مع إشراقةِ ذلك اليومِ الجديد تسللت خيوط الشمس الذهبيه ومع نسيم ذلك الصباح أخذت تتراقصُ ستارة الشرفةِ وتتمايلُ...
صحت كما تصحوا العروس بأجملِ حُلة وابهى طلعةً على صوتِ زقزقةِ العصافير
بخُطى متثاقله اتجهت نحو الشرفةِ أطلت منها لترى العالم من حولها...
اسرابُ الطيور المهاجره تُحلق خلف هاتيك التِلال تتجه نحو الشمال ...عادت بها الذاكره إلى الوراء لتسترجع ذكريات الطفولةِ البريئه بمروجها الخضراء وجبالها الشاهقة البديعة
الجمال
تذكرت ضحكات الصغار ونقشهم على جذوع الأشجار .. تمتمت ضاحكةً: كم جرينا في السواقي وسقطنا في وحلها
كم رشفنا على بعض من مياهها .. لن أنسى تلك الأيام الورديه .. لن أنسى الأرجوحة الخشبيه وإكليل الزهور النرجسيه أحست بنسمةِ هواءٍ بارده ارتعش جسدها
النحيل واخذت تتراقصُ خصلات شعرها الطويل ...اقفلت الشرفة وعادت إلى واقعها المرير
رمت بنفسها على السرير وضغطت على صدرها المتهشم الحزين
سالت على خديها دموع الحنين رسمت على وجهها خطوط البؤس والألم الدفين ...سمعت طرق ٌ على الباب ((ويحي)) قالتها بكل حسره ..هل حان الأوان؟؟
حملت حقائقبها ..استعدت للرحيل ..انحنت إلى دميتها الصغيره عانقتها بكل قوه ..قبلتها آخر قُبله ..
سأرحل ..نعم سأرحل .. ولن أعود
ودعت كل زاويه من زوايا بيتها القديم ..وكل ذرة رمل في قريتها الهادئه حتى شجرة البلوط القابعة خلف ذلك الكوخ ...
خيولٌ عربيةٌ بيضاء تجرُّ عربتها تسيرُ بين أزقة القرية الحزينه أطفالٌ حُفاةٌ يلوحون بأيديهم يودعونها ..رحلت تبحث عن صباحٍ يتنفس ..
نعم ماأجمل لحظات المولد .. رحلت وفي داخلها تساؤل كبير : ماذا سيحمل صباحنا الجديد؟؟ أهو صورة للأمس الدابر؟ هل يحمل معه بذرة أمل ؟؟
أم يحمل كعادةِ الألم؟؟
رحلت ولم يتبقى بعدها سوى ذكرى مؤرقه وللذكرى إيقاعٌ دافئ وحنين ...
(لاأحلل ولاأسامح من ينقلها لمنتدى آخر ومن ينسبها لنفسه فأنا وإياه يوم القيامة خصيم)
طفلة السماء