أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


نقول دائمًا: تجديد أصول الفقه ليس بحذف هذه المسائل، لأنه لا يمكن حجب طلاب العلم أو أهل العلم أو من أراد النظر لا يمكن حجبهم عن ماذا؟ عن كتب الأصول، هذا محال، إلا إذا أخذت من المكتبات الخاصة والعامة وأُحرقت، هذا يمكن لكنه محال، ما عدا ذلك لا يمكن، لماذا؟
لأن بقاء المسألة وبيان ما قاله أهل البدعة، ثم الرد عليهم هذا أولى من حذفها، لأنها ستبقى أنت تسمع بعض الشروحات صوتيةً أو مقروءةً في هذه المسألة لا يقرّر إلا مذهب المعتزلة والأشاعرة وليس فيهم قول أهل السنة والجماعة، ليس في هذين القولين الشرعي مطلقًا عقلي مطلقًا، لا، فيه تفصيل، فيه قول وسط كما سيأتي، إذًا لن تجد،
لكن لو وُجِدَ من يشرح هذا المتن الكبير كـ ((جمع الجوامع)) وغيره، أو يُحَشِّي، أو ينظم ويشرح ويذكر قول أهل السنة والجماعة مع ما ذكره أهل الأصول هذا أولى، أولى لنشر الحق،
لأنك لا يمكن أن تجمع الناس كلهم على ماذا؟ على ما تراه أنه يجب حذف هذه المسألة، وأنه لا علاقة لها بأصول الفقه، نقول: لا،
الأصل ذِكْر المسألة كما هي وتشرح وتصور على ما أراده أهل الأصول، ثم لا بأس من ذكر أدلة كل الطائفتين، ثم الرد على الطائفتين،
هذا أولى مما يُسمى الآن من تجديد أصول الفقه ويريدون به الحذف احذف فقط اختصر، هذه احذفها وهذه احذفها، ثم نقول: تجديد أصول الفقه، أين التجديد؟
ليس هناك تجديد، هذا لعب، يأتون إلى كتب أهل الأصول ثم الغريب تجديد، ثم يأخذون تعاريفهم وتقسيماتهم وأدلتهم وأقوالهم .. إلى آخره، ويذكرون ما يذكره أهل الأصول، ثم يقول: هذه المسألة لا داعي لها.!!!!!

.........................

قد أشكل على بعض طلاب العلم أنه لا يوجد لأهل السنة والجماعة كتب في أصول الفقه، هذا فهمها بعضهم على غير المراد،
العلم باعتبار أهل السنة والجماعة لا بد أن يكون لهم أقوال،
لا بد أن يكون كل مسألةٍ يقع فيها النزاع لا بد فيها من حقٍّ، علمه من علمه وجهله من جهله،
لكن هل عندنا [في] عند أهل السنة والجماعة، ولا أعني أهل السنة والجماعة ما يشمل الأشاعرة، الأشاعرة ما شموا رائحة السنة ولا الجماعة، إنما هم نتبرأ منهم كما يتبرؤون منَّا،
حينئذٍ نقول: عند أهل السنة والجماعة بمعنى من اتبع السلف الصالح، هل عندهم متون من حيث المنظومات ومن حيث الشروحات ومن حيث الحواشي، هل يوجد هذا؟ لا وجود له، إذا وُجِدَ كتاب أو كتابان هذا لا يعتبر ماذا؟ منهجًا أهل السنة والجماعة،
وإنما الموجود هو الذي يُقرر، إما ((الورقات))، وإما ((شروحات الورقات)) وكلها المؤلف أشعري
والشروحات الغالبة الموجودة قديمة أشاعرة،
كذلك لو نظرت ((جمع الجوامع)) لو نظر كتاب ((الإبهاج)) أو ((المنهاج)) للبيضاوي قل ما شئت من المتون المشهورة،
بل حتى ((مختصر التحرير)) جرى على طريقة الأشاعرة وأهل الأصول.
حينئذٍ نقول: أين كتب أهل السنة والجماعة؟ لا توجد، فلا وجود لها، لا يعني ذلك أن لا يكون الفن موجود،
يمكن أن يجمع ويقرر أهل السنة والجماعة على ماذا؟
على ما يذكره الأصوليون، خذ ((جمع الجوامع)) واشرحه على طريقة أهل السنة والجماعة، حينئذٍ يكون هذا الشرح على طريقة أهل السنة والجماعة،
وأما القول بأنه يُوجد، أين هو؟ والذي يقول: موجود حينئذٍ إما أن يُحِيل إلى معالم أصول الفقه، [أو معالم] أو أصول الفقه عند أهل الحديث،
إذا نظرت في الكتابين كلا الكتابين قد سرق أصول الفقه من عند الجويني وغيره، التعاريف تعاريف الجويني والتبويب تبويب الجويني،
وكل ما قُرِّرَ فقط اختيار ابن تيمية وابن القيم، هل هذا أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة؟
لا يمكن أن يحصر الفن كلّه في أربعة كتب وخمسة كتب، ثم نقول: هذا أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، ثم هذا يُعبر عن اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكذلك ابن القيم،
ولو نظرت أصول الفقه عند أهل الحديث، من أهل الحديث؟ الإمام أحمد وابن مبارك والشافعي .. إلى آخره تجد أنه من أوله إلى آخره
إنما هي نِقُول مأخوذة من كتب ابن تيمية وكتب ابن القيم رحمه الله تعالى،
هل هذا يمثل أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة؟
الجواب: لا.
ومن قال ذلك فحينئذٍ لم يفهم أصول الفقه من أصله،
وأما ((الرسالة)) للشافعي فعلى العين والرأس لكن ليست مخدومة، أين خدمتها؟ بل من يُنازع في تجديد أصول الفقه هم هاجرون للرسالة من أصلها، أين شروحاتهم عليها؟ أين تدريسها؟ إن أرادوا أن يُدَرِّسُوا فنظروا في ((المراقي))، في ((الكوكب الساطع))، ((جمع الجوامع))، ثم يُدَنْدِنُون حول أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة.

فكن عمليًّا بعضهم يحاول أن يجعل لأهل السنة والجماعة أُصولاً بمعنى التأليف، هي ثابتة لا إشكال، لكن بمعنى التأليف والتصنيف وما يحتاج طالب العلم وما يحفظه ثم يدرس ((جمع الجوامع)).
إذًا لماذا تعدل أنت عن الرسالة؟ لأنه يرى أن الرسالة ليست صالحة للطلاب، وهذا الذي نعنيه، كون هذه الكتب إنما تُدَرَّس لكونها صالحةً من حيث كونها متونًا بعضها متوسط، بعضها مختصر، كذلك الشروحات كثيرة، والمنظومات شروحاتها كثيرة، هذا المراد به، ثم التصويب يكون باعتبار ما يذكره المدرس.
إذًا هذه المسألة شهيرة وذكر أهل الأصول الخلاف بين المعتزلة والأشاعرة، وجُرَّتْ إلى أصول الفقه - وهي مسألة كلامية - يعني عقدية كسابقتها لارتباطها ببعض المسائل المذكورة في أصول الفقه، لكونها مقدمة لها كشكر المنعم، هذه فرع عنها، بل هي عينها كما سيأتي، وحكم الأفعال قبل ورود الشرع فرع عنها، بل هي عينها كما سيأتي، وثبوت الواجب ... الأول، ما هو أول واجب على العبيد؟ وسيأتي، أو مر معنا في كُتب التوحيد، وثبوت العقاب أو عدم ثبوته فيمن خالف ما علم حسنه أو قبحه ضرورةً إن لم يُبعث إليه رسول كما سيأتي، ومسألة وقوع النسخ مبنية على هذا الأصل، ووقوع الأمر أزلاً قبل وجود المكلَّفين، وُجد أم لم يوجد، والتكليف بما لا يُطاق، ووقوع النسخ قبل التمكن من الامتثال، وغير ذلك.
إذًا ثَمَّ مسائل سيأتي بحثها نقول: هذه فرعٌ عن مسألة التحسين والتقبيح العقليين. فحينئذٍ ضبط هذا الأصل سيضبط لك ما سيأتي من مسائل يقع فيها النزاع بين أهل السنة مع أهل البدعة، لأن المخالف هنا ليس الخلاف في فرعه إنما هو في أصله، وهذه المسألة التحسين والتقبيح العقليان لها أصولٌ ثلاثة تنبني عليه، إن أردنا فهمها سنشرحه ببسطٍ، إذا أردنا فهمها على وجهها لها أصولٌ ثلاثة تنبني عليها، فإنها تذكر في أصول الفقه مجردةً يعني دون ذكر أصلها، ودون بيان سرّها وأصلها الذي أُثبتت عليه. [الشيخ احمد بن عمر الحازمي - شرح الكوكب الساطع]



.............