صديق وأخ عرفته على مقاعد الدراسة الجامعية ، كان بشوش وصاحب أسلوب لطيف ومحبوب ، كان
ذلك في منتصف التسعينات ، بعد الجامعة ذهب كلاً منا لحال سبيله ، وتهنا في زحمة الحياة ، ثم التقيته
مصادفة في إحدى شوارع مدينتي ، وبعد السلام والسؤال عن الصحة والأحوال ، أخبرني أنه بعد
الدراسة الجامعية سافر إلى دولة السويد هو وعائلته ( زوجته وابنتيه ) ، وعاش مرتاح هناك في بلد
– كما يقول – تحترم الإنسان ولكنه مع ذلك لم يندمج مع الناس بسبب الانفلات الأخلاقي - كما قال
أيضاً - وعاد مع أسرته إلى بلده .. إلى هنا وليس في قصته ما يثير ، فقلت له : خيراً فعلت بعودتك من
السويد! . قاطعني : ولكن هناك مشكلة بقيت .. فقلت له : وماهي تلك المشكلة ؟! أجاب :
لقد تعرفت في السويد على فتاة سويدية أخذت بمجامع قلبي وخلبت لبي حتى أنني كنت أغيب أيام عن
البيت وأعتذر لزوجتي بالعمل والشغل ، وعندما علمت زوجتي بالقصة ، أصرت على عودتنا إلى بلادنا ،
وهاأنذا أمامك ولكن قلبي مازال هناك في السويد!! .. قلت له : أستعذ بالله وأحمد ربك أن القصة إلى
هنا وانتهت وفكر في أسرتك الصغيرة ، فأجابني بسرعة! :
القصة لم تنتهي! فنحن نتواصل عبر ألنت وهي تدعوني للعودة إليها ، فقلت لها :
أستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وتوكل على الله واقطع هذه العلاقة الأثيمة .
ثم ودعته .. هذه قصة زميلي وصديقي باختصار وربما سيخمن القارئ كثير من التفاصيل خاصة وأن
صديقي في تلك الفترة كان مغرم بتلك البلاد وفتاته بصورة لا يمكن وصفها!! .
بعد لقاءنا الأخير مرت حوالي عشر سنوات لم أره فيها ، وفي أحد الأيام سمعت صوتاً ينادي في الشارع
بأسمي : زياد .. زياد .. كيف حالك ؟!
التفت لمصدر الصوت وكان صديقي القديم بشحمه ولحمه ، لكني لم أعرفه مباشرة بسبب تغير شكله ،
فقد أصبح ملتحي ويرى عليه أثر الصلاح والراحة النفسية والمادية!! .. بعد السلام الحميم ، سألته :
أيش أخبارك؟!
تبسم وفهم قصدي .. فقال باختصار :
بعد لقاءنا الأخير قبل سنوات عشت حياة تعيسة ، فجسدي – كما أخبرتك - هنا وروحي هناك! مرت
شهور وأنا هكذا ، ثم جلست مع نفسي وخاطبتها :
إلى متى سأظل هكذا؟!!
لقد أكرمني الله بزوجة طيبة وزهرتين مثل القمر .. فقررت ترك التفكير بتلك الفتاة السويدية والتواصل
معها ، وبدأت أخطط للاهتمام بأسرتي وزيادة دخلي وترك التعلق بالوساوس والأوهام .. وبعد أشهر
قليلة وجدت عقد عمل في مؤسسة الكهرباء ، ثم بعد فترة قصيرة توظفت رسمياً في المؤسسة ، وبعد
حوالي سنتين أكرمني الله وأصبحت مسئولاً ذي شأن في المؤسسة نتيجة أخلاصي وتفاني في العمل كما
أخبرتني قيادة المؤسسة بذلك ..
هنأته وشددت على يديه :
هكذا فلتكن .. ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
وهنا أهمس لنفسي وللأعضاء :
شهر الخير والبركة على الأبواب
شهر التغيير نحو الأحسن – بفضل الله تعالى – على الأبواب
شهر رمضان على الأبواب
فهل من مشمّر؟!!
نسأل الله تعالى العون والتوفيق لكل ما يحبه ويرضاه
كتب / زياد محمد