بسم الله الرحمن الرحيم

شباب خيبوا الآمال !!!

الشباب هم أمل الأمم وهم بناة حضارتها ومصدر قوتها وعزها وفخرها , عليهم تعقد الآمال وبهم نتطلع نحو آفاق الأمجاد الواسعة ومنهم تأتي المنجزات وعلى أيدهم يكون التطور والرقي , هكذا هي الأمم وهكذا هو أملها وتطلعها في شبابها , ونحن أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – كيف هم شبابنا ؟ فعندما نسأل هذا السؤال تخنقنا العبرات وتغص في قلوبنا الحسرات وتوجعنا الآهات , فلقد خيب شبابنا أمل الأمة , والأمر ليس على العموم فهناك من هو طموح في شبابنا – وفقهم الله – ولكنه مع الأسف والأسف الشديد كانت الأغلبية العظمى لمن خيبوا الآمال , فشبابنا على مجمل الحال في الوطن العربي يميلون إلى التشبه وتقليد الآخرين بدون إدراك أو وعي , وليتهم يتشبهون بعلية القوم من الأمم ويستفيدون من تجاربهم , بل على العكس تماما يتشبهون بالساقطين والماجنين كأمثال الممثلين والمغنين والسخفاء من الرياضيين الذين يتزينون في الملاعب تشبها أعمى ليس له مبرر ولا سلطان مبين , وإننا نشاهد شبابنا في هذه الزمرة يتزايدون وعن الرشد والرزانة والاستقامة مبتعدون .

فإذا ما تتيعنا أحوال شبابنا في عصرنا هذا لوجدنا ما يأسف له القلب وتدمع له العين , فهناك موضة الشعر من قصات غربية غريبة وتسريحات نسائية سخيفة , فمن جانب القصات التي تنافس قصات أشجار الشوارع في مناظر مخجلة ومحزنة ومخزية لشباب ينتمي للدين الإسلامي وينتسب لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم – ولنا أن نتخيل حقيقة شاهدها الكثير وتحدث عنها الكثير إنها حقيقة مؤسفة ومخجلة وخارجة عن إطار الرجولة , نعم فهناك شباب – هداهم الله – في عنفوان شبابهم وفتوتهم يتقهقرون للأنوثة ويستحبون تقمصها , فنجد الشاب منهم قبل خروجه من منزله يقف أمام المرآة ساعة أو يزيد من أجل ماذا ؟ من أجل أن يستخدم المرطبات والمنعمات على وجهه ويسرح شعره وفق كتالوجات أمامه بما يتناسب مع قصته وأما أصحاب الشعور الطويلة فيتفننون في لبس أطواق وربطات الشعر , قد شاهدنا شبابا يبتاعون من المحلات النسائية هذه اللوازم النسائية لاستخدامهم الشخصي فزاحموا النساء حتى في خواصهم , وكثير منهم يستخدمون مستحضرات التجميل المخصصة للنساء ليتزينوا بها قبل خروجهم فاختلط الأمر علينا في التفريق بين الإناث والذكور في عصرنا المكدور .

وليت الأمر انتهى بهذا بل أنني رأيت بأم عيني شباب في قمة فتوة الشباب وحيويته يتراقصون وبأخصارهم يتمايلون في سياراتهم أو على قارعة الطريق على أغان عربية ماجنة أو غربية ساقطة لا يستوعبون منها إلا ما اهتزت له أجسادهم المائعة , نعم هكذا شاهدت شبابنا في سلوكهم مائعين وفي مشيتهم متكسرين وفي كلامهم متمغنجين وكأنهم – وليتني أستطيع وضع نون النسوة لهم ولكن سياق اللغة يأبى ذلك – إناث في التصرفات والمخاطبات والتسريحات وإن منهم من يضع مكياجا كاملا على وجهه ليبدو في مظهر الفتاة , أفلا يجوز لنا أن نضع لهم ( نون النسوة ) ليكون الخطاب لهن بدلا من لهم , عذرا إليك يا لغتي العربية فهناك من يكسر القواعد بأفعاله الشاذة .

شباب الإسلام , كيف سنحقق العزة لديننا وأمتنا ونحن لا نعتز بتعليم ديننا ولا تقاليدنا وعاداتنا ؟ كيف سنحقق المجد للأمة ونحن نمجد أعداء الأمة , ونتشبه بهم ونتخذ منهم قدوة لنا ؟ كيف سنحقق فخر الأمة ونحن نفتخر بالساقطين والساقطات ونتشبه بهم ونشغف بسيرتهم ؟ من سينهض بالأمة إذا كان شبابها ساقط في وحل التبعية الغربية التي جمدت عقولنا وسحقت طموحنا وأناخت لها عزائمنا ؟ .

شباب الإسلام , يا شباب أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – إنكم لستم أهل لما أنتم فيه الآن من ذل وعار , فكيف يرضى شبابنا التشبه بالنساء وقد لعن المتشبهون من الرجال بالنساء في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء , والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه البخاري , وعن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال : ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال , والمترجلات من النساء ) رواه البخاري وأحمد والترمذي , فهل يرضى شبابنا على نفسه هذا اللعن والطرد من رحمة الله , ومن أجل ماذا ؟ من أجل التقليد الأعمى والانقياد خلف الساقطين والمنحرفين ؟ , فأي مساومة تساومون بها أنفسكم أيها الشباب الواعد .

أيها الشباب المبارك , لقد خيبتم الآمال وطأطأتم الرؤوس لأعداء الدين والأمة , وتشربتم معتقداتهم وأفكارهم فسرتم نحو هاوية الضياع وانزلقتم في مصب الانحراف وأصبحتم لأعدائكم أتباع يحققون بكم أهدافهم ومخططاتهم الحاقدة للقضاء على الأمة وأنتم أول ضحاياهم , فأين فطنتكم وأين عقولكم ؟ لقد باتت في مصيدة الأفكار الغربية المسمومة حتى تسمم جسد الأمة فاعتلت وأصابها الإعياء والانهيار والكل بنا متربص على نار .

أيها الشباب المبارك , لابد لكم من يقظة وصحوة وإفاقة قبل أن يفوت الفوت فالأمر جد خطير والتخطيط على تدميركم رهيب والزحف على الأمة شرس وأنتم حصنها المنيع ودرعها المتين وحماتها الأشاوس , فدعوا عنكم خزعبلات التقليد الأعمى الذي لا طائلة منه إلا الانحراف الضياع واجعلوا لكم قدوة حسنة خير ممن أنتم بهم مقتدون , وليس هناك خير من الاقتداء بخير البشر وسيد الرجال سيدنا وحبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم – إذ يقول الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو لقاء الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) , فانظر أخي الشاب اليافع كرامة الاقتداء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – إنه الفلاح والرضى والقبول , ناهيك عما ستكسبه من رجولة ورشد واستقامة وحكمة , واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون .

نسأل الله العلي القدير أن يصلح شباب المسلمين لما فيه خير دينهم وأمتهم وأنفسهم إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا



بقلم / أبو ياسر الحكمي