كُل عامٍ وأنتم بخير
وتقبل الله من الجميع صالح الأعمال
هذهُ خربشاتٌ تمرّدت الا أن أبوح بها لكم
يا من لهم كامل الود والتقدير
::::
كُنت مُتنقلاً بين مُدنٍ السامبا في مُهمةٍ خاصة
كان ذلكـ قُبيّل العيد :
كُنتُ مُرهقاً من وعثاءِ السفر
كُنت هزيلاً الجسم من طولِ السفر
كُنت مُتعباً من غُربةٍ شاهقة
لم أرى نفسى في تلكـ المرايا الا في ذلكـ الجناح الـ فُندقي
وفي يوم العيد
كانت الساعة قرابة الثامنة صباحاً
فاذا بــ ثُلّةٍ من الأخيار عبر صوتٍ لهُ رونق الإسلام في تلكـ المدينة
ترردتُ كثيراً ما بين الفراش الدافيء
وفتح تلكـ النافذة التي تُعانق أمطاراً غزيرة
فاذا بــ صوتِ طِفلٍ في العاشرة من عمره قائلاً :
صباح الخير يا أخي :
هل أنت مُسلم :
قلت : بلى ورب الكعبة
أنا مُسلمٌ أبّاً عن جدّ :
قال لي :
لماذا أرى على وجهكـ آثار الحُزن
قلتُ له وفي نفسي مساحاتٍ من الحزن :
يا أخي : ليس للحزن عندي مساحات : ألم ترى ابتسامتي :لسان:
قال لي : اذن لماذا لا تنهض وتأتي الينا
قُلت له ما الخطب :
قال لي : ألم تعلم :
أم أنكـ لا ترى ما هو اليوم
قلتُ له أرشدني حفظكـ المولى وسدد خطاكـ
قال لي : هو الـــــ عيد يا أخي
عيدُ الفطر المباركـ
فأنهمرتُ من حيث لا أشعر وكأن المطر من فوق رأسي يتساقط
وبدأت أتأمل بعد ذلكـ وأعيد النظر كي أستفيق من كابوس الغربة
هي الغربة التي تقض المضاجع وتؤرقُ الفؤاد
هل يا تُرى هو عيدٌ تقليدي كما هو الحال عند الكثيرين من المسلمين
أم أن المسألة عيدٌ بكل المعاني نحو سلامة القلوب وانشراح الصدور
واعادة حسابات النفس البشرية ومُحاسبة النفس بعد ذلكـ
وتصحيح أخطأ النفس السابقة ومعالجة ما يمكن مُعالجته
تأملتُ كثيراً وتُهتُ في الأكثر ..
الغربة تجعل الأعياد بلا لونٍ أو رائحة السمو
هل هو يا تُرى عيدٌ أم أنني في سُباتٍ عميق
أين طعم الجمال الروحاني لمعانقة عيد الفطر المبارك
ذلكـ الطعم الذي افتقدهُ ويفتقدهُ غيري في بلاد الغربة
طعم الجمال الداخلي
فماعدت أعرف
أين هو العيد
أعتقد أنه كان هنا ورحل
رحل الى حيث الأهل والأحباب في وطني
ياااااااااااااااااااااااا ااااه .. ما اشدّ الغربة ..
بينما كُنت أُمارس التفكير بتمرّد :
طُرِقَ الباب بأصوات وأهازيج لها بريقٌ خاص
مجموعةٌ من الأطفال العراقيين بـ صوتٍ واحد (باللهجة العراقية ) :
عيدك سعيد يابه وعمرك مديد وجعل الله ايامكـ كُلها عيد
وهالسّه تكون اول عربي نهديه سلام العيد .
كان الحال لا يمكن أن أصفه
وكانت المشاعر يُستحالُ وصفُها أو التعبير عنها
فالكلمات في داخلي تبعثرت
فأصبحتُ متأرجح الفكر والتأمل
لم استطع الرد من هول ذلكـ
قالوا العيد :
فأتوا يُعايدون
وبالفرحه ينتشون
وبأجمل الكلمات يُهاتِفون
وعلى القلوب يستحوذون
قلتُ في نسي ياليتني كُنت معكم فأفوزَ فوزاً عظيماً
قُلتُ في نفسي يالله العجب
أطفالٌ هاجروا من ديار الحرب في بغداد
وفقدوا الأهل والأصحاب
ولكن لهم هِمَمٌّ عالية وأفاقٌ واسعة
فابتسامة قلوب هؤلاء لا تُفارق مُحياهم الطاهر
أخذوا بيدي هؤلاء الثُلّة الأخيار من الأطفال
وذهبتُ معهم الى المركز الإسلامي لأداء الصلاة
رأيت شيوخاً رُكع
وشباباً سُجد
ونساءً طُهر
مملكةٌ من التكاتف والتلاحم
فنونٌ من معاني الأخوة الصادقة
دروسٌ في فن الكرم الباذخ
رأيت أمةً جعلت لأخلاق الإسلام نبراساً ناصع البياض يُقتبسُ منهم
لم أشعرُ بالغُربة .. بل شعرتُ كأنني بين الأهل والأحباب
انتهت مراسم العيد من صلاة وخطبة وتهاني واحتفالات
وعُدتُ لاهثاً لغرفتي مُتعطِشاً أن أعانق أحِبتي لسلام العيد وأزِفُّ لهم أزكى التهاني
لأهنيء من لهم في القلب منزلةً عبر الهاتف أو عبر الرسائل الممكنة
بشتى الوسائل المتوفرة
مالبثتُ الا أن ارى الليلُ يداعب خيوط الشمس
لترحل وتفسح له مجالاً خصب في تلكـ المدينة
فبدأ يـُرسل الليل خيوطه أفواجاً أفواجا
حتى أصبح ظلاماً سرمديٌ كالِحُ اللون بعتمتهِ المشهورة ..
وكان الوضع في تلك المدينة لا يُشجع على الخروج من جراء الصخب في شوارعها
إرتميت الى فراشي والى كتابٍ كُنت أقرأُه
ولم استيقظ الا في نفس الوقت الذي هاتفني به أولئك الأطفال بالأمس
ثم خرجتُ الى شوارع تلكـ المدينة مُهرولاً أريدُ معرفة الجديد في أسواقها
ثم وقع بصري على عجوزًٍ بيدها مُصحفٌ كريم وسبحةً مضى عليها حِقبٌ من الدهر
تلهجُ بذكر الله واستغفاره وتسبيحه
تذكرت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام
(ولا يزالُ لسانُكـ رطباً من ذكر الله )
اي وربي :
بين كل حرف وحرف لفظُ الجلالة مُنفرداً على كل المعاني
متكأةٌ على عصاها ذات المائة والعشرين ربيعاً
ولها من الكِبرِ عتيّاً
قلت لها ياوالدتي : كُل عامٍ وأنتِ بخير
قالت ما الأمر يا بُني :
قلت لها : كان بالأمس القريب عيد الفطر المبارك
قالت والله يابُنيّ : إني مُنطرحة الفراش من الحزن وأبحث عن ابني في العراق
وقد عودني من عيد لــ عيد يزورني
قلتُ لها من هو يا والدتي :
قالت ابني علي( ابن ابنتي ) في العراق
ذالكـ الطفل الذي بُترت يداه
وفَقَدَ والداها وإخوته وأخوانه ..
فشهق سمعي
وشخص بصري
كل ذلكـ بعد أن تأكدت من حديثٍ خاص بيني وبنيها
دار قُرابة الثامنين دقيقة
رقرقت عيناي أثناء حديثِها من حيثُ لا أشعر
وتسابقت دمعاتي وأنا مُنهمر
قلت في نفسي يالله .....
الى هذا الحد وصل بهذه الأمة المنكوبة
فقلتُ في نفسي يالله العجب
أبياتٌ قد كتبتها فيه اثناء الحرب المؤلمة على بلد الخير والعطاء العراق
الساعةُ الحمقاء ترفضُ أن تدور 000
والدُنيا من حولي فُتور في فُتور000
بــ قاربٍ عجوزٍ أخوضُ البحار000
بـ غيرِ قلوعٍ وطوقِ النجاة000
فـ ضِعتُ وضاعت مني الحياة000
سأمتُ الضياع والاغتراب 000
نهاري غُيوم وليلي سحاب 000
رجوتُ كثيراً وخاب الرجاء 000
بكيتُ وصارت دموعي دماء000
مشيتُ طويلاً في ليلٍ سحيق000
وسالت دمائي عبر الطريق000
أُداويّ الـ جراح بجرحٍ عميق000
أسيرُ الطريق بغير الرداء000
أحنُّ اليكـ أريدُ الشِفاء000
فقلبي عليل000
ونومي قليل 000
وليلي طويل000
طويل000طويل000
يطول ..عنان السماء000
يطول000 يطول000
بــغيرِ إنتهاء000
يـُ حطِمُ قلبي اليكـ الحنين000
فما زِلّتُ طِـفلاً رغم السنين000
طِفلاً عجوز كثير الأنين000
بــ قلبٍ سقيم ونــ بضٍ حزين000
أُصارِعُ موجَ الحياةِ اللعين000
فالناس في زمنٍ جياع 000
والدود ينّخُرُ حتى النخاع 000
والحلال مع الحرام مُشاع000
إني أعيشُ في زمن الرعاع 000
والناس تجري لكل الضياع000
فالأرض حبلى بالبلاء 0
وما زلت طفلاً رغم السنين000
:::
هذه بعضُ أحاديث الغربة
فأقبلوا مافيه من حُزن
لكم كامل التقدير والإحترامات الخاصة