لا تــنــــتــــقــد !!
ركب سيارة صاحبه .... فكانت أول كلمة قالها ، يا ااااه !! ما أقدم سيارتك !! ولما دخل بيته .. رأى الأثاث فقال : أوووووه ما غيرت أثاثك ؟!ولما رأى أولاده ، قال : ماشاء الله .. حلوين ، لكن لماذا لا تلبسهم ملابس أحسن من هذه !!
ولما قدمت زوجته الطعام وقد وقفت المسكينة في المطبخ ساعات ..رأى أنواعه فقال ياااالله لماذا ماطبخت رز ؟ أوووه .... الملح قليل ! لم أكن اشتهي هذا النوع !!! دخل محلاً لبيع الفاكهة .. فإذا المحل ملئ بأصناف الفواكه فقال : عندك مانجو ؟
قال: صاحب المحل : لا ، هذه في الصيف فقط .
فقال : عندك بطيخ ؟
قال : لا فتغير وجهه وقال : ماعندك شئ .. فلماذا تفتح محلاً وخرج ... ونسي أن المحل به أنواع كثيرة من الفواكه..
نعم بعض الناس يزعجك بكثرة إنتقاده ولا يكاد يعجبه شئ فلا يرى في الطعام اللذيذ إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواً .. ولا في الثوب النظيف إلا نقطة الحبر التي سالت عليه بدون قصد .. ولا في الكتاب المفيد إلا خطئاً مطبعياً وقع سهواً ...
فلا يكاد يسلم احد من انتقاده ..دائم الملاحظات يدقق على الكبيرة والصغيرة ..
واعرف بعض الناس لايعرف الثناء على شئ بل لابد ان ينتقد .
إن مثل هذا الإنسان الذي يفترض المثالية في جميع الناس فيريد من زوجته أن يكون بيتها نظيفاً 24 ساعة 100% .
ويريدها أن تبقي أطفالها نظيفين متزينين على مدى اليوم .. وإن زاره ضيوف افترض ان تطبخ أفضل طعام .
وإن جالسها افترض ان تحدثه بأجمل حديث ..وكذلك هو مع أولاده يريدهم 100% في كل شئ ..ومع زملائه ومع كل من يخالطه أو يتعامل معه ..
وإن قصّّر احد هؤلاء أكله بلسانه وأكثر عليه اللوم والإنتقاد حتى يمل الناس منه ..... لأنه لايرى في الصفحة البيضاء إلا الأسود ..
من كانت هذه صفاته وحاله عذب نفسه في الحقيقة ... وكرهه أقـرب الناس إليه واستـثـقـلوا مجالسته .
إذا انت لم تشرب مراراً على القذا
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ؟!
إذا كــنت في كل الأمــــور معاتـــباً
رفــيـقــك لــن تـــلـق الذي تعاتـبه
سبحان الله !! والله يقول ( وإذا قـُلتم فأعدلوا ) قالت عائشة رضي الله عنها وهي تصف حال تعامله صلى الله عليه وسلم معهم : ما عاب رسول الله r طعاماً قط ..إن اشتهاه أكله وإلا تركه .. نعم ما كان يصنع مشكلة من كل شئ ..
وقال : أنس رضي الله عنه والله لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين .. ما علمته قال لشئ صنعته لم فعلت كذا وكذا ؟ ولا عاب علي شيئاً قط ووالله ما قال لي أفٍ قط هكذا كان نبينا وهكذا يجب أن نكون .
وأنا بذلك لاأدعو إلى ترك النصيحة أو السكوت عن الأخطاء ولكن لا تكن مدققاً في كل شئ .. خاصة في الأمور الدنيوية تعود أن تمشي الأمور .
لو طرق بابك ضيف فرحبت به وأدخلته غرفة الضيوف فلما أحضرت الشاي تناول الفنجان .. فلما نظر إلى الشاي بداخله قال : لمَ لم تملأ الفنجان ؟ فقلت : أزيدك !
قال : لا لا يكفي
فطلب ماءِ فأحضرت له كأس ماء فشربه .. فلما انتهى قال : ماؤكم حار .. ثم التفت إلى المكيف وقال : مكيفكم لا يبرّد ..ألا تشعر بثقل هذا الشخص وتتمنى ان يخرج من منزلك ولا يعود إليه .
الناس تكره الإنتقاد الكثير ... لكن إذا احتجت إليه فغلفه بغلاف جميل ثم قدمه للآخرين .. قدمه مثلاً في صورة إقتراح أو بأسلوب غير مباشر أو بألفاظ عامة .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لاحظ خطئاً على أحد لم يواجهه به وإنما يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا
يعني إياك أعني واسمعي يا جاره .
كن كالنحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث ..
ولا تكن كالذباب يتتبع الجروح !!!
منقول من كتاب الشيخ محمد العريفي