محاولة أولى .. لخوض غمار هذا العالم .. عالم القصة القصيرة .. فاعذروا قصوري ..
.
.
التقيا .. بعد غياب معتاد .. احتضنها بحب .. وذابت بأحضانه بشوق .. و بهمس مشبوب :
- احبك
- احبك
- اشتقتك بجنووون
- ليس بقدر شوقي اليك
صمتت لحظات .. تعيش دفء حضنه .. ومشاعره .. استرخت .. شعرت بأمان العالم يجتاح كيانها .. داعبها النعاس ..
- ما بكِ حبيبتي ؟؟ اكسري حاجز الصمت هذا ..
لم تشأ الحديث .. أرادت أن تستغل كل لحظة من هذا اللقاء .. في الارتواء منه .. هي تعلم أن الظروف لن تجود عليهما بمثله دائما ..
- تحدث انت .. احك لي ..
بود وسعادة .. أخذ يحكي لها .. عن أحلامه وآماله .. عن طموحه وأمنياته .. ويده تداعب شعرها بحنان بالغ .. كان وكأنه يحدث نفسه بصوت مسموع .. كيف لا وهي روحه ..
استمعت إليه بسعادة وحب .. ما أجمل أن يشاركها تفكيره وأحلامه ..
توقف لبرهة يستجمع افكاره .. فعاجلته :
- احبك
أجابها بتلقائية :
- أموووت فيك
وأسرع بإكمال حديثه .. وكأنه يخشى أن يفلت منه لو توقف .. كطفل يمسك بطائرته الورقية بقوة .. ويخشى لو غفل عنها أن تفلت وتبتعد
أحبت تلقائيته وبساطته تلك .. تمنت أن تقبله في تلك اللحظة .. ولكنها خشيت أن تقطع حديثه ..
استمعت اليه بحب وابتسامة كبيرة تزين وجهها .. وحين شعرت أنه انهى حديثه .. سألته :
- وأين أنا من كل ذلك ؟؟
كانت تعلم يقينا أنها جزء لا يتجزأ من أحلامه .. ولكنها تحب أن تسمعها منه دائما ..
- حبيبتي .. كيف لك أن تسألي هذا السؤال !!! أنت أنا .. وحلمي هو حلمك
- هل فكرت فيَّ حقا في غمرة تفكيرك بهذه الأمور ؟؟
- مابك حبيبتي ؟؟ كلما تقابلنا تطرحين نفس السؤال .. أفقدت ثقتك بحبي ؟؟!!
- طبعا لا .. ولكني أحب أن تذكر ذلك دائما .. يشعرني ذلك بالسعادة والأمان ..
- أحدثك عن أحلامي وأمنياتي .. أشاركك أفكاري ومخططاتي .. فتفاجئيني بسؤالك : هل فكرت فيّ ؟؟
صفعة قوية هوت على وجهها .. غصة أليمة منعتها من الحديث .. تساقطت دموعها رغما عنها .. حين شعرت بقزميتها في عينيه .. كان ذلك واضحا .. وكأنه يقول :
- ما هذا التفكير السطحي .. أفكر في أمور كبيرة تختص بحياتي ومستقبلي .. وأنت لا تفكرين سوى في الحب !!
أفاقت على حقيقة مرة ..
مذ عرفته .. اختزلت كل أحلامها .. في حلم واحد .. يتمحور حوله .. احتل كل مساحات تفكيرها .. لم تعد تتمنى من هذه الحياة سواه ..
أما هو .. فقد كانت حلمه الأكبر .. حتى أحبته .. عندها تفرقت أحلامه وتعددت .. لتصبح هي جزءا منها ..
وهاهي اليوم لا تجد مكانا يسعها في أحلامه .. رغم اتساعها ..
ورغم وضوح الجرح .. يسألها :
- مابك حبيبتي .. لم هذه الدموع ؟؟!!
استجمعت أنفاسها لتجيب .. لتنثر أمامه كل أسباب الدموع .. لتخفف من جبل الأوجاع الذي يثقل كاهلها .. وقبل أن تبدأ بالحديث .. لمحته يلقي نظرة على ساعته .. هذا صحيح .. لقد انتهى وقتهما .. ولم يعد هناك متسع للحديث .. فأجابت من بين دموعها :
- لا شيئ
- بلى .. أخبريني ارجوك
- حينما يتسع وقتنا للحديث
- حسنا إذن .. يجب أن أذهب الآن .. ولكنك ستخبرينني لاحقا .. فأنا لا احتمل دموعك
كانت تعلم أنه لن يسألها ثانية .. لأن الظروف لن تجود عليهما أبدا بوقت كافٍ ..
ودعها وودعته .. ولملمت أطراف وجعها الجديد .. لتلقيه بإهمال فوق كومة الأوجاع المتراكمة .. وعادت ترسم ابتسامة باهتة على شفاهها .. لتقنع نفسها ومن حولها .. أن شيئا لم يكن .. وهي تتمنى ألا تتعاظم كومة الأوجاع تلك .. لتحول بينهما والحب في النهاية ..
.
.
وجـه القمر