أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ وَخُطُورَةُ حَمْلِ السِّلاحِ 24 ذي الحجة 1433هـ
الْحَمْدُ للهِ الْمُتَفَرِّدِ بِالْعَظَمَةِ وَالْبَقَاءِ وَالدَّوَام ، يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ ، وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ، وَيُصَرِّفُ الشُّهُورَ وَالأَعْوَام ، لا إِلَهَ إِلَّا هُو ، الْخَلْقُ خَلْقُه ، وَالأَمْرُ أَمْرُهُ ، فَتَبَارَكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُه ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُه ، وَالَى عَلَيْنَا نِعَمَه، وَتَابَعَ عَلَيْنَا آلاءَه ، وَبِالشُّكْرِ يَزِيدُ الإِنْعَام ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ قَدَّرَ الأُمُورَ بِأَحْكَام ، وَأَجْرَاهَا عَلَى أَحْسَنِ نِظَام ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه ، أَفْضَلَ الرُّسُلِ وَسَيِّدَ الأَنَامَ ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَام ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً عَلَى الدَّوَام .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا عِبَادَ اللهِ : اتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ , وَامْتَثِلُوا أَمْرَهُ وَاجْتَنِبُوا نَهْيَه , وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِشَرِيعَةٍ كَامِلَةٍ شَامِلَةٍ , لَمْ تَتْرُكْ شَيْئَاً إِلَّا وَقَدْ جَاءَتْ فِيهِ بِحُكْمٍ وَتَوْجِيه, عَرَفَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَغَفَلَ عَنْهُ مَنْ قَصُرَ عِلْمُه ! قَالَ اللهُ تَعَالَى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ شَرِيعَتُنَا الْغَرَّاءُ وَمِلَّتُنَا السَّمْحَاءُ حُرَمَةَ الدِّمَاءِ وَحِمَايَةَ الأَنْفُسِ الْبَرِيئَة , وَالتَّغْلِيظَ الْعَظِيمَ فِيمَنْ تَعَرَّضَ لَهَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) فَهَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ , وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ لِمَنْ تَعَاطَى هَذَا الذَّنْبَ الْعَظِيم , وَقَالَ سُبْحَانَهُ (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
فَانْظُرُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ كَيْفَ قَرَنَ اللهُ قَتْلَ الأَنْفُسِ بِغَيْرِ حَقٍ بِالشِّرْكِ بِاللهِ الذِي هُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنَ الذُّنُوبِ الْمُهْلِكَةِ الْمُوبِقَةِ ! وَقَالَ سُبْحَانَهُ (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
فَإِيَّاكَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ ثُمَّ إِيَّاكَ وَالْوُقُوعَ فِي دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ مِمَّا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَتَوَاتَرَتْ بِهِ الأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حُرْمَةَ دَمِ الْمُسْلِمِ ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ مَعْصُومُ الدَّمِ وَالْمَالِ ، لا تُرْفَعُ عَنْهُ هَذَهِ الْعِصْمَةُ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلاث , فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : النَّفْسُ بِالنَّفْسِ , وَالثَّيِّبُ الزَّانِي , وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه .
وَمَا عَدَا ذَلِكَ ، فَحُرْمَةُ الْمَسِلْمِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ حُرْمَةِ الْكَعْبَةِ ، بَلْ مِنَ الدُّنْيَا أَجْمَع . وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ وَحْدَهُ يَكْفِي لِبَيَانِ عَظِيمِ حُرْمَةِ دَمِ الْمُسْلِمِ ،,, فَتَبَصَّرْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ مَاذَا سَيَكُونُ مَوْقِفُكَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ أَنْتَ وَقَعْتَ فِي دَمٍ حَرَامٍ ، نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ , قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى الْحَدِيثِ : إِنَّ أَيَّ ذَنْبٍ وَقَعَ فِيهِ الإِنْسَانُ كَانَ لَهُ فِي الدِّينِ وَالشَّرْعِ مَخْرَجٌ إِلَّا الْقَتْلُ فَإِنَّ أَمْرَهُ صَعْبٌ , وَيُوضِحُ هَذَا مَا فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأمُورِ الَّتِى لا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ . وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ : لا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي رَجَاءِ رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ عَلَى مَا ارْتَكَبَهُ مِنَ الذُّنُوبِ ، فَإِذَا أَصَابَ الدَّمَ الْحَرَامَ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْمَسَالِكُ !
بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْوَعِيدُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ بِقَتْلِ الآدَمِيِّ فَكَيْفَ بِالْمُسْلِمِ فَكَيْفَ بِالصَّالِح .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الْمَسْأَلَةَ خَطِيرَةٌ جِدُّ خَطَيرَة , وَمَعَ الأَسَفِ فَقَدْ تَهَاوَنَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاس !!! وَتَهَاوَنُوا فِي أَسْبَابِ وُقُوعِهَا , وَمَعَ كَثْرَةِ الْحَوَادِثِ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لا يَرْتَدِعُ وَلا يَرْعَوِي وَهَذَا أَمْرٌ لا يَجُوزُ وَلا يَحِلُّ , فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهَ وَخُذُوا الْعِبْرَةَ مِمَّا يَحْصُلُ حَوْلَكُمْ فَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ , وَالْغَافِلُ مَنْ صَارَ عِبْرَةً لِغَيْرِهِ !
أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ : لَعَلَّهُ لا يَخْفَى عَلَيْكُمْ مَا حَصَلَ مُؤَخَّرَاً لِبَعْضِ إِخْوَانِنَا فِي مُحَافَظَةِ بقِيقْ فِي مَنْطَقَةِ عينِ دَار , مِنْ فَاجِعَةٍ رَاحَ ضَحِيَّتَهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ حَيْثُ تُوُفِّيَ خَمْسٌ وَعِشُرُونَ شَخْصَاً وَأُصِيبَ ثَلاثُونَ آخَرَونَ , فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَغْفِرَ لِلأَمْوَاتِ وَأَنْ يُحْسِنَ عَزَاءَ أَهَالِيهِمْ ! وَكَانَ السَّبَبُ الأَوَّلُ فِي هَذَا الْحَادِثِ الأَلِيمِ إِطْلَاقَ نَارٍ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ أَقَارِبِ الْعَرِيسِ !
فَانْظُرُوا مَاذَا حَدَث : يُطْلِقُونَ النَّارَ تَعْبِيرَاً عَنِ الْفَرَحِ فَانْقَلَبَ الْفَرَحُ إِلَى حُزْنٍ وَأَلَم !
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ هَذَا الْحَادِثَ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَاتِ الْحَوَادِثِ التِي وَقَعَتْ فِي الزَّوَاجَاتِ بِسَبَبِ إِطْلاقِ النَّارِ , فَكَمْ سَمِعْنَا مِنْ حَوَادِثَ مُمَاثَلَةٍ , نَتَجَ عَنْهَا إِزْهَاقُ أَنْفُسٍ بَرِيئَةٍ , وَإِصَابَاتٌ خَطِيرَةٌ لِلْكَثِيرِ مِنَ الْحَالاتِ التِي يَتِمُّ نَقْلُهَا مِنْ أَمَاكِنِ الْفَرَحِ إِلَى الْمُسْتَشْفَيَاتِ لِتَلَقِّي الْعِلاجِ ! فَكَمِ اسْتَقْبَلَتِ الْعَدِيدَ مِنْ حَالاتِ الإِصَابَاتِ الْخَطِيرَةِ جَرَّاءَ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ الْمُسْيئَةِ التِي يَذْهِبُ ضَحِيَّتَهَا أَبْرِيَاءُ لَيْسَ لَهُمْ ذَنْبٌ سِوَى أَنَّهُمْ حَضَرُوا الْمُنَاسَبَةَ وَشَارَكُوا فِي الْفَرَح .
إِنَّ إِطْلاقَ النَّارِ فِي الْحَفَلاتِ يُعَدُّ تَرْوِيعَاً للآمِنِينَ ، وَإِزْهَاقَاً لِلأَنْفُسِ , وَانْتِهَاكَاً لِلنِّظَامِ الْعَامِ , وَإِهْدَارَاً لِلْمَالِ ! بَلْ إِلْقَاءٌ بِالْيَدِ إِلَى التَّهْلُكَةِ !
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْحَبْهِ وَالتَّابِعِينَ . ْ
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ الْمُتَكَرِّرَةَ الْمُرَوِّعَةَ سَبَبُهَا حَمْلُ السِّلاحِ وَالتَّهَاوُنُ فِي ذَلِكَ , وَوُقُوعُهُ فِي أَيْدِي شَبَابٍ صِغَارٍ أَحْدَاثِ أَسْنَانٍ , أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ مِمَّنْ لا يَحْسِبُونَ حِسَابَ الْعَوَاقِبِ وَإِنَّمَا هِيَ شَهْوَةُ سَاعَةٍ ثُمَّ سُرْعَانَ مَا يَقَعُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُسْبَانِ !
وَإِنَّنَا مِنْ هَذَا الْمِنْبَرِ نُوَجِّهُ رَسَائِلَ إِلَى كُلِّ مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ !
أَنْتَ أَيُّهَا الشَّابُّ الذِي تَحْمِلُ السِّلاحَ , اتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ أَوَّلاً ثُمَّ فِي إِخْوَانِكَ الْمُسْلِمِينَ ثَانِياً , فَقَدْ رَوَّعْتَهُمْ بِحَمْلِكَ لِلسِّلاحِ , وَقَدْ أَزْعَجْتَهُمْ بِأَصْوَاتِهِ , وَبمَا يَنْتُجُ عَنْ إِطْلاقِ الرَّصَاصِ , فَكَمْ مِنْ رَصَاصَةٍ طَائِشَةٍ وَقَعَتْ عَلَى غَافِلٍ بَعْدَ أَنْ بَرَدَتْ وَعَادَتْ لِلأَرْضِ وَنُقِلَ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ إِلَى الْمُسْتَشْفَيَاتِ , فَأَصَابَهُ الأَلَمُ وَأَنْتَ غَافِلٌ مَا تَدْرِي بِمَاذَا تَسَبَّبْتَ ! فَاعْلَمْ أَنَّكَ مُحَاسَبٌ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
أَيُّهَا الأَبُ وَأَيُّهَا الْوَلِيُّ : اعْلَمْ أَنَّكَ مَسْئُولٌ عَمَّا يَحْدُثُ وَتَتَحَمَّلُ جُزْءَاً مِنْ الإِثْمِ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ الإِثْمُ عَلَيْكَ أَعْظَمَ لِأَنَّكَ الذِي مَكَّنْتَ ابْنَكَ أَوْ مَنْ تَحْتَ يَدَكَ مِنْ هَذَا السِّلاحِ , فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا , وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ , وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
أَيُّهَا الْمَسْئُولُونَ مِنْ رِجَالِ الأَمْنِ : إِنَّ عَلَيْكُمْ مَسْئُولِيَّةً كُبْرَى تِجَاهَ هَذَا الأَمْرِ , فَبِيَدِكُمُ السُّلْطَةُ وَبِيَدِكُمُ الْقُوَّةُ , وَإِنَّ اللهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ , فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تَتَهَاوَنُوا فِي رَدْعِ مَنْ يَحْمِلُ السِّلاحَ وَيَسْتَعْمِلُهُ الاسْتِعْمَالَ الْخَاطِئَ , وَقَدْ حَمَّلَتْكُمُ الدَّوْلَةُ -وَفَّقَهَا اللهُ- وَالْمَسْئُولُونَ الْكِبَارُ فِيهَا هَذِهِ الْمُهِمَّةَ وَأَصْدَرَتْ لَكُمْ مِنَ الأَنْظِمَةِ الصَّارِمَةِ مَا يَقْطَعُ دَابِرَ هَذِهِ الْمُخَالَفَاتِ , فَاتَّقُوا اللهَ وَقُومُوا بِمَا تَحَمَّلْتُمْ وَطَبِّقُوا الأَنْظِمَةَ وَالْقَرَارَاتِ بِحَزْمٍ وَقُوَّةٍ , وَلا تَتَهَاوَنُوا فِي ذَلِكَ وَلا تَأْخُذْكُمْ لَوْمَةَ لائِمٍ , فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ مِنْكُمْ وَقْفَةً صَادِقَةً وَعَزْمَةً أَكِيدَةً سَدَّدَ اللهُ خُطَاكُمْ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا جَمِيعَاً أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي قَطْعِ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ السَّيِّئَةِ وَسَدِّ طُرُقِهَا , بِالنُّصْحِ وَالإِرْشَادِ , وَبِالْقُوَّةِ وَالْحَزْمِ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ , بَلْ وَبِالتَّبْلِيغِ لِلْجِهَاتِ الْمُخْتَصَّةِ إِذَا لَمْ يُجْدِ النُّصْحُ وَالتَّوْجِيه !
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا وَأَنْ يَهْدِيَ شَبَابَنَا , وَأَنْ يَحْفَظَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَأَعْرَاضَنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَعَمَلاً صَالِحاً , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَناَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُم وأَعْوَانَهَم يَارَبَّ العَالَـمِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الـمُسْلِمِينَ في كُلِّ مَكَانٍ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَاحِمِينَ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا , اللَّهُمَّ إِنَّا نعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَمِنْ قٌلُوبٍ لَا تَخْشَعُ وَمِنْ نَفُوسٍ لَا تَشْبَعُ , اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والْمُسْلمِينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ , اللهم احْمِ حَوْزَةَ الدْينِ ! اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ بِلَادِ المسْلِمِينَ وَاحْقِنْ دِماءَهُم , وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الكُفَّارِ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ , اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَهَمْ عَلَى الحَقِّ يَارَبَّ العَالَمِينَ . وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ , والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: حُرْمَةُ الْمُسْلِمِ وَخُطُورَةُ حَمْلِ السِّلاحِ.pdf&rlm;
: 247.5 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf