أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الاستنجاء وآداب التخلي
الاستنجاء لغة : القطع ، من نجا ، وقيل من النجوة وهي ما ارتفع من الأرض ، لأنه يستتر عن الناس بها ، يقال استنجيت الشجرة قطعتها من أصلها.
الاستنجاء في الاصطلاح : إزالة ما يخرج من السبيلين سواء بالغسل أو المسح بالحجارة ونحوها عن موضع الخروج وما قرب منه .
وسماه بعضهم إستطابة ، وهي طلب الطيب ، وهو الطهارة ويكون بالماء والحجر ، كما سماه بعضهم - أيضاً - استنقاء وهو طلب النقاوة بالحجر والمدر أو نحوهما ، أما الاستجمار فإنه مختص بالاستنجاء بالحجر ، مأخوذ من الجمار وهو الحجر الصغير . ([1])
حكم الاستنجاء :قولان للعلماء : - الأوّل : أنّه واجبٌ إذا وجد سببه ، وهو الخارج ، وهو قول المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة .
واستدلّوا بحديث عَلِيٍّ t قَالَ « كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ r لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ »([2]) قالوا والمذيُ نجس وحديث المعذبين في القبر وبحديث عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r «قَالَ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ ([3]) وقوله r « وَقَالَ لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ»([4]) قالوا : والحديث الأوّل أمرٌ ، والأمر يقتضي الوجوب وقال : « فإنّها تجزي عنه » والإجزاء إنّما يستعمل في الواجب ، ونهى عن الاقتصار على أقلّ من ثلاثةٍ ، والنّهي يقتضي التّحريم ، وإذا حرّم ترك بعض النّجاسة فجميعها أولى .
القول الثاني : أنّه سنة مؤكدة وليس بواجبٍ وهو قول الحنفيّة ، وروايةٌ عن مالكٍ وقول المزنى من الشافعية . واحتجوا بقول النبىr « مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ » وهو ضعيف ([5])وقالوا لأنّه لو كان واجباً لما انتفى الحرج عن تاركه. واحتجّوا أيضاً بأنّه نجاسةٌ قليلةٌ ، والنّجاسة القليلة عفوٌ . ([6])
قلت : الراجح القول الأول للأدلة ويُستثنى من ذلك الرِّيحُ ؛ لأنها لا تُحدِثُ أثراً فهي هواءٌ فقط ، وإذا لم تُحدث أثراً في المحلِّ فلا يجب أن يُغسَلَ ؛ لأن غسله حينئذ نوع من العبث ، وسواء كان لها صوت أم لا فهي طاهرة ، وإن كانت رائحتها خبيثة ما لم تستصحب معها جزءاً من الغائط .
ما يتم به الاستنجاء
الإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها كالخشب والورق والقماش ، وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لحديث أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ t قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ . ([7])
؛ ولأنه يطهر المحل ، ويزيل العين والأثر ، وهو أبلغ في التنظيف وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل لقول النبى r « إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ ([8]) ، فإن لم تكف زاد رابعاً وخامساً حتى ينقي المحل ، والأفضل أن يقطع على وتر والأفضل أن يستجمر بالحجارة وما أشبهها ثم يتبعها الماء ، لأن الحجارة تزيل عين النجاسة ، والماء يطهر المحل ، فيكون أبلغ .
آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ
آداب قضاء الحاجة منها ما هو واجب وما هو مستحب .
الاستتار عن أعين الناس :قضاء الحاجة إما في الخلاء وإما في الكنيف([9]) يستحبّ لقاضي الحاجة في الفضاء أن يستتر عن أعين النّاس بحيث لا يرى جسمه. أمّا بالنّسبة للعورة فيجب حجبها ، فإن وجد حائطاً أو كثيباً أو شجرة استتر به ، وإن لم يجد شيئاً أبتعد حتّى لا يراه أحدلحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ r «كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ »([10]) ( البراز ) بفتح الباء وهو الفضاء الواسع فكنوا به عن قضاء الحاجة كما كنوا بالخلاء ([11])، وحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ َ« كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ r لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ »([12])
2- ألا يتخلى لغائط أو بول في طريق الناس أو ظلهم :اتفق الفقهاء على أنّه لا يجوز أن يبول في طريق الناس ، ولا مورد ماء ، ولا ظلّ ينتفع به الناس لقول النبى r « اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ » ([13]) ومعناه الأمران الجالبان للعن لأن من فعلهما لعنه الناس في العادة فلما صارا سببا للعن أضيف الفعل إليهما قال الخطابي وقد يكون اللاعن بمعنى الملعون فالتقدير اتقوا الملعون فاعلهما .
( ومثل الظّلّ في النهي عن قضاء الحاجة فيه مجلس الناس ، أي المحلّ الذي يجلس فيه الناس في القمر ليلاً ، أو يجلسون فيه في الشمس زمن الشّتاء للتحدّث ) .
وصرح بعض فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة بأنّ قضاء الحاجة في المورد والطريق والظّلّ وما ألحق به حرام . ([14])
قال النووي : ظاهر كلام الأصحاب كراهته وينبغي حرمته للأخبار الصحيحة ولإيذاء
المسلمين . ([15])
قلت : لو بال أو تغوط في مكان لا يجلس فيه الناس فلا يقال بالتحريم .
3-ألا يبول في الماء الراكد :لحديث جَابِرٍ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r « َنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ » ([16]). وقد ذهب الحنفية والمالكية والنووي من الشافعية إلى تحريم البول في الماء الراكد وكراهته في الماء الجاري ، بينما ذهب الشافعية إلى كراهة البول في الماء الراكد قليل كان أو كثير وفرق الحنابلة بين التبوّل في الماء والتغوّط فيه فرأوا كراهة الأول وتحريم الثاني . ([17])
قلت : يحرم البول في الماء الراكد إذا قل عن قلتين ويكره إن ذاد للنهى . والله أعلم
4- ألا يدخل معه ما فيه ذكر الله : كالخاتم المنقوش عليه اسم الله أو المصحف أو رق الأذكار ما شابه ذلك لعموم قوله تعالى ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾الحج : ٣٢ وروى عن أَنَسٍ t قَالَ كَانَ النَّبِيُّ r « إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ » وهو ضعيف([18])وعنه t قَالَ « كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ النَّبِيِّ r مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاللَّهِ سَطْرٌ » ([19]).
قلت : إذا خاف عليه الضياع فلا بأس أن يضعه في باطن كفه أو يلفه في قطعة قماش وان لم يجد جاز الدخول به للضرورة . والله أعلم
5- التسمية والاستعاذة عند الدخول :لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t قَالَ كَانَ النَّبِيُّ r إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ »([20])وقول النبيr « سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْخَلَاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ »([21])
قلت : إذا كان في بنيان ( حمام أو دورة مياه ) قالها قبل الدخول وإذا كان في الخلاء ( الفضاء أو الصحراء ) قالها قبل أن يشمر ثوبه لقوله r « سِتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ، وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا وَضَعُوا ثِيَابَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ »([22]).
6- تقديم الرجل اليسرى في الدخول واليمنى في الخرج : قال النووي في رياض الصالحين (1/222) باب استحباب تقديم اليمين في كل مَا هو من باب التكريم كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ ... الخ وقال ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار ، ودخولِ الخَلاءِ ، والخروج من المَسْجِدِ ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ . اهـ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ r الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى . ([23])
7- عدم استقبال أو استدبار القبلة عند قضاء الحاجة : وذلك لحديث أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r « إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا »قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى . ([24]) وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ « إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا » ([25]).
واختلف أهل العلم في ذلك على أقوال ([26]):
الأول : - القول بالتحريم مطلقاً في الفضاء والبنيان : وهو المشهور عن أبى حنيفة وأحمد وقال به أبو ثور صاحب الشافعي ورجحه ابن العربي من المالكية وابن حزم من الظاهرية وحجتهم أن النهى مقدم على الإباحة .
الثاني : - القول باللإباحة مطلقاً في الفضاء والبنيان : وهو قول عائشة وعروة بن الزبير وربيعة وداود الظاهري واعتلوا بأن الأحاديث تعارضت فيرجع إلى الأصل وهو الإباحة .
الثالث : - القول بجواز الاستدبار دون الاستقبال : وحكي عن أبى حنيفة وأحمد في رواية له .
الرابع : وهو التفريق بين البنيان والصحراء مطلقاً : وبه قال الجمهور مالك والشافعي وإسحاق وابن المنذر واستدلوا بحديث مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ « رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا قَالَ بَلَى إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ »([27])
وقول عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ t قَالَ « لَقَدْ ظَهَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى ظَهْرِ بَيْتِنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ »([28])
وإذا كان مستقبلاً لبيت المقدس وهو بالمدينة فإنه يكون مستدبر للكعبة .
قلت : والراجح عندي هو القول الأخير للجمع بين الأدلة ولعل القول الأول أحوط .
8- أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض :فعَنْ ابْنِ عُمَر َt أَنَّ النَّبِيَّ r « كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ »([29]) .
9- عدم استقبال مهب الريح : لا خلاف بين الفقهاء في أنّه يكره لقاضي الحاجة إذا كانت الحاجة بولاً أو غائطاً رقيقاً أن يستقبل مهب الرّيح ، لئلا يصيبه رشاش الخارج فينجّسه ، وزاد المالكية : ولو كانت الرّيح ساكنةً لاحتمال تحرّكها وهيجانها . ([30])
10 – عدم التبول فى جُحر أو ثقب : لما روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r « نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ » قَالُوا لِقَتَادَةَ مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ . ([31]) وهو ضعيف لكن عليه العمل عند الفقهاء . ولأنّه ربما خرج عليه من الجحر ما يلسعه ، أو يردّ عليه البول ، قال النّوويّ هذا متفق عليه ، وهي كراهة تنزيه ، وقال ابن عابدين من الحنفية : وهذا يعني كراهة البول في الثّقوب - في غير المعدّ لذلك ، كبالوعة فيما يظهر . ([32])
11- عدم الكلام ورد السلام مطلقاً إلا للضرورة :لحديث ابْنِ عُمَرَ t « أَنَّ رَجُلًا مَرَّ وَرَسُولُ اللَّهِ r يَبُولُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ »([33])
وَعَنْ جَابِرِ t أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ r وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ « فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ »([34])
قلت : رد السلام واجب فتركه يدل على تحريم الكلام لاسيما إذا كان ذكر الله تعالى لكن إذا تكلم لضرورة كطلب ماء أو إرشاد أحد كسقوط أعمى في حفرة فحذرة ونحو ذلك فهذا يباح للضرورة .والله أعلم
12 – عدم التبول فى المستحم ( مكان الغسل ) :عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ t : « أَنَّ النَّبِيَّ r نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ فِي مغتسله » ([35]).
هذا وخاصةً إذا كان يجتمع الماء فيه ( كالبانيو ) ونحو ذلك .
13 – الإستنزاه والاحتراز :من الأماكن الصلبة واختيار المكان الرخو اللين عند التبول حتى لا ترتدد عليه النجاسة .
14- أن لا يستنجى بيده اليمنى : لما جاء فى الصحيحين عن أَبِي قَتَادَةَ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ » ([36]).
15- إذا استجمر فليوتر وألا يقل الوتر عن ثلاثة : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا »([37]) .، وقوله ﷺ « إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا »([38]) .
16- أن يغسل يده بعد الاستنجاء لإزالة النجاسة : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: «وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ

بِالأَرْضِ ... الحديث ([39])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ أَوْ رَكْوَةٍ فَاسْتَنْجَى ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ» ([40]) .
17- أن يقول عند الخروج « غفرانك » : فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ قَالَ : «غُفْرَانَكَ»([41]).
18- الإلتزام بالآداب سالفة الذكر .
مسائل تتعلق بالاستنجاء
1- من ابتلى بسلس البول ونحوه : اختلف العلماء في حكم من به سلس وكذا المستحاضة ومن به انفلات الريح فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة وأبو ثور وإسحاق وغيرهم إلى وجوب الوضوء لكل صلاة ولا يضره ما نزل منه حتى وقت الصلاة الأخرى .
بينما ذهب المالكية إلى أن تكرار الوضوء لكل صلاة مستحب وليس بواجب لأن هذا من الحدث المبتلى به واستدلوا بحديث عَائِشَةَ قَالَتْ، جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ. أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: «لَا. إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي»([42]). ثم قال أبى «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ»([43]) .
قلت : إنما جاء الخلاف من أجل هذه الزيادة فمن صححها قال بالوجوب ومن ضعفها قال بالاستحباب .
والراجح : القول بالوجوب ما لم تكن هناك مشقة ، وإنما يعفى عما نزل منه أثناء الصلاة وما إذا كان بلوغ الوضوء سيكلفه من المشقة فالأصل التيسير لقوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ
بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ البقرة 185.
فينبغي لمن به سلس أن يستنجى ويضع ما يمنع به انتشار البول ويتوضأ لكل فرض ويكفيه هذا الوضوء إلا إذا نقض وضوءه بحدث أخر كخروج ريح ونحوه .
أما إذا كان وهماً كما يوجد في بعض الناس الذين عندهم وساوس فإن هذا لا يلتفت إليه إطلاقاً يعرض عنه ويتلهى عنه وسيزول عنه بإذن الله.
2- هل يجوز للرجل البول قائماً :
لا بأس بالبول قائماً خاصةً لمن تعذر عليه الجلوس لمرض أو غيره شريطة أن لا تنكشف عورته وأن يحذر من رشاش البول ولذلك لحديث حُذَيْفَةَ t، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ([44]) قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا» فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ: «ادْنُهْ» فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ «فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» ([45]).
أما حديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلاَ تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إِلاَّ قَاعِدًا. ([46]) فهذا مبنى على علمها بما رأت فلا ينفى هذا علم غيرها حيث أن المثبت مقدم على النافي ومن علم حجة على من لم يعلم والصحابة كلهم عدول وقد صحة الروايتان بل رواية حذيفة أصح . والله أعلم
كل ما ورد في النهى عن البول قائماً وأنه من الجفاء لا يصح منه شيء .والله أعلم
3- الاستنجاء من الريح :
لا يجوز الاستنجاء من الريح عند الأئمة الأربعة وصرح الحنفية أنه بدعة وقال القليوبي من الشافعية يحرم لأنه عبادة فاسدة([47]) ، ذلك أن الاستنجاء شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هنا .
4- النتر والسلت :
وهى أن يحرك الرجل ذكره بيده وبعضهم يمرر أصبعيه على الذكر من أوله ، وبعضهم يتنحنح؛ لكي يخرج ما بقي، وبعضهم يمشي خطوات، وبعضهم ينفض بدنه .. إلى آخر الأعمال التي لا أثارة لها من علم، لا دليل عليها، بل هي مدخل وباب واسع للشيطان، من أجل أن يوسوس على الناس، ويفسد عليهم عباداتهم، بل هي من التنطع؛ لأنها قدر زائد على ما أمر به الشرع .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: النتر بدعة، وليس بسنة، ولا ينبغي للإنسان أن ينتر ذكره . ([48])
^^^



([1]) فيض القدير للمناوى 3/231 ، وعمدة القاري 4/143 ، والموسوعة الفقهية 18/1 ، 21/1 مادة نجاسة ، ورسالة في الفقه الميسر د/صالح السدلان 1/16 بتصرف .

([2]) صحيح : تقدم تخريجه .
([3]) صحيح : رواه أبو داود برقم 36 ، والنسائي برقم 44 ، وأحمد برقم 23627 وغيرهم وصححه الألباني فى مختصر الإرواء برقم 48 ، والمشكاة برقم 349 ، وصحيح الجامع برقم 547 .
([4]) صحيح : رواه مسلم برقم 386 وغيره .
([5]) ضعيف : رواه ابن ماجه برقم 332 ، وضعفه الألبانى فى الضعيفة برقم 1028 ، وسنن ابن ماجه برقم 337 ، وسنن أبى داود برقم 8 ، وضعيف الجامع برقم 5468 .
([6]) الإقناع فى الفقه الحنبلى 1/48 ، تحفة الملوك فى الفقه الحنفي ، الشرح الممتع 1/139 ، الفقه على المذاهب الأربعة 1/119 ، الموسوعة الفقهية 2/1180 .
([7]) صحيح : رواه مسلم برقم 399 ، والنسائى برقم 45 وغيرهما .
([8]) صحيح : تقدم .
([9]) هو المرحاض أو الحمام ، أو كل ما أعد لقضاء الحاجة من البناء .
([10]) صحيح : رواه أبو داود برقم 2 ، وابن ماجه برقم 330 ، وصححه الألبانى فى الصحيحة برقم 1159 ، وسنن أبى داود برقم 2 ، وابن ماجه برقم 335 .
([11]) مواهب الجليل 2/353 .
([12]) صحيح : رواه مسلم برقم 517 ،وأبو داود برقم 2186، وابن ماجه برقم 334 .
([13]) صحيح : رواه مسلم برقم 397 ، وأبو داود برقم 23، وأحمد برقم 8498 .
([14]) الموسوعة الفقهية الكويتية 2/12271 .
([15]) المجموع للنووي 2/86 ، عون المعبود 1/30 ، حاشية البجيرمى 2/144 ، كشاف القناع 1/158 ، العدة شرح العمدة 1/12 ، الشرح الممتع 1/127 ، نيل الأوطار 1/219 .
([16]) صحيح : رواه مسلم برقم 423 ، وابن ماجه برقم 327 وغيرهما .
([17]) حاشية رد المحتار 1/370 ، المجموع 2/93 ، فتاوى الأزهر 6/174 ، الموسوعة الفقهية 2/12272 .
([18]) ضعيف : رواه أبو داود برقم 18 ، وابن ماجه برقم 299 ، والحاكم برقم 670 ، وغيرهم ، وضعفه الألبانى فى سنن أبى داود برقم 19 قال أبو داود هذا حديث منكر .
([19]) صحيح : رواه الترمذي برقم 1670 ، وصححه الألباني فى مختصر الشمائل برقم 74 ، وسنن الترمذي برقم 1748 ، التعليقات الحسان برقم 6359 .
([20]) متفق عليه : البخاري برقم 139 ، ومسلم برقم 563 وغيرهم .
([21]) صحيح : رواه الترمذي برقم 551 ، وابن ماجه برقم 293 وغيرهم ، وصححه الألبانى فى الإرواء برقم 50 .
([22]) صحيح : رواه الطبراني في الأوسط برقم 2604 من حديث أنس ، صحيح الجامع 3610 .
([23]) صحيح : رواه أبو داود برقم 31 ، والبيهقى في الكبرى 1/113 ، وصححه الألباني في المشكاة برقم 348 ، وسنن أبى داود برقم 33 .
([24]) متفق عليه : البخاري برقم 380 ، ومسلم برقم 388 ، وأبو داود برقم 8 ، والترمذي برقم 8 ، وأحمد برقم 22476 وغيرهم .
([25]) صحيح : رواه مسلم برقم 389 .
([26])أنظر فتح الباري ابن حجر 1/233 ، والموسوعة الفقهية الكويتية 2/12264 .
([27]) حسن : رواه أبو داود برقم 10 ، والحاكم برقم 551 وصححه ووافقه الذهبي ، والدراقطنى برقم 166 ، وابن خزيمة برقم 59 ، وحسنه الالبانى في الإرواء برقم 61 .
([28])متفق عليه : البخاري برقم 142 ، ومسلم برقم 390 وغيرهم
([29])صحيح : رواه أبو داود برقم 13 ، والبيهقى في الكبرى 1/96 ، والدارمى برقم 691 عن أنس ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 1071 ، وسنن أبى داود برقم 14 .
([30])الموسوعة الفقهية 2/12266.
([31])ضعيف : رواه أبو داود برقم 27 ، والنسائي برقم 34 ، وأحمد برقم 19847 ، والحاكم برقم 666 ، وضعفه الألباني في الإرواء برقم 55 ، وتمام المنة 1/61 ، وضعيف الجامع 6003 .
([32])الموسوعة الفقهية 2/12277 ، الفقه الميسر 1/12 ، نيل الأوطار 1/217 ، الشرح الممتع 1/120 .
([33])صحيح : رواه مسلم برقم 555 ، وأبى داود برقم 15 ، والترمذي برقم 83 وغيرهم .
([34])صحيح : رواه أبن ماجه برقم 346 ، وصححه الألباني في الصحيحة برقم 197 ، وصحيح الجامع برقم 575 وذكر له شواهد .
([35])صحيح : رواه الترمذي برقم 21 ، وابن ماجه برقم 304 ، وصححه الالبانى في صحيح الجامع برقم 6815 .
([36])متفق عليه : رواه البخاري برقم 153 ، ومسلم برقم 267 ، وأبى داود برقم 31 ، والنسائي برقم 47 ، وغيرهم .
([37])متفق عليه : رواه البخاري برقم 162 ، ومسلم برقم 237 واللفظ له .
([38])صحيح : رواه مسلم برقم 239 ، وأحمد برقم 15296، وابن أبى شيبة برقم 1644عن جابر رضى الله عنه
([39])صحيح : رواه البخاري برقم 257 (مذاكيره) جمع ذكر وهو الفرج .
([40])حسن : رواه أبو داود برقم 45 ، وحسنه الألباني فى صحيح أبى داود ، والمشكاة برقم 360 .
([41])حسن : رواه أبو داود برقم 30 ، والترمذي برقم 7 ، والأدب المفرد برقم 693 ، وصححه الألباني فى الإرواء برقم 52 ، والمشكاة برقم 356 .
([42])متفق عليه : رواه البخاري برقم 306 ، ومسلم برقم 333 وغيرهما .
([43])صحيح : رواه البخاري برقم 306 موقوفاً ، وأبو داود برقم 298 موصولاً وصححه ابن التركمانى وابن حجر والألباني فى الصحيحة برقم 301 ، وسنن أبى داود برقم 281.
([44]) سباطة قوم : السباطة هي ملقى القمامة والتراب ونحوهما تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها .
([45])متفق عليه : رواه البخاري برقم 224 ، ومسلم برقم 273 واللفظ له .
([46])صحيح : رواه الترمذي برقم 12 ، والنسائي برقم 29 ، وصححه الألباني فى الصحيحة برقم 201 .
([47]) الموسوعة الفقهية الكويتية 4/118، الفتاوى الهندية 1/50 .
([48]) مجموع الفتاوى 21/106 .