ونادت بأعلى صوتها :يا ساكنة القاع ، إن القمم لا تُوصَل إلا بِهِمَم !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تُسر النفوس حينما ترى فتاة في طريق الدعوة همّها العِلم ، وهِمّتها عند الثريا ..
حينها تهتف الدنيا مُردِّدة :
يا أمّـة الإسلام لَستِ عقيمة = ما زلتِ قادرة على الإنجابِ
نعم .. لقد أنجبت أمتي فتاة واعية .. همّها عند الثريا وإن وطِئت الثرى .
همّها في عِلم ودعوة على بصيرة ..
تخطّت الذُّرى .. فَهِمّتها تُناطِح السّحاب
تَعالَتْ على خسيس شهواتها ، وهَجَرتْ لَذّاتها وتجري بنفسها بعيدا عن سفاسف الامور من ضغينة وحقد والمعاملة بالمثل
ونادَتْ بأعلى صوتها :
يا ساكنة القاع ، إن القمم لا تُوصَل إلا بِهِمَم !سَاكنة القمّـة حَدَاها الحادِي :
وتخطّى الذُّرى ونادَى رويداً = أقبِلي يا صِعاب أوْ لا تكوني
لا تُعيقها الصِّعَاب ، ولا تحجزها العقبات ..
هَمّها في عِلم وتعلّم وتعليم
وهمّ غيرها في زيّ ولباس ! وضغينة بين البشر
همّها عند الـنَّـجْـمِ
وهَـمّ غيرها عند القَدَمِ
فأنى يُقاس هَـمّ بـ هَـمّ ؟!
أُكْـبِـرُ فيها أنها تَبِيتُ في سهر على تنقيح العلوم
وأُجِـلُّ حرصها على العِلم رغم عدم توفّر وسائله لها
لعلها لا تجِد أخـاً يُلائمها ، أو ألْفَتْ أبَـاً مشغولاً
أو قُوبِلتْ باستهزاء وسُخرية مما تَعمَل !
أو هاجمها سَيل الباطِل ، وكَثْرَةُ المشتغلات بأحوال الدنيا ومشاكلها !
فما عاقها ذلك عن التطلّع إلى القِمم
وما صَدّها ذلك عن غاية تَسْمُو إليها
إن العِلم بوجود أمثال هذه الهمم التي تسمو إلى القمم لَـيُريح النفس ، ويُشعرها أن الأمة لا تزال بخير .
وأن أمة تُنجب أمثال أولئك أمة لن تموت .
وأمة تنهض نساؤها حريّ أن لا تسقط .
استيقظَتْ همّتها ، وأفاق همّها ، فناطَحتِ السَّحاب ، وعانَقتِ الثريّـا
في حين أن فِـئاماً يُنسَبُون إلى الرّجولة .. لا زالوا عبيداً لشهواتهم ، وأسرى لملذّاتهم ..
فالأسير أسـير هواه ..
حنانيك أُخيّـه .. لقد أزريتِ بنا في سؤالك ..
وأشعلتِ الأمل بِقَدْر الألم
وأوعَزْتِ لنا أن أمتي لا زالت بخير
وأن أمتي أمـة وَلُـود
وأن أمتي أمـة مِعطاء
وأن في الأمة نساء كنساء الرعيل الأول
فاشهد يا تاريخ
وسطّر بمدادٍ من عِـزّ وفَخَار
واطبع قُبلَة على رأس كل ذات همّـة عالية
وذات هـمّ وهِـمّـة
وكل سليلة مَـجْـد
ورَبيبَـة كرامـة
وكل فتاة أبيّــة
وكل صارخة في وجه الشرّ والفسَاد
وكل من أمْسَتْ يَبِيتُ هَـمّ الدعوة حيث بَاتَتْ !
هكذا تقضي وقتها
لا وقت لديها للنزاع والكراهية
ثم اشهد يا تاريخ
أن الخنساء وسُميّة وأسماء وأمهات المؤمنين ونساء مؤمنات – أورَثْنَ مَجداً وعِـزّاً
وأن لكلٍّ وارِث
وسَطِّر - يا تاريخ - أسماء نساء دَخَلْنَ التاريخ بعفافهن .. وسِرْنَ إلى العلياء بجلابيبهنّ ..
وأن الحياء لم يَمنع من ارتياد القمم
ولا من تسلّق الصِّعاب
ولا من تَخطِّي الـذُّرى
وأنه لا تَعارض بين الحياء والعفاف وبين علوّ الهمّـة وارتياد القمّـة .
فموسى عليه الصلاة والسلام الذي وُصِف بأنه القويّ الأمين .. وُصِف بكثرة الحياء !
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعاً : " إن موسى كان رجلا حَيِيّاً سِتِّيراً ، لا يُرى من جلده شيء ، استحياء منه " .
فلله درّ نسوة عَلَتْ هِمَمهن حتى أخذن بأطراف المجد ، وبِأرْكَان الشَّرف .
وأمتي اليوم تحتاج إلى نساء يَحمِلنَ الهمّ .. لا أن يَكنّ هُنّ هـمّ الدعوة والدُّعاة !
فكوني – رعاك الله – حاملة همّ الدعوة ، وراية النصر ، ولواء العِـزّة ومحبة للعلم قولا وفعلا ورغم ضد الظروف القاسية
دمتم بحفظ الله