ودون سابق إنذار جاءتني في المحادثةِ تشتكي ، سألتها عمّا بها فانهارت !
وقالت :
أتسْألين عمّا جرا لي يا أخيّة !
أتريدينَ أنْ تعرفِي ما القضيّة !
حَياتِي يا هَديلُ ليستْ حياة !
لمْ أعشْ عُمري مثلَ أيِّ فتاة !
منذُ كانَ عُمري خمسُ سنين ..
لمْ أنَمْ ليلي دونَ أنين !
كَبرْتُ ، و كَبُرت معي الهموم ..
سماءُ فرحي مُكبّلٌ بالغيوم ..
يتيمةٌ أنا لكن بِ ( أب ) !
وحِيدةٌ أنا وحولي ( شَعْب ) !
أبي مريضٌ ولكنْ ليسَ أيّ مرض !
أمي مريضةٌ ولكن ليسَ أيّ مرض ..
أبي ، يقول ! يسب ! يشتمْ ، لكن دون علمْ !!
كلّ شيء ، أيّ شيء بهِ يُتمتمْ !
و لا يعترفْ : ( !
و أمّي ، أميّ بها أمرٌ جللْ ..
تضْرِبني ، تُحرقني ، ولا أدري مالخللْ !
تخيلي !،
تأمُرنِي بلمسِ النجاسةِ بيدِيْ ،
تُهددنِي بنارٍ بها تُحرقنِيْ ’
تضربنِي بِ ( ليّ ) الماء
حتى تظهرَ الكدماتْ !
رمتني عندَ جدّتي ورحلتْ
لأستقبِلَ الصدماتْ !
عمّي ’ تحرش بي ..
يَرمُقنِي .. يُتابعني ..
حتى جاءَ ذاك اليوم
ومن مدرستي جاءَ ( ليأخُذني )
ذهبَ بي لغرفَتِهِ بحجّةِ أنْ يُرينيها “
وعلى سريرهِ الجميل أمَرَني أنْ أُجرِبُهُ !
خشيتُ على نفسي من أُمورٍ لا أُدانيهَا “
خشيتُ عليّ من فُحشٍ ، أو في حرامٍ يجُرُنِي مَعَهُ !
ثمّ عادتْ أمّي
وازْددتُ همًّا فوقَ همّي ..
ذهبنا للبيتِ سويّا ..
البيت الذي قالوا عنهُ مأوى الأُسرْ !
الذي قالوا عنهُ خيرُ مقرْ !
أيُّ مأوى تقصدونْ ! أيُّ مقرّ !
فعلمتُ حينها أنّه عن حُزني لا مفر ..
أتت لي أُمي بِأخوة .،
تضربُهم بقسوة !
فتنهرُهم دونَ رحمة ..
أنامُ وأصحو على صراخ ..
توبيخُ أمّي كما الانفجار !
تنادي وتصرخ عندَ سماعِ القرآن ..
تخنقُٰ أخي ! حتى نغلقه .!
هديل !!
أُريدُ أبًا ! أُريدُ أمّا !
لا أمّ تسمعني !
و لا أبٌّ يحتويني !
أعلمتِ الآنَ سرُّ هالات الحُزنِ التي تحيطُني !
سرّ ( الفهاوةِ ) التي ينعتونني بِها !
عشرونَ عامًا لم أَبُح لأحد !
عشرونَ عامًا صامتة !
أريدُ أبي و أمي أن يكونا طبيعيين ولو على حسابِ نفسي ..
لوكنتِ مكاني ماذا ستفعلين !
أخبريني !!
هل ستضحكين أم تبكين !
هل ستفرحينَ أم تحزنين !
أجيبيني !!
* و لم تدري أنني من خلفِ الأزرار أبكي ، ليسَ حزنا عليها فهي أحسبُها والله حسيبها وأرجوا أنّها ممن أحبهم الله فابتلاهم ،
بل أبكي على حالي !
ماذا فعلتُ في ال ( عشرين ) عاما التي مرّت من عمري وأنا في راحة ! في نعيم !
وفي غمرة الأفكارِ اهتز الهاتفُ بيدي معلنا عن رسالة منها تقول :
اذهبي واخلدي للنومِ فقد أزعجتك ،
وأخذتُ من وقتكِ الكثير ..
و أنا سألملم بقايا جسدي وأنام ..
زدتُكِ همّا أعتذرْ ، و لكن لا أريدُ على أمّي أنْ أنْ أنفجِر ..
فقلتُٰ سريعا قبل الخِتام ، لا تستسلمي ودائما رددي القرآن ، واجعليه يعمل في غرفتكِ باستمرار ، ولا تهملي الأذكار ..
قالت : بإذن الله ، هه لكن لا غرفة لدي : )
شكرا هديل و إلى اللقاء .
و أنهت الحديث فجأة كما ابتدأت به فجأة :)