بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد
احبتي في الله :
كنت عائد إلى منزلي بعد إثنينية قضيتها برفقة زملاء العمل وهي عادة نكررها مرة شهريا أنا وبعض من زملائي في العمل وتحديدا قبل دقائق من الآن اي عند الساعة (12.30) بعد منتصف الليل لفت إنتباهي طفل تقريبا في العاشرة من عمره على دراجة يسير في شارع خلفي شبه مظلم واضحا عليه الخوف والإرتباك فرق قلبي له وقربت منه بسيارتي ووجدته زاد ارتباكا فبادرته لا تخاف حبيبي انا زي ابوك ليش انت في الشارع في هذا الوقت المتأخر فرد علي ذاهب إلى البقالة فورا تبادر إلى ذهني ان الأمر هام وأن لا حيلة لوالدته إذ ارسلته في هذا الوقت المتأخر هكذا ظننت فقلت له لا تخاف راح اتابعك بسيارتي وانتظرك حتى ترجع بيتكم فوافق ببراءة دون تفكير في سوء او حسن نيتي تابعته حتى دخل البقالة وخرج يحمل كيس من الواضح ان ما به شيء صغير لا يذكر كنت اظنه يريد شراء خبز او حليب اطفال أو أمرا هاما ... زاد فضولي فسألته ماذا بالكيس فرد ... كارثة مصيبة لكم ان تتخيلوا لكم ان تتطلقوا العنان لأفكاركم وتخمينكم ....
بالكيس أه ثم أه ثم أه ( بكت دخان ) الله أكبر طفل في العاشرة الساعة 12.30 ليلا بشارع شبه مضاء مرتبك خائف لماذا ؟ لشراء ( بكت دخان ) !! زاد فضولي وحنقي ولمن هذا الدخان ؟ خذوا عندكم هذه المفاجاءة إنه لأبي لمن لأبي ابوك في البيت نعم وهو صاحي ..نعم وارسلك ايه .. صحاني من النوم ..وشتمني وهددني بالضرب .. وطلب مني شراء الدخان وتوعدني بكسر رأسي لو تأخرت ...
والله اصبت بحسرة فقدت التفكير والتركيز وبدأت رحلة الحلول برأسي :
ارفق الطفل وأوبخ الأب !!
اخشى من ردة فعل وربما ازيد مصائب الليل مصيبة
اكتفي بمتابعته حتى يرجع بيته !!
وكيف اسكت عن خطأ جسيم خطير ارتكب بحق هذا المسكين ..
عشرات الحلول والأفكار ...
اخير طلبت من ذاك الطفل الإنتظار وأخرجت ورقة وكتبت عليها :
اتقي الله وأعلم أن ابنك أمانة بعنقك وأن تصرفك هذا غير صحيح وتسأل عنه من الله عز وجل ، اما خشيت على ابنك من كلاب الليل وهوامه اما خشيت عليه من صاحب البقالة ، اما خشيت الله وأنت توقظه من نومه لشراء سمك ومعصيتك اتقي الله وراعي الأمانة اسأل الله أن يهدي قلبك ويكفيك شر هذا الدخان والذي كاد ان يفقدك ابنك وربما عرضك ...
واعطيت الورقة للطفل وقلت له اعطيها والدك وقل له هذه من اعز اصحابك ... رد علي ببراءة انت صاحب ابي ... سكت وتلعثمت وعفى ربي عني كذبت فقلت نعم وانا لا أتشرف بمثل هؤلاء الجهلاء الضائعين المضيعين
تابعت الطفل حتى دخل منزله وغادرت بحسرتي وألمي وهواجسي بأن تكون تلك الورقة سببا في حصول الطفل على عقاب بدني هائل من اب فاقد لكل معاني الإنسانية ... ومن يدري ربما تكون سببا في هداية ذلك المسكين الضائع
ولا حول ولا قوة إلا بالله
حقيقة صادقة من واقع مرير
أجبرتني على كتابة القضية فور وصولي إلى المنزل ولم انتظر الصباح على الرغم من تاخر الوقت ولكن الفاجعة اكبر والألم لا يتحمله الصدر ولا يقبله العقل
والسؤال الآن كم طفل من اطفالنا يعانون ظلم وقهر وسوء رعاية ابائهم وربما أمهاتهم ؟؟
بقلم جميل الثبيتي
الثلاثاء 10/4/1432هـ