أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هل يبدأ الإمام بقتال المرتدين أو الحربيين الأصليين ؟
قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإذا أسلم القوم ثم ارتدُّوا عن الإسلام في دار الإسلام وهم مقهورون أو قاهرون في موضعهم الذي ارتدوا فيه ، وادَّعَوا نبوة رجل تبعوه عليها أو رجعوا إلى يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو تعطيلٍ أو غير ذلك من أصناف الكفر ؛ فسواء ذلك كلُّه ، وعلى المسلمين أن يبدؤوا بجهادِهم قبل جهاد أهل الحرب الذين لم يُسلِموا قط " ([1]) .
وقال ابن تيمية : " والصدِّيق رضي الله عنه وسائرُ الصحابة بدؤوا بجهادِ المرتدِّين قبل جهادِ الكفار من أهل الكتاب ، فإن جهاد هؤلاء حفظ ٌلما فتح من بلاد المسلمين وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهادُ من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين ، وحفظُ رأس المال مقدَّمٌ على الربح ، وأيضاً : فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك " ([2]) .
فإن قال قائل : فما بال أبي بكر رضي الله عنه جهَّز جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام وحوله المرتدُّون ؟
أجاب عن هذا الإمام أبو المحاسن الروياني رحمه الله تعالى بقوله : " إنما فعل ذلك لمصلحةٍ فوق المصلحة التي راعيناها ؛ وهي تنفيذ عزيمة رسول الله صلى الله عيله وسلم التي فيها ملاك الخيرات والمصالح ، ألا ترى أن الصحابة رضوان الله عليهم استنكروا رأيه وخافوا ممن ارتدُّوا حواليهم من العرب فحلف أبو بكر رضي الله عنه : لا أوفر تجهيز حيش همَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو اتَّفق للإمام مصلحة مثل ذلك وعلم أن الأهم البداية بجهاد أهل الحرب بدأ بجهادهم " ([3]) .
وهذا يدلُّ على أن البدء بالأهمِّ ، ولذلك قال أبو المعالي الجويني رحمه الله تعالى معلقاً على قول الشافعي المتقدِّم : " وهذا بيِّنٌ ، وليس على هذا الإطلاق ، فقد يطأ الكفار طرفاً من بلاد الإسلام ، ولو لم نَطِر إليهم لخفنا فتقاً لا يُرقع ، فلتقع البداية بالأهم " ([4]) .

____________________________
([1]) «الأم» للشافعي (7/95-96) .
([2]) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (35/159) .
([3]) «بحر المذهب» للروياني (13/168) .
([4]) «نهاية المطلب» للجويني (17/365) .