواء على المستوى المدرسي أو الجامعي في النجاح والتواصل مع المجتمع بالصورة المشرفة وإحساس الطالب بضرورة تحقيق هدفه في التقدم والرقي وإثباته لذاته ولنفسه أمام أسرته كل ذلك يجعله حريصا كل الحرص على الاستيعاب والمذاكرة بصوره جيدة، ونتيجة لذلك يدخل بعض أبنائنا في صراعات نفسية وتظهر عليهم علامات التوتر والقلق وقلة النوم وعدم تحمل الإزعاج والضوضاء وضعف الشهية مع صعوبة في التركيز وسهولة التعب وإحساس بكتمة في الصدر وصعوبة التنفس وآلام بالجسم وشد في العضلات وأعراض جسميه متعددة، وهذا ما يسمى بقلق الامتحانات.
وحذر الدكتور مهدي بن محمد العنزي أخصائي أول في الطب النفسي من انتشار استخدام حبوب "الامفيتامين" بين صفوف المراحل الدراسية وخاصة المرحلة المتوسطة والثانوية. وأضاف: رسخ في ذهن العديد من الطلاب أن هذه الحبوب تساعد على الاستذكار بتقليل النوم وتوفير وقت إضافي للمذاكرة وهذا غير صحيح لأن السهر المتواصل يقلل التركيز في المذاكرة وبالتالي يحصل ضعف في التحصيل وتأتي النتائج عكسية.
واستعرض العنزي (دكتوراه في الطب النفسي) أهم الأسباب التي تدفع الطلاب إلى استخدام هذه المنشطات هي:
عدم ترتيب الوقت، والاهمال طوال السنة، وضعف دور الأسرة في متابعة الطالب دراسياً وسلوكياً ومحاولة تقوية الوازع الديني وتوجيهه إلى استخدام الوقت بصورة صحيحة والبعد عن قرناء السوء، والاستغلال من قبل المروجين للضعفاء من الطلاب واستغلال جهلهم باضرار المنشطات ومحاولة اصطياد أكبر عدد من الضحايا.
ولتجنب لجوء الطلاب إلى المنشطات أشار العنزي إلى ضرورة تعليم الطلاب الطريقة الصحيحة للمذاكرة والتي تعتمد على المذاكرة الدائمة وحضور الدروس والمناقشة، إضافة إلى متابعة الطلاب دراسياً وسلوكياً من قبل المدرسة والأسرة، والتوعية بأضرار المنشطات وتثقيف الطلاب من خلال المحاضرات والندوات سواء في المدرسة أو من خلال وسائل الإعلام وعلى مدار السنة ضمن استرتيجية منظمة ومحددة.
وأكد العنزي ان تناول تلك المنشطات يترتب عليها اضطرابات في النوم مما يؤدي الى قلة التركيز والاخفاق في الامتحانات، وكذلك اضطرابات في التفكير وشكوك في الناس مع وجود افكار اضطهادية تجاه الغير، وقلق واكتئاب مع امكانية حدوث الانتحار وتبدد وفقد الدافعية للعمل والحياة، واضطراب في العلاقات الزوجية والاجتماعية وفقدان الانتاجية في العمل، وقد تؤدي الى انحراف اخلاقي كارتكاب بعض الجرائم مثل (السرقة، العنف البدني)، وقد يؤدي الى امراض نفسية مزمنة. مثل الفصام الذهاني، ويسبب ارتفاعاً في ضغط الدم، زيادة ضربات القلب الآلام في العضلات - خمول في الجسد بعد مدة - واحياناً نزيف في المخ.
وقال عبدالله بن أحمد الوايلي اخصائي نفسي أول: بدأ تصنيع الامفيتامين لأول مرة عام 1887م حيث قامت احدى الشركات في اوائل الثلاثينات بترويج (البنزدرين) وهو الاسم التجاري للامفيتامين، وذلك لقدرته للعمل على اتساع الشعب الهوائية لدى المستخدم.
وقد انتشر استخدامه عند من يعانون من امراض الربو، كما انه استخدم في منتصف الثلاثينات كعلاج لغفوات النوم المفاجئة، وقد تم التعرف على خصائصه في فقدان الشهية للطعام وبالتالي استخدامه في تخفيف الوزن وهنا كان اكثر استخداماً لدى النساء اللاتي يبحثن عن الرشاقة، كما انه استخدم كعقار لتخفيف حدة الاكتئاب.
وفي الواقع بأن تعاطي الامفيتامينات اصبح مشكلة كبيرة في السنوات الماضية نظراً لانتشاره بين العديد من الفئات العمرية المختلفة بسبب المفاهيم الخاطئة التي تسيطر على تلك الفئات.
ومن تلك المفاهيم الخاطئة ما يقوم به البعض من استخدام (الكبتاجون) من اجل الرغبة في ان يظل مستيقظاً طوال الليل مثل سائقي الشاحنات او بعض الطلاب اثناء فترة الامتحانات للاسف، حيث يتوهم البعض منهم بأن هذا العقار يساعده على المذاكرة ومواجهة مشكلة السهر وتقوية الذاكرة والتركيز لديه وبالتالي القدرة على الحصول على افضل النتائج المرجوة دون ان يكون هناك أي آثار مستقبلية عليه، وهنا يصبح الطالب للأسف عرضة للوقوع في براثن الادمان دون وعي منه.
وأكد الوايلي أن الكبتاجون مخدر يزيد من نسبة التركيز عن الحد الطبيعي لدى الفرد ومن ثم يفقده القدرة على الفهم والاستيعاب بالشكل المطلوب حيث أثبتت التجارب بأن المتعاطي من اجل الامتحان لا يستطيع قراءة ما بين السطور فيحصل على نتائج اقل من زملائه الآخرين لأن هذا النوع من الامفيتامينات يؤثر على الجهاز العصبي لدى الانسان وبالتالي يؤدي الى الادمان والتعود على التعاطي، ومن ثم حدوث التبعية النفسية والجسمية مستقبلاً.
وهنا يكون المتعاطي مائلاً الى زيادة الجرعة المتعاطاة ويصبح لديه رغبة قهرية للحصول على المادة المخدرة التي تؤثر عليه بشكل واضح جداً من الناحية السلوكية والجسمية.
والادمان هنا يكون على نوعين اما ادمان نفسي حيث يتعود الفرد على الاستخدام والتالي الاستمرار في عملية التعاطي مما يؤدي الى اعراض نفسية خطيرة كهلاوس الرؤيا والسمع والارق والعصاب وارتفاع الضغط، او ادمان فسيولوجي وهو أخطر انواع الادمان لانه يجبر صاحبه على الحصول على المادة المتعاطاة بأي وسيلة كانت دون وعي منه او تفكير مما يؤدي به للانحراف السلوكي والاجرامي، كما انها تؤثر على جهاز المناعة لدى الفرد فيصبح ضعيفاً واكثر معاناة وبالتالي عرضة للامراض، وان ادمان الامفيتامينات ومنها الكبتاجون يؤثر على الفرد من جميع النواحي سواءً كانت دينية او اجتماعية او اقتصادية او نفسية حيث ان تكرار سلوك معين يؤدي الى تثبيته وتدعيمه عند الفرد خاصة اذا كانت الخبرات الناتجة من ذلك السلوك فيها اشباع لحاجاته ورغباته الادمانية.
لذا نجد بأن ادمان المواد المنشطة المخدرة تنتشر بين عدة انواع من الشخصيات كالشخصية الاكتئابية التي يميل فيها الفرد للاحساس بالحزن وافتقاد الرغبة والحماس لكثير من الاشياء التي تثير حماس واهتمام للآخرين، وأيضاً الشخصية الانطوائية التي يكون فيها الفرد خجولاً وحساساً ويفضل العزلة، ويهرب من الناس والمجتمعات ولا يقوى على مواجهة الآخرين ولا على التعبير عن رأيه فيشعر باضطراب شديد حين يتعامل مع منهم حوله، وكذلك الشخصية السيكوباتية والتي تظهر ملامحها على الفرد في سن مبكرة وتترسخ مع الايام حيث يزداد منها الفرد عنفاً وعدوانية ضد المجتمع فيقوم بعمل كل شيء يؤدي الى الخراب والدمار من اجل السعي وراء ملذاته وارضاء نزواته، وقد وجد بأن اكثر مستخدمي المخدرات بشكل عام من ذوي الشخصية السيكوباتية.