أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


((( أنتم السلفيون سطحيون )))

قالوا عنا:
أنتم السلفيون سطحيون،
قلنا: مرحبا.
قالوا: نحن نفهم وأنتم لا تفهمون،
قلنا : نعم.
قالوا : قالوا نحن أوتينا ذكاء وأنتم أوتيتم غباء،
قلنا: مقبولة.
قالوا: لدينا علم المنقول والمعقول، وما وراء السطور، وأنتم تكتفون بالقشور،
قلنا: ماشي.
قالوا: نحن فقهاء نفهم المنطوق والمفهوم، والجلي والخفي، والمجمل والمبيّن، والصحيح والضعيف، وأنتم ظاهريون متزمتون،
قلنا: لا بأس.
قالوا: نحن نفهم عن مقصد الشارع الخفي وأنتم تكتفون بالسطحيات قلنا: مررناها.
قالو: ولكوننا أقدر على الغوص في دقائق الشريعة وخبايها، وأسرارها وزواياها، قلنا: لا يصلح في آيات الصفات إلا التفويض أو التأويل.
قلنا: وما وجه ذلك؟
قالوا: لأن الله أجل من أن تحيط به عقول البشر، ولأن نصوص الصفات ظاهرها يقتضي التشبيه، وإنما جاءت على وفق ما يفهمه العوام والدهماء والغوغاء؛ لأن عقولهم قاصرة.
قلنا:وأين الحق إذن؟
قالوا: الحق إما في التفويض وهو أن نقول في نصوص الصفات الله أعلم بمراده منها، ونحن لا نفقه منها شيئا، أو التأويل وهو أن نصرف معناها المتبارد منها إلى معنى آخر نجتهد في تعيينه بما لا يتعارض مع ما قدمناه من أن الظاهر يفيد التشبيه.
قلنا: ومن يحدد المعنى منها ؟
قالوا: علماؤنا أذكياء العالم وأساطين العلم ودهاته.
قلنا: فإن اختلفوا في تحديد المعنى؟
قالوا: الحق لا يخرج عن مجموع أقوالهم، المهم من كل ذلك أن ننفي الظاهر، فظاهر نصوص الصفات ضلال مبين.
قلنا: خبتم وخسرتم وتبوّأتم من الرحمن غضبا و سخطا، إذ صار ظاهر كلام الله الكفر والضلال.
خبتم وخسرتم، إذ كان الحق لا يعدوكم مع اختلافكم.
خبتم وخستم إذ صار كلام الله عندكم طلاسم لا يفهم معناه،
أم أنكم تفهمون شيئا من الكلام وتقفون عند الصفات فلا تفهمونها، ثم يستأنف الفهم عندكم فتفهمون ما بعد ذلك.
خبتم وخسرتم إذ قلتم: إن الله أنزل الله كلامه بهذه الألفاظ وهذه العبارت وهذه الصفات مراعاة للغوغاء والدهماء والجمهور، وأنتم خصكم الله بفهم ما وراء السطور وما تحت الصخور وما وراء البحار والثغور.
اللهم إنك قلت وقولك الحق { فماذا بعد الحق إلا الضلال فأني تصرفون }
فالحق عندك واحد لا يتعددّ.
وإنا نشهد أنك قلت في كتابك الكريم وقولك الحق سبحانك وبحمدك:

* { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }
* { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }
* { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ }
* { يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }
* { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ }
* { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }
* { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا }
* { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }
* وأن رسولك صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله ليس بأعور ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية". متفق عليه.

* وقال عبد الله ابن مسعود: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك أنا الملك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قرأ {وما قدروا الله حق قدره}. متفق عليه.

* وعن جرير قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة ، يعني البدر - فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}. متفق عليه.

* وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر. متفق عليه.

* وفي سنن أب داود في كتاب السنة، باب في الجهمية قال رحمه الله:
حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي المعنى، قالا: أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرىء، ثنا حرملة يعني ابن عمران، حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال:
: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } إلى قوله تعالى { سميعا بصيرا } قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه قال أبو هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها ويضع إصبعيه قال ابن يونس قال المقري يعني إن الله سميع بصير يعني أن لله سمعا وبصرا.
قال أبو داود وهذا رد على الجهمية .
قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد.
إلى غير ذلك من نصوص الكتاب وصحيح السنة التي تزخر بإثبات الصفات على ما يليق بجلال الله وعظمته.

فإن قال المفوض والمؤوّل:
أنتم لن تثبتوا معنى لهذه الصفات إلا إذاا وقعتم في التشبيه، لأن العقل لا يمكن أن يتصور شيئا من المعاني إلا وفق ما يراه في الخارج؟
قلنا : هذا ليس بصحيح، بل العقل يتصور معاني لأشياء لم يراها وهي مخلوقة مربوبة فكيف بالرب سبحانه وبحمده.
ـ فجميع العقلاء يؤمنون بشيء اسمه الروح ، ويعلمون معنى هذه الحقيقة، وأن هذه الروح متى ما قامت بالبدن وصف بالحياة ومتى ما سلبت منه وصف بالموت ولا أحد يعلم عن حقيقة وماهية هذه الروح شيئا في خارج الذهن، حتى قال الله تبارك وتعالى فيها: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }. ومع ذلك لا يعلمون شيئا عن ما هيتها.

ـ جميع العقلاء يؤمنون بوجود العقل ويعلمون ما معنى حقيقة العقل، وأنه شيء مخلوق متى ما قام باللإنسان وصف به وبما يقتضيه من الحكمة والفهم والقصد والإرادة، ومتى ما سلب من العبد وصف بالجنون، مع عجز جميع الأذكياء والنظار عن الوقوف عن ماهية هذا المخلوق العجيب.

فإذا كان هذا متصورا في المخلوق فما بالك بالخالق سبحانه.
فبطل قولكم أنه لا يمكن تصور معان للصفات إلا بسُلَّم التشبيه.
وأخيرا:

اللم إننا آمنا بما أنزلت في كتابك وبما جاءت به رسلك ولم نحرف الكلم عن مواضعه، آمنا بما أخبرتنا به باللسان الذي اخترته لكلامك، فاللهم إن كنا على حق فنحمدك سبحانك ونشكرك ونثني عليك الخير كله ونضيف ذلك كله لك وحدك لا شريك لك لم يكن ذلك بجهدنا ولا بذكائنا ولا بفطنتنا، بل الفضل لك وحدك في أن هديتنا ويسرت لنا طريق الحق والصواب.
واللهم إن كان الحق كما يقول ذلك المخالف!!! الذي لا يزال ولم يزل يتهكم منا ويسخر من عقولنا وفهمنا، وأن ظواهر النصوص ضلال وأن المتشبث بها قد يصل إلى الكفر، فاللهم عذرنا يا ربنا أننا آمنا بظاهر ما أنزلت في كتابك، ولم نحل ذلك لعقولنا لعلمنا أنك أعلم بنفسك منا، وأن عقول البشر لم تستقر وتجمع على قول في ذلك ولا يزالون مختلفين.

وحاشاك سبحانك حاشاك أت تبيّن لنا ما نحتاجه في ديننا من شرائع وأحكام في أبواب الدين من طهارة وصلاة وصيام ونكاح وسائر العبادات والمعاملات وتفصّل لنا أجمل التفصيل وأوضحه، لتبتلينا بعد ذلك وتخفي عنا ما يتعلق بذاتك وصفاتك لنعيش في هذه الحياة كلها لا ندري ولا نعرف حقيقة ربنا وما يجب له من صفات الجمال والجلال والكمال، فيبقى أحدنا تائها بين أنواع المذاهب الفكرية في باب الصفات ليخرج من هذه الحياة وهو لا يدري ما يعتقده في ربه، أو يعيش دهرا على مذهب ليقضي بعد ذلك سويعات في آخر عمره راجعا إلى مذهب آخر معتقدا ان ما كان فيه باطل وقد اهتدى إلى الحق في تلك اللحظات، كل ذلك بسبب الخفاء واللبس والغموض الذي يكتنف هذا الباب من أبواب المعتقد حاشاك ربنا حاشاك.

وصلى الله وسلم وبارك على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتب:
أبو وائل حسّان بن حسين آل شعبان
الطالب بالدراسات العليا قسم الكتاب والسنة جامعة أم القرى
مكة المكرمة في 15 / 6 / 1433هـ