عزيزتي
دعيني أتمثل إبتداءً بقول الشاعر :
"لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني "
حيث أنك لم تتورعي ولم تكفي عن لومي وعتابي مؤخراً ولا زالت كلماتك ترن في مسمعي من تكرارها قائلةً :
أين أنت يا: أبا خواطر وأين خواطرك الرقيقة التي كانت تقطر عذوبة لتنساب في مسمعي
ولأعيش مع دفئها في ليالي العمر الشاتية ، ومع صقيع المشاعر المحتدمه؟
أين أنت يا : أبا خواطر وقد عهدتك شاعراً حينما نطلب منه تعريفاً مختصراً
يكتب لنا وباختصار وبلا تردد ولا تفكير :
" عاشق للطبيعة بكل تفاصيلها ، مفتونٌ بالجمال ، مغرم بكل روضة غنّاء ، وليلة قمراء "؟
أين أنت يا عزيزي وقد تركت لي موروثاً أدبياً من اشعار الحب والوله
لا أزال أحتفظ به وأفتخر، بل إن له حافظةً خاصةً ومميزة بين أشيائي ؟
أين أنت يا عزيزي وقد أذبت برقيق شعرك صخر الحمى ، وألنت جلامد المرعى القديم ،
ورسمت ذكرياتك على كل واجهةٍ بارزةٍ يمكن لعاشقٍ من بعدك أن يقرأها ،
وتتسمر عيناه ولو للحظةٍ في قراءة تفاصيلها ؟
أين أنت يا أبا خواطر وقد اسميت ابنتك الأولى (خواطر )
ليكون ذلك الاسم مستوحى من تكوين شخصيتك
إذ أنك لم تزل تتحفنا بخواطرك ومشاعرك وتطرزها وتوشيها
لتهديها لنا عبر كل خلوةٍ وجلوة ؟
أين أنت ؟
أين أنت ؟
أين أنت ؟
نعم ! لم تزل كلماتك عزيزتي تتردد في مسمعي ، تاركةً صداها العذب المؤنب لي في كل لحظة
ولم تزل نداءاتك المتكررة لي بمثابة الصوت القادم من عمق الزمن
مشوباً بشيءٍ من لثغة صغيرةٍ لا تكاد تبين حروفها ،
ولم تعلم شيئاً عن الحياة ،
سوى الدلال ،
والحب ،
والغناء
والنشيد
والأهازيج
ولتعلمي أن قدرك عندي كبير ،
ومكانتك لدي رفيعة ،
وقد أسكنتك فؤادي ،
وحجزت لك مقعداً في طيران مشاعري
غير أني أستميحك العذر ، وأستأذنك لبعض الزمن ،
وأعدك بألا أنساك ، حيث أني شغلت عنك بعظيم أمر ستعرفين قدره حينما تكبرين ،
فإذا ما كبرت عزيزتي وسمعت الناس من حولك يقول أحدهم كلمة كهذه :
( أمّتي )
فاسأليه عن معناها وفحواها لأنك إن عرفت فستجدينني هناك
وسيكتب لنا اللقاء من جديد .
*
*
*
محبك / نديم السها / حسن المعيني