*****************
مرّت على أجوائهِ كَسحابةٍ = وَشَدَت كلحنٍ في فَمِ الأوتارِ

وكَبَسمَةِ الطفلِ الوديع وَنِسمَةٍ = نَشوى تَهُبُّ على شذى الأزهارِ

الله كيفَ سرى الهَوى في قلبهِ = وَتَخَللَ الوجدانَ كالتيّارِ

وَمَضى يُغالبُ شَكَّهُ بيَقينهِ = وظنونَهُ بمشيئَةِ الأقدارِ

هَزَمَ الهَواجسَ وهيَ تَعلمُ أنهُ = دارى هَواهُ وما يَزالُ يُداري

أيكونُ وَهماً مِثلما قَد خِلتُهُ = مُتَقَلبَ الأهواءِ والأطوارِ !

أيكونُ طيفاً في الخَيالِ يَبُثُّني = سِحرَ المُنى وأبُثُّهُ أسراري

أيكونُ نافِلَةَ الوداعِ تَنوبُ عن = طيبِ اللقاءِ على صدى الأعذارِ

أنا ما قَطفتُ الوردَ حينَ شمَمتُهُ = ونَفَختُ في شَرَيانهِ أشعاري

وإذا العيونُ تَجاهلَتْهُ لِفِتنَةٍ = تُخشى فقد عَميَت عن الإبصارِ

أنا يا ابنةَ الروضِ الجميلةَ ناحِلٌ = ما بينَ لسعاتٍ وشدوِ كَناري

أنا نغمةُ الولهانِ في غَسَقِ الدُّجى = وَنُجومُهُ رَقَصَت على مِزماري

شاركتُ وَرقاءَ الهَتوفَ هَديلَها = وسَكَبتُ في حَدَقِ المَها أنهاري

وَنسَجتُ من سِحرِ البيانَ مُلاءَتي = ومِن السَّماحَة مِعطفي وإزاري

عانيتُ من كَيدِ الوِشاةِ وَمَكرِهم = وَصَبَرتُ صَبرَ مَن اكتَوى بالنارِ

وَدَفَعتُ لكن بالتي هي أحسنُ = فإذا المَحاسِن قد أخذنَ بثأري

ولَرُبَّ فاتِنَةٍ تَبَسَّمَ ثغرُها = فَطَفَقتَ مُحتَفيَاً بكلّ وَقارِ

لما اتثَنَيتَ وقَد هَمَمتَ صِفاحَها = نَفَرَت وقالت حينذاكَ حَذاري

يا مَن شَقيتَ بحُسن ظنّكَ مرةً = لا تَيئَسَنَّ وَزِدْ منَ الإصرارِ

واصبِرْ على أملِ اللقاءِ وَقُربِهِم = إنَّ اللقاءَ يُطيلُ في الأعمارِ

**************
سلم القائل ....