السؤال:
هل هذا الكلام المكتوب هو حديث صحيح ، ( إذا كان الجو شديد الحرارة ...

 ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل الأرض ، 

فإذا قال الرجل : لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم ، اللهم أجرنيمن حر جهنم ، 

قال الله لجهنم : إن عبدا من عبادي استجار بي منحرك ، وإني أشهدك أني قد أجرته منك ) .

الجواب :
الحمد لله
نص الحديث المقصود في السؤال يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الآتي :
( إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ فَقَالَ الرَّجُلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، مَاأَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ،قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ : إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِياسْتَجَارَ بِي مِنْ حَرِّكِ ، فَاشْهَدِي أَنِّي أَجَرْتُهُ .
وَإِنْ كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ : لَا إِلَهَإِلَّا اللَّهُ ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْزَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ : إِنَّ عَبْدًامِنْ عِبَادِي قَدِ اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِأَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ ، قَالُوا : مَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ ؟ قَالَ : بَيْتٌيُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ ، فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْبَعْضٍ ) .
رُويً هذا الحديث من طريقين :
الأول : من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح ، ثنا يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بنسليمان ، حدثني دراج ، حدثني أبو الهيثم - واسمه سليمان بن عمرو بن عبد العتواري -، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أو عن ابن حجيرة الأكبر ، عن أبي هريرة، رضيالله عنه ، أو أحدهما حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه عثمان الدارمي في " نقض الدارمي على المريسي " (1/325) ، وابنالسني في " عمل اليوم والليلة " (1/265) ، والبيهقي في " الأسماءوالصفات " (1/459) .


وهذا إسناد ضعيف جدا ، فيه جماعة متكلم فيهم :
منهم : يحيى بن أيوب المصري ، قال فيه أحمد بن حنبل : سيء الحفظ ، وقال النسائي :ليس بالقوي ، وقال الدارقطني : في بعض حديثه اضطراب ، وقال أبو أحمد الحاكم : إذاحدث من حفظه يخطئ ، وهذا الجرح المفسَّر أولى – في ظننا – من التوثيق المطلق الذينقلته كتب التراجم ، خاصة عند الانفراد بحديث لا يرويه غيره كهذا الحديث ، ينظر :" تهذيب التهذيب " (11/187) .
ومنهم : عبد الله بن سليمان ، أبو حمزة المصري ، قال فيه البزار : حدث بأحاديث لميتابع عليها ، ولم نقف على توثيق له ، انظر : " تهذيب التهذيب " (5/245).


الطريق الثاني : أخرجه السهمي في " تاريخ جرجان "(ص/486) قال : أخبرنا أبو عمر لاحق بن الحسين الصدري ، حدثنا ضرار بن علي بن عميرالقاضي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي ، حدثنا حفص بن غياث النخعي ، حدثناالحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم النخعي ، عن يزيد بن أوس ، عن ثابت بن قيس ، عنأبي موسى الأشعري به مرفوعا .

وهذا إسناد شديد الضعف أيضا بسبب أبي عمر لاحق بن حسين الصدريالمقدسي ، ولا يستبعد أن يكون إسنادا مكذوبا أو مسروقا .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله – في ترجمة لاحق بن حسين -:
" قال الحافظ الإدريسي : كان كذابا أفاكا ، يضع الحديث على الثقات ويسندالمراسيل ، ويحدث عمن لم يسمع منهم ... ووضع نسخا لأناس لا نعرف أساميهم...لا نعلمله ثانيا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلة الرواية ... قتل بخوارزم ، وتخلصالناس من وضعه الأحاديث ، ولعله لم يخلق من الكذابين مثله .
وقال ابن ماكولا : لا يعتمد على حديثه ، وَلا يُفرح به .
وقال الحاكم: حدث بالموضوعات .
وقال ابن النجار : مجمع على كذبه .
وقال الشيرازي : حدثنا أبو عمر لاحق بن الحسين بن أبي الورد , وأنا أبرأ من عهدته، فذكر خبرا موضوعا ظاهر الكذب .
وقال النقاش : كان والله قليل الحياء ، مع وضعه الأحاديث .
وقال ابن السمعاني : وضع نسخا لا يعرف أسماء رواتها ، وكان أحد الكذابين "انتهى باختصار يسير من " لسان الميزان " (8/407) .


فالخلاصة أن هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولميرو بإسناد مقبول ، لذلك قال السخاوي رحمه الله :
" سنده ضعيف " انتهى من " المقاصد الحسنة " (ص/714)، وكذلكضعفه العجلوني في " كشف الخفاء " (2/426) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" منكر " انتهى من " السلسلة الضعيفة " (رقم/6428) .


لكن ذلك لا يعني أن الدعاء بمثل ذلك لا يجوز ؛ بل الممنوع أن يروىهذا على أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يعتقد أن هذا من الأذكارالراتبة المشروعة ، كالذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أذكار اليوم والليلة، لكن لو دعا المسلم بهذا الدعاء لمناسبته المقام : فهو جائز لا حرج عليه فيه - إنشاء الله - على الشرط السابق من عدم اعتقاد ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .


موقعالإسلام سؤال وجواب