[grade="00008B FF6347 008000 800080"]الكلمة الفطرية الناطقة
كلمة لها عدة معاني ، موحدة بين المخلوقات ، لا تحتاج إلى علم أو تعلم ، لا تحتاج إلى ترجمة حروفها ومعانيها ، إنها لغة العالم المعروفة ، والكلمة الفطرية الناطقة بكل لغات العالم ، يتحدث بها القاصي والداني ، كل البشر يعرفونها ، عربي كان أم أعجمي ، أبيض كان أم أسوداً ، غني كان أم فقيراً ، وبل ينطق بها الطفل في أحشاء أمه .
أبدية لا تنتهي ، أزلية منذ أن خلق الله الخلق ليعمروا الأرض ويستخلفوها ، فمـا عمروها وما أسـتورثتها الأجيال جيل بعد جيل إلا بها ، إنها الكلمة الحقّةُ ، والصفة الدائمة الثابتة .. ألا إنه (الحب ) !
فالحب هو النسمة العطرة التي نستنشقها من حين إلى حين آخر لنرطب من جفاف الحياة وقسوتها ، إنه ريحٌ طيبة تطوف العالم بأسره تمر بكل القلوب تعتصرها لتكون أنشودة الحياة ونبراسها واستمرارها وبقاءها .
فهو من يصغر جلائل الأمور .. ويعظم صغائرها ، حديثه لا ينتهي باقياً بقاء الروح في الجسد ، به ترق القلوب وتطمئن النفوس وتنشرح الصدور ، وتلين الأواصر وتعاد الروابط وتوثّق ، إنه أمان الأعماق وسلامها .
تداهمني صورٌ شتى من الحب وألوانه وأنواعه لأتساءل : هل هو امتلاك لأشخاص معينين أم أنه جاه وسلطان ، ثراء وثريا ؟
أيـكون هو الأخذ والعـطاء ، أم أنه التحدي للوصـول إلى كل صعـب
ومستحيل ؟
أم تراهُ الوسيلة لبلوغ أهداف بعينها ؟
فإن كان الحب هو ذاك ، حتماً ستكون نتائجه وخيمة ، متقلبة ومتغيرة حسب الغايات المرجوة ، والمطالب والأحوال المتبدلة والظروف المحيطة به والتي غالباٌ ما تنتهي بنهاية سلبية ، هي الفشل والألم والحسرة ، لأنه لم يكن حباً مقترناً بالطهر والعفاف والأمل الذي أساسه الخير ، بل هو الثورة العارمة والشر بكل أساليبه الملتوية وأغراضه المتدنية ، فما اتصل بغاية وأيّ كان نوعها ، ما هي إلا ماديات زائلة ستتلاشى عند التقائها بأول زوبعة تعترضها ،
لذا لم يكن ذاك حباً ؟!
إن عذوبة الحب وحلاوته ، في سر لغته المعروفة الملتصقة بالروح دون الجسد
فالروح هي أساس وجود الجسد ، ولولاها لما كان الجسد جسداً بل لكان جماداً ، تمثالٌ يخلو من روح تسيح في هذا الكون تحلم وتضرم ، تفرح وتتألم . إن أجمل ما في الحب إنسانيته المتدفقة وقوته العاطفية التي لا تمل ولا تتقاعس ، إذ تلتهب المشاعر فتشرق الدنيا ويشع نور الأمل ، فيشعر المحب أنه قد نسى ماضيه وما يؤلمه ، وبل ينسى كل دنياه التي كان يعيشها ، ليولد من جديد في دنيا الأحلام والأماني ، في عالم كله صفاء ورضى ، لا مكان فيه للأنانية ، أو امتلاك لأُناس آخرين وبأي طريقة كانت ، فقط هو العطاء بلا حدود أو مقابل .
الحب كالعصا السحرية التي ما أن لامست أوتار القلوب حتى تبدل كل ما في هذا الكون في لمحةٍ أو طرفة عين ، ليصبح كل ما حولك طربٌ وغناء ، فرحة من غير فرح ، سعادة غامرة لا نعرف من أين تغدو و تجيء .
إنه كالزهرة البرية التي ترعرعت في صفاء الطبيعة في الحرية ، حرية تحملك للتحليق عالياً ليصبح الواقع كالحلم يسيّرك للسعي وراء الخير وفعله .
فتجلي الحب في معنوياته وليس في الماديات ، في ثباتهِ وعُمق كينونتهِ التي أساسها وجود الإنسان ، فما أن تعلق المادة بالنفس البشرية حتى يتلاشى الحب من ذاتها ، وتختلف الرؤيا أمام عينيها ليكون سعيها حثيثاً لاهثاً دون متاع أو حتى ارتياح .
رأيٌ حكيم :
إن نفسـاً لم يشـرق الحب فيـها
هـي نفـس لا تـدري مـا معناه
أنـا بالحب قـد وصلت إلى نفسي
وبـالحــب قـد عرفـت الله
أ/ سلوى دمنهوري
نشر قبلاً في جريدة المدينة.. وفي عدة ومواقع
المرأة الحديدية وقلبها العصفور[/grade]