النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: حدود الأخلاق

  1. #1
    | محاورة متميزة |
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    122

    حدود الأخلاق

    للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا, ومتى قصّرت عنه كان نقصا ومهانة, فللغضب حد وهو الشجاعة المحمودة, والأنفة من الرذائل والنقائص, وهذا كماله. فإذا جاوز حده, تعدى صاحبه وجار, وان نقص عنه, جبن ولم يأنف من الرذائل.

    وللحرص حد, وهو الكفاية في أمور الدنيا, وحصول البلاغ منها, فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة, ومتى زاد عليه, كان شرها ورغبة فيما لا تحمد الرغبة فيه.

    وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال, والأنفة أن يتقدم عليه نظيره, فمتى تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود, ويحرص على إيذائه, ومتى نقص عن ذلك, كان دناءة وضعف همة وصغر نفس. قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق, ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس" البخاري ومسلم, فهذا حسد منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود, لا حسد مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود.

    وللشهوة حد, وهو راحة القلب والعقل من كد الطاعة واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك, فمتى زادت على ذلك صارت نهمة وشبقا والتحق صاحبها بدرجة الحيوانات, ومتى نقصت عنه ولم يكن فراغا في طلب الكمال والفضل كانت ضعفا وعجزا ومهانة.

    وللراحة حد وهو إجمام النفس والقوى المدركة والفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يضعفها الكد والتعب ويضعف أثرها, فمتى زاد على ذلك صار توانيا وكسلا وإضاعة, وفات به أكثر مصالح العبد, ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها وربما انقطع به كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.

    والجود له حد بين طرفين, فمتى جاوز حده صار إسرافا وتبذيرا, ومتى نقص عنه كان بخلا وتقتيرا.

    وللشجاعة حد متى جاوزته صار تهوّرا, ومتى نقصت عنه صار جبنا وخورا, وحدها الإقدام في مواضع الإقدام, والإحجام في مواضع الإحجام, كما قال معاوية لعمرو بن العاص: أعياني أن أعرف أشجاعا أنت أم جبانا تقدم حتى أقول من أشجع الناس, وتجبن حتى أقول من أجبن الناس, فقال:
    شجاع إذا أمكنتني فرصة فان لم تكن لي فرصة فجبان

    والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظنا سيئا بالبريء, وإذا قصّرت عنه كانت تغافلا ومبادئ دياثة.

    وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلا ومهانة, ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.

    وللعز حد إذا جاوزه كان كبرا وخلقا مذموما, وان قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.

    وضابط هذا كله العدل, وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط, وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة, بل لا تقوم مصلحة البدن إلا به.
    فمن أشرف العلوم وأنفعها علم الحدود, ولا سيما حدود الشرع المأمور والمنهي. فأعلم الناس أعلمهم بتلك الحدود, حتى لا يدخل فيها ما ليس منها ولا يخرج منها ما هو داخل فيها. قال تعالى:{ الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله}التوبة 97. فأعدل الناس من قام بحدود الأخلاق والأعمال والمشروعات معرفة وفعلا,

    وبالله التوفيق

    منقول للفائدة

    اختكم عبير الزهر

  2. #2
    نجــ غرابيـل ـــم
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    415
    موضوع أكثر من رائع

    يعطيك العافية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-06-2013, 02:20 PM
  2. من نزل قبل تلك حدود الله فلا تعتدوها ام ( تلك حدود الله فلا تقربوها )
    بواسطة أهــل الحـديث في المنتدى أهل الحديث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2012, 01:40 PM
  3. من نزل قبل تلك حدود الله فلا تعتدوها ام ( تلك حدود الله فلا تقربوها )
    بواسطة أهــل الحـديث في المنتدى أهل الحديث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2012, 01:40 PM
  4. حدود الأخلاق ..!!
    بواسطة هردي في المنتدى منتدى الأخبار
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 13-05-2004, 10:27 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •