بسم الله الرحمن الرحيم


المعلم يفتقر للأمن الوظيفي





في ميدان التربية والتعليم نسمع ونشاهد معلمين أكفاء يضربون أروع الأمثلة في الإخلاص والأمانة والتفاني في العمل , هؤلاء المعلمون جندوا أنفسهم وبذلوا طاقاتهم وسخروا إمكانياتهم لينشئوا أجيال صالحة تسهم بفاعلية في بناء المجتمع وخدمة الوطن .

نجد المعلم يفني نفسه ويحملها فوق طاقتها ليؤدي رسالته بأمانة على أكمل وجه , نجده في مدرسته منهمكا في حصصه ونشاطاته والمهام التي توكل إليه دون ضجر أو ملل , بل نجده حريصا كل الحرص على إنجاز تلك المهام بالإضافة إلى واجباته الأساسية , ونجده في منزله مهتما بإعداد الدروس وتجهيز الوسائل والبحث عن كل ما ينفع طلابه .

نجد المعلم منضبطا في دوامه مخلصا في واجباته متعاونا مع إدارته أمينا على طلابه , هذا المعلم ولا شك أنه يشار إليه بالبنان ويكثر عليه الثناء وتنهال عليه الشهادات ويشجع بالتصفيق , ولكن ما إن يهفو هفوة غير مقصودة أو عفوية صدرت بغير إرادته في إحدى المواقف اليومية التي يعيشها المعلم في اليوم الواحد مرارا وتكرار حتى ينقلب عليه الحال ويشدد عليه المسؤولون في التحقيقات وينظر إليه باحتقار وكأنه في الأذلين .

إن الذي يخوض ميدان التدريس يعلم تماما مدى المضايقات والاستفزازات التي يواجهها المعلمون من طلابهم , فكثير من طلابنا في هذا الزمن لا يحترمون معلميهم بل نجدهم يستخفون بهم ويهمشونهم ويستهزئون بهم ويسعون بشتى الطرق إلى إثارة أعصابهم , حتى أن بعض الطلبة يهمون بضرب معلميهم ومنهم من يتطاول فعلا بيده ولسانه على معلمه وكأنه عدو يتربص به , وإذا ما واجه المعلم هذا التصرف بردة فعل دفاعا عن نفسه أو تأديبا لطالبه , أدانه المجتمع بأسره فلا ولي الأمر يقدر المعلم أو يتفهم الموقف فهو ثائر كأسد الغاب الذي يريد أن ينقض على فريسته , ولا المسؤولون في التربية يحمونه , بل أنهم في مقدمة الواقفين ضده ويشددون عليه في التحقيقات ويسعون لإثبات إدانته وقد يفصل من عمله ويحرم أولاده وعائلته من رزقهم وينسى له كل أمر حميد قدمه لخدمة وطنه في ميدان التربية والتعليم وهذا ما يفتقده المعلم ( الأمن الوظيفي ) .

عليك أيها المعلم المخلص في عملك والمتفاني في واجبك أن تتجرع مرارة الإهانة وترضى بما ينالك من طلابك أو تتنحى عن مجال التربية والتعليم , ويا له من خيار يقهر به الرجال .


بقلم / ياسر حكمي