أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



رَعْيُ الإبل خير من رعي الخنازير
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

*ـ يقول المقري في ((نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب)) : ـ

**ـ (( وكان يوسف بن تاشفين لا تزال تفد عليه وفود ثغور الأندلس مستعطفين ، مجهشين بالبكاء ، ناشدين بالله والإسلام، مستنجدين بفقهاء حضرته ووزراء دولته ، فيسمع إليهم ويصغي لقولهم وترق نفسه لهم )) .

ـ وذكر المقري أن الأذفونس [ ألفونسو ] لما ملك طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة [ الجزية ] المعتادة فلم يقبلها منه، وأرسل يتهدده بأن يسلمه جميع الحصون المنيعة ، وأمعن في التجني وسأل في دخول امرأته إلى جامع قرطبة لتلد فيه ، إذ كانت حاملاً ، لما أشار عليه القسيسون والأساقفة بذلك لمكان كنيسة كانت في الجانب الغربي منه معظمة عندهم عمل عليها المسلمون الجامع الأعظم ، وكان السفير في ذلك يهوديًا فامتنع ابن عباد فراجعه اليهودي في ذلك وأغلظ في القول وواجهه بما لم يحتمله ابن عباد ، فأخذ ابن عباد محبرة كانت بين يديه وضرب بها رأس اليهودي فأنزل دماغه في حلقه ، وأمر به فصلب منكوساً بقرطبة .

ـ وبلغ الأذفونش ما صنع ابن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه بإشبيلية ، وكتب إليه مهدداً :
*ـ كثر بطول مقامي في مجلسي الذباب ، واشتد الحر فأتحفني من قصرك بمروحة أروح بها على نفسي وأطرد الذباب عن وجهي ،
ـ فرد عليه ابن عباد :

*ـ قرأت كتابك وفهمت خيلاءك وإعجابك ، وسأنظر لك في مروحة من الجلود اللمطية [ يشير ابن عباد إلى المرابطين ] تروح منك لا تروح عليك إن شاء الله تعالى ، فلما وصلت الأذفونش رسالة ابن عباد وقرئت عليه أطرق إطراق من لم يخطر له ذلك ببال .

*ـ وفشا في الأندلس ما أظهره ابن عباد من العزيمة على جواز يوسف بن تاشفين والاستظهار به على العدو ، فاستبشر الناس وفرحوا بذلك وفتحت لهم أبواب الآمال ،

ـ وأما ملوك الطوائف فقد اهتموا منه ، ومنهم من كاتبه ومنهم من كلمه مواجهة وحذروه عاقبة ذلك ،

*ـ فأجابهم ابن عباد بكلمته التي أصبحت مثلاًً :
{ رَعْيُ الجمال خير من رعي الخنازير } ،
ـ أي أن كونه أسيراً لابن تاشفين يرعى جماله في الصحراء خير من كونه أسيراً للأذفونش يرعى خنازيره في قشتالة.[ هكذا يكون الولاء والبراء ] .

*ـ وما إن أرسل المعتمد رسوله إلى ابن تاشفين حتى أمر في الحال بعبور الجنود إلى الأندلس واجتمع بابن عباد في إشبيلية ،
*ـ وكتب إليه الأذفونش كتاباً يغلظ له في القول فكتب ابن تاشفين ـ رحمه الله ـ جواباً مختصراً على ظهر كتاب الأذفونش :
{ الذي يكون ستراه } ،
ـ فلما وقف عليه الأذفونش ، ارتاع له ، وعلم أنه بُلي برجل لا طاقة له به .

**ـ ثم التقى الجمعان واصطدم الجبلان بـ ((الزلاقة)) فانهزم الكلب واستؤصل جمعه وقل من نجا ، في رمضان سنة 479هـ ،
ـ وجرح المعتمد في بدنه ووجهه ، وشهد له بالشجاعة والإقدام ، وغنم المسلمون ما لا يوصف .

**ـ ومن نتائج معركة الزلاقة هذه أن سقوط الأندلس قد تأخر أربعة قرون أخرى .(*)
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(*) صرخات أندلسية ـ د/ محمد موسى الشريف .
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ