أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المَوْرِدُ الـزُّلاَلُ
فِي بَيَانِ مَا وَرَدَ فِي صَوْمِ شَوَّالٍ
تَأْلِيـفُ
أَبِي عُمَرَ نَادِرِ بنِ وَهْبِي بنِ مُصْطَفَى النَّاطُورِ القَنِّيرِيِّ الأُرْدُنِّيِّ
عَفَا اللَّهُ عنهُ
بِسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـــمِ

الحَمْـدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَالصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِينَ ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .

وَبَعْدُ ؛ فَهَذَا جُزْءٌ لَطِيفٌ جَمَعْتُ فِيهِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِصَوْمِ شَهْرِ شَوَّالٍ ، وَكَانَ البَاعِثُ عَلَى رَصْفِهِ وَتَأْلِيفِهِ هُوَ سُؤَالٌ سَأَلَتْنِي إِيَّاهُ أُخْتِي أُمُّ البَرَاءِ _ حَفِظَهَا اللَّهُ تَعَالَى _ عَنْ حُكْمِ صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَـوَّالٍ ؛ لأَنَّهَا سَمِعَتْ مِنَ البَعْضِ أَنَّ الإِمَامَ مَالِكاً _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ كَرِهَ صِيَامَهَا ، وَأَنَّ الحَدِيثَ الوَارِدَ فِيهَـا لاَ يَصِحُّ ؛ لأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوٍ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ ، فَكَانَ الجَوَابُ عَلَى سُؤَالِهَا هَذَا " الجُزْءَ " الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي أَنِّي سَوْفَ أَتَوَسَّعُ بِالجَوَابِ هَذَا التَّوَسُّعَ ، وَلَكِنْ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً .
لِذَا ارْتَأَيْتُ أَنْ أُقَسِّمَهُ إِلَى سِتَّةِ مَبَاحِثَ ؛ لِيَسْهُلَ الانْتِفَاعُ بِهِ :
_ المَبْحَثُ الأَوَّلُ : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ شَهْرِ شَوَّالٍ كُلِّهِ .
_ المَبْحَثُ الثَّانِي : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ .
_ المَبْحَثُ الثَّالِثُ : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ شَيْءٍ مِنْ شَوَّالٍ .
_ المَبْحَثُ الرَّابِعُ : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ يَوْمَيْنِ مِنْ شَوَّالٍ لِمَنْ لَمْ يَصُمْ مِنَ سَرَرِ شَعْبَانَ .
_ المَبْحَثُ الخَامِسُ : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ صَبِيحَةِ الفِطْرِ مِنْ شَوَّالٍ .
_ المَبْحَثُ السَّادِسُ : ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي مُطْلَقِ الصَّومِ بَعْدَ رَمَضَانَ .

هَذَا ؛ وَوَسَمْتُهُ بِـ : " المَوْرِدِ الزُّلاَلِ فِي بَيَـانِ مَا وَرَدَ فِي صَوْمِ شَوَّالٍ " ، فَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصاً لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ ، إِنَّهُ ذُو الطَّوْلِ الوَاسِعُ العَظِيمُ .


كَتَبَهُ
أَبُو عُمَرَ نَادِرُ بنُ وَهْبِي النَّاطُورُ القَنِّيرِيُّ(1) , ثُمُّ الأُرْدُنِّيُّ
يوم الجمعة : 17/ صفر /1430هـ
13/ شباط / 2009م
الأُرْدُنُّ _ الزَّرْقَاءُ
الـمَبْحَثُ الأَوَّلُ
ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ شَهْرِ شَوَالٍ كُـلِّـهِ
المَطْلَبُ الأَوَّلُ
الأَحَادِيثُ الوَارِدَةُ فِي صِيَامِ شَوَّالٍ كُلِّهِ
أَوَّلاً : حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _

أَخْرَجَـهُ ابنُ مَاجَـهْ فِي " السُّننِ " (رقم : 1744) ، والضِّياءُ المَقْدِسِيُّ في " الأَحَادِيثِ المُخْتَـارَةِ " (4/145 _ رقم : 1359) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العزيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، عنْ يزيدَ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ أُسَامَةَ ، عنْ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ ؛ أنَّ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ كَانَ يَصُـومُ أَشْهُرَ الحُرُمِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُـولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " صُمْ شَوَّالاً " ، فَتَرَكَ أَشْهُرَ الحُرُمِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَصُومُ شَوَّالاً حتَّى مَاتَ .
قَالَ الضِّياءُ المَقْدِسِيُّ : " رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، لكنَّهُ مُنْقَطِعٌ " .
وقَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ في " لَطَائِفِ المَعَارِفِ " (ص :135) : " وَفِي إِسْنَادِهِ إِرْسَالٌ " ، وذَكَرَ في (ص :233) أنَّ إِسْنَادَهُ مُنْقَطِعٌ .
وقَالَ البُوصِيرِيُّ في " مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ " (2/78) : " هَذَا إِسْنَـادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَفِيهِ مَقَالٌ ، قَالَ العَلاَئيُّ في " المَرَاسِيلِ "(2) : ذَكَرَ في " التَّهْذِيبِ " أَنَّ محمَّدَ بنَ إبراهيمَ التَّيْمِيَّ أَرْسَلَ عنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ ، وأُسَيْدِ بنِ الحُضَيْرِ ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو زُرْعَةَ(3) : لَمْ يَذْكُرْ في " التَّهْذِيبِ " أنَّهُ أَرْسَلَ عنْ أُسَامَةَ ، وإنَّما قَالَ : رَوَى عنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ ، وأُسَيْـدِ بنِ الحُضَيْرِ مُرْسَلٌ ، فَتَوَهَّمَ العَـلاَئِيُّ عَوْدَهُ لَهُمَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ إِلَى أُسَيْـدِ بنِ حُضَيْرٍ فَقَطْ ، نَعَمِ الحَدِيثُ الَّذِي في " سُننِ ابنِ مَاجَهْ " مِنْ رِوَايةِ التَّيْمِيِّ ، عنْ أُسَامَةَ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُتَّصِلٍ .
قُلْتُ _ القَائِلُ البُوصِيرِيُّ _ : لَمْ يَنْفَرِدْ محمَّدٌ _ هَذَا _ عنْ أُسَامَةَ ، فقدْ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ في " مُسْنَدِهِ " مِنْ طريقِ محمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ ، عنِ ابنِ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ ، عنْ جدِّهِ أُسَامَةَ ، بِهِ مَرْفُوعاً ، فَذَكَرَهُ ، وَسِيَاقُهُ أَتَمَّ كَمَا أَوْرَدْتُهُ في زَوَائِدِ المَسَانِيدِ العَشَرَةِ " .
أَقُولُ : وَهُوَ كَمَا قَالُوا ، فَالإِسْنَادُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّ محمَّدَ بنَ إبراهيمَ _ وَهُوَ : ابنُ الحَارِثِ التَّيْمِيُّ المَدَنِيُّ _ وإنْ كَانَ رَوَى عنْ أُسَامَةَ ابنِ زَيْدٍ ، إِلاَّ أنَّهُ في هَذَا الحَدِيثِ أَتَى بِصِيغَةٍ تُفِيدُ الإِرْسَالَ ؛ فَهُوَ لَمْ يُسْنِدْ ذَلِكَ إلى أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ ، وَلاَ أَدْرَكَ القِصَّةَ ، فَكَانَتْ مُرْسَلَةً، لِذَا حَكَمُوا عَلَيْهِ بالانْقِطَاعِ ، عِلاَوَةً عَلَى ذَلِكَ : مُحمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، إِلاَّ أَنَّ لَهُ أَفْرَاداً أُنْكِرَتْ عليهِ ، فَالإِمَامُ أَحمدُ كَانَ يَقُولُ : " في حَدِيثِهِ شَيْءٌ ، يَرْوِي أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ ، أو مُنْكَرَةً "، وَهَذَا مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتي تَفَرَّدَ بِهَا .
أَمَّا المُتَابَعَةُ الَّتي ذَكَرَهَا البُوصِيرِيُّ ، وعَزَاهَا لأَبِي يَعْلَى فِي " مُسْنَدِهِ " ؛ فَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهَا في " المَطَالِبِ العَالِيَةِ " لابنِ حَجَرٍ (38/أ _ مخطوط) وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أُسَامةَ بنِ زَيْدٍ ، وَلَيْسَتْ مَرْفُوعَةً كَمَا ذَكَرَ البُوصِيرِيُّ ، وَإِلَيْكَ سِيَاقُهَا :
قَالَ أَبُو يَعْلَى : حدَّثنا عُقْبَةُ بنُ مُكْرَمٍ ، حدَّثنا يُونُسُ بنُ بُكيرٍ ، حدَّثنا محمَّدُ ابنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ ابنِ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ ، عنْ جَدِّهِ أُسَامَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ أَصْبَحَ مِنَ الغَدِ صَائِماً مِنْ شَوَّالٍ ، حتَّى يُتِمَّ عَلَى آخِرِهِ .
أَقُولُ : وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ؛ لِثَلاَثِ عِلَلٍ :
الأُولَى : محمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ هُـوَ : ابنُ يَسَارٍ _ صَاحِبُ المَغَازِي _ ، وَهُوَ صَدُوقٌ يُدَلِّسُ ، وَقَدْ عَنْعَنَ فِيهِ .
الثَّانِيَةُ : ابنُ محمَّدِ بنُ أُسَامةَ واسمُهُ : محمَّدُ بنُ أُسَامَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زيدٍ ، مَجْهُولٌ ، لاَ أَعْلَمُ رَوَى عنهُ غيرَ محمَّدِ بنِ إسحاقَ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ البُخَاريُّ في " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (1/20) ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (7/205) ولَمْ يَذْكُرَا فِيهِ شَيْئاً ، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقَاتِ " (7/368) ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الأَصْلَ فِي كُلِّ رَاوٍ لَمْ يَقِفْ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى مَا يُطْعَنُ فِيهِ لأَجْلِهِ اللَّحَاقَ بِالثِّقَاتِ ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَدْرِي مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّاوِي ، ومحمَّدُ بنُ أُسَامَةَ لاَ يُعْتَبرُ مُتَابِعاً لمحمَّدِ ابنِ إبراهيمَ التَّيْمِيِّ _ كَمَا قَالَ البُوصِيرِيُّ _ ؛ لأنَّهُ أَدْنَى مِنْهُ طَبَقَةً ، فَهُوَ يَرْوِي عنْ جَدِّهِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ _ كَمَا سَيَأْتِي في العِلَّةِ الثَّالِثَةِ _ ، وإنْ فَرَضْنَا أَنَّهُ مُتَابِعٌ لمحمَّدِ بنِ إبراهيمَ فَهُوَ مُتَابِعٌ لَهُ في الشَّطرِ الثَّانِي مِنَ الحَدِيثِ وَهُـوَ المَوْقُوفُ عَلَى أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ ، دُونَ الشَّطْرِ الأَوَّلِ منهُ وَهُوَ المَرْفُوعُ .
الثَّالِثَةُ : الانْقِطَاعُ بينَ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ وَجَدِّهِ ؛ فَهُوَ غيرُ مَعْرُوفٍ بالرِّوَايَةِ عنْ جَدِّهِ ، إنَّما يَرْوِي عنْ أَبِيهِ عنْ جَدِّهِ _ كَمَا ذُكِرَ في تَرْجَمَتِهِ _ .
وَقَدْ وَقَفْتُ لَهُ عَلَى طَرِيقٍ ثَانيةٍ عَنِ ابنِ إِسْحَاقَ _ ذُكِرَ فِيهَا الشَّطْرُ الأَوَّلُ مِنَ الحَدِيثِ ، دُونَ الشَّطْرِ الثَّانِي _ أَخْرَجَهَا البُخَارِيُّ في " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (1/20) قَالَ: وَقَالَ سَلَمَةُ : حدَّثني ابنُ إِسْحَاقَ ، عنْ محمَّدِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ، عنْ أبيهِ ، عنْ أُسَامَةَ ؛ قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَوْمِ شَوَّالٍ ؟ " .
أَقُولُ : وَهَذِهِ طَرِيقٌ ضَعِيفَةٌ _ أَيْضاً _ ؛ لِثَلاثَةِ أُمُورٍ :
الأَوَّلُ : التَّعْلِيقُ ، فَقَدْ أَوْرَدَها البُخَارِيُّ مُعَلَّقَةً ، والمُعَلَّقُ منْ أَقْسَامِ الضَّعيفِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ .
الثَّانِي : ابنُ إِسْحَاقَ هُوَ : محمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ، وَهُوَ صَدُوقٌ مُدَلِّسٌ _ كَمَا مَرَّ مَعَنَا _ ، ولَمْ يُصَرِّحْ بِسَمَاعِهِ في هَذِهِ الرِّوَايةِ .
الثَّالِثُ : محمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ ، لاَ يُوجَدُ في الرُّواةِ مَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الاسْمِ ، وَيَغْلُبُ عَلَى الظَّنِ أَنَّ الإِسْنَادَ اعْتَرَاهُ تحْرِيفٌ ، وَأَنَّ الصَّوابَ : ( محمَّدُ ابنُ أُسَامَةَ بنِ محمَّدِ بنِ أُسَامَةَ ) ، ومِمَّا يُقَوِّي هَذَا الاحْتَمَالَ أنَّ البُخَارِيَّ أَوْرَدَ هَذَا الحَدِيثَ في تَرْجَمَتِهِ في " التَّارِيخِ " ، فَإنْ كَانَ الأمرُ كَذَلِكَ ، فَهُوَ مَجْهُولٌ _ كَمَا مَرَّ آنِفاً _ ، ويُحْتَملُ _ أيضاً _ أنْ يَكُونَ هَكَذَا : ( محمَّد بن عبدِ اللَّهِ ، عنْ محمَّدِ ابنِ أُسَامَةَ ، عنْ أبيهِ ) ، وَأَنَّ ( عَنْ ) حُرِّفَتْ إِلَى ( بن ) ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوابِ ، ولعلَّ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لَنَا الاطِّلاَعَ عَلَى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ مِنَ " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " لِلْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ .

ثَانِياً : حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ _ أَوْ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ _ القُرَشِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ
أَخْرَجَهُ الحَارِثُ بنُ أبي أُسَامَةَ في " المُسْنَدِ " (1/422 _ رقم :336 ، بُغْيَةُ البَاحِثِ ) ، وابنُ أَبِي شَيْبَةَ في " المُسْنَدِ " (رقم :686) ، وَأَبُو دَاوُدَ في " السُّنَنِ " (رقم :2432) واللَّفظُ لهُ _ ومنْ طريقِهِ : البَيْهَقِـيُّ في " الشُّعَبِ " (3/396 _ رقم :3869) _ ، والتِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم:748) ، والنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/147 _ رقم :2779 و 2780) ، والبَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/395 _ رقم : 3868) و " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " (رقم : 163) ، وابنُ قَانِعٍ في " مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ " (رقم :1030) منْ طريقِ هُـارُونَ بنِ سَلْمَانَ ، عنْ عُبيدِ اللَّهِ ابنِ مُسْلِمٍ القُرَشِيِّ ، عنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : سَأَلْتُ _ أَوْ سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ ؟ ، فقَالَ : " إِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقاً ، صُمْ رَمضَـانَ وَالَّذِي يَلِيهِ ، وَكُلَّ أَرْبِعَاءَ وَخَمِيسٍ ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ صُمْتَ الدَّهْرَ " .
وَجَاءَ عِنْدَ ابنِ أَبِي شَيْبَةَ ، والنَّسَائِيِّ ، والبَيْهَقِـيِّ ، وابنِ قَانِعٍ منْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ : ( مُسْلِمُ بنُ عُبيدِ اللَّهِ ) بَدَلاً منْ : ( عُبيدِ اللَّهِ بنِ مُسْلِـمٍ ) ، وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ عنْ أَبِي نُعَيْمٍ _ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالبَيْهَقِيِّ أَيْضاً _ : ( مُسْلِمُ بنُ عبدِ اللَّهِ ) .
وَجَاءَ لفظُهُ عِنْدَ البَيْهَقِيِّ _ وابنِ أَبِي شَيْبَةَ بِنَحْوِهِ _ : أنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ أَوْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ عَنِ الصَّوْمِ ؛ فَقَالَ : يَا رَسُـولَ اللَّهِ ، أَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ؟ ، فَسَكَتَ عَنْهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ الثَّانِيَةَ ، فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ الثَّالِثَةَ ؛ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ عِنْـدَ ذَلِكَ : " مَنِ السَّائِلُ عَنِ الصَّوْمِ ؟ " ، فَقَالَ : ... ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : " حَدِيثُ مُسْلِمٍ القُرَشِيِّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ؛ لأجلِ عُبيدِ اللَّهِ بنِ مُسْلمٍ القُرَشِيِّ ، فَهُوَ مَجْهُولٌ لاَ تُدْرَى حَالُهُ ، لَمْ يَرْوِ عنهُ غيرُ هَارُونَ بنِ سَلْمَانَ الفَرَّاءِ ، وقَدْ ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (5/398) ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ في " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (8/188) ولَمْ يَذْكُرَا فِيهِ جَرْحاً ولاَ تَعْدِيلاً ، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقَاتِ " (7/149) ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الأَصْلَ فِي كُلِّ رَاوٍ لَمْ يَقِفْ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى مَا يُطْعَنُ فِيهِ لأَجْلِهِ اللَّحَاقَ بِالثِّقَاتِ ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَدْرِي مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّاوِي ، أمَّا الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فَقَدْ قَالَ عَنْهُ في " التَّقْرِيبِ " (ص :530) : " مَقْبُولٌ " ، أَيْ : حَيْثُ يُتَابَعُ ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَيِّنٌ ، وَهُوَ قَدْ تَفَرَّدَ بِهَذَا الحَدِيثِ ، ولَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ .

ثَالِثاً : حَدِيثُ عَرِيفٍ مِنْ عُرَفَاءِ قُرَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ
أَخْرَجَهُ أحمدُ في " المُسْنَدِ " (3/416 _ رقم :15472) _ ومِنْ طَرِيقِهِ : الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ في " مُوَضِّحِ أَوْهَامِ الجَمْعِ " (2/224) _ مِنْ طريقِ عبدِ الصَّمدِ ابنِ عبدِ الوَارِثِ _ وَهُوَ صَدُوقٌ ثَبْتٌ _ ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ _ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ ، وعبدُ اللَّهِ بنُ أحمدَ في " زَوَائِدِ المُسْنَدِ " (4/78 _ رقم :16760) مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَالِكٍ كَثِيرِ بنِ يَحْيَى _ وَهُوَ صَدُوقٌ _، والحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَـةَ فِي " المُسْنَدِ " (1/421 _ رقم :335 ، بُغْيَةُ البَاحِثِ) _ ومِنْ طَرِيقِهِ : البَيْهَقِيُّ في " الشُّعَبِ " (3/396 _ رقم : 3870) _ ، والنَّسَائِيُّ في " السُنَنِ الكُبْرَى " (2/147 _ رقم :2778) مِنْ طَرِيقِ محمَّدِ بنِ الفَضْلِ عَارِمٍ _ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ ، وابنُ عَدِيٍّ في " الكَامِلِ " (7/121) مِنْ طَرِيقِ عبدِ اللَّهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ كُلُّهُمْ عنْ أَبي زيدٍ ثَابِتِ بنِ يَزِيدَ ، حدَّثنا هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ خالدٍ ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي عَرِيفٌ مِنْ عُرَفَاءِ قُرَيْشٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ فَلْقِ _ وعندَ بَعْضِهِم : حَلْقِ _ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَـانَ ، وَشَوَّالاً ، وَالأَرْبِعَاءَ ، وَالخَمِيسَ ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ " .
وزَادَ أَحْمَدُ : " وَالجُمُعَةَ " .
أَقُولُ : كَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ ثَابِتِ بنِ يَزِيدَ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وخَالفَهُمْ غَسَّانُ بنُ الرَّبِيعِ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ ، فَرَواهُ عنْ ثَابِتِ بنِ يَزِيدَ بِلَفْظِ: " مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ، وَالأَرْبِعَاءَ ، وَالخَمِيسَ ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ " ، أَخْرَجَ رِوَايَتَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في " مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ " (رقم :2213) ، وَلاَ اعْتِبَارَ لِمُخَالَفَتِهِ ، فَهُوَ أَدْنَى رُتْبَةً مِمَّنْ خَالَفَهُمْ ، فَقَـدْ قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ : " ضَعِيفٌ " ، وَقَالَ مَرَّةً : " صَالِحٌ " ، وقَالَ الخَطِيبُ فِي " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (12/329) : " وَكَانَ نَبِيلاً ، فَاضِلاً ، وَرِعـاً " ، وَهَذَا لَيْسَ بِتَوْثِيقٍ ، أَمَّا ابنُ حِبَّـانَ ؛ فَقَدِ اعْتَدَّ بِهِ ، فَذَكَرَهُ فِي " الثِّقَاتِ " (7/52) ، وَخَرَّجَ لَهُ فِي " صَحِيحِهِ " .
عَلَى كُـلٍّ ؛ الحَدِيثُ إِسْنَـادُهُ ضَعِيفٌ ، لِجَهَالَةِ الرَّاوِي المُبْهَمِ _ شَيْخِ عِكْرِمَةَ _ .


















المَطْلَبُ الثَّانِي
أَقْوَالُ العُلَمَاءِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ

تَبَيَّنَ لَنَا مِنَ المَبْحَثِ السَّابِقِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي هَذَا البَابِ شَيْءٌ ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ المَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ شَهْرَ شَوَّالٍ مِنَ الشُّهُورِ المُرَغَّبِ فِي صِيَامِهَا ، فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَغْرِبِيُّ المَالِكِيُّ : " ذَكَرَ ابنُ عَرَفَةَ فِي الأَشْهُرِ المُرَغَّبِ فِي صِيَامِهَا شَوَّالاً ، وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلاَمِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ المَذْهَبِ ، لَكِنْ وَقَفْتُ في " جَمْعِ الجَوَامِعِ " لِلْجَلاَلِ السُّيُوطِيِّ عَلَى حَدِيثٍ ذَكَرَهُ فِيهِ ، وَنَصُّهُ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَشَوَّالاً ، وَالأَرْبِعَاءَ ، وَالخَمِيسَ ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، وَقَالَ عَقِبَهُ : أَخْرَجَهُ البَغَوِيُّ ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَبِ " عنْ عِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ ، عنْ عَرِيفٍ مِنْ عُرَفاءِ قُرَيْشٍ ، عنْ أَبِيهِ " (4) .
وَنَقَلَ المُنَاوِيُّ عَنِ الحَافِظِ العِرَاقِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ مُسْلِمٍ القُرَشِيِّ _ السَّابِقِ _ : " وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ صِيَامِ شَوَّالٍ " (5) .
وَقَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِحَدِيثِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ _ السَّابِقِ _ : " فَهَذَا نَصٌّ فِي تَفْضِيلِ صِيَامِ شَوَّالٍ عَلَى صِيَامِ الأَشْهُرِ الحُرُمِ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لأَنَّهُ يَلِي رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِهِ ، كَمَا أَنَّ شَعْبَانَ يَلِيهِ مِنْ قَبْلِهِ ، وشَعْبَانُ أَفْضَلُ ؛ لِصِيَامِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ لَهُ دُونَ شَوَّالٍ ، فَإِذَا كَانَ صِيَامُ شَوَّالٍ أَفْضَلَ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ ، فَلأَنْ يَكُونَ صَوْمُ شَعْبَانَ أَفْضَلَ بِطَرِيقِ الأَوْلَى " (6) .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ بَعْدَ سَرْدِهِ لِلأَحَادِيثِ الَّتي أَوْرَدْنَاهَا في هَذَا المَبْحَثِ : " وَصِيَامُ شَوَّالٍ كَصِيَامِ شَعْبَانَ ؛ لأَنَّ كِلاَ الشَّهْرَيْنِ حَرِيمٌ لِشَهْرِ رَمَضَانَ ، وَهُمَا يَلِيَانِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي فَضْلِ صِيَامِ شَعْبـَانَ أَنَّ الأَظْهَرَ أَنَّ صِيَامَهُمَا أَفْضَـلُ مِنْ صِيَامِ الأَشْهُرِ الحُرُمِ ، وَالاخْتِلاَفَ فِي ذَلِكَ " (7) .




المَبْحَثُ الثَّانِي
ذِكْرُ مَا جَـاءَ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَـوَّالٍ
المَطْلَبُ الأَوَّلُ
الأَحَادِيثُ الوَارِدَةُ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ
وَرَدَ الحَثُّ عَلَى صِيَـامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ طَرِيقِ عَـدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَمُرْسَلِ تَابِعِيٍّ وَاحِدٍ ، وَهَذِهِ أَحَادِيثُهُمْ مُفَصَّلَةً :
أَوَّلاً : حَدِيثُ أَبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
رَوَاهُ عُمَرُ بنُ ثَابِتِ بنِ الحَـارِثِ الخَزْرَجِيُّ ، عنْ أَبِي أيُّوبَ الأَنْصَـارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " .
وَلَهُ عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ :

الأُولَى : سَعْدُ بنُ سَعِيدِ بنِ قَيْسٍ الأنْصَارِيُّ _ أَخُـو يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، وَهُوَ صَدُوقٌ ، قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ _ عَنْهُ .
وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :

1 _ إِسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَـرِ بنِ أَبِي كَثِيرٍ _ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ عنهُ :أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ " (رقم : 1164)، وابنُ خُزَيْمَةَ في " حَدِيثِ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ عنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ جَعْفَرٍ " (رقم : 414) _ ومنْ طَرِيقِهِ : أَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِـمٍ " (3/244 _ رقم : 2653 و 2654) _ ، وَأَبُو عَوَانَـةَ فِي " المُسْتَخْرَجِ " (8) (2/168 _ رقم : 2697) ، وابنُ الأَثِيـرِ فِي " أُسْدِ الغَابةِ " (ص :1142) .
2 _ الحَسَنُ بنُ صَالِحِ بنِ صَالِحِ بنِ حَـيٍّ الهَمْدَانِيُّ الكُوفِيُّ _ ثِقَةٌ مُتْقِـنٌ حَافِظٌ _ عنهُ : أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ في " العِلَلِ " (6/108) ، والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ في " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (3/57) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ ، عنِ الحَسَنِ بنِ حَيٍّ ، عنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، عنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ نَحْوَهُ .
تَنْبيهٌ : تَحَرَّفَ اسْمُ : ( عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عنْ أَبِي أيُّوبَ ) عِنْـدَ الخَطِيبِ إِلى : ( عمرِو بنِ أبي أيُّوبَ ) .
أَقُولُ : كَذَا رَوَاهُ عَمْرُو بنُ عبدِ الغَفَّارِ _ وَهُوَ الفُقَيْمِيُّ ، مَتْرُوكُ الحَدِيثِ ، بَلِ اتُّهِمَ بِالوَضْعِ _ ، عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحِ بنِ حَـيٍّ ، عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، وخَالَفَهُ : إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ(9) _ وَهُوَ صَدُوقٌ _ ، وَوَكِيعٌ(10) _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ ، وعُبَيْدُ اللَّهِ بنُ مُوسَى(11) _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ ، وَيَحْيَى بنُ فُضَيْلٍ الكُوفِيُّ(12) _ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (9/181) وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئاً _ ، فَرَوَوْهُ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحِ بنِ حَيٍّ ، عَنْ مُحَمَّـدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ _ كَمَا رَجَّحَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (6/109) _ .
3 _ أَبُو أُسَامَةُ حَمَّـادُ بنُ أُسَامَةَ _ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ " (3/244 _ رقم :2654) .
4 _ رَوْحُ بنُ القَاسِمِ _ ثِقَةٌ حَافِظٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِـيرِ " (4/135 _ رقم : 3907) و " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (5/49 _ رقـم :
4640) و " المُعْجَمِ الصَّغِيرِ " (رقم :664) .
5 _ سُفْيَانُ بنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ _ ثِقَةٌ حَافِظٌ إِمَامٌ حُجَّةٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (6/108) ، والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (3/57) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سَعْدِ ابنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ نَحْوَهُ .
أَقُولُ : عَمْرُو بنُ عَبْدِ الغَفَّارِ _ الرَّاوِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ _ هُوَ : الفُقَيْمِيُّ ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ ، بَلِ اتَّهَمَهُ البَعْضُ بِوَضْعِ الحَدِيثِ .
6 _ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ _ ثِقَةٌ حَافِظٌ إِمَامٌ حُجَّةٌ _ عَنْهُ _ مَوْقُوفاً عَلَى أَبِي أَيُّوبَ _ : أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ فِي " المُسْنَدِ " (1/188 _ رقم :380) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ أَبِي خَيْثَمَةَ في " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (1/280) ، والطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1943) _ ، قالَ الحُمَيْدِيُّ : فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ _ أَوْ قِيلَ لَهُ _ : إِنَّهُمْ يَرْفَعُونَهُ ؟ ، قَالَ : اسْكُتْ ، قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ .
وَجَاءَ عِنْدَ ابنِ أَبِي خَيْثَمَةَ : اسْكُتْ عَنْهُ .
أَقُولُ : كَذَا رَوَاهُ ابنُ عُيَيْنَةَ مَوْقُوفاً ، ولَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، بَلِ الجَمِيعُ _ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ سَابِقاً ، وَمِمَّنْ سَنَذْكُرُهُ لاَحِقاً _ مُتَّفِقُونَ عَلَى رَفْعِهِ .
7 _ عَبْـدُ اللَّهِ بنُ المُبَارَكِ _ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " المُصَنَّفِ " (2/342 _ رقم : 9723) _ ومِنْ طَرِيقِهِ : مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ " (رقم:1164/م) ، وَالطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم: 3906) _ ، وَأَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ " (3/244 _ رقم:2654) ، الطَّبَرَانِيُّ _ أَيْضاً _ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم : 3906/م) ، وَالبَيْهَقِيُّ في " مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ " (3/450 _ رقم :2622) .
8 _ عَمْرُو بنُ الحَارِثِ بنِ يَعْقُوبَ المِصْرِيُّ _ ثِقَةٌ حَافِظٌ فَقِيهٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3908 و 3910) .
9 _ أَخُوهُ يحيى بنُ سَعِيدٍ الأنْصَارِيُّ _ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ عنهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/136 _ رقم :3912) و " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (5/171 _ رقم :4979) ، وابنُ عَدِيٍّ في " الكَامِلِ " (3/352) ، وابنُ عَسَاكِرَ في " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (52/392) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بنِ يُوسُفَ الحَضْرَمِيِّ الصَّيْرَفِيِّ ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَخِيهِ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ .
أَقُولُ : حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ هُوَ : النَّخَعِيُّ الكُوفِيُّ القَاضِي ، مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثْبَاتِ ، أَجْمَعُوا عَلَى تَوْثِيقِهِ ، وَالاحْتِجَاجِ بِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الآخِرِ سَاءَ حِفْظُهُ ، وَرَوَى لَهُ الجَمَاعَةُ ، وَقَدْ خَالَفَهُ في هَذِهِ الرِّوايةِ : إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغُ ، وعَبْدُ المَلِكِ ابنُ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ المَخْزُومِيُّ ، فَرَوَيَاهُ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، لَمْ يَذْكُرَا في إِسْنَادِهِ ( سَعْدَ بنَ سَعِيدٍ ) .
أَمَّا رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ _ نَقَلَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي " لِسَانِ المِيزَانِ " (1/391) عنِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : " سَكَتُوا عَنْهُ " ، وَقَالَ أَبُو حَاتمٍ : " هُوَ شَيْخٌ " ، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّـانَ فِي " الثِّقَاتِ (8/92) _ : فَأَخْرَجَهَا الحُمَيْدِيُّ فِي " المُسْنَدِ " (1/189 _ رقم :382) .
وَأَمَّا رِوَايَةُ عبدِ الملكِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيِّ المَخْزُومِيِّ _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ : فَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ في " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/164 _ رقم :2866) ، وَأَبُو عَوَانَةَ في " المُسْتَخْرَجِ " (2/169 _ رقم :2701) ، وَالطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/136 _ رقم :3914 و 3915) ، وَالطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1945) .
قَالَ ابنُ القَيِّمِ في " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/64) : " قِيـلَ : رِوَايَةُ عَبْدِ المَلِكِ _ وَمَنْ مَعَهُ _ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ أَرْجَحُ منْ رِوَايَةِ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ ؛ لأَنَّهُمْ أَتْقَنُ وأَكْثَرُ ، وَأَبْعَدُ عَنِ الغَلَطِ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَحْيَى سَمِعَهُ مِنْ أَخِيهِ فَرَوَاهُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ سَمِعَهُ منْ عُمَرَ ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ " .
وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بنُ محمَّدِ بنِ إسماعيلَ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ ، عَنِ البَرَاءِ(13) ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (6/108) : " وَوَهِمَ فِيهِ وَهْماً قَبِيحاً ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ " .
أَقُولُ : إِسْحَاقُ بنُ أَبِي فَرْوَةَ _ هَذَا _ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ : " كَانَ صَدُوقاً ، وَلَكِنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ ، فَرُبَّمَا لُقِّنَ ، وَكُتُبُهُ صَحِيحَةٌ " ، وَقَالَ مَرَّةً : " مُضْطَرِبٌ " ، وَقَدْ وَهَّاهُ أَبُو دَاوُدَ جِدّاً ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ : " مَتْرُوكٌ " ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وقَدْ عِيبَ عَلَى البُخَارِيِّ إِخْرَاجُ حَدِيثِهِ في " الصَّحِيحِ " ، وَقَدْ رَدَّ عَلَى ذَلِكَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " هَدْيِ السَّارِي " (ص :389) بِقَوْلِهِ : " كَأَنَّهَا مِمَّا أَخَذَهُ عَنْهُ مِنْ كِتَابِهِ قَبْلَ ذَهَابِ بَصَرِهِ " .
10 _ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ الكُوفِيُّ _ ثِقَةٌ فَقِيهٌ ، تَغَيَّرَ حِفْظُهُ قَلِيـلاً فِي الآخِرِ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/136 _ رقم :3912) و " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (5/171 _ رقم :4979) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ " (3/244 _ رقم:2654) ، والطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1944/م) .
11_ دَاوُدُ بنُ قَيْسٍ الفَرَّاءُ _ ثِقَةٌ _ عَنْهُ: أَخْرَجَهُ عبدُ الرَّزَّاقِ في " المُصَنَّفِ " (4/315 _ رقم :7918) _ ومِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو عَوَانَةَ في " المُسْتَخْرَجِ " (2/168 _ رقم : 2698) ، والطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3902) ، وابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دمشقَ " (52/392) _ .
12 _ عَبْـدُ اللَّهِ بنُ نُمَيْرٍ الهَمْدَانِيُّ الكُوفِيُّ _ ثِقَةٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَـهُ مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ " (رقم : 1164/م) ، وابنُ مَاجَهْ في " السُّنَنِ " (رقم : 1716) ، وَأَحْمَدُ في " المُسْنَدِ " (5/419 _ رقم : 23607) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : البَيْهَقِـيُّ فِي " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/348 _ رقم :3731) ، والمِزِّيُّ فِي " تَهْذِيبِ الكَمَالِ " (21/284) _ .
13 _ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ جُرْيجٍ _ ثِقَةٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ في " المُصَنَّفِ " (4/316 _ رقم :7921) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو عَوَانَةَ في " المُسْتَخْرَجِ " (2/168 _ رقم : 2699) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3902) ، وابنُ الأَعْرَابِيِّ في " المُعْجَمِ " (رقم :1408) ، وابنُ المُقْرِىءِ فِي " المُعْجَمِ " (رقم :615) _ .
14 _ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَطَاءٍ المُقَدَّمِيُّ _ ثِقَةٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَـهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3909) .
15 _ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ مُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ _ ثِقَةٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ أحمدُ في " المُسْنَـدِ " (5/417 _ رقم : 23580) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ الجَوْزِيِّ فِي " التَّحْقِيقِ فِي أَحَادِيثِ الخِلاَفِ " (2/108 _ رقم :1180) _ ، والتِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 759) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ " (3/244 _ رقم :2654) .
16 _ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ محمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ _ صَدُوقٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ في " المُسْنَدِ " (1/188 _ رقم :381) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو نُعَيْمٍ في " مَجْلِسٍ منْ أَمَالِيهِ " (رقم: 2) ، وَالبَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/348 _ رقم:3732) _ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 2433) ، والنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم : 2863) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ عَبْدِ البَرِّ فِي " الاسْتِذْكَارِ " (3/379) _ ، وَالدَّارِمِـيُّ فِي " المُسْنَـدِ " (رقم : 1754) ، وابنُ خُزَيْمَـةَ فِي " صَحِيحِهِ " (3/297 _ رقم :2114) ، وابنُ حِبَّانَ في " صَحِيحِهِ " (8/396 _ رقم :3634) ، وَالطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3911) ، والبَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/348 _ رقم:3733) ، وَالشَّاشِيُّ في " المُسْنَدِ " (رقم :1063) .
17 _ وَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ اليَشْكُرِيُّ _ صَدُوقٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (5/419 _ رقم : 23602) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3903) _ ، والنَّسَائِيُّ في " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم:2864) ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ في " المُسْنَدِ " (رقم:594) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو نُعَيْمٍ في " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم :1) ، والخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي " الجَامِعِ لأَخْلاَقِ الرَّاوِي " (2/93 _ رقم:1275) _ ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيعِيُّ فِي " جُزْءِ الأَلْفِ دِينَارٍ " (رقم :277) ، وابنُ عَـدِيٍّ في " الكَامِلِ " (3/352) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ _ أيضاً _ فِي " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم :1) ، وَالطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1941) .
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ _ أَيْضاً _ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/137 _ رقم :3916) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عِمْرَانَ الأَصْبَهَانِيِّ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ وَرْقَاءَ ، عَنْ سَعْـدِ ابنِ سَعِيدٍ ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ نَحْوَهُ .
أَقُولُ : هَكَذَا رَوَاهُ عبدُ اللَّهِ بنُ عِمْرَانَ عنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، فَزَادَ ( يَحْيَى ابنَ سَعِيدٍ ) بَيْنَ ( سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ) و ( عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ) ، مُخَالِفاً يُونُسَ بنَ حَبِيبٍ _ وَهُوَ ثِقَةٌ كَمَا قَالَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ _ رَاوِي " المُسْنَدِ " عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ عِمْرَانَ هُوَ : ابنُ أَبِي عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ الأَصْبَهَـانِيُّ ، وَهُوَ صَدُوقٌ _ كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ _ ، إِلاَّ أَنَّهُ يَرْوِي عَـنْ أَبِي دَاوُدَ غَرَائِبَ ، قَالَ أَبُـو الشَّيْـخِ الأَصْبَهَانِيُّ في " طَبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ بِأَصْبَهَانَ " (2/160) : " وَرَوَى عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَحَادِيثَ تَفَرَّدَ بِهَا مِنْ غَرَائِبِ حَدِيثِهِ " ، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ فِي " الثِّقَاتِ " وقَالَ : " يُغْرِبُ " ، وَهَذَا مِنْ غَرَائِبِهِ .
18 _ شُجَاعُ بنُ الوَلِيدِ بنِ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ ( وَهُوَ وَالِدُ أَبِي هَمَّامٍ الوَلِيدِ بنِ شُجَاعٍ ) _ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " المُسْنَدِ المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ " (3/244 _ رقم :2654) .
19 _ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عِيسَى بنُ أَبِي عِيسَـى _ صَدُوقٌ سَيِّءُ الحِفْظِ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (7/346 _ رقم : 7685) مِنْ طَرِيقِ عِصْمَةَ بنِ المُتَوَكِّلِ عَنْهُ ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ : " لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ إِلاَّ عِصْمَةُ بنُ المُتَوَكِّلِ " .
أَقُولُ : وَعِصْمَةُ بنُ المُتَوَكِّلِ _ هَذَا _ قَلِيلُ الضَّبْطِ ، كَثِيرُ الوَهْمِ .
20 _ قُرَّةُ بنُ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ حَيْوِيلَ المَعَافِرِيُّ _ صَدُوقٌ لَهُ مَنَاكِيرُ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَـةَ فِي " المُسْتَخْرَجِ " (2/168 _ رقم :2700) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3908 و3910) ، وَالطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم : 1942) ، وابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (56/207 _ 208) .
21 _ مُحَاضِرُ بنُ المُوَرِّعِ الكُوفِيُّ _ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ عبدُ ابنُ حُمَيْدٍ في " المُسْنَدِ " (رقم :228 _ منتخب) ، وَأَبُو عَوَانَةَ في " المُسْتَخْرَجِ " (2/168 _ رقم : 2696) ، والبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/292 _ رقم:8214) و " السُّنَنِ الصُّغْرَى " (3/410 _ رقم:1412) و " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/347 _ رقم :3730) و " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " (رقم :160) و " مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ " (3/449 _ رقم :2621) ، والبَغَوِيُّ في " شَرْحِ السُّنَّةِ " (6/331 _ رقم :1780) .
22 _ محمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ _ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ _ عَنْهُ :أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ في " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2862) ، وَالطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم: 3904 و 3905) ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الهَاشميُّ في " أَمَالِيهِ " ( رقم : 63) ، والشَّاشِيُّ في " المُسْنَدِ " (رقم :1062 و 1064 و 1065) ، وابنُ الشَّجَرِيِّ في " أَمَالِيهِ " (ص :265 _ بِتَرْقِيمِ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ ) .
تَنْبيهٌ : جَاءَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ : ( عَمْرُو بنُ ثَابِتٍ ) بَدَلاً مِنْ : ( عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ) ، قالَ النَّسَائِيُّ : " هَذَا خَطَأٌ ، وَالصَّوَابُ : عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ " .
وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1940) قالَ : حَدَّثَنَا محمَّدُ بن خُزَيْمَةَ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ ، عَنْ محمَّدِ ابنِ عَمْروٍ ، عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، عنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ نَحْوَهُ .
ثُمَّ أَخْرَجَهُ (رقم :1940/م) فَقَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ مَرْزُوقٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ هِلاَلٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ ، عَنْ محمَّدِ بنِ عَمْرٍو ، عَنْ عُمَرَ ابنِ ثَابِتٍ _ ولَمْ يَذْكُرْ سَعْداً _ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، بِهِ .
أَقُولُ : إِبْرَاهِيمُ بنُ مَرْزُوقٍ هُوَ : ابنُ دِينَارٍ البَصْرِيُّ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ، إِلاَّ أَنَّهُ عَمِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَكَانَ يُخْطِىءُ ، فَيُقَالُ لَهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ ، وَهُوَ _ هُنَا _ قَدْ أَخْطَأَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ ، فَأَسْقَطَ ( سَعْدَ بنَ سَعِيدٍ ) مُخَالِفاً لِغَيْرِهِ مِمَّنْ أَثْبَتَهُ .
23 _ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الزُّرَقِيُّ المَدَنِيُّ _ ضَعِيـفٌ ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3908 و 3910) ، وَسَوْفَ يَأْتِي مَزِيدُ كَلاَمٍ عَلَى رِوَايتِهِ في الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ .
24 _ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ العُمَرِيُّ _ مَتْرُوكٌ ، والاعْتِمَادُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ ، لاَ عَلَى رِوَايَتِهِ _ عَنْهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3910) .
25 _ أَبُو بَكْرِ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ محمَّدِ بنِ أَبِي سَبْرَةَ _ رَمَوْهُ بِالوَضْعِ ، والاعْتِمَـادُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ ، لاَ عَلَى رِوَايَتِـهِ _ عَنْهُ : أَخْرَجَـهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (4/315 _ رقم :7919) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3902) _ .

الثَّانِيَةُ : صَفُوَانُ بنُ سُلَيْمٍ المَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ _ ثِقَةٌ _ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ في " المُسْنَدِ " (1/188 _ رقم :381) واللَّفْظُ لهُ _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو نُعَيْمٍ في " مجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم: 2) ، وَالبَيْهَقِيُّ في " شُعَبِ الإِيمَان " (3/348 _ رقـم: 3732) ، والطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1944/م) _ ، وأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 2433) ، والنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2863) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ عَبْدِ البَرِّ فِي " الاسْتِذْكَـارِ " (3/379) _ ، وَالدَّارِمِيُّ فِي " المُسْنَدِ " (رقم :1754) ، وابنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِهِ " (3/297 _ رقم :2114) ، وابنُ حِبَّانَ في " صَحِيحِهِ " (8/396 _ رقم :3634) ، والطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم : 3911) ، وَالبَيْهَقِيُّ في" شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/348 _ رقم: 3733) ، والشَّاشِيُّ في " المُسْنَدِ " (رقم :1063) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ مُحَمَّـدٍ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، عَنْهُ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ؛ أنَّ رَسُـولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ " .
قَالَ أَبُو نُعَيْـمٍ : " عَزِيزٌ مِنْ حَـدِيثِ صَفْـوانَ ، لاَ أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْهُ إِلاَّ الدَّرَاوَرْدِيُّ " .

الثَّالِثَةُ : عُثْمَانُ بنُ عَمْرِو بن سَاجٍ القُرَشِيُّ الجَزَرِيُّ الحَرَّانِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/164 _ رقم :2867) قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُوَيْطِبِ بنِ عَبْدِ القَوِيِّ الحَرَّانِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي عُثْمَانُ _ وَهُوَ : ابنُ عَمْرٍو الحَرَّانِيُّ _ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ _ يَعْنِي : ابنَ ثَابِتٍ _ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : ... نَحْوَهُ .
أَقُولُ : هَـذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ ؛ فَعُثْمَانُ بنُ عَمْرٍو الحَرَّانِيُّ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ : " عُثْمَانُ وَالوَلِيدُ ابْنَيْ عَمْرِو بنِ سَاجٍ يُكْتَبُ حَدِيثُهُمَا ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِمَا " ، وقَالَ الأَزْدِيُّ : " يَتَكَلَّمُونَ فِي حَدِيثِهِ " ، أَمَّا ابنُ حِبَّانَ فَقَدْ ذَكَرَهُ في " الثِّقَاتِ " ، وَهَذَا الإِسْنَادُ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ عُثْمَانُ بنُ عَمْرٍو ، وخَالَفَ فِيهِ أَصْحَابَ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، وَقَدْ قالَ النَّسَائِيُّ _ عَقِبَ الحَدِيثِ _ : " هَذَا الشَّيْخُ رَأَيْتُ عِنْدَهُ كُتُباً فِي غَيْرِ هَذَا ، فَإِذَا أَحَادِيثُهُ تُشْبِهُ أَحَادِيثَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُمَيْدٍ ، فَلاَ أَدْرِي ؛ أَكَانَ سَمَاعُهُ مِنْ مُحَمَّدٍ ، أَمْ كَانَ سَمَاعُهُ مِنْ أُولَئِكَ المَشْيَخَةِ ؟ ، فَأَمَّا الشَّيْخُ فَكَانَ يُحَدِّثُنَا عَنْهُ وَلاَ يَذْكُرُ محمَّدَ بنَ أَبِي حُمَيْدٍ ، فَإِنْ كَانَ تِلْكَ الأَحَادِيثُ أَحَادِيثَهُ عَنْ أُولَئِكَ المَشْيَخَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ فَهُوَ ضَعِيفٌ _ يَعْنِي : عُثْمَانَ بنَ عَمْرٍو _ ، قَالَ : وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الحَدِيثِ " (14) .
وَمِمَّا يُؤَكِّدُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ النَّسَائِيُّ ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بنَ عَيَّاشٍ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُمَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ _ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الحَافِظُ المِزِّيُّ فِي " تُحْفَةِ الأَشْرَافِ " (3/102) _ ، ومحمَّدُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ _ هَذَا _ هُوَ : الأَنْصَارِيُّ الزُّرَقِيُّ ، لَقَبُهُ : حَمَّادٌ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ ، وَقَدِ اضْطَرَبَ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الحَدِيثِ ، فَهُوَ مَرَّةً : يَرْوِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ _ كَمَا هُوَ هُنَا _ ، وَمَرَّةً : يَرْوِيهِ عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ _ كَمَا عِنْـدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/135 _ رقم :3908 و 3910) _ .
لِذَا ؛ قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ فِي " أَطْرَافِهِ " _ كَمَا فِي " حَاشِيَةِ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/66) _ : " هَذَا خَطَأٌ ، وَالصَّوَابُ عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ " ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الحَافِظُ المِزِّيُّ فِي " تُحْفَةِ الأَشْرَافِ " (3/102) .

الرَّابِعَةُ : عَبْـدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيدِ بنِ قَيْسٍ _ أَخُـو سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيدٍ _ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2865) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : الطَّحَاوِيُّ فِي " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم : 1946) ، وَابنُ عَبْدِ البَرِّ فِي " الاسْتِذْكَارِ " (3/379) _ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْـدِ الحَكَمِ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِىءُ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ ؛ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا .
أَقُولُ : كَذَا رَوَاهُ مَوْقُوفاً ، وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَرِوَايَةُ الوَقْفِ لاَ تُعَارِضُ رِوَايَةَ الرَّفْعِ ؛ لأَنَّ الرَّاوِي قَـدْ يَنْشَطُ فَيُسْنِدُ ، وقَدْ لاَ يَنْشَطُ فَيَقِفُ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ خُولِفَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ ، فَرَوَاهُ كُلٌّ مِنْ : أَحْمَدَ بنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ _ وَهُوَ حَافِظٌ ثِقَةٌ _ ، وَعَقِيلِ بنِ يَحْيَى _ وَهُوَ ثَبْتٌ مِنَ الحُفَّاظِ كَمَا قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيُّ فِي " طَبَقَاتِ المُحَدِّثِينَ بِأَصْبَهَانَ " (2/418) _ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِىءِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعاً _ كَمَا فِي " حَاشِيَةِ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/66) _ ، قَالَ ابنُ القَيِّمِ : " ذَكَرَهُ ابنُ مَنْدَةَ ، وَهُـوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ الجَمَاعَةِ ، وَمُقَوٍّ لحَدِيثِ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ وَسَعْدِ بنِ سَعِيدٍ " .
وَخُولِفَ شُعْبَةُ فِيهِ _ أَيْضاً _ ، خَالَفَـهُ ابنُ لَهِيعَةَ ، فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَخِيهِ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ نَحْوَهُ : أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكِبِيرِ " (4/136 _ رقم :3913) .
كَذَا رَوَاهُ ابنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ ، فَرَفَعَهُ ، وَزَادَ فِي إِسْنَادِهِ : ( يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ ) ، وَلاَ اعْتِدَادَ بِمُخَالَفَتِهِ ؛ فَهُوَ قَدْ سَاءَ حِفْظُهُ بَعْدَمَا اخْتَلَطَ ، وَهُوَ لاَ يُوازِي شُعْبَةَ بنَ الحَجَّاجِ فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ .
حَاصِلُ الأَمْرِ ؛ قَدْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ فِي صِيَامِ السِّتَّةِ مِنْ شَوَّالٍ مَرْفُوعاً لِلنَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، وقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ : " حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ حَدِيثٌ حَسَـنٌ صَحِيحٌ " ، وَقَالَ البَيْهَقِيُّ : " وَهَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَـارِيِّ "(15) ، وَقَالَ ابنُ المُلَقِّنِ : " هَـذَا الحَدِيثُ صَحِيحٌ حَفِيـلٌ جَلِيلٌ "(16) ، وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ : " فالحَدِيثُ صَحِيحٌ "(17) .
وَمَدَارُ الحَدِيثِ عَلَى عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، وَرَوَاهُ عَنْهُ سَعْدُ بنُ سَعِيـدٍ الأَنْصَارِيُّ ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ البَعْضُ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ تُوبِعَ ، تَابَعَهُ صَفْوَانُ ابنُ سُلَيْمٍ المَدَنِيُّ _ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ _ ، وَهُـوَ ثِقَةٌ ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيدٍ _ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الرَّابِعَـةِ _ ، وَهُوَ ثِقَةٌ _ أَيْضاً _ ، أَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ فَهِيَ طَرِيقٌ مُنْكَرَةٌ ، لاَ يَصِحُّ الاعْتِمَادُ عَلَيْهَا .
وَقَدْ ضَعَّفَ ابنُ دِحْيـةَ الكَلْبِيُّ فِي كِتَابِهِ : " العِلْمِ المَشْهُورِ فِي فَضَائِلِ الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ " هَـذَا الحَدِيثَ ، وَقَامَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ ابنُ المُلَقِّنِ فِي " تَخْرِيجِهِ لأَحَادِيثَ المُهَذَّبِ "(18) ، وَالحَافِـظُ العَلاَئِيُّ فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ _ طُبِعَ حَدِيثـاً _ ، وَعِنْوَانُهُ : " رَفْعُ الإِشْكَالِ عَنْ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ " (19) .
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّؤُوفِ المُنَاوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " قَالَ الصَّدْرُ المُنَاوِيُّ : وَطَعَنَ فِيهِ مَنْ لاَ عِلْمَ عِنْدَهُ ، وَغَرَّهُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: ( حَسَنٌ )(20) ، وَالكَلاَمُ فِي رَاوِيهِ سَعْـدِ بنِ سَعِيدٍ ، وَاعْتَنَى العِرَاقِـيُّ بِجَمْعِ طُرُقِهِ ، فَأَسْنَدَهُ عَنْ بِضْعَـةٍ وَعِشْرِينَ رَجُـلاً ، رَوَوْهُ عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، أَكْثَرُهُمْ حُفَّاظٌ أَثْبَاتٌ " (21) .
أَقُولُ : وَمِمَّنْ جَمَعَ طُرُقَهُ _ أَيْضاً _ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ ، ذَكَرَ ذَلِكَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ(22)، وتَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ ؛ وقَالَ : " جَمَعَ فِيهِ طُرُقَ الحَدِيثِ الوَارِدِ فِي فَضْلِ إِتْبَـاعِ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَـوَّالٍ ، فَرَوَاهُ مِنْ نَيِّفٍ وَسِتِّـينَ طَرِيقاً "(23) ، وَالمُرْتَضَى الزَّبِيـدِيُّ ، وَذَكَرَ _ أَيْضاً _ أَنَّهُ أَلَّفَ فِي المَسْأَلَةِ جُزْءاً صَغِيراً (24) .
وَكَذَلِكَ الإِمَامُ ابنُ القَيِّمِ فِي " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (25) ذَكَرَ أَغْلَبَ طُرُقِهِ ، وَأَسْهَبَ فِي الكَلاَمِ عَلَيْهِ ، وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ طَعَنَ فِيهِ .
ثَانِياً : حَدِيثُ ثَوْبَانَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (5/280 _ رقم :22465) _ واللَّفْظُ لَهُ _ ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ " (2/50 _ رقم :903) مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَيَّاشٍ _ وَهُوَ صَدُوقٌ _ ، والنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/162 _ رقم:2860) ، وَالدَّارِمِيُّ فِي " المُسْنَـدِ " (رقم : 1755) ، وابنُ خُزَيْمَـةَ فِي " صَحِيحِهِ " (3/298 _ رقم : 2115) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/293 _ رقم :8216) و " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/349 _ رقم :3736) و " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " (رقم:161) ، وَالطَّحَاوِيُّ في " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم:1947) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بنِ حمزةَ _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ ، وابنُ حِبَّانَ في " صَحِيحِهِ " (8/398 _ رقم :3635) مِنْ طَرِيقِ الوَلِيدِ بنِ مُسْلِمٍ _ وَهُوَ ثِقَةٌ _ ، وَالطَّبَرَانِيُّ في " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (2/102 _ رقم:1451) و" مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ " (1/278 _ رقم :485) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ الشَّجَرِيِّ في " أَمَالِيهِ " (ص :285 _ بِتَرْقِيمِ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ ) _ مِنْ طَرِيقِ ثَوْرِ بنِ يَزِيدَ _ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ _ ، وَالنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2861) _ وَمِنْ طَرِيقِـهِ : الطَّحَاوِيُّ فِي " مُشْكِـلِ الآثَارِ " (رقم :1948) _ ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ فِي " الاسْتِذْكَارِ " (3/380) مِنْ طَرِيقِ محمَّدِ ابنِ شُعَيْبِ بنِ شَابُورَ _ وَهُوَ صَدُوقٌ _ ، وابنُ المُقْرِىءِ فِي " المُعْجَمِ " (رقم:1229) مِنْ طَرِيقِ الهَيْثَمِ بنِ حُمَيْدٍ _ وَهُوَ صَدُوقٌ _ ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ الذِّمَارِيِّ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، عَـنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ؛ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ ، فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ " .
وَأَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ في " السُّنَنِ " (رقم :1715) قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ الحَارِثِ الذِّمَارِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أَسْمَاءَ الرَّحَبِـيَّ ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلى رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ ، (مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَـةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَـا )[الأنعام : 160] " .
أَقُولُ : كَذَا رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ ، عَنْ بَقِيَّةَ ، عَنْ صَدَقةَ بنِ خَالِدٍ ، بِهِ مَرْفُوعاً ، وَخَالَفَهُ جَعْفَرُ بنُ أَحمدَ بنِ عَاصِمٍ الأَنْصَارِيُّ ، فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامِ ابنِ عَمَّارٍ ، عَنْ صَدَقَةَ بنِ خَالِدٍ _ ولَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّةَ _ ، بهِ مَوْقُوفاً عَلَى ثَوْبَانَ .
وَابنُ مَاجَهْ حَافِظٌ ، إِمَامٌ مِنَ الأَئِمَّةِ ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ الأَنْصَـارِيُّ هُوَ : أَبُو مُحَمَّدٍ البَزَّازُ الدِّمَشْقِيُّ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ، وَأَرَى أَنَّ الاضْطِرَابَ الوَاقِعُ فِي هَذَا الإِسْنَادِ رَاجِعٌ إِلَى هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ ، فَهُوَ صَدُوقٌ ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَبُرَ تَغَيَّرَ ، فَكَانَ يُلَقَّنُ فَيَتَلَقَّنُ ، وَحَدِيثُهُ القَدِيمُ أَصَحُّ .
وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ : " صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ ، فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ " .
وَعِنْدَ البَعْضِ الآخِرِ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا " .
وَعِنْدَ آخَرِينَ : " جَعَلَ اللَّهُ الحَسَنةَ بِعَشْرٍ ، فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُـرٍ ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ تَمَامُ السَّنَةِ " .
أَقُولُ : هَذَا حَدِيثٌ شَامِيٌّ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، تَفَرَّدَ بِهِ يحيى بنُ الحَارِثِ الذِّمَارِيُّ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِـيِّ ، وَقَدْ خَالَفَ سُوَيْـدُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ الدِّمَشْقِيُّ أَصْحَابَ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ _ الَّذِينَ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ _ ، فَزَادَ فِي إِسْنَـادِهِ ( أَبَا الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيَّ ) بَيْنَ ( يَحْيَى بنِ الحَارِثِ ) و ( أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ) ، أَخْرَجَ رِوَايتَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ " (2/48 _ رقم :898) ، وَسُوَيـدٌ _ هَذَا _ ضَعِيفٌ ، كانَتْ لَهُ أَحَادِيثُ يَغْلَطُ فِيهَا ، أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ ، وَغَيْرُهُ ، وهَذَا مِنْ أَغَالِيطِهِ .
وَقَدْ سَأَلَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ في " العِلَلِ " (1/244 _ رقم :716) و (1/252 _ رقم :744) أَبَاهُ عَنْ حَدِيثِ سُوَيـدٍ _ هَذَا _ ؛ فَقَالَ : " لاَ يَقُولُونَ فِي هَذَا الحَدِيثِ : أَبُو الأَشْعَثِ " ، وَقَالَ _ أَيْضاً _ : " هَذَا وَهْمٌ شَدِيـدٌ ، قَدْ سَمِعَ يَحْيَى بنُ الحَارِثِ الذِّمَارِيُّ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَبِي أَسْمَاءَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ سُوَيدٌ مَا حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ ، عَنْ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ) ، وَحَدِيثُ ثَوْبَانَ الصَّحِيحُ : يَحْيَى بنُ الحَارِثِ ، سَمِعَ أَبَا أَسْمَاءَ الرَّحَبِـيَّ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ " .
أَقُولُ : وَحَدِيثُ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ _ هَذَا _ سَيَأْتِي الكَلاَمُ عَلَيْهِ لاَحِقاً _ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى _ .
وَتَابَعَ سُوَيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ عَلَيْهِ الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ : أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/349 _ رقم :3735) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ ، عَنِ الوَلِيدِ بنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ الذِّمَارِيِّ ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ ، بِهِ .
أَقُولُ : الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ رَوَاهُ مُوَافِقاً أَصْحَابَ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ _ وقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَتَهُ فِي جُمْلَةِ مَرْوِيَّاتِهِمْ _ ، أَمَّا هَذِه الرِّوَايَةُ فَقَدْ جَاءَتْ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ ابنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ ، وَهُوَ صَدُوقٌ يُخْطِىءُ كَثِيراً ، وَهَذَا يُعَدُّ مِنْ أَخْطَائِهِ .








ثَالِثاً : حَدِيثُ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
أَخْرَجَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " العِلَلِ " (1/252 _ 253) عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ ، عَنْ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ ، عَنْ أَبِي الأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ ... " الحَدِيثَ .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ شَامِيٌّ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَأَبُو الأَشْعَثِ الصَّنْعَـانِيُّ هُوَ : شَرَاحِيلُ بنُ آدَةَ ، وَهُـوَ مِنْ صَنْعَاءِ الشَّامِ ، وَيَحْيَى بنُ الحَارِثِ هُوَ : الذِّمَارِيُّ ، وَقَدْ سَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ رَوَاهُ _ أَيْضاً _ عَنْ أَبِي أَسْمَـاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، وَقَدْ سَأَلَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ _ كَمَا فِي " العِلَلِ " (1/253 _ رقم :745) _ أَبَاهُ عَنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ الطَّاطَرِيِّ ؛ فَأَجَابَ : " يَرْوُونَهُ عَنْ يَحْيَى بنِ الحَارِثِ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ . قُلْتُ لأَبِي : أيُّهُمَا الصَّحِيحُ ؟ ، قَالَ : جَمِيعاً صَحِيحَانِ " .


رَابِعاً : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
لَهُ عَنْهُ طُرُقٌ :
الأُولَى : مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ المَكِّيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم :4) مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِـدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُـولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَقَدْ صَامَ السَّنَةَ " ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : "(مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَـةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)[الأنعام :160] " ، ثَلاَثِينَ بِثَلاَثِمِائَةٍ ، وَسِتَّةٍ بِسِتِّينَ ، فَقَدْ صَامَ السَّنَةَ _ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ _ .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : " أَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ اسْمُهُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ النُّعْمَانِ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ، مُسَلْسَلٌ بِالضُّعَفَاءِ ؛ فيُونُسُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ: العَسْقَلاَنيُّ ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتمٍ : " كَانَ قَدِمَ بَغْدَادَ ، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ ، وَلَيْسَ بِالقَوِيِّ "، وَرَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ هُوَ : أَبُو عِصَامٍ العَسْقَلاَنِيُّ ، لَيْسَ بِالقَوِيِّ ، تَغَيَّرَ حِفْظُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ لِلاعْتِبَارِ ، وَأَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ هُوَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ النُّعْمَـانِ بنِ مَعْبَدٍ الكُوفِـيُّ ، ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ ، وَقَالَ الدَّارَقُطْـنِيُّ : " مَتْرُوكٌ " ، وَقَالَ أَبُو حَاتمٍ : " صَدُوقٌ " ، أَمَّا ابنُ حِبَّانَ فَقَدْ ذَكَرَهُ في " الثِّقَاتِ " بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ ، ثُمَّ أَعَادَ ذِكْرَهُ فِي " المَجْرُوحِينَ " (3/153) بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ ، فَقَالَ : " أَبُو النُّعْمَانِ الأَنْصَارِيُّ ، شَيْخٌ يَرْوِي عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ المَنَاكِيرَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ حَدِيثِهِ ، لاَ يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَـالٍ " ، ثُمَّ أَوْرَدَ لَهُ حَدِيثاً مِنْ طَرِيقِ رَوَّادِ بنِ الجَرَّاحِ ، عَنْـهُ ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ ، وَلَيْثٌ هُوَ : ابنُ أَبِي سُلَيْمٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ _ أَيْضاً _ .
الثَّانِيَةُ : كَيْسَانُ أَبُو سَعِيدٍ المَقْبُرِيُّ المَدَنِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْـمٍ فِي " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم : 5) مِنْ طَرِيقِ حَفْصٍ أَبِي مُخَارِقٍ ، عَنْ خَـلاَّدٍ الصَّفَّارِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ _ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ _ ؛ كَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ " .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : " غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ ، لَمْ نَكْتُبْهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ خَلاَّدٍ الصَّفَّارِ ، وَهُوَ : خَلاَّدُ بنُ مُسْلِمٍ الكُوفِيُّ ، يُكْنَى : أَبَا مُسْلِمٍ ، غَرِيبُ الحَدِيثِ " .
أَقُولُ : هَـذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ جِدّاً ؛ آفَتُهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ سَعِيدِ بنِ أَبِي سَعِيـدٍ ، وَهُوَ : المَقْبُرِيُّ أَبُو عَبَّادٍ اللَّيْثِيُّ المَدَنِيُّ ، فَهُوَ مُنْكَرُ الحَدِيثِ ، مَتْرُوكٌ .
الثَّالِثَةُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ ابنُ عَدِيٍّ في " الكَامِلِ " (1/227) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الخُوزِيِّ المَكِّيِّ ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبي هُرَيْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ شَهْـرَ الصَّبْرِ صَبْراً ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " .
وَأَخْرَجَهُ ابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (36/34) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيِّ _ أَيْضاً _ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ مُسْهِرٍ ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ ، بِهِ بِلَفْظِ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَقَدْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ " ، ثُمَّ قَالَ ابنُ عَسَاكِرَ _ عَقِبَهُ _ : " كَذَا فِيهِ ، وَأَظُنُّهُ وَهْمٌ ، إِنَّمَا هُوَ : إِبْرَاهِيمُ بنُ يَزِيدَ " .
ثُمَّ أَخْرَجَهُ _ عَلَى الصَّوَابِ _ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ القُرَشِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ يَزِيدَ المَكِّيِّ ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ ، بِهِ بِلَفْظِ : " صَـوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ _
يَعْنِي : رَمَضَانَ _ ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ مِنَ العدِ(26) ؛ صَوْمُ الدَّهْرِ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ جِدّاً _ أَيْضاً _ ؛ لأَجْلِ إِبْرَاهِيمَ بنِ يَزِيدَ الخُوزِيِّ المَكِّـيِّ ، فَهُوَ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ ، أَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ فَقَدْ ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (5/319) ، وَابنُ أَبِي حَاتِمٍ في " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (5/261) ، وابنُ عَسَاكِرَ في " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (36/33) ولَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ جَرْحاً وَلاَ تَعْدِيلاً ، وذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقَاتِ " (5/82) .
الرَّابِعَةُ : مُحَرَّرُ بنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ المَدَنِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ ابنُ عَسَاكِرَ في " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (57/73) مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ أحمدَ بنِ جَعْفَرٍ القَطِيعِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُونُسَ القُرَشِيِّ ، عَنْ حَجَّاجِ بنِ نُصَيْرٍ ، عَنْ هَمَّامِ ابنِ يَحْيَى ، عَنِ المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ ، عَنِ المُحَرَّرِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَـانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " .
أَقُولُ : وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ جِدّاً ؛ لِعِدَّةِ أُمُورٍ :
الأَوَّلُ : مُحَمَّدُ بنُ يُونُسَ القُرَشِيُّ هُوَ : أَبُو العَبَّاسِ الكُدَيْمِيُّ ، اتُّهِمَ بِوَضْعِ الحَدِيثِ وسَرِقَتِهِ ، وَادَّعَى رُؤْيَةَ قَوْمٍ لَمْ يَرَهُمْ ، وَكَانَ البَعْضُ يُطْلُقُ فِيهِ الكَذِبَ .
الثَّانِي : حَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ هُوَ : الفَسَاطِيطِيُّ القَيْسِيُّ ، ضَعِيفٌ ، كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ .
الثَّالِثُ : المُثَنَّى بنُ الصَّبَّاحِ هُوَ : اليَمَانِيُّ الأَبْنَاوِيُّ ، ضَعِيفٌ ، اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ .
الرَّابِعُ : مُحَرَّرُ بنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ذَكَرَهُ ابنُ سَعْدٍ فِي " الطَّبَقَاتِ " (5/254) وقَالَ : " وَكَانَ قَلِيلَ الحَدِيثِ " ، وَذَكَرَهُ البُخَـارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الكَبِيرِ " (8/22) ، وَابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (8/408) وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ شَيْئاً، وذَكَرهُ ابنُ حِبَّانَ فِي " الثِّقَاتِ " ، وقَالَ فِيـهِ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " : " مَقْبُولٌ " .
وَقَدْ تُوبِعَ هَمَّامُ بنُ يَحْيَى عَلَيْهِ ، تَابَعَهُ حَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ : أَخْرَجَهُ ابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (36/34 _ 35) مِنْ طَرِيقِ أَبِي العَبَّاسِ البِرْتِيِّ أَحْمَدَ ابنِ مُحَمَّدٍ القَاضِي ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا ابنُ صَبَّاحٍ وقَالَ لِجُلَسَائِهِ : الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ رَهْطِ أَبِي هُرَيْرَةَ _ فَعَرَفَهُ القَوْمُ _ حَدَّثَنَـا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَنَعَ لَهُمْ طَعَامـاً يَوْمَ الفِطْرِ _ وَهُمْ بِدِمَشْقَ _ ، ثُمَّ دَعَا بِهِمْ ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
أَقُولُ : أَبُو العَبَّاسِ البِرْتِيُّ ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ ثِقَتَانِ ، وَقَدْ تَأَكَّدَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ اضْطِرَابُ المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ ، وَسُـوءُ حِفْظِهِ ؛ بِسَبَبِ اخْتِلاَطِهِ ، فَقَدْ أَسْقَطَ فِي الرِّوَايَةِ الأُولَى الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ مِنْ رَهِطِ أَبِي هُرَيْرَةَ _ وَهُوَ مَجْهُولٌ ، لاَ يُدْرَى حَالُهُ _ ، فَمَا زَالَ الإِسْنَادُ مَعْلُولاً .
الخَامِسَةُ : ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ المَدَنِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانةَ في " المُسْتَخْرَجِ " (2/169 _ رقم :2702) قَالَ : حَدَّثَنَـا الصَّوْمَعِيُّ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ " .
أَقُولُ : هَذَا مُنْكَرٌ ؛ لأَجْلِ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ : التَّمِيمِيُّ العَنْبَرِيُّ ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ ، إِلاَّ أَنَّ رِوَايَاتِ أَهْلِ الشَّامِ عَنْهُ مُنْكَرَةٌ ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هُنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ _ وَهُوَ : عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ أَبُو حَفْصٍ الدِّمَشْقِيُّ _ ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بنُ الأَثْرَمِ : " سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ _ يَعْنِي : أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ _ وَذَكَرَ رِوَايَةَ الشَّامِيِّينَ عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ ؛ قَالَ : يَرْوُونَ عَنْهُ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ هَؤُلاَءِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : تَرَى هَذَا زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَرْوِي(27) عَنْهُ أَصْحَابُنَا ؟ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا رِوَايَةُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ فَمُسْتَقِيمَةٌ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ ، وَأَبُو عَامِرٍ ، أَحَادِيثُ مُسْتَقِيمَةٌ صِحَاحٌ ، وأمَّا أَحَادِيثُ أَبِي حَفْصٍ _ ذَاكَ التِّنِّيسِيُّ _ عَنْهُ فَتِلْكَ بَوَاطِيلُ مَوْضُوعَةٌ ، أَوْ نَحْو هَذَا ، فَأَمَّا بَوَاطِيلُ فَقَدْ قَالَهُ " .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : " مَحَلُّهُ الصِّدْقُ ، وَفِي حِفْظِهِ سُوءٌ ، وكَانَ حَدِيثُهُ بِالشَّـامِ أَنْكَرَ مِنْ حَدِيثِهِ بِالعِرَاقِ ؛ لِسُوءِ حِفْظِهِ ، وَكَانَ مِنْ أهلِ خُرَاسَانَ ، سَكَنَ المَدِينَةَ ، وَقَدِمَ الشَّامَ ، فَمَا حَدَّثَ مِنْ كُتُبِـهِ فَهُوَ صَالِحٌ ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ فَفِيهِ أَغَالِيطُ " ، وقَالَ البُخَارِيُّ : " مَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الشَّامِ فَإِنَّهُ مَنَاكِيرُ ، وَمَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ البَصْرةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ " ، وقَالَ النَّسَائِيُّ : " لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَعِنْـدَ عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ مَنَاكِيرُ " .
وَالصَّوْمَعِيُّ _ شَيْخُ أَبِي عَوَانَةَ _ هُوَ : محمَّدُ بنُ أَبِي خَالِدٍ ، أَبُو بَكْرٍ الطَّبَرِيُّ ، ذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ فِي " الثِّقَاتِ " وَقَالَ : " يُغْرِبُ " ، وَهَذَا مِنْ غَرَائِبِهِ .
وَتَابَعَ عَمْرَو بنَ أَبِي سَلَمَةَ عَلَيْهِ سُوَيدُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ _ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، مِنْ أَهْـلِ الشَّامِ أَيْضاً _ : ذَكَرَ رِوَايَتَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (10/165) .
وَخَالفَهُمَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَمْرٍو البَصْرِيُّ _ وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ _ ، فَرَوَاهُ عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ العَلاَءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، نَحْوَهُ : أَخْرَجَهُ البَزَّارُ فِي " مُسْنَدِهِ " (1/495 _ رقم :1060 ، كَشْفُ الأَسْتَارِ) قَالَ : حَدَّثَنَـا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، بِهِ .
وَقَدْ أَشَارَ أَبُو حَاتِمٍ _ كَمَا فِي " العِلَلِ " (1/344 _ رقم :713) _ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ _ هَـذِهِ _ عِنْدَمَا سَأَلَهُ ابْنُهُ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ فَقَالَ : " البَصْرِيُّونَ يَرْوُونَ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ زُهَيْرٍ ، عَنِ العَلاَءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ ؛ وَهُوَ المَحْفُوظُ عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمِّدٍ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ العِرَاقِ عَنْهُ ، وَالعَلاَءُ هُوَ : ابنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَعْقُوبَ الحُرَقِيُّ المَدَنِيُّ ، مُخْتَلَفٌ فيهِ ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَقْوَى مَا يَكُونُ ، لَكِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَقَدْ يَنْفَرِدُ بِبَعْضِ الأَحَادِيثِ الَّتِي لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا ، وَالإِمُامُ مُسْلِمٌ احْتَجَّ بِهِ في " صَحِيحِهِ " وَخَرَّجَ لَهُ ، ولَهُ نُسَخٌ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ _ كَمَا قَالَ ابنُ عَدِيٍّ _ .
وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ البَزَّارُ _ أَيْضاً _ فِي " المُسْنَدِ " (1/496 _ رقم :1061 ، كَشْفُ الأَسْتَارِ) قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مِسْكِينٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، حَدَّثَنَـا سُهَيْلٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، بِنَحْوِهِ .
أَقُولُ : الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ عَمْراً _ هَذَا _ هُوَ : عَمْرُو بنُ الرَّبِيعِ بنِ طَارِقٍ الكُوفِيُّ ، ثُمَّ المِصْرِيُّ ، وَهُوَ ثِقَةٌ ، لَكِنْ عِنْدَ البَحْثِ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو بنِ الرَّبِيعِ لَمْ أَجِدْ سُهَيْلَ بنَ أَبِي صَالِحٍ ضِمْنَ شُيُوخِهِ ، وَكَذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ لَمْ أَجِدْ ضِمْنَ تَلاَمِذَتِهِ مَنْ يُسَمَّى : عَمْراً ، أَمَّا مُحَمَّدُ بنُ مِسْكِينٍ _ شَيْخُ البَزَّارِ _ فَهُوَ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ ، وَفِي القَلْبِ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ شَيْءٌ ، فَأَنَا مُتَوَقِّفٌ فِي الحُكْمِ عَلَيْهَا حَتَّى يَتَّضِحَ لِي الأَمْرُ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهَا .
السَّادِسَةُ : مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (7/315 _ رقم :7607) قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَـاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ شَاذَانَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ الصَّلْتِ ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ [ ابنِ ] ثَوْبَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ مُتَتَابِعَةً ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ ؛ فَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى تَرْجَمَةٍ ، وَأَبُوهُ إِسْحَـاقُ بنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ : ابنُ عَبْدِ اللَّهِ بنُ عُمَرَ بنِ زَيْدٍ النَّهْشَلِيُّ ، أَبُو بَكْرٍ ، الفَارِسِيُّ ، المَعْرُوفُ بِـ : شَـاذَانَ ، قَالَ عَنْهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ في " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (2/211) : " صَدُوقٌ " ، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقَاتِ " (8/120) ، لَكِنَّ الحَافِظَ ابنَ حَجَرٍ أَوْرَدَهُ فِي " لِسَانِ المِيزَانِ " (1/347) وَقَالَ عَنْهُ : " لَهُ مَنَاكِيرُ وَغَرَائِبُ ، مَعَ أَنَّ ابنَ حِبَّانَ ذَكَرَهُ فِي الثِّقَاتِ ، ... ، وَقَدْ جَمَعَ ابنُ مَنْدَةَ غَرَائِبَهُ ، وَوَقَعَتْ لَنَا مِنْ طَرِيقِهِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابنُ أَبي حَاتِمٍ فَنَسَبَهُ : إِسْحَاقَ ابنَ إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ بنِ زَيْدٍ النَّهْشَلِيَّ ، وَقَالَ : هُوَ صَدُوقٌ " .
وَأَمَّا شَيْخُهُ سَعْدُ بنُ الصَّلْتِ فَهُوَ : ابنُ بُرْدِ بنِ أَسْلَمَ ، أَبُو الصَّلْتِ ، الكُوفِيُّ ، الفَقِيهُ ، قَاضِي شِيرَازَ ، مَوْلَى جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ ، ذَكَرَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ " (4/86) وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئاً ، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقَاتِ " (6/378) وقَالَ : " رُبَّمَا أَغْرَبَ " ، وَقَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ فِي " السِّيَرِ " (9/318) : " هُوَ صَالِحُ الحَدِيثِ ، وَمَا عَلِمْتُ لأَحَدٍ فِيهِ جَرْحاً " ، وَقَالَ فِي " تَارِيخِ الإِسْلاَمِ " (ص :1460) : " مَا رَأَيْتُ لأَحَدٍ فِيهِ جَرْحاً ، فَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ " ، ولَمْ يَعْرِفْهُ ابنُ الجَوْزِيِّ فِي " العِلَلِ المُتَنَاهِيَةِ " (2/726 _ عَقِبَ الحَدِيثِ رقم:1209) فَقَالَ عَنْهُ : " مَجْهُولٌ " ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ السَّنَدِ ثِقَاتٌ .
وَقَـدْ أَشَارَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ إِلَى ضَعْفِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِقَوْلِهِ فِي " التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ " (2/67 _ رقم :1514) : " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي ( الأَوْسَطِ ) بِإِسْنَـادٍ فِيهِ نَظَـرٌ " .
تَنْبيهٌ : جَـاءَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ : ( عَنْ يَزِيدَ بنِ خُصَيْفَةَ ، عَنْ ثَوْبَـانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ) ، فَقُمْتُ بِزِيَادَةِ : ( ابنِ ) بَيْنَ مَعْقُوفَيْنِ قَبْلَ ( ثَوْبَانَ ) ، وَهُوَ : مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ ؛ لأَنَّهُ لاَ يُعْرَفُ فِي شُيُوخِ يَزِيدَ بنِ خُصَيْفَةَ مَنْ يُسَمَّى بِـ : ثَوْبَانَ ، فَتَرَجَّحَ لَدَيَّ أَنَّهُ : ابنُ ثَوْبَانَ ، فَهُوَ إِسْنَادٌ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ ، مَبْثُوثٌ فِي كُتُبِ الحَدِيثِ .
السَّابِعَةُ : أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ ، عَنْهُ مَوْقُوفاً :
ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (10/165) فَقَالَ : " وَرُوِيَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ أَبي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ، مَوْقُوفاً ، وَلاَ يَثْبُتُ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ " .

حَاصِلُ الأَمْرِ ؛ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ أَيُّ طَرِيقٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ ، إِلاَّ الطَّرِيقَ الَّتِي أَخْرَجَهَـا البَزَّارُ فِي " مُسْنَدِهِ " عَنْ أَبِي عَامِرٍ العَقَدِيِّ ، عَنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ العَلاَءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ، مَرْفُوعاً ، فَهِيَ أَجْوَدُ هَـذِهِ الطُّرُقِ ، وَكَأَنَّهَا هِـيَ الَّتِي عَنَاهَـا الحَافِظُ المُنْـذِرِيُّ بِقَوْلِهِ فِي " التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ " (2/67 _ رقم :1514) : " رَوَاهُ البَزَّارُ ، وأَحَدُ طُرُقِهِ _ عِنْدَهُ _ صَحِيـحٌ " ، وَكَذَلِكَ الهَيْثَمِيُّ بِقَوْلِهِ فِي " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " (3/425 _ رقم :5099) : " رَوَاهُ البَزَّارُ ، وَلَهُ طُرُقٌ رِجَالُ بَعْضِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ " .


خَامِساً : حَدِيثُ جَابِرِ بنِِ عَبْدِ اللَّهِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
لَهُ عَنْهُ طَرِيقَانِ :

الأُولَى : أَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بنُ جَابِرٍ الحَضْرَمِيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (3/308 _ رقم :14341 و 14342 ) و (3/324 _ رقم :14517) و (3/344 _ رقم :14752) _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي " المُسْنَدِ " (1/420 _ رقم :334 ، بُغْيَةُ البَاحِثِ) ، وَعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ فِي " المُسْنَدِ " (رقم :116_ المُنْتَخَبُ) ، وَالبَزَّارُ فِي " المُسْنَدِ " (1/496 _ رقم :1062 ، كَشْفُ الأَسْتَارِ) ، وابنُ عَدِيٍّ فِي " الكَامِلِ " (5/113) ، وَالعُقَيْلِيُّ فِي " الضُّعَفَاءِ " (3/263) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (3/293 _ رقم :3192) و (9/13 _ رقم :8979) ، وَالطَّحَاوِيُّ فِي " مُشْكِلِ الآثَارِ " (رقم :1949) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم : 3) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/292 _ رقم :8215) و " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/348 _ رقم :3734) ، وَابنُ الشَّجَرِيِّ فِي " أَمَالِيهِ " (ص :285 _ بِتَرْقِيمِ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ) مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ الحَضْرَمِيِّ ؛ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ يَقُولُ : " مَنْ صَامَ رَمَضَـانَ ، وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا " .
وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ _ فِي المَوْضِعِ الرَّابِعِ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَسِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا " .
وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ " .
قَالَ البَزَّارُ : " تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرٌو " .
أَقُولُ : هَذَا مُنْكَرٌ ؛ مَدَارُهُ عَلَى عَمْرِو بنِ جَابِرٍ الحَضْرَمِيِّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، بَلْ رَمَاهُ البَعْضُ بِالكَذِبِ ، رَوَى عَنْ جابرٍ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ _ كَمَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ ابنُ حَنْبَلٍ _ ، وَهُوَ شِيعِيٌّ _ أَيْضاً _ ، كَانَ يَدَّعِي أَنَّ عَلِيّاً _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ فِي السَّحَابِ .
وَقَدْ رَوَاهُ قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ _ كَمَا فِي " العِلَلِ " (1/262 _ رقم :775) لابنِ أَبِي حَاتِمٍ _ ، عَنْ بَكْرِ بنِ مُضَرَ ، عَنْ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ _ مَوْقُوفاً _ ، وَرَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ المَرْفُوعَ ؛ فَقَالَ : " المَرْفُوعُ صَحِيحٌ " .

الثَّانِيَةُ : مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ المَكِّيُّ ، عَنْهُ :
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (5/50 _ رقم :4642) قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَبِيبٍ القُرَشِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا بَكَّارُ بنُ الوَلِيدِ الضَّبِِّيُّ ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ المَازِنِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، فَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا " .
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : " لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ إِلاَّ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ المَازِنِيُّ ، تَفَرَّدَ بِهِ بَكَّارُ بنُ الوَلِيدِ الضَّبِِّيُّ أَبُو العَبَّاسِ بنُ بَكَّارٍ " .
أَقُولُ : بَاطِلٌ _ بِهَذَا الإِسْنَادِ _ ؛ آفَتُهُ يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ المَازِنِيٌّ ، وَهُوَ : الفَارِسِيُّ الإِصْطَخْرِيُّ قَاضِي شِيرَازَ، قَالَ عَنْهُ ابنُ عَدِيٍّ في " الكَامِلِ " (7/193) : " رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ بِالبَوَاطِيلِ ، ... ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيدٍ لَيْسَ مِنَ المَعْرُوفِينَ " ، وَبَكَّارُ بنُ الوَلِيدِ _ الرَّاوِي عَنْهُ _ لَمْ أَعْثُرْ لَهُ عَلَى تَرْجَمَةٍ .

سَادِساً : حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا _
أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (8/275 _ رقم : 8622) قَالَ : حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحِمْصِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابنِ عُمَرَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ " .
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : " لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ إِلاَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحِمْصِيُّ ، تَفَرَّدَ بِهِ مَسْلَمَةُ بنُ عَلِيٍّ " .
أَقُولُ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدّاً مُنْكَرٌ ؛ لأَجْلِ مَسْلَمَةَ بنِ عَلِيٍّ ، وَهُوَ : الخُشَنِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ ، مَتْرُوكٌ ، وَشَيْخُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحِمْصِيُّ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي مَنْ هُوَ ، وَكَأَنَّ مَسْلَمَةَ عَدَلَ عَنِ اسْمِهِ إِلَى كُنْيَتِهِ تَعْمِيَةً لِحَالِهِ .

سَابِعاً : حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا _
تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ مَقْرُوناً مَعَ حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَـةِ ، وذَكَرْنَا أَنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لاَ يَثْبُتُ .

ثَامِناً : حَدِيثُ غَنَّامٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَخْرَجَـهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ " (رقم :5074) ، وابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (43/484 _ 485) مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ ابنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ المُؤَذِّنُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنَّامٍ(28) ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ سِتّاً بَعْـدَ يَوْمِ الفِطْرِ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ _ أَوْ قَالَ : السَّنَةَ _ " .
وَأَخْرَجَهُ ابنُ مَنْـدَةَ _ كَمَا فِي " أُسْدِ الغَابَةِ " لابنِ الأَثِيرِ (ص :891) ، و " الإِصَابَةِ " لابنِ حَجَرٍ (5/327) _ مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بنِ إِسْمَاعِيلَ ، بِهِ .
وَأَخْرَجَهُ عَلِيُّ بنُ سَعِيدٍ العَسْكَرِيُّ _ كَمَا فِي " أُسْدِ الغَابةِ " (ص :877) ، وَ " الإِصَابَةِ " (5/311) _ مِـنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ المُؤَذِّنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَنَانٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِهِ مِثْلَهُ .
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ : " كَذَا قَالَ ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، وَإنَّمَا هُوَ غَنَّامٌ _ بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ ، وَتَشْدِيدِ النُّونِ ، وَآخِرَهُ مِيمٌ _ " .
أَقُولُ : هَـذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ؛ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ ذَكَرْنَا _ سَابِقاً _ أَنَّهُ كَبِرَ وَتَغَيَّرَ ، فَكَانُ يُلَقَّنُ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ ، وَحَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيلَ هُوَ : أَبُو إِسْمَاعِيلَ الكُوفِيُّ ، ثُمَّ المَدَنِيُّ ، وَهُوَ: صَدُوقٌ يَهِمُ ، وَكِتَابُهُ صَحِيحٌ ، وَإِسْمَاعِيلُ المُؤَذِّنُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لاَ تُعْرَفُ حَالُهُمَا ، لِذَا ؛ لاَ تَصِحُّ صُحْبَةُ غَنَّامٍ اعْتِمَاداً عَلَى هَذَا السَّنَدِ .
تَاسِعاً : حَدِيثُ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
أَخْرَجَهُ ابنُ حِبَّانَ فِي " المَجْرُوحِينَ " (3/129) قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ إِبْرَاهِيمَ ؛ قَالَ : أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَاصِمٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ شَبِيبٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ " .
أَقُولُ : بَاطِلٌ _ بِهَذَا الإِسْنَادِ _ ؛ آفَتُهُ يَحْيَى بنُ شَبِيبٍ وَهُوَ : اليَمَامِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابنُ حِبَّانَ : " يَرْوِي عَنِ الثَّوْرِيِّ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ قَطُّ ، لاَ يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ " ، وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ فِي " الضُّعَفَـاءِ " (رقم :278) : " رَوَى عَنِ الثَّوْرِيِّ المَوْضُوعَاتِ " ، وقَالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ في " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (14/206) : " رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ السَّرِيِّ بنِ سَهْـلٍ الدُّورِيُّ ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَتْـحِ العَسْكَرِيُّ ، وَغَيْرُهُمَا أَحَادِيثَ بَاطِلَةً " .

عَاشِراً : حَدِيثُ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _
أَخْرَجَهُ أَبُو محمَّدٍ الحَسَنُ بنُ محمَّدٍ الخَلاَّلُ في " المجَالِسِ العَشَرَةِ " (رقم :61) ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ _ كَمَا فِي " حَاشِيَةِ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/63) _ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعْدُ بنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ ، عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ ؛ فَكَأنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ " .
وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (6/108) فَقَالَ : " وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بنُ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ ، عَنِ البَرَاءِ . وَوَهِمَ فِيهِ وَهْماً قَبِيحاً ، وَالصَّوَابُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ " .
أَقُولُ : كَذَا جَاءَ عِنْدهُ : ( يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ ) بَدَلاً مِنْ : ( سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ) ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي فَرْوَةَ هُوَ: إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ ، نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ : " كَانَ صَدُوقاً ، وَلَكِنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ ، فَرُبَّمَا لُقِّنَ ، وَكُتُبُهُ صَحِيحَةٌ " ، وَقَالَ مَرَّةً : " مُضْطَرِبٌ " ، وَقَدْ وَهَّاهُ أَبُو دَاوُدَ جِدّاً ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ : " مَتْرُوكٌ " ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَقَدْ عِيبَ عَلَى البُخَارِيِّ إِخْرَاجُ حَدِيثِهِ فِي " الصَّحِيحِ " ، وَقَدْ رَدَّ عَلَى ذَلِكَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي " هَدْيِ السَّارِي " (ص :389) بِقَوْلِهِ : " كَأَنَّهَا مِمَّا أَخَـذَهُ عَنْهُ مِنْ كِتَابِهِ قَبْلَ ذَهَابِ بَصَرِهِ " ، وَهَذَا الحَدِيثُ يُعَدُّ مِنْ أَوْهَامِهِ _ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْـنِيُّ _ ، فَلاَ تَصِحُّ نِسْبَتُهُ لِلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، لِذَا ؛ قَالَ ابنُ القَيِّمِ في " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبي دَاوُدَ " (7/63) : " وهَـذَا غَرِيبٌ ، لَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ رُوَاتِهِ ( عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ ) بـ : ( عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ ) ، وَتَأَكَّدَ الوَهْـمُ ، فَجَعَلَهُ عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ ؛ لِكَثْرَةِ رِوَايَةِ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ عَنْهُ " .


حَادِي عَشَرَ : حَدِيثُ عَرِيفٍ مِنْ عُرَفَاءِ قُرَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ
هِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ خَالَفَ فِيهَا أَحَدُ الرُّوَاةِ _ وَهُوَ : غَسَّانُ بنُ الرَّبِيعِ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ _ أَصْحَابَ ثَابِتِ بنِ يَزِيدَ ، فَرَوَاهَا عَنْهُ ، عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ ، عنْ عَرِيفٍ مِنْ عُرَفَاءِ قُرَيْشٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ، وَالأَرْبِعَاءَ ، وَالخَمِيسَ ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ " .
وَاللَّفْظُ الصَّحِيحُ هُوَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَـانَ ، وَشَـوَّالاً ، وَالأَرْبِعَاءَ ، والخَمِيسَ ؛ دَخَلَ الجَنَّةَ " .
وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ الكَلاَمَ عَلَيْهَا فِي المَبْحَثِ الأَوَّلِ ، وَإِنَّمَا أَعَدْتُهَا هُنَا حَتَّى لاَ تُسْتَدْرَكَ عَلَيَّ .


ثَانِي عَشَرَ : مُرْسَلُ طَاوُسِ بنِ كَيْسَانَ اليَمَانِيِّ
أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (4/315 _ رقم :7920) عَنْ زَمْعَةَ ، عَنِ ابنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُـولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ؛ كُتِبَ لَهُ صِيَامُ سَنَةٍ " .
أَقُولُ : هَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِسَبَبَيْنِ :
الأَوَّلُ : زَمْعَةُ _ شَيْخُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ _ هُوَ : ابنُ صَالِحٍ الجَنَدِيُّ اليَمَانِيُّ ، ضَعِيفٌ .
الثَّانِي : الإِرْسَالُ .

خُلاَصَةُ الخُلاَصَةِ ؛ أَحَادِيثُ صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا إِلاَّ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، وَثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةِ _ فِي إِحْدَي طُرُقِهِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَقَدْ أَخْطَأَ السُّيُوطِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ حِينَ عَدَّ هَذَا الحَدِيثَ مِنَ الأَحَادِيثِ المُتَواتِرَةِ(29) ، وتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الكَتَّانِيُّ (30) .




المَطْلَبُ الثَّانِي
شَرْحُ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَـوَّالٍ ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " .

قَوْلُهُ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ) كَذَا جَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ ، وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (رقم :7918 و7921) : ( مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ ) بِالإِضَافَةِ ، وَفِي هَذَا دِلاَلةٌ عَلَى جَوَازِ الأَمْرَينِ ، خِلاَفاً لِمَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ : رَمَضَـانُ ، مِنْ غَيرِ إِضَافتِهِ إِلَى شَهْرٍ ، مُسْتَشْهِداً عَلَى ذَلِكَ بِالأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، وَلاَ يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ(31) ، وَقَدْ تَرْجَمَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ "(32) بَاباً قَالَ فِيهِ : " بَابٌ : هَلْ يُقَالُ : رَمَضَانُ ، أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعاً " ، ثُمَّ احْتَجَّ لِجَوَازِ ذَلِكَ بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ ، وَقَـدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ لِذَلِكَ _ أَيْضاً _ فِي " السُّنَنِ الصُّغْرَى " (33) ، وَ " السُّنَـنِ الكُبْرَى " (34) فَقَالَ : " بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُقَالَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ : رَمَضَانُ " .
وقَـالَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَرَخَّصَ فِيهِ ابنُ عَبَّاسٍ ، وَزَيْـدُ ابنُ ثَابِتٍ " (35) .
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَالصَّحِيحُ جَـوَازُ إِطْلاقِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ ، كَمَـا ثَبَتَ فِي الصِّحَـاحِ وَغَيْرِهَا ، ... " ثُمَّ ذَكَرَ عَدَداً مِنَ الأَحَادِيثِ الدَّالَّـةِ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : " وَالآثَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، كُلُّهَا بِإِسْقَاطِ شَهْـرٍ ، وَرُبَّمَا أَسْقَطَتِ العَرَبُ ذِكْرَ الشَّهْرِ مِنْ رَمَضَانَ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
جَارِيَةٌ فِي دِرْعِهَا الفَضْفَاضِ أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاضِ
جَارِيَةٌ فِي رَمَضَانَ المَاضِـي تَقْطَعُ الحَدِيثَ بِالإِيمَاضِ " (36) .
وَقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَالصَّـوَابُ _ وَاللَّهُ أَعْلَمُ _ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ العُلَمَاءِ المُحَقِّقِينَ ؛ أَنَّهُ لاَ كَرَاهَـةَ مُطْلَقاً كَيْفَمَا قَالَ ؛ لأَنَّ الكَرَاهَةَ لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ بِالشَّرْعِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي كَرَاهَتِهِ شَيْءٌ ، بَلْ ثَبَتَ فِي الأَحَادِيثِ جَوَازُ ذَلِكَ ، وَالأَحَادِيثُ فِيهِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ ، وَلَوْ تَفَرَّغْتُ لِجَمْعِ ذَلِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَبْلُغَ أَحَادِيثُهُ مِئِينَ ، لَكِنَّ الغَرَضَ يَحْصُلُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ " (37) .
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَقَـدْ يُتَمَسَّكُ لِلتَّقْيِيدِ بِالشَّهـرِ بِوُرُودِ القُرْآنِ بِهِ حَيْثُ قَالَ : ( شَهْرُ رَمَضَانَ ) [البقرة : 185] ، مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ لَفْظِ شَهْرٍ مِنَ الأَحَادِيثِ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَدَمِ جَزْمِ المُصَنِّفِ _ يَعْنِي : البُخَارِيَّ _ بِالحُكْمِ ، وَنُقِلَ عَنْ أَصْحَـابِ مَالِكٍ الكَرَاهِيَةُ ، وَعَنِ ابنِ البَاقِلاَّنِيِّ _ مِنْهُمْ _ ، وَكَثِيرٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ : إِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الشَّهرِ فَلاَ يُكْرَهُ ، وَالجُمْهُورُ عَلَى الجَوَازِ " (38) .
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " قَالَ النُّحَاةُ : وَشَهْرُ رَمَضَانَ أَفْصَحُ مِنْ تَرْكَ الشَّهْرِ " (39) .
وَ ( الشَّهْرُ ) فِيمَا قِيلَ أَصْلُهُ مِنَ الشُّهْرَةِ ، يُقَالُ مِنْهُ : قَدْ شَهَرَ فُلاَنٌ سَيْفَهُ _ إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ غِمْدِهِ فَاعْتَرَضَ بِهِ مَنْ أَرَادَ ضَرْبَهُ _ يَشْهَرُهُ شَهْراً ، وَكَذَلِكَ شَهُـرَ الشَّهْرُ : إِذَا طَلَعَ هِلاَلُهُ ، وَأَشْهَرْنَا نَحْنُ : إِذَا دَخَلْنَا فِي الشَّهْرِ ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ (40) .
وَ ( رَمَضَانُ ) اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِـهِ بِذَلِكَ ؛ فَقِيلَ : لأَنَّهُ تَرْمَضُ فِيهِ الذُّنُوبُ ، أَيْ : تُحْرَقُ ؛ لأَنَّ الرَّمْضَاءَ شِدَّةُ الحَرِّ ، وَقِيلَ : وَافَقَ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ زَمَناً حَارّاً (41)، قَالَ الطَّبَرِيُّ : " إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ المَعْرِفَةِ بِلُغَةِ العَرَبِ كَانَ يُزْعُمُ أَنَّهُ سُمَّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ الحَرِّ الَّذِي كَانَ يَكُونُ فِيهِ ، حَتَّى تَرْمَضَ فِيهِ الفِصَالُ(42) "(43) ، وَقَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " رَمَضَانُ مِنْ شِدَّةِ الرَّمْضَاءِ ، وَهُوَ الحَرُّ ، يُقَالُ : رَمِضَتِ الفِصَالُ ؛ إِذَا عَطِشَتْ "(44) ، وَكَذَا قَالَ السُّيُوطِيُّ(45)، وَجَمْعُهُ : رَمَضَانَاتٌ ، وَأَرْمِضَةٌ ، وَأَرْمِضَاءُ ، وَرَمَاضِينُ .
وَمَعْنَى : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ) _ بِنَصْبِهِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ _ أَيْ : فِي رَمَضَـانَ ، يَعْنِي : صَامَ أَيَّامَهُ كُلَّهَـا ؛ لأَنَّهُ لاَ يُقَالُ فِي العُرْفِ : صَامَ رَمَضَـانَ ؛ إِلاَّ إِذَا صَامَ
كُلَّهُ ، وَالسِّيَاقُ ظَاهِرٌ فِيهِ .
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَتْبَعَهُ ) كَذَا جَـاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ لَفْظُ الأَكْثَرِ ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ : ( وَأَتْبَعَهُ )، وَجَاءَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (رقم : 2866) : (وَصَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ ) ، وَجَاءَ عِنْدَ ابنِ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (56/207 _ 208) : ( وَزَادَ سِتَّةَ أَيَّامٍ ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ بِالمَعْنَى .
قَوْلُهُ : ( سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ) كَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَجَاءَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ : ( بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ) ، قَالَ الإِمَامُ النَّـوَوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي " شَرْحِ مُسْلِـمٍ " (8/56) عَنْ هَذَا اللَّفْظِ : " صَحِيحٌ ، وَلَوْ قَالَ : ( سِتَّةٌ ) بِالهَاءِ جَازَ أَيْضاً ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : يُقَالُ : صُمْنَا خَمْساً وَسِتّاً ، وَخَمْسَةً وَسِتَّةً ، وَإِنَّمَا يَلْتَزِمُونَ الهَاءَ فِي المُذَكِّرِ إِذَا ذَكَرُوهُ بِلَفْظِهِ صَرِيحـاً ؛ فَيَقُولُونَ: صُمْنَا سِتَّةَ أَيَّامٍ ، وَلاَ يَجُوزُ : سِتَّ أَيَّامٍ ، فَإِذَا حَذَفُوا الأَيَّامَ جَازَ الوَجْهَانِ ، وَمِمَّا جَاءَ حَذْفُ الهَاءِ فِيهِ مِنَ المُذَكَّرِ إِذَا لَمْ يُذْكَرْ بِلَفْظِهِ قَوْلُهُ _ تَعَالَى _ : ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) [ البقرة : 234] ، أَيْ : عَشْرَةُ أَيَّامٍ "(46) .
وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " أَمَّا قَوْلُهُ : ( سِتٌّ ) ولَمْ يَقُلْ : ( سِتَّةٌ ) فَالعَرَبُ إِذَا عَدَّتِ اللَّيَالِيَ وَالأَيَّامَ ؛ فَإِنَّهَـا تُغَلِّبُ اللَّيَالِيَ إِذَا لَمْ تُضِفِ العَدَدَ إِلَى الأَيَّامِ ، فَمَتَى أَرَادُوا عَدَّ الأَيَّامِ عَدُّوا اللَّيَالِيَ وَمُرَادُهُـمُ الأَيَّامُ ، قَالَ _ تَعَالَى _ : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [ البقرة : 234 ] ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : وَلَوْ قِيـلَ : ( وَعَشَرَةً ) لَكَانَ لَحْناً . وَقَالَ _ تَعَالَى _ : ( يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً ) [طه : 103] فَهَذِهِ أَيَّامٌ ؛ بِدَليلِ قَوْلِهِ _ تَعَالَى _ بَعْدَهَا : ( إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَـةً إنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً) [ طه : 104 ] ، فَدَلَّ الكَلاَمُ الأَخِيرُ عَلَى أَنَّ المَعْدُودَ الأَوَّلَ أَيَّامٌ ، وَأَمَّا قَولُهُ _ تَعَالَى _ : ( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ) [ الحاقَّة : 7 ] فَلاَ تَغْلِيبَ هُنَاكَ ؛ لِذِكْرِ النَّوْعَيْنِ ، وَإِضَافَةِ كُلِّ عَدَدٍ إِلَى نَوْعِهِ " (47) .
أَقُولُ : وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى لَفْظِهِ عِنْدَ البَعْضِ _ كَعَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (4/316 _ رقم :7921) ، وَالنَّسَائِيِّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/164 _ رقم:2866) ، وَابنِ خُزَيْمَـةَ فِي " صَحِيحِـهِ " (3/297 _ رقم :2114) ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3904) _ : ( سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ) ، وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ : ( بِسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ ) _ كَالنَّسَائِيِّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2862) ، وَابنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي " المُصَنَّفِ " (2/342 _ رقم :9723) _ ، وَعِنْدَ البَعْضِ : ( سِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ ) _ كَمَا هُوَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2865) _ ، وَهُوَ مُوافِقٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْ أَنَّ المَعْدُودَ إِذَا ذُكِرَ مَعَ عَدَدِهِ ؛ فَإِنَّهُ تُحْذَفُ التَّاءُ مَعَ المُؤَنَّثِ ، وَتُثْبَتُ مَعَ المُذَكَّرِ ، وَإِذَا ذُكِرَ العَـدَدُ دُونَ مَعْدُودِهِ جَازَ فِيهِ الوَجْهَانِ ؛ حَذْفُ التَّاءِ وذِكْرُهَا .
وَهُنَا يُطْرَحُ سُؤَالاَنِ :
الأَوَّلُ : هَلْ لِلسِّتِّ خُصُوصيَّةٌ عَلَى مَا دُونِهَا ، وَأَكْثَرِ مِنْهَا ؟ .
فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ : بِنَعَمْ ؛ هُنَاكَ خُصُوصِيَّةٌ ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الخُصُوصِيَّةِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، وَلَفْظُهُ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ؛ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ ، فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ " ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ عِنْدَ ابنِ مَاجَهْ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ ، (مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )[الأنعام :160] " ، فَهَـذِهِ هِيَ الحِكْمَةُ فِي كَوْنِهَا سِتَّةً (48) .
قَالَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ(49) مِنْ أَنَّ السِّتَّـةَ عَدَدٌ تَامٌّ ، فَإِنَّهَا إِذَا جُمِعَتْ أَجْزَاؤُهَا قَامَ مِنْهَا عَـدَدُ السَّنَةِ ؛ فَإِنَّ أَجْزَاءَهَا : النِّصْفُ ، وَالثُّلُثُ ، وَالسُّدُسُ ، وَيُكْمَلُ بِهَا ، بِخِلاَفِ الأَرْبَعَةِ ، وَالاِثْنَيْ عَشَرَ ، وَغَيْرِهِمَا ، فَهَذَا لاَ يَلِيقُ أَنْ يُذْكَرَ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَانَ الدِّينُ عَنِ التَّعْلِيلِ بِأَمْثَالِهِ " (50) .
الثَّانِي : هَلْ لِشَوَّالٍ _ بِخُصُوصِهِ _ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ ، أَمْ لاَ ؟ .
فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ فَيُقَالُ : إِنَّ لِشَوَّالٍ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرَيْنِ :
الأَمْرُ الأَوَّلُ : قَالَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " لَمَّا كَانَ صَوْمُ رَمَضَانَ لاَ بُدَّ أَنْ يَقَعَ فِيهِ نَوْعُ تَقْصِيرٍ ، وَتَفْرِيطٍ ، وَهَضْمٍ مِنْ حَقِّهِ وَوَاجِبِهِ ، نُدِبَ إِلَى صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ جَابِرَةً لَهُ ، وَمُسَدِّدَةً لِخَلَلِ مَا عَسَاهُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ، فَجَرَتْ هَذِهِ الأَيَّامُ مَجْرَى سُنَنِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يُتَنَفَّلُ بِهَا بَعْدَهَا ، جَابِرَةً وَمُكَمِّلَةً ، وَعَلَى هَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ اخْتِصَاصِهَا بِشَوَّالٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " (51) .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ : " وَفِي كَوْنِهَا مِنْ شَوَّالٍ سِرٌّ لَطِيفٌ ؛ وَهُوَ : أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الجُبْرَانِ لِرَمَضَانَ ، وَتَقْضِي مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الصَّوْمِ ، فَتَجْرِي مَجْرَى سُنَّةِ الصَّلاةِ بَعْدَهَا ، وَمَجْرَى سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ، وَلِهَذَا قَالَ : وَأَتْبَعَهُ ، أَيْ : أَلْحَقَهَا بِهِ " (52) .
الأَمرُ الثَّانِي : عَلَّلَ طَائِفَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ _ وَغَيْرِهِمُ _ اخْتِصَاصَ شَوَّالٍ بِذَلِكَ : أَنَّ المَقْصُودَ بِهِ المُبَادَرَةُ بِالعَمَلِ، وَانْتِهَازُ الفُرْصَةِ ؛ خَشْيَةَ الفَوَاتِ ، قَالَ _ تَعَالَى _ : ( فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ) [المائدة : 48]، وَقَالَ _ تَعَالَى _ : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) [آل عمران : 133] ، وَقَالُوا : وَلاَ يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى هَذَا الفَضْلُ لِمَنْ صَامَهَا فِي غَيْرِهِ ؛ لِفَوَاتِ مَصْلَحَةِ المُبَادَرَةِ وَالمُسَارَعَةِ المَحْبُوبَةِ لِلَّهِ ، قَالُوا : وَظَاهِرُ الحَدِيثِ مَعَ هَذَا القَوْلِ ، ومَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِرُ فَقَوْلُهُ أَوْلَى(53) . وَقَدْ عَقَّبَ ابنُ القَيِّمِ _ عَلَى قَوْلِهِم هَذَا _ بِقَوْلِهِ : " وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ إِلْغَاءُ خُصُوصِيَّةِ شَوَّالٍ ، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدةٌ " (54) .
وَقَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلَوْ صَامَ هَذِهِ السِّتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَوَّالٍ يَحْصُلُ لَهُ هَـذَا الفَضْلُ ، فَكَيْفَ خَصَّ صِيَامَهَـا مِنْ شَوَّالٍ ؟ ، قِيلَ : صِيَامُهَا مِنْ شَوَّالٍ يَلْتَحِقُ بِصِيَامِ رَمَضَانَ فِي الفَضْلِ ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ الدَّهْرِ فَرْضاً ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابنُ المُبَارَكِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الحَدِيثِ ، حَكَاهُ عَنْـهُ التِّرْمِذِيُّ فِي " جَامِعِهِ " (55) ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَـا _ أَنَّ مَنْ صَامَ الغَـدَ مِنْ يَوْمِ الفِطْرِ ؛ فَكَأَنَّمَـا صَامَ رَمَضَانَ(56) "(57) .
أَقُولُ : وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابنُ العَرَبِيِّ المَالِكِيُّ ؛ فَقَالَ : " وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ شَوَّالٍ لَكَانَ الحُكْمُ فِيهَا كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَشَارَ النَّبِيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ بِذِكْرِ شَوَّالٍ لاَ عَلَى طَرِيقِ التَّعْيِينِ ؛ لِوُجُوبِ مُسَاوَاةِ غَيْرِهَـا لَهَا فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ شَوَّالاً عَلَى مَعْنَى التَّمْثِيلِ ، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ النَّظَرِ فَاعْلَمُوهُ " !! (58) .
وَكَذَلِكَقَوْلُالقَرَافِ يِّ _ مِنَ المَالِكِيَّةِ _ : " أَنَّهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _إِنَّمَا قَالَ : ( مِنْ شَوَّالٍ ) _ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ _ رِفْقاً بِالمُكَلَّفِ ؛ لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِالصَّوْمِ ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ أَسْهَلَ ، وَتَأْخِيرُهَا عَنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ ؛ لِئلاَّ يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَيُلْحَقَ بِرَمَضَـانَ "(59) ، وَعَقَّبَ عَلَيْـهِ ابنُ القَيِّمِ بِقَولِـهِ : " وَهُوَ غَرِيبٌ عَجِيبٌ " !! (60)، وَابنُ الشَّاطِّ بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالقَوِيِّ " (61) .
وَ ( شَوَّالٌ ) اخْتُلِفِ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِـهِ بِذَلِكَ ، فَقِيلَ : سُمِّيَ بِتَشْوِيلِ لَبَـنِ الإِبِلِ ، وَهُوَ تَوَلِّيهِ وإِدْبَارُهُ ، وكَذَلِكَ حَالُ الإِبِلِ فِي اشْتِدَادِ الحَرِّ ، وَانْقِطَاعِ الرُّطْبِ(62)، وَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشَوَلاَنِ النَّاقَةِ فِيهِ بِذَنَبِهَا لِلطِّرَاقِ(63) ، وَالجَمْعُ : شَوَاوِيلُ ، وَشَوَاوِلُ ، وشَوَّالاَتٌ (64) .
قَوْلُهُ : ( كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) كَذَا جَاءَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَجَاءَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ : ( كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، وَعِنْدَ البَعْضِ : ( فَهُوَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، وَعِنْدَ آخَرِينَ : ( فَهُوَ صَائِمٌ الدَّهْرَ ) ، و : ( فَقَدْ صَامَ الدَّهْرَ ) ، و : (فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ ) ، و : ( كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ ) ، و : ( فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ) ، وهَذَا التَّنَوُّعُ فِي الأَلْفَاظِ فِيهِ دِلاَلةٌ عَلَى تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ ، وَالرِّوَايَةِ بِالمَعْنَى ، وَهَذَا وَاسِعٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ ، مَا دَامَ المَعْنَى لَمْ يَتَغَيَّرْ .
وَ ( الدَّهْرُ ) المُرَادُ بِهِ _ هُنَا _ : السَّنَةُ ،وقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحاً فِي بَعْضِ طُرُقِ الحَدِيثِ ؛ بِلَفْظِ : ( كُتِبَ لَهُ صِيَامُ السَّنَةِ ) ، وَ : ( فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا ) ، وَ: ( فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ ) ، قَالَ المُنَاوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ ، لَكِنِ اسْتَبْعَدَهُ بَعْضٌ آخَرُ قَائِلاً : المُرَادُ : الأَبَدُ ؛ لأَنَّ الدَّهْرَ المُعَرَّفُ بِاللاَّمِ لِلْعُمُرِ " (65) ، أَقُولُ : وَفِي الرِّوَايَاتِ المُصَرِّحَةِ بِأَنَّ المُرَادَ بِالدَّهْرِ هُوَ : ( السَّنَةُ ) رَدٌّ عَلَى هَؤُلاَءِ ، وَأَصْرَحُ مِنَ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ بِلَفْظِ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ؛ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ ، فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ ) .
وَهُنَا يُثَارُ سُؤَالٌ ؛ وَهُوَ : هَلْ هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ : ( فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ) ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَالَ : ( فَكَأَنَّهُ قَدْ صَامَ الدَّهْرَ ) ؟ .
قَدْ أَجَابَ عَلَى ذَلِكَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ بِقَوْلِهِ : " إِنَّ المَقْصُودَ تَشْبِيـهُ الصِّيَامِ بِالصِّيَامِ ، ولَوْ قَالَ : ( فَكَأَنَّهُ قَدْ صَامَ الدَّهْرَ ) لَكَانَ بَعِيداً عَنِ المَقْصُـودِ ؛ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ تَشْبِيهاً لِلصَّائِمِ بِالصَّائِمِ ، فَمَحَلُّ التَّشْبِيهِ هُوَ الصَّوْمُ ، لاَ الصَّائِمُ ، ويَجِيءُ الفَاعِلُ لُزُوماً ، وَلَوْ شَبَّهَ الصَّائِمَ لَكَانَ هُوَ مَحَلُّ التَّشْبِيهِ ، وَيَكُونُ مَجِيءُ الصَّوْمِ لُزُوماً ، وَإِنَّمَا كَانَ قَصْـدُ تَشْبِيهِ الصَّوْمِ أَبْلَغَ وَأَحْسَنَ ؛ لَتَضَمُّنِهِ تَنْبِيهَ السَّامِعِ
عَلَى قَدْرِ الفِعْلِ وَعِظَمِهِ ، وَكَثْرَةِ ثَوَابِهِ ، فَتَتَوَفَّرُ رَغْبَتُهُ فِيهِ " (66) .
هَـذَا ؛ وَقَدْ أَشْكَلَ تَشْبِيهُ هَـذَا الصِّيَامِ بِصِيَامِ الدَّهْرِ _ مَعَ كَوْنِهِ بِقَدْرِهِ عَشْرِ مَرَّاتٍ _ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ _ مُزِيلاً الإِشْكَالَ _ : " إِنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ فَضْلُهُ كَمَا ذُكِرَ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ قَدْ يُعْطِي عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِهِ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَجُودُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ _ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا _ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ _ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ مِنْ أَصْحَـابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ مِنْ قَولِهِ _ : ( إِنَّ العَبْـدَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى المَسْجِدِ ؛ لَمْ يَرْفَعْ رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلاَّ كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَـةٌ ، وَلَمْ يَضَعِ اليُسْرَى إِلاَّ حُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فإَِنْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ فِي الجَمَاعَـةِ مَعَ القَوْمِ ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَراً أَنْ يَكُونَ اللَّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ يُكَفِّرُ عَمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الذُّنُوبِ ، ... ، وَيَكُونُ اللَّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ يُكَفِّرُ عَنْهُ مَعَ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي بَقِيَّةِ عَشَرَةِ الأَشْهُرِ مِنْ سَنَتِهِ ، ثُمَّ حَضَّ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _النَّاسَ _ بَعْدَ ذَلِكَ _ عَلَى صَومِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ، فَيَكُونُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ : ( مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) [الأنعام : 160] ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَعَ مَا قَدْ جَادَ بِهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ كَفَارَةً لِلسَّنَةِ كُلِّهَا ، وَاللَّهَ _ عَزَّ وَجَلَّ _ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ " (67) .
وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَقِيلَ فِي جَوَابِهِ : أَنَّ مَـنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ _ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ _ ؛ فَهُوَ كَمَنْ صَامَ السَّنَةَ مِنَ الأُمَمِ المُتَقَدِّمَةِ ، قَالُوا : لأَنَّ تَضْعِيفَ الحَسَنَـاتِ إِلَى عَشْرِ أَمْثَالِهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَأَحْسَـنُ مِنْ هَذَا ، أَنْ يُقَالَ : العَمَلُ لَهُ _ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الجَزَاءِ _ اعْتِبَارَانِ : اعْتِبَارُ المُقَابَلَةِ وَالمُسَاوَاةِ ، وَهُوَ الوَاحِدُ بِمِثْلِهِ ، وَاعْتِبَارُ الزِّيَادَةِ وَالفَضْلِ ، وَهُوَ المُضَاعَفَةُ إِلَى العَشْرِ ، فَالتَّشْبِيهُ وَقَـعَ بَيْنَ العَمَلِ المُضَاعَفِ ثَوَابُهُ ، وَبَيْنَ العَمَلِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ مِثْلُهُ ، ونَظِيرُ هَذَا قَولُهُ : ( مَنْ صَلَّى عِشَاءَ الآخِرَةِ فِي جَمَاعَـةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً )(68) "(69) .
وَقَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَإِنَّمَا كَانَ صِيَامُ رَمَضَانَ وَإِتْبَاعُهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ ؛ لأَنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّراً مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَالَ : ( صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ ، فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ _ يَعْنِي : رَمَضَانَ ، وَسِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ _ ) ، ... ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ ثَلاَثِينَ ، أَوْ تِسْعاً وعِشْرِينَ ، وعَلَى هَذَا حَمَـلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: ( شَهْرَا عِيدٍ لاَ يَنْقُصَانِ : رَمَضَانُ ، وَذُو الحِجَّةِ )(70) ، وَقَالَ : المُرَادُ كَمَالُ آخِرِهِ ، سَواءٌ كَانَ ثَلاَثِينَ ، أَوْ تِسْعاً وَعِشْرِينَ ، وَأَنَّهُ إِذَا أُتْبِعَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَـوَّالٍ فَإِنَّهُ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَكَرِهَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ أَنْ يُقَالَ لِشَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّهُ نَاقِصٌ _ وَإِنْ كَانَ تِسْعاً وَعِشْرِينَ _ لِهَذَا المَعْنَى " (71) .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ طَائِفَةٌ بِهَذَا الحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صِيَامِ الدَّهْرِ ، وَقَالُوا : لَوْ كَانَ صَوْمُ الدَّهْرِ مَكْرُوهاً لَمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ ، بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ !! .
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي الرَّدِّ عَلَى هَـؤُلاَءِ : " وَأَمَّا قَوْلُهُ : (صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَعْدِلُ صِيَامَ الدَّهْرِ )(72) ، وَقَوْلُهُ : ( مَنْ صَامَرَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ) ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ الدَّهْرِ بِتَضْعِيفِ الأَجْرِ ، مِنْ غَيرِ حُصُولِ المَفْسَدَةِ ، فَإِذَا صَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ حَصَلَ لَهُ أَجْرُ صَومِ الدَّهْرِ بِدُونِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَإِذَا صَامَ رَمَضَانَ وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ حَصَلَ بِالمَجْمُـوعِ أَجْرُ صَوْمِ الدَّهْرِ ، وَكَانَ القِيَاسُ أَنْ يَكُونَ اسْتِغْرَاقُ الزَّمَانِ بِالصَّوْمِ عِبَادَةً ، لَوْلاَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ المُعَارِضِ الرَّاجِحِ ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _الرَّاجِحَ ، وَهُوَ إِضَاعَةُ مَا هُوَ أَوْلَى مِنَ الصَّوْمِ ، وَحُصُولُ المَفْسَدَةِ رَاجِحَةٌ ، فَيَكُونُ قَدْ فَوَّتَ مَصْلَحَةً رَاجِحَةً ، وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً ، مَعَ حُصُولِ مَفْسَدَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَةِ الصَّوْمِ ، وَقَدْ بَيَّنَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _حِكْمَةَ النَّهْيِ ، فَقَالَ : ( مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلاَ صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ )(73) ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ الصِّيَامُ لَهُ عَادَةً كَصِيَامِ اللَّيْلِ ، فَلاَ يَنْتَفِعُ بِهَذَا الصَّوْمِ ، وَلاَ يَكُونُ صَامَ ، وَلاَ هُوَ _ أَيْضاً _ أَفْطَرَ " (74) .
وَقَالَ تِلْمِيـذُهُ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَهَذَا الاسْتِدْلاَلُ فَاسِدٌ جِدّاً مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : فِي الحَدِيثِ _ نَفْسِهِ _ أَنَّ وَجْهَ التَّشْبِيهِ هُوَ أَنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَسِتَّةٌ وَثَلاَثُونَ يَوماً بِسَنَةٍ كَامِلَةٍ ، وَمَعْلُومٌ قَطْعاً أَنَّ صَوْمَ السَّنَةِ الكَامِلَةِ حَرَامٌ بِلاَ رَيْبٍ ، وَالتَّشْبِيهُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِدُخُولِ العِيدَيْنِ ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي السَّنَةِ ، وَصَوْمُهَا حَرَامٌ ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ المَذْكُورَ لاَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ المُشَبَّهِ بِهِ ، فَضْلاً عَنِ اسْتِحْبَابِهِ ، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيرِهِ ، ونَظِيرُ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ ، فَقَالَ : ( لاَ تَسْتَطِيعُـهُ ، هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَالمُجَاهِدُ أَنْ تَقُومَ فَلاَ تَفْتُرَ ، وَتَصُومَ فَلاَ تُفْطِرَ ؟ )، قَالَ : لاَ ، قَالَ : ( فَذَلِكَ مَثَلُ المُجَاهِدِ )(75) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا المُشَبَّهَ بِهِ غَيْرُ مَقْدُورٍ ، وَلاَ مَشْرُوعٍ .
فَإِنْ قِيلَ : يُحْمَلُ قَولُهُ : ( فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ) عَلَى مَا عَدَا الأَيَّامِ المَنْهِيِّ عَنْ صَوْمِهَا .
قِيلَ : تَعْلِيلُهُ حِكْمَةَ هَذِهِ المُقَابَلَةِ ، وَذِكْرُهُ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَتَوْزِيعُ السِّتَّةِ والثَّلاَثِينَ يَوْماً عَلَى أَيَّامٍ السَّنَةِ ؛ يُبْطِلُ هَذَا الحَمْلَ .
الثَّانِي : أَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _سُئِلَ عَمَّنْ صَامَ الدَّهْـرَ ؟ ، فَقَالَ : ( لاَ صَـامَ وَلاَ أَفْطَرَ )(76)، وَفِي لَفْظٍ : ( لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ )(77) ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ صِيَامِ الدَّهْرِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ الصِّيَامِ ؟! .
الثَّالِثُ : أَنَّ النَّبِيَّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ثَبَتَ عَنْهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّهُ قَالَ : ( أَفْضَـلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ ، كَانَ يَصُومُ يَوْماً ، وَيُفْطِرُ يَوْماً )(78) ، فَهَذَا النَّصُّ الصَّحِيحُ الصَّرِيحُ الرَّافِعُ لِكُلِّ إِشْكَالٍ ؛ يُبَيِّنُ أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ سَرْدِ الصَّوْمِ ، مَعَ أَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلاً ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ؛ لأَنَّهُ إِذَا كَانَ الفِطْرُ أَفْضَلَ مِنْهُ ، لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُقَالَ بِإِبَاحَتِهِ ، وَاسْتِواءِ طَرَفَيْهِ ، فَإِنَّ العِبَـارةَ لاَ تَكُونُ مُسْتَوِيَةَ الطَّرَفَيْنِ ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الفِطْرِ بِشَهَادَةِ النَّصِّ لَهُ بِالإِبْطَالِ ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَرْجُوحاً ، وَهَذَا بَيِّنٌ لِكِلِّ مُنْصِفٍ " (79) .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ : " وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مِنْ يَسْتَحِبُّ _ أَوْ يُجَوِّزُ _ صِيَامَ الدَّهْرِ كُلِّهُ ، مَا عَدَا العِيدَيْنِ ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُ ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ العَمَلِ بِالعَمَلِ إِمَكَانُ وُقُوعِ المُشَبَّهِ بِهِ ، فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ مَشْرُوعـاً ، بَلْ وَلاَ مُمْكِناً، كَمَا فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، وَلِهَذَا جَعَلَ صِيَامَ ثَلاَثةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، وصِيَامَ رَمَضَانَ وَإِتْبَاعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ يَعْدِلُ صِيَامَ ثَلاَثِ مِئَةٍ وَسِتِّينَ يَوْماً ، وَذَلِكَ حَرَامٌ غَيْرُ جَائِزٍ بِالاتِّفَاقِ ؛ فَإِنَّهُ وَقَعَ التَّشْبِيهُ فِي الثَّوَابِ ، لاَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَشْرُوعاً ، بَلْ وَلاَ مُمْكِناً ، كَمَا فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الجِهَادِ ؟ ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ : ( هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِـدُ أَنْ تَصُومَ فَلاَ تُفْطِرَ ، وتَقُومَ فَلاَ تَفْتُرَ ؟ ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : ذَلِكَ مَثَلُ المُجَاهِدِ ) (80)، وَالمَقْصُودُ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ مُسَاوَاتُهُ لَهُ ، وَمِثْلُ هَـذَا قَوْلُهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: ( مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ )(81) " (82) .
وقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَتُعِقِّبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الأَمْرِ المُقَدَّرِ لاَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ ، فَضْلاً عَنِ اسْتِحْبَابِهِ ، وَإِنَّمَا المُرَادُ حُصُولُ الثَّوَابِ ، عَلَى تَقْدِيرِ مَشْرُوعِيَّةِ صِيَامِ ثَلاَثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْماً ، وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ المُكَلَّفَ لاَ يَجُوزُ لَهُ صِيَامُ جَمِيعِ السَّنَةِ ، فَلاَ يَدُلُّ التَّشْبِيهُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ المُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ " (83) .
وَقَالَ المُنَاوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " كَانَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ فِي أَصْلِ التَّضْعِيفِ ، لاَ فِي التَّضْعِيفِ الحَاصِلِ بِالفِعْلِ ، إِذِ المِثْلِيَّةُ لاَ تَقْتَضِي المُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، نَعَمْ يَصْدُقُ عَلَى فَاعِـلِ ذَلِكَ أَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ مَجَـازاً (84) ، فَأَخْرَجَهُ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ وَالحَثِّ " (85) .


المَطْلَبُ الثَّالِثُ
أَقْوَالُ العُلَمَاءِ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ
اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى أَقْوالٍ ثَلاثةٍ :
الأَوَّلُ : إِنْكَارُ صِيَامِهَا ، فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم :759/م) قَالَ : حَدَّثَنَا هَنَّـادٌ ؛ قَالَ : أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الجُعْفِيُّ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ أَبِي مُوسَى ، عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ قَالَ : كَانَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَيَقُولُ : وَاللَّهِ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ بِصِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ عَنِ السَّنَةِ كُلِّهَا .
أَقُولُ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ .
قَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَى مَنِ اعْتَقَدَ وُجُوبَ صِيَامِهَا ، وَأَنَّهُ لاَ يَكْتَفِي بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَنْهَا فِي الوُجُوبِ ، وَظَاهِرُ كَلاَمِهِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا " (86) .
الثَّانِي : كَرَاهِيَةُ صِيَامِهَا ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلى ذَلِكَ : سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَعَلَّلَ أَصَحَابُهُمَا ذَلِكَ مُشَابَهَةَ أَهْلِ الكِتَابِ ، يَعْنُونَ : فِي الزِّيَادَةِ فِي صِيَامِهِـمُ المَفْرُوضِ عَلَيْهِـمْ مَا لَيْـسَ مِنْهُ ، وَأَكْثَرُ المُتَأَخِّـرِينَ مِنْ مَشَايِخِهِمْ قَالُوا : لاَ بَأْسَ بِهِ (87) ، وَعَلَّلُوا أَنَّ الفِطْرَ قَدْ حَصَلَ بِفِطْرِ يَوْمِ العِيدِ (88).
وَكَرِهَهَـا _ أَيْضاً _ الإِمَامُ مَالِكٌ ، فَقَدْ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى اللَّيْثِيُّ : سَمِعْـتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالفِقْهِ يَصُومُهَا(89) ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَإِنَّ أَهْلَ العِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ ، وَأَنْ يُلْحَقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الجَهَالَةِ وَالجَفَـاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْـلِ العِلْمِ ، وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ " (90) .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ مُوَجِّهاً كَلاَمَ الإِمَامِ مَالِكٍ : " لَمْ يَبْلُغْ مَالِكاً حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ ، وَالإِحَاطَةُ بِعِلْمِ الخَاصَّةِ لاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ ، وَالَّذِي كَرِهَهُ لَهُ مَالِكٌ أَمْرٌ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ ، وذَلِكَ خَشْيَةُ أَنْ يُضَافَ إِلَى فَرْضِ رَمَضَـانَ ، وَأَنْ يَسْتَبِينَ ذَلِكَ إِلَى العَامَّةِ ، وَكَانَ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ مُتَحَفِّظاً ، كَثِيرَ الاحْتِيَاطِ لِلدِّينِ .
وَأَمَّا صِيَامُ السِّتَّةِ الأَيَّامِ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى طَلَبِ الفَضْلِ ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي جَاءَ بِهِ ثَوْبَانُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ؛ فَإِنَّ مَالِكاً لاَ يَكْـرَهُ ذَلِكَ _ إِنْ شَاءَ اللَّهُ _ ؛ لأَنَّ الصَّوْمَ جُنَّةٌ ، وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ لِمَنْ رَدَّ طَعَامَـهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ لِلَّهِ _ تَعَالَى _ ، وَهُوَ عَمَلُ بِرٍّ وَخَيْرٍ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ : ( وَافْعَلُوا الخَيْرَ ) [ الحج : 77 ] ، وَمَالِكٌ لاَ يَجْهَلُ شَيْئاً مِنْ هَذَا ، ولَمْ يَكْرَهْ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ مَا خَافَهُ عَلَى أَهْلِ الجَهَالَةِ والجَفَاءِ إِذَا اسْتَمَرَّ ذَلِكَ ، وَخَشِيَ أَنْ يَعُدُّوهُ مِنْ فَرَائِضِ الصِّيَامِ مُضَافاً إِلَى رَمَضَانَ .
وَمَا أَظُنُّ مَالِكاً جَهِلَ الحَدِيثَ _ وَاللَّهُ أَعْلَمُ _ ؛ لأَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ ، انْفَرَدَ بِهِ عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ ، وَلَوْلاَ عِلْمُهُ بِهِ مَا أَنْكَرَهُ ، وَأَظُنُّ الشَّيْخَ عُمَرَ بنَ ثَابتٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَرَكَ مَالِكٌ الاحْتِجَاجَ بِبَعْضِ مَا رَوَاهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إِذَا لَمْ يَثِقْ بِحِفْظِهِ بِبَعْضِ مَا رَوَاهُ ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَهِلَ الحَدِيثَ ، وَلَوْ عَلِمَهُ لَقَالَ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " (91) .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ المَالِكِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَأَمَّا السِّتُّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَإِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَالَ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، إِلاَّ أَنَّ مَالِكاً كَرِهَ ذَلِكَ ، إِمَّا مَخَافةَ أَنْ يُلْحِقَ النَّاسُ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ فِي رَمَضَانَ ، وَإِمَّا لأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الحَدِيثُ ، أَوْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ ، وَهُوَ الأَظْهَرُ " (92) .
وَقَدْ رَدَّ الشَّاطِبِيُّ _ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّ مَالِكاً لَمْ يَحْفَظِ الحَدِيثَ _ بِقَولِهِ : " فَكَلاَمُ مَالِكٍ _ هُنَا _ لَيْسَ فِيهِ دَلِيـلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الحَدِيثَ كَمَا تَوَهَّـمَ بَعْضُهُمْ ، بَلْ لَعَلَّ كَلاَمَهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ يَعْلَمُهُ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَرَ العَمَلَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَباً فِي الأَصْـلِ ؛ لِئَلاَّ يَكُونَ ذَرِيعَةً لِمَا قَالَ ؛ كَمَا فَعَـلَ الصَّحَـابَةُ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ _ فِي الأُضْحِيَةِ ، وَعُثْمَانُ فِي الإِتْمَامِ فِي السَّفَرِ " (93) .
وَقَالَ _ أيضاً _ : " وَنَهَى عَنْ صِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ _ مَعَ ثُبُوتِ الحَدِيثِ فِيهِ _ تَعْوِيلاً عَلَى أَصْلِ سَدِّ الذَّرَائِعِ " (94) .
قَالَ القَرَافِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " قَالَ لِي الشَّيخُ زَكِيُّ الدِّينِ عَبْدُ العَظِيمِ المُحَدِّثُ _ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى _ : إِنَّ الَّذِي خَشِيَ مِنْهُ مَالِكٌ _ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى _ قَدْ وَقَعَ بِالعَجَمِ ؛ فَصَـارُوا يَتْرُكُونَ المُسَحِّرِينَ عَلَى عَادَتِهِمْ ، وَالقََوَانِينَ ، وَشَعَائِـرَ رَمَضَانَ إِلَى آخِرِ السِّتَّةِ الأَيَّامِ ، فَحِينَئِذٍ يُظْهِرُونَ شَعَائِرَ العِيدِ (95)، وَيُؤيِّدُ سَدَّ هَذِهِ الذَّرِيعَـةِ : مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ إِلَى مَسْجِـدِ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _، فَصَلَّى الفَرْضَ ، وَقَامَ لِيَتَنَفَّلَ عَقِبَ فَرْضِهِ ، وَهُنَالِكَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _، وَعُمَرُ ابْنُ الخَطَّابِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ فَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ حَتَّى تَفْصِلَ بَيْنَ فَرْضِكَ وَنَفْلِكَ ، فَبِهَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: " أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ "(96) ، وَمَقْصُودُ عُمَرَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ أَنَّ اتِّصَالَ النَّفْـلِ بِالفَرْضِ إِذَا حَصَلَ مَعَهُ التَّمَادِي ، اعْتَقَدَ الجُهَّالُ أَنَّ ذَلِكَ النَّفْلَ مِنْ ذَلِكَ الفَرْضِ ، وَلِذَلِكَ شَاعَ عِنْدَ عَوَامِّ مِصْرَ أَنَّ الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ ، إِلاَّ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ ، فَإِنَّهُ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ ؛ لأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الإِمَامَ يُوَاظِبُ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَيَسْجُدُ ، فَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ تِلْكَ رَكْعَةٌ أُخْرَى وَاجِبَةٌ ، وَسَدُّ هَذِهِ الذَّرَائِعِ مُتَعَيِّنٌ فِي الدِّينِ ، وَكَانَ مَالِكٌ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ شَدِيدَ المُبَالَغَةِ فِيهَا " (97) .
وَرَدَّ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ عَلَى الإِمَامِ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ : " وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ : ( لَمْ أَرَ أَحَداً يَصُومُهَا ) فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الكَرَاهَةِ ؛ لأَنَّ السُّنَّةَ ثَبَتَتْ فِي ذَلِكَ بِلاَ مُعَارِضٍ ، فَكَوْنُهُ لَمْ يَرَ لاَ يَضُرُّ ، وَقَوْلُهُمْ : ( لأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ فَيُعْتَقَدُ وُجُوبُهُ ) ضَعِيفٌ ؛ لأَنَّهُ لاَ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ ، وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَعَاشُورَاءَ ، وَسَائِرِ الصَّوْمِ المَنْدُوبِ إِلَيْهِ ، وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ أَحَدٌ " (98) .
وَكَذَلِكَ الأَمِيرُ الصَّنْعَانِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ رَدَّ بِقَوْلِهِ : " الجَوَابُ : أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ النَّصِّ بِذَلِكَ لاَ حُكْمُ لِهَذِهِ التَّعْلِيلاَتِ " (99) .
وَشَنَّعَ الإِمَامُ الشَّوْكَانِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي الرَّدِّ ؛ فَقَالَ : " وَهُوَ بَاطِلٌ لاَ يَلِيقُ بِعَاقِلٍ ، فَضْلاً عَنْ عَالِمٍ نَصَّبَ مِثْلَهُ فِي مُقَابَلَةِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ ، وَأَيْضاً يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ المُرَغَّبِ فِيهَا ، وَلاَ قَائِلَ بِهِ ، وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى الكَرَاهَةِ بِمَا قَالَ فِي " المُوَطَّإِ " مِنْ أَنَّهُ مَا رَأَى أَحَـداً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَصُومُهَـا ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا تَرَكُوا العَمَلَ بِسُنَّةٍ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُمْ دَلِيلاً تُرَدُّ بِهِ السُّنَّةُ " (100) .
أَقُولُ : وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ العَرَبِيِّ المَالِكِيِّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَلِذَلِكَ كَرِهَ عُلَمَاءُ الدِّينَ أَنْ تُصَامَ الأَيَّامُ السِّتَّةُ الَّتِي قَالَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _فِيهَا : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَسِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ) مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَهْلُ الجَهَالِةِ أَنَّهَا مِـنْ رَمَضَانَ ، وَرَأَوْا أَنَّ صَوْمَهَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ إِلَى شَعْبَـانَ أَفْضَلُ ؛ لأَنَّ المَقْصُودَ مِنْهَا حَاصِلٌ بِتَضْعِيفِ الحَسَنَـةِ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا مَتَى فُعِلَتْ ، بَلْ صَوْمُهَـا فِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ وَفِي شَعْبَـانَ أَفْضَلُ ، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ صَوْمَهَـا مَخْصُوصٌ بِثَانِي يَوْمِ العِيدِ فَهُوَ مُبْتَـدِعٌ ، سَالِكٌ سُنَنَ أَهْـلِ الكِتَـابِ فِي الزِّيَادَاتِ ، دَاخِلٌ فِي وَعِيـدِ الشَّرْعِ حَيْثُ قَـالَ : ( لَتَرْكَبُنَّ سَنَـنَ مَـنْ كَانَ قَبْلَكُـمْ ، ... ) (101) الحَدِيثَ " (102) ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَنْطُوقِ الحَدِيثِ وَظَاهِرِهِ ، وَلاَغٍ لخُصُوصِيَّةِ شَوَّالٍ فِي ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَلاَفِي المَحْذُورِ الَّذِي أَشَارُوا إِلَيهِ بِصَوْمِ _ هَذِهِ _ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ أَوْ آخِرِهِ _ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابنِ القَيِّمِ فِي الحَاشِيَةِ _ ، لاَ أَنْ نُرَحِّلَ _ هَذِهِ _ السِّتَّ إِلَى شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ الأُخْرَى ، فَنَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ فَرَرْنَا مِنْ مَحْذُورٍ إِلَى مَحْذُورٍ ، كَالمُسْتَجِيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ ؛ لأَنَّ إِخْرَاجَنَا هَذِهِ العِبَادَةَ عَنْ زَمَنِهَا الَّذِي حُدِّدَ وَخُصِّصَ لَهَا _ وَهُوَ شَهْرُ شَوَّالٍ _ إِلَى زَمَنٍ آخَرَ غَيْرِ زَمَنِهَا يُدْخِلُهَا فِي حَدِّ البِدْعَةِ _ أَيْضاً _ ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ إِنْسَاناً صَامَ رَمَضَـانَ فِي شَوَّالٍ ، أَكَانَ يُقْبَلُ مِنْهُ ؟ ، كَذَلِكَ الحَالُ هُنَا ، فَتَأَمَّلْ !! (103) .
يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ الشَّافِعِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِشُرُوطِ العِلَّةِ ؛ حَيْثُ قَالَ : " [ الشَّرْطُ ] السَّابِعَ عَشَرَ : إِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَـةً ؛ فَالشَّرْطُ أَنْ لاَ يَرْجِعَ عَلَى الأَصْلِ بِإِبْطَالِهِ ، أَوْ إِبْطَالِ بَعْضِهِ ؛ لِئَلاَّ يُفْضِيَ إِلَى تَرْكِ الرَّاجِحِ إِلَى المَرْجُـوحِ ، إِذِ الظَّنُّ المُسْتَفَادُ مِنَ النَّصِّ أَقْـوَى مِنَ المُسْتَفَـادِ مِنَ الاسْتِنْبَاطِ ؛ لأَنَّهُ فَرْعٌ لِهَذَا الحُكْمِ ، وَالفَرْعُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى إِبْطَالِ أَصْلِهِ ، وَإِلاَّ لَزِمَ أَنْ يَرْجِعَ إِلى نَفْسِهِ بِالإِبْطَـالِ " ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثَالاً عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : " وَمِنْ مِثْلِهِ _ أَيْضاً _ : مَصِيرُ بَعْضِ المَالِكِيَّةِ إِلَى الاكْتِفَـاءِ فِي إِتْبَاعِ رَمَضَانَ بِصَـوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ شَوَّالٍ ؛ نَظَراً لِمَعْنَى تَكْمِيلِ السَّنَةِ ، وَهَـذَا يُبْطِلُ خُصُوصَ شَوَّالٍ الَّذِي دَلَّ عَلَيْـهِ النَّصُّ " (104) .
وَقَالَ الفَقِيهُ أَبُو الحَسَنِ المِرْدَاوِيُّ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " ظَاهِرُ كَلاَمِ المُصَنِّفِ _ يَعْنِي : ابنَ قُدَامَةَ المَقْدِسِيَّ _ أَنَّ الفَضِيلَةَ لاَ تَحْصُلُ بِصِيَامِ السِّتَّةِ فِي غَيْرِ شَوَّالٍ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الأَصْحَابِ ، وَقَالَ فِي ( الفُرُوعِ ) : وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَحَصُّلِ الفَضِيلَةِ بِصَوْمِهَا فِي غَيْرِ شَوَّالٍ(105). وَقَالَ فِي ( الفَائِقِ ) : وَلَوْ كَانتْ مِنْ غَيْرِ شَوَّالٍ فَفِيهِ نَظَرٌ . قُلْتُ : وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلحَدِيثِ ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِفَضِيلَةِ رَمَضَانَ لِكَوْنِهِ حَرِيمَهُ ، لاَ لِكَوْنِ الحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَلأَنَّ الصَّوْمَ فِيهِ يُسَاوِي رَمَضَانَ فِي فَضِيلَةِ الوَاجِبِ ، قَالَهُ فِي ( الفُرُوعِ ) " (106) .
وَقَالَ مَنْصُورُ بنُ يُونُسَ البُهُوتِيُّ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " ( وَلاَ تَحْصُلُ الفَضِيلَةُ بِصِيَامِهَا ) أَيِ : السِّتَّةُ أَيَّامٍ ( فِي غَيْرِ شَوَّالٍ ) لِظَاهِرِ الأَخْبَارِ "(107) .
الثَّالِثُ : اسْتِحْبَابُ صِيَامِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ الأَكْثَرِ ؛ مِنْهُمْ : كَعْبُ الأَحْبَارِ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَمَيْمونُ بنُ مِهْرَانَ(108) ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ(109) ، وَالشَّافِعِيُّ(110)، وَأَحْمَدُ(111) ، وَابْنُ المُبَارَكِ(112)، وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ(113)، وغَيْرُهُمْ .
وَاخْتَلَفُوا فِي صِيَامِهَا عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صِيَامُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ مُتَتَابِعَةً ، قَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ:
" وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَابْنِ المُبَارَكِ (114) " (115) .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " قَالُوا : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ جَازَ ، وَكَانَ فَاعِلاً لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ ؛ لِعُمُومِ الحَدِيثِ وَإِطْلاَقِهِ ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا " (116) .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ : " وَالأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً مُتَّصِلَةً بِالعِيدِ " (117) .
وَقَالَ الأَمِيرُ الصَّنْعَانِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَلاَ دَلِيلَ عَلَى اخْتِيَارِ كَوْنِهَا مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ ، إِذْ مِنْ أَتَى بِهَا فِي شَوَّالٍ _ فِي أَيِّ أَيَّامِهِ _ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْبَعَ رَمَضَانَ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ " (118) .
أَمَّا مَا يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ مَرْفُوعاً _ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ _ مُتَتَابِعَةً _ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ " ، وَكَذَلِكَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ _ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ _ ؛ كَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ " ، فَذَكَرْنَا _ سَابِقاً _ أَنَّ الرِّوَايَةَ الأُولَى أَخْرَجَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (7/315 _ رقم : 7607) بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ مُنْكَرٍ ، وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَجْلِسٍ مِنْ أَمَالِيهِ " (رقم :5) بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدّاً ، فَلاَ يَصِحُّ الاسْتِدْلاَلُ بِهِمَا .
ثَانِيهَا : أَنَّـهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُتَابِعَهَـا ، أَوْ يُفَرِّقَهَا مِنَ الشَّهْرِ كُلِّـهِ ، وَهُمَا سَوَاءٌ ، قَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِـيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَهُـوَ قَوْلُ وَكِيـعٍ ، وَأَحْمَدَ " (119) ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ المُبَاركِ _ أَيْضاً _ أَنَّهُ قَالَ : " إِنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ مُتَفَرِّقاً ؛ فَهُوَ جَائِزٌ " (120) .
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " فِي هَذَا الحَدِيثِ _ يُرِيدُ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ _ دَلِيلٌ أَنَّ مَنْ صَامَ مِنْ شَوَّالٍ _ مِنْ أَيِّهِ كَانَ _ فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الفَضِيلَةِ " (121) .
وَقَالَ ابنُ قُدَامَةَ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُتَتَابِعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ فِي آخِرِهِ ؛ لأَنَّ الحَدِيثَ وَرَدَ بِهَا مُطْلَقاً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ ، وَلأَنَّ فَضِيلَتَهَا لِكَوْنِهَا تَصِيرُ مَعَ الشَّهْرِ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ يَوْماً ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَثَلاَثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْماً ، وَهُـوَ السَّنَّةُ كُلُّهَا ، فَإِذَا وُجِـدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ؛ صَارَ كَصِيَامِ الدَّهْـرِ كُلِّهِ ، وَهَذَا المَعْنَى يَحْصُـلُ مَعَ التَّفْرِيقِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ "(122) .
وَقَالَ الأَمِيرُ الصَّنْعَانِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَاعْلَمْ ؛ أَنَّ أَجْرَ صَوْمِهَا يَحْصُـلُ لِمَنْ صَامَهَا مُتَفَرِّقَـةً أَوْ مُتَوَالِيَـةً ، وَمَنْ صَامَهَا عُقَيْبَ العِيـدِ ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ " (123) .
وَقَالَ صِدِّيقُ بنُ حَسَنٍ القِنَّوْجِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " ظَاهِرُ الحَدِيثِ أَنَّهُ يَكْفِي صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَوَّلِهِ ، أَوْ مِنْ أَوْسَطِهِ ، أَوْ مِنْ آخِرِهِ ، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مُتَّصِلَةً بِهِ ، لاَ فَاصِلَ بَيْنَهَا وبَيْنَ رَمَضَانَ إِلاَّ يَوْمَ الفِطْرِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الأَوْلَى ، وَلأَنَّ الإِتْبَاعَ وَإِنْ صَدَقَ عَلَى جَمِيعِ الصُّـوَرِ ، فَصِدْقُهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتي لَمْ يَفْصِلْ فِيهَا بَيْنَ رَمَضَانَ وَبَيْنَ السِّتِّ إِلاَّ يَوْمَ الفِطْرِ الَّذِي لاَ يَصِحُّ صَوْمُهُ لاَ شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى ، وَأَمَّا أَنَّهُ لاَ يَحْصُلُ الأَجْرُ إِلاَّ لِمَنْ فَعَلَ كَذَلِكَ ، فَلاَ ؛ لأَنَّ مَنْ صَامَ سِتّاً مِنْ آخِرِ شَوَّالٍ ؛ فَقَدْ أتْبَعَ رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ بِلاَ شَكٍّ ، وَذَلِكَ هُوَ المَطْلُوبُ " (124) .
ثَالِثُهَا : أَنَّهَا لاَ تُصَامُ عَقِبَ يَوْمِ الفِطْرِ ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، وَلَكِنْ يُصَامُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ أَيَّامِ البِيضِ ، وَأَيَّامُ البِيضِ ، أَوْ بَعْدَهَا ، وَهَذَا قَوْلُ مَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ ، وعَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيِّ(125) .
قَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ ، وَأَكْثَرُ العُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ صِيَامُ ثَانِي يَوْمِ الفِطْرِ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ : ( إِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ ) (126) " (127) .
· مَسْأَلَـةٌ : مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَهَلْ يَبْدَأُ بِقَضَائِهِ ، أَمْ يَتَطَوَّعُ بِصَيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ ثُمِّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ ؟
قَالَ ابنُ رَجَبٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَـانَ فَلْيَبْدَأْ بِقَضَائِهِ فِي شَوَّالٍ ؛ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ ، وَهُـوَ أَوْلَى مِنَ التَّطَوُّعِ بِصِيَامِ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ ، فَإِنَّ العُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَلَيْهُ صِيَامٌ مَفْرُوضٌ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَهُ ، أَوْ لاَ ؟ ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ التَّطَوُّعَ قَبْلَ القَضَاءِ ، فَلاَ يَحْصُلُ مَقْصُـودُ صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَـوَّالٍ إِلاَّ لِمَنْ أَكْمَلَ صِيَامَ رَمَضَـانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ بَدَأَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ حَيْثُ لَمْ يُكْمِلْ عِدَّةَ رَمَضَانَ ؛ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ(128) ، كَمَا لاَ يَحْصُلُ لِمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ بِصِيَامِ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ آخَرَ صِيَامُ السَّنَةِ ، بِغَيْرِ إِشْكَالٍ ، وَمَنْ بَدَأَ بِالقَضَاءِ فِي شَوَّالٍ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَ ذَلِكَ بِصِيَـامِ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ _ بَعْدَ تَكْمِيلِهِ قَضَاءَ رَمَضَانَ _ كَانَ حَسَناً ؛ لأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ قَدْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ(129) " (130) .
· مَسْأَلَةٌ أُخْرَى : مَنْ صَامَ فِي شَوَّالٍ قَضَاءً ، أَوْ نَذْراً ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَهَلْ تَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ فِي صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ بِدُخُولِهَا ضِمْنَ هَذَا القَضَاءِ أَوِ النَّذْرِ ، أَوْ لاَ ؟

يَقُولُ الشِّرْبِينِيُّ الشَّافِعِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ قَضَـاءً ، أَوْ نَذْراً ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، هَلْ تَحْصُلُ لَهُ السُّنَّةُ ، أَوْ لاَ ؟ ، لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ ، وَالظَّاهِرُ الحُصُولُ ، لَكِنْ لاَ يَحْصُلُ لَهُ هَـذَا الثَّوَابُ المَذْكُورُ ، خُصُوصاً مَنْ فَاتَهُ رَمَضَـانُ وَصَامَ عَنْهُ شَوَّالاً ؛ لأَنَّهُ لاَ يَصْـدُقُ عَلَيْهِ المَعْنَى المُتَقَدِّمُ ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُـمْ : يُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَـذِهِ الحَالَةِ أَنْ يَصُومَ سِتّاً مِنْ ذِي القَعْدَةِ(131) ؛ لأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الرَّاتِبِ اهـ .
وَهَذَا إِنَّمَا يَأْتِي إِذَا قُلْنَا إِنَّ صَوْمَهَا لاَ يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا بِحُصُولِهِ _ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا تَقَدَّمَ _ فَلاَ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا " (132) .
وَقَالَ ابنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَلاَ يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ صِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ بِصَوْمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ ؛ لأَنَّ صِيَامَ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ إِكْمَالِ عِدَّةِ رَمَضَانَ " (133) .
· مَسْأَلَةٌ أُخْرَى : هَلْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ المَذْكُورُ فِي الحَدِيثِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ ، وَأَطْعَمَ عَنْهُ ، ثُمَّ شُفِيَ يَوْمَ العِيدِ ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ؟
يَقُولُ البُجَيْرِمِيُّ الشَّافِعِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَتْبَعَهُ ) أَيْ : حَقِيقَةً إِنْ صَامَهُ ، وَحُكْماً إِنْ أَفْطَرَهُ ؛ لأَنَّ قَضَاءَهُ يَقَعُ عَنْهُ ، فَكَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ ، وَمِنْ هُنَا ؛ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ ، وَأَطْعَمَ عَنْهُ ، ثُمَّ شُفِيَ يَوْمَ العِيدِ ، ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ، حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ المَذْكُورُ كَمَا حَقَّقَهُ البِرْمَاوِيُّ " (134) .


الـمَبْحَثُ الثَّالِثُ
ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ شَيْءٍ مِنْ شَوَّالٍ
هُوَ تَصْحِيفٌ وَقَعَ لِبَعْضِ المُحَدِّثِينَ فِي رِوَايَتِهِ لِحَدِيثِ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ ... " ، فَقَدْ رَوَى الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (3/431) _ بِإِسْنَادِهِ _ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ العَبَّاسِ الخَزَّازُ ؛ قَالَ : حَضَرْتُ الصُّولِيَّ(135) وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ " ، فَقَالَ : وَأَتْبَعَهُ شَيْئاً مِنْ شَوَّالٍ ، فَقُلْتُ : أَيُّهَا الشَّيْخُ ، اجْعَلِ النُّقْطَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَحْتَ اليَاءِ فَوْقَهَا ، فلَمْ يَعْلَمْ مَا قَصَدْتُ ، فَقُلْتُ : إنَّمَا هِيَ : " سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ " ، فَرَوَاهُ عَلَى الصَّوَابِ ، أَوْ كَمَا قَالَ .
وَقَالَ الخَطِيبُ _ أَيْضاً _ : حَدَّثَنِي الأَزْهَـرِيُّ ؛ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الحَسَـنِ الدَّارَقُطْنِيَّ يَذْكُرُ أَنَّ الصُّولِيَّ رَوَى حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ " ، فَصَحَّفَ فِيهِ ؛ فَقَالَ : وَأَتْبَعَهُ شَيْئاً مِنْ شَوَّالٍ .
وَقَالَ الخَطِيبُ _ أَيْضاً _ فِي " الجَامِعِ لأَخْلاَقِ الرَّاوِي " (1/296) : أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَمْرٍو الأُسْتُوَائِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ(136) ؛ قَالَ : " أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ فِي الجَامِعِ حَدِيثَ عُمَرَ بنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَـنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَـانَ ، وَأَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَالٍ ؛ فَكَأَنَّمَـا صَامَ الدَّهْرَ " ، فَقَالَ الصُّولِيُّ : وَأَتْبَعَهُ شَيْئاً مِنْ شَوَّالٍ _ بِالشِّينِ وَاليَاءِ _ " .


الـمَبْحَثُ الـرَّابِـعُ
ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صَوْمِ يَوْمَيْنِ مِنْ شَوَّالٍ لِمَنْ لَمْ يَصُمْ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ
أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِِ " (4/428 _ رقم : 19852) و (4/432 _ رقم :19895) و (4/434 _ رقم :19910) و (4/439 _ رقم :19961) و (4/442 _ رقم : 19984) و (4/443 _ رقم : 19992 و 19993 و20002) و (4/446 _ رقـم : 20020) ، وَالبُخَـارِيُّ فِي " صَحِيحِـهِ " (رقم :1882) ، وَمُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم :1161 و 1162) _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقـم : 2328) ، وَالنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/164 _ رقم :2868 و 2869 و 2870) مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عِمْرَانَ ابنِ حُصَيْنٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا _ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَالَ لَهُ _ أَوْ لآخَرَ _ : " أَصُمْتَ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ ؟ " ، قَالَ : لاَ ، قَالَ : " فَإِذَا أَفْطَرْتَ ؛ فَصُمْ يَوْمَيْنِ " .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : " أَصُمْتَ مِنْ سُرَّةِ هَذَا الشَّهْرِ ؟ " .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ _ أَيْضاً _ : " فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ ؛ فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ ".
وَجَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ : " هَلْ صُمْتَ سَرَارَ هَذَا الشَّهْرِ ؟ " .

قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ : " وَالسَّرَرِ _ بِفَتْحِ السِّينِ المُهْمَلَةِ ، وَيَجُـوزُ كَسْرُهَا وَضَمُّهَا _ جَمْعُ سُرَّةً ، وَيُقَالُ _ أَيْضاً _ : سَِرَارٌ _ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ _ ، وَرَجَّحَ الفَرَّاءُ الفَتْحَ ، وَهُوَ مِنَ الاسْتِسْرَارِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ وَالجُمْهُورُ : المُرَادُ بِالسَّرَرِ _ هُنَا _ آخِرُ الشَّهْرِ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاسْتِسْرَارِ القَمَرِ فِيهَا ، وَهِيَ لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ ، وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَثَلاَثِينَ ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ أَنَّ سَرَرَهُ أَوَّلُهُ ، وَنَقَلَ الخَطَّابِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ كَالجُمْهُورِ .
وَقِيلَ : السَّرَرُ وَسَطُ الشَّهْرِ ، حَكَاهُ أَبُو دَاوُدَ _ أَيْضاً _ ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ السَّرَرَ جَمْعُ سُرَّةٍ ، وَسُرَّةُ الشَّيْءِ وَسَطُهُ ، ويُؤَيِّدُهُ النَّدْبُ إِلَى صِيَامِ البِيضِ ، وَهِيَ وَسَطُ الشَّهْرِ ، وَأنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي صِيَامِ آخِرِ الشَّهْرِ نَدْبٌ ، بَلْ وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ ، وَهُوَ آخِرُ شَعْبَانَ إِنْ صَامَهُ لأَجْلِ رَمَضَانَ ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ(137) بِأَنَّ مُسْلِماً أَفْرَدَ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا : ( سُرَّةُ هَذَا الشَّهْرِ ) عَنْ بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ ، وَأَرْدَفَ بِهَا الرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا الحَضُّ عَلَى صِيَامِ البِيضِ ، وَهِيَ وَسَطُ الشَّهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ ، لَكِنْ لَمْ أَرَهُ فِي جَمِيعِ طُرُقِ الحَدِيثِ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ ، وَهُوَ : ( سُرَّةٌ ) ، بَلْ هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ وَجْهَيْنِ بِلَفْظِ : ( سَرَارٍ ) ، وَأَخْرَجَـهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، فِي بَعْضِهَـا : (سَرَرٌ ) ، وَفِي بَعْضِهَا : ( سَرَارٌ ) ، وهَـذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُرَادَ آخِرُ الشَّهْرِ .
قَالَ الخَطَّابِيُّ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ : سُؤَالُهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _عَنْ ذَلِكَ سُؤَالُ زَجْرٍ وَإِنْكَارٍ؛ لأنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يُسْتَقْبَلَ الشَّهْرُ بِيَومٍ أَوْ يَوْمَيْنِ .
وَتُعِقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِقَضَاءِ ذَلِكَ .
وَأَجَابَ الخَطَّابِيُّ باحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ ؛ فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِالوَفَاءِ ، وَأَنْ يَقْضِيَ ذَلِكَ فِي شَوَّالٍ . انْتَهَى (138) .
وقَالَ ابْنُ المُنِيرِ فِي ( الحَاشِيَةِ ) : قَوْلُهُ : ( سُؤَالُ إِنْكَارٍ ) فِيهِ تَكَلُّفٌ ، ويَدْفَعُ فِي صَدْرِهِ قَوْلُ المَسْئُولِ : ( لاَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ) ، فَلَوْ كَانَ سُؤَالَ إنْكَارٍ لَكَانَ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _قَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَامَ ، وَالفَرَضُ أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَصُمْ ، فَكَيْفَ يُنْكِرُ عَلَيْهِ فِعْلَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ ؟ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ كَانَتْ لَهُ عَادَةٌ بِصِيَامِ آخِرِ الشَّهْرِ ، فَلَّمَا سَمِعَ نَهْيَهُ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَومٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، ولَمْ يَبْلُغْهُ الاسْتِثْنَاءُ ، تَرَكَ صِيَامَ مَا كَانَ اعْتَادَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَمَرَهُ بِقَضَائِهَا ؛ لِتَسْتَمِرَّ مُحَافَظَتُهُ عَلَى مَا وَظَّفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ العِبَادَةِ ؛ لأَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلَى اللَّهِ _ تَعَالَى _ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ ابْنُ التِّينِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَلاَماً جَرَى مِنَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _جَوَاباً لِكَلاَمٍ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا اهـ .
وَلاَ يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا المَأْخَذِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ يَقْصِدُ بِهِ التَّحَرِّيَ ؛ لأَجْلِ رَمَضَانَ ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ ؛ فَلاَ يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ اعْتَادَهُ ، وَهُوَ خِلاَفُ ظَاهِرِ حَدِيثِ النَّهْيِ ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ إِلاَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ عَادَةٌ .
وَأَشَارَ القُرْطُبِيُّ إِلَى أَنَّ الحَامِلَ لِمَنْ حَمَـلَ سَرَرَ الشَّهْرِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ _ وَهُوَ : آخِرُ الشَّهْرِ _ الفِرَارُ مِنَ المُعَارَضَةِ ؛ لِنَهْيِهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَـانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، وَقَالَ : الجَمْعُ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ مُمْكِنٌ ، بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى مَنْ لَيْسَتْ لَهُ عَادَةٌ بِذَلِكَ ، وَحَمْلُ الأَمْرِ عَلَى مَنْ لَهُ عَادَةٌ ، حَمْلاً لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ عَلَى مُلاَزَمَةِ عَادَةِ الخَيْرِ حَتَّى لاَ يَقْطَعَ " (139) ، انْتَهَى كَلاَمُ ابْنِ حَجَرٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى _ .


الـمَبْحَثُ الخَامِسُ
ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ صَبِيحَةِ الفِطْرِ مِنْ شَوَّالٍ
أَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي " المَجْرُوحِينَ " (2/265) قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ إِسْحَاقَ الخَطِيبُ _ بِالأَهْوَازِ _ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَارِثِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ الحَارِثِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَيْلَمَانِيُّ _ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ _ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابنِ عُمَرَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: " مَنْ صَامَ صَبِيحَةَ الفِطْرِ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ " .
أَقُولُ : هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدّاً ، مُنْكَرُ المَتْنِ ؛ فَمُحَمَّدُ بنُالحَارِثِ الحَارِثِيُّ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ ، وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَيْلَمَانِيُّ مُنْكَرُ الحَدِيثِ ، بَلْ قَالَ عَنْهُ ابنُ حِبَّانَ : " يَضَعُ عَلَى أَبِيهِ العَجَائِبَ " ، وَقَالَ _ أَيْضاً _ : " حَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ بِنُسْخَةٍ شَبِيهاً بِمِائَتَيْ حَدِيثٍ ، كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ ، لاَ يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ ، وَلاَ ذِكْرُهُ فِي الكُتُبِ إِلاَّ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ " .
أَمَّا نَكَارَةُ مَتْنِهِ ؛ فَلأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي النَّهيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ .
المَبْحَثُ السَّادِسُ
ذِكْرُ مَا جَاءَ فِي مُطْلَقِ الصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ
أَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/349 _ رقم :3737) ، و " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " (رقم :162) قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا ابنُ أَبِي السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ ابنُ الوَلِيدِ الحِمْصِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ بَشِيرٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _: " الصَّائِمُ بَعْدَ رَمَضَانَ كَالكَارِّ بَعْدَ الفَارِّ " .
أَقُولُ : هَذَا سَنَدٌ ضَعِيفٌ ؛ بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيدِ صَدُوقٌ يَكْتُبُ عَمَّنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ ، وَهُوَ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ عَنِ الضُّعَفَاءِ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَشَيْخُهُ _ وَهُوَ : إِسْمَاعِيلُ بنُ بَشِيرٍ _ لاَ أَدْرِى مَنْ هُوَ ، وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : " إِذَا حَدَّثَ عَنْ قَوْمٍ لَيْسُوا بِمَعْرُوفِينَ فَلاَ تَقْبَلُوهُ " ، وَسُئِلَ ابنُ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ : " إِذَا حَدَّثَ عَنِ الثِّقَاتِ مِثْلِ : صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ ، وَأَمَّا إِذَا حَدَّثَ عَنْ أُولَئِكَ المَجْهُولِينَ فَلاَ " ، وَقَالَ يَعْقُوبُ : " هُوَ ثِقَةٌ حَسَـنُ الحَدِيثِ إِذَا حَدَّثَ عَنِ المَعْرُوفِينَ ، وَحَدَّثَ عَنْ قَوْمٍ مَتْرُوكِي الحَدِيثِ ، وَعَـنِ الضُّعَفَاءِ ، وَيَحِيدُ عَنْ أَسَمَائِهِمْ إِلَى كُنَاهِمْ ، وَعَنْ كُنَاهِمْ إِلَى أَسْمَائِهِمْ " .
وَهَذَا الحَدِيثُ أَوْرَدَهُ البَيْهَقِيُّ فِي " الشُّعَبِ " تَحْتَ : ( صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ) ، وَفِي " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " تَحْتَ : ( بَابِ فَضْلِ صَوْمِ شَوَّالٍ ) ، وَقَالَ المُنَاوِيُّ _ عِنْدَ شَرْحِهِ لِهَذَا الحَدِيثِ _ : " أَيْ : مَنْ فَرَغَ مِنَ الصَّوْمِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ ، كَمَنْ هَرَبَ مِنَ القِتَالِ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ ، فَيَتَأَكَّدُ صَوْمُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ، وَلِهَذَا كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: الصَّوْمُ يَوْماً بَعْدَ رَمَضَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ الدَّهْرَ كُلَّهُ "(140) ؛ لأَجْلِ ذَلِكَ أَوْرَدْتُهُ فِي هَذَا المَبْحَثِ ، وَعَقَدْتُ لَهُ التَرْجَمَةَ هَذِهِ .


_ تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى _

(1)قَنِّيرُ : قَرْيَةٌ بِفِلَسْطِينَ ، تَقَعُ جُنُوبَ مَدِينَةِ حَيْفَا .

(2) انْظُرْ : " جَامِعَ التَّحْصِيلِ " (ص :261) .

(3) هُوَ : أَبُو زُرْعَةَ العِرَاقِيُّ ، وقدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ : " تُحْفَةِ التَّحْصِيلِ " (ص :273) .

(4) " مَوَاهِبُ الجَلِيلِ " (2/413) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : "حَاشِيَةَ الدُّسُوقِيِّ " (1/516) .

(5) " فَيْضُ القَدِيرِ " (4/205) .

(6) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :135) .

(7) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :234) .

(8) أَخْرَجَهُ عنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ ، عَنْ سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ ، منْ غيرِ ذِكْرِ ( إِسْمَاعِيلَ بنِ جَعْفَرٍ ) بينَ ( عَلِيٍّ ) و ( سَعْدٍ ) ، والظَّاهِرُ أَنَّ الإِسْنَادَ اعْتَرَاهُ سَقْطٌ ؛ لأنَّ أَبَا عَوَانَةَ يَرْوِي فِي " المُسْتَخْرَجِ " عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بنِ جَعْفَرٍ ، وقَدْ كَرَّرَ هَذَا الإِسْنَادَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ، واللَّهُ أَعْلَمُ .

(9) أَخْرَجَ رِوَايَتَهُ النَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/163 _ رقم :2862) .

(10) أَخْرَجَ رِوَايَتَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3905) .

(11) أَخْرَجَ رِوَايَتَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (4/134 _ رقم :3905/م) .

(12) ذَكَرَ رِوَايَتَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " العِلَلِ " (6/109) ، وَلَمْ أَعْثُرْ عَلَى مَنْ خَرَّجَهَا .

(13) كَذَا جَاءَ فِي " عِلَلِ الدَّارَقُطْنِيِّ " ، وَقَـدْ أَخْرَجَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحسنُ بنُ محمَّدٍ الخَلاَّلُ فِي " المَجَالِسِ العَشَرَةِ " (رقم :61) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ ، عنْ إِسْحَاقَ بنِ عبدِ اللَّهِ _ وَهُوَ ابنُ أَبِي فَرْوَةَ _ ؛ قَالَ : حدَّثني سَعْدُ بنُ سَعِيدٍ ، عنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ ، عنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ ، عنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _أنَّهُ قَالَ : " مَنْ صَامَ سِتَّةَ أيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ " .

(14) كَلاَمُ النَّسَائِيِّ _ هَذَا _ ذَكَرَهُ الحَافِظُ المِزِّيُّ فِي " تَهْذِيبِ الكَمَالِ " (19/468) فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ بنِ عَمْرٍو الحَرَّانِيِّ ، وَقَدْ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ " السُّنَنِ الكُبْرَى " المَطْبُوعَةِ .

(15) " مَعْرِفَةُ السُّنَنِ وَالآثَارِ " لَهُ (3/450 ) عَقِبَ الحَدِيثِ (رقم :2622) .

(16) " البَدْرُ المُنِيرِ " (5/752) .

(17) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/62) .

(18) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ : " البَدْرِ المُنِيرِ " (5/752) .

(19) ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَشْهُورُ بنُ حَسَـنٍ السَّلْمَانُ _ حَفِظَهُ اللَّهُ _ فِي تَعْلِيقِـهِ عَلَى كِتَابِ " المُوَافَقَاتِ " لِلإِمَامِ الشَّاطِبِيِّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ (4/106) .

(20) قَالَ الأَمِيرُ الصَّنْعَانِيُّ فِي " سُبُلِ السَّلاَمِ " (2/167) : " وَوَجْهُ الاغْتِرَارِ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمْ يَصِفْهُ بِالصِّحَّةِ ، بَلْ بِالحُسْنِ ، وَكَأَنَّهُ فِي نُسْخَةٍ ، وَالَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي ( سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ) بَعْدَ سِيَاقِهِ لِلْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ : قَالَ أَبُو عِيسَى : حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ حَدِيثٌ حَسَـنٌ صَحِيحٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَسَعْدُ بنُ سَعِيدٍ هُوَ : أَخُو يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ فِي سَعْدِ بنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ " .

(21) " فَيْضُ القَدِيرِ " (6/ 161) .

(22) " التَّلْخِيصُ الحَبِيرِ " (2/214) .

(23) " إِبْرَازُ الحِكَمِ مِنْ حَدِيثِ رَفْعِ القَلَمِ " ( ص : 4 ) .

(24) " إِتْحَافُ السَّادَةِ المُتَّقِينَ " (4/257) ، أَقُـولُ : جُـزْءُ الزَّبِيـدِيِّ _ هَذَا _ اسْمُـهُ : " الاحْتِفَالُ بِصَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ " ، ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ بَاشَا البَغْدَادِيُّ في " هِدَايَةِ العَارِفِينَ " (ص :633) ، و " إِيضَاحِ المَكْنُونِ " (1/31) .

(25) (7/61 _ 71) .

(26) كَذَا فِي الأَصْلِ ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ : مِنَ الغَدِ ، أَيْ : مِنْ غَدِ يَوْمِ الفِطْرِ .

(27) جَاءَ فِي الأَصْلِ : يَرْوُونَ .

(28) جَاءَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنَائِمٍ ، وَجَاءَ عَلَى الصَّوَابِ فِي " مُخْتَصَرِ تَارِيخِ دِمَشْقَ " لابنِ مَنْظُورٍ (ص :2497) .

(29) انْظُرِ : " الأَزْهَارُ المُتَنَاثِرَةِ " (رقم : 49) .

(30) انْظُرْ : " نَظْمُ المُتَنَاثِرِ " (رقم :128) .

(31) وَرَدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ ، وَإِليَكَ سِيَاقُهَا :
أَوَّلاً : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : أَخْرَجَـهُ ابنُ عَدِيٍّ فِي " الكَامِلِ " (7/53) _ وَمِنْ طَرِيقِـهِ : البَيْهَقِـيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/201 _ رقم :7693) ، وَابنُ الجَـوْزِيِّ فِي " المَوْضُوعَاتِ " (2/187) _ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَعْشَرٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " لاَ تَقُولُوا : رَمَضَانُ ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ _ تَعَالَى _ ، وَلَكِنْ قُولُوا : شَهْرُ رَمَضَانَ " . =
= قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي " الأَذْكَارِ " (ص : 889) : " وَهَـذَا الحَدِيثُ ضَعِيفٌ ، ضَعَّفَهُ البَيْهَقِيُّ ، وَالضَّعْفُ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ رَمَضَانَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ _ تَعَالَى _ ، مَعَ كَثْرَةِ مَنْ صَنَّفَ فِيهَا ".
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " (2/292) : " وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ؛ فَإِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ نَجِيحٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ " .
وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ : " هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لاَ أَصْلَ لَهُ ، ... ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ _ تَعَالَى _ رَمَضَانَ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ إِجْمَاعاً " .
أَقُولُ : بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ ، وَلاَ يَصِلُ إِلَى دَرَجَةِ الوَضْعِ ؛ فَأَبُو مَعْشَرٍ هُوَ : نَجِيحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّنْدِيُّ المَدَنِيُّ _ إِمَامُ المَغَازِي وَالسِّيَرِ _ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَغَيُّراً شَدِيداً ، لِذَا ؛ كَانَ يَضْطَرِبُ فِي حَدِيثِهِ ، وَلاَ يُقِيمُ الإِسْنَادَ ، وَهَذَا الحَدِيثُ مِمَّا اضْطَرَبَ فِي إِسْنَادِهِ :
فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " التَّفْسِيرِ " (رقم :1673) فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ ، وَسَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لاَ تَقُولُوا : رَمَضَانُ ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ _ تَعَالَى _ ، وَلَكِنْ قُولُوا : شَهْرُ رَمَضَانَ .
أَقُولُ : كَذَا وَقَفَهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ ، وَقَرَنَ مَعَ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ مُحَمَّداً القُرَظِيَّ ، وَضَعَّفَ إِسْنَـادَهُ السُّيُوطِيُّ فِي " الشَّمَارِيخِ فِي عِلْمِ التَّأْرِيخِ " (ص :40) ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/202 _ رقم :7694) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ البَغَوِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ ؛ قَالَ : ... ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ ، فَوَقَفَـهُ عَلَى مُحَمَّدٍ القُرَظِيِّ ، قَالَ البَيْهَقِيُّ : " وَهُوَ أَشْبَهُ " ، أَيْ : بِالصَّوَابِ ، أَمَّا أَبُو حَاتِمٍ _ كَمَا فِي " العِلَلِ " (1/249 _ رقم :734) _ فَقَدْ رَجَّحَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ .
ثَانِياً : حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : أَخْرَجَـهُ تَمَّامٌ فِي " فَوَائِدِهِ " (رقم : 229) مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا نَاشِبُ بنُ عَمْرٍو أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بنِ مُزَاحِمٍ ، عَنِ ابنِ عُمَرَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ = = _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : صُمْتُ رَمَضَانَ ، وَقُمْتُ رَمَضَـانَ ، وَلاَ صَنَعْتُ فِي رَمَضَانَ كَذَا وَكَـذَا ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ العِظَامِ ، وَلَكِنْ قُولُوا : شَهْرُ رَمَضَانَ ، كَمَا قَالَ رَبُّكُمْ _ عَزَّ وَجَلَّ _ فِي كِتَابِهِ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ مُنْكَرٌ ضَعِيفٌ ؛ فَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ : ابنُ عِيسَى الدِّمَشْقِيُّ ، وَيُقَالُ لَهُ : سُلَيْمَانُ بنُ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ ، وَهُـوَ لاَ بَأْسَ بِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنِ الضَّعْفَى ، وَالمَنَاكِيرُ الَّتِي فِي حَدِيثِـهِ مِنْ جِهَتِهِمْ ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : " صَدُوقٌ ، مُسْتَقِيمُ الحَدِيثِ ، وَلَكِنَّهُ أَرْوَى النَّاسِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالمَجْهُولِينَ ، وَكَانَ عِنْدِي فِي حَدِّ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَضَعَ لَهُ حَدِيثاً لَمْ يَفْهَمْ ، وَكَانَ لاَ يُمَيِّزُ " ، وَقَالَ ابنُ حِبَّانَ : " يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ إِذَا رَوَى عَنِ الثِّقَاتِ المَشَاهِيرِ ، فَأَمَّا إِذَا رَوَى عَنِ المَجَاهِيلِ فَفِيهَا مَنَاكِيرُ " ، وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ : سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ ، قَالَ : ثِقَةٌ ، قُلْتُ : أَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ ؟! ، قَالَ : حَدَّثَ بِهَا عَنْ قَوْمٍ ضَعْفَى ، فَأَمَّا هُوَ فَثِقَةٌ " ، وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الحَدِيثِ _ وَهُوَ نَاشِبُ بنُ عَمْرٍو _ ضَعِيفٌ ، وَالضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ صَدُوقٌ ، غَيْرَ أَنَّهُ كَثِيرُ الإِرْسَالِ ، وَفِي سَمَاعِهِ مِنَ ابنِ عُمَرَ كَلاَمٌ ، فَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ : " قِيلَ لَهُ _ أَيْ : لِلإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ _ : فَلَقِيَ ابنَ عُمَرَ ؟ ، فَقَالَ : أَبُو سِنَانٍ يَرْوِي شَيْئاً مَا يَصِحُّ عِنْدِي ، قُلْتُ : فَأَبُو نُعَيْمٍ كَانَ يَقُولُ فِي حَكِيمِ بنِ دَيْلَمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ : سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ ؟ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : لَيْسَ بِشَيْءٍ " ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : " لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابنِ عُمَرَ " ، وَقَالَ ابنُ حِبَّـانَ : " لَقِيَ جَمَاعَةً مِنَ التَّابِعِينَ ، وَلَمْ يُشَافِهْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ " .
ثَالِثاً : حَدِيثُ عَائِشَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا _ : أَخْرَجَهُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ الأَنْبَارِيُّ فِي " مَشْيَخَتِهِ " (رقم :52) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : ابنُ النَّجَّارِ فِي " ذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ " (5/75) _ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَلْخِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدُوَيْه البَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا _ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا مَعْنَى رَمَضَانَ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " يَا حُمَيْرَاءُ ، لاَ تَقُولِي : رَمَضَانُ ؛ فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ قُولِي : شَهْرُ رَمَضَانَ ، = = يَعْنِي رَمَضَانُ : أَرْمَضَ فِيهِ ذُنُوبَ عِبَـادِهِ فَغَفَرَهَا " ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْنَا : شَوَّالُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، فَقَالَ : " شَالَتْ لَهُمْ ذُنُوبُهُمْ فَذَهَبَتْ " .
أَقُولُ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ ، وَإِسْنَادُهُ مُسَلْسَلٌ بِالمَجَاهِيلِ ؛ فَعُمَرُ بنُ عَبْدُوَيْه البَغْدَادِيُّ ذَكَرَهُ ابنُ النَّجَّارِ فِي " ذَيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ " (5/75) وَقَالَ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيمَ البَلْخِيُّ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحاً وَلاَ تَعْدِيلاً ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ لَمْ أَرَ مَنْ تَرْجَمَ لَهُ ، وَمُوسَى بنُ إِبْرَاهِيمَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ مُوسَى بنُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابنُ عَدِيٍّ فِي " الكَامِلِ " (6/348 ) وَقَالَ عَنْهُ : " شَيْخٌ مَجْهُولٌ ، حَدَّثَ بِالمَنَاكِيرِ عَنْ قَوْمٍ ثِقَاتٍ ، أَوْ مَنْ لاَ بَأْسَ بِهِمْ " .
رَابِعاً : أَثَرُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : أَخْرَجَهُ ابنُ الشَّجَرِيِّ فِي " أَمَالِيهِ " (ص : 242 _ بَتَرْقِيمِ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ ) مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُحَمَّدٍ سَهْلِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجِيِّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ الكُوفِيُّ بِمِصْرَ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بنُ إِسْمَاعِيـلَ بنِ مُوسَى بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ عَلِيّاً _ عَلَيْهِ السَّلاَمُ _ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَقُولُوا : رَمَضَانُ ؛ فإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ مَا رَمَضَانُ ، فَمَنْ قَالَهُ فَلْيَتَصَدَّقْ وَلْيَصُمْ كَفَّارَةً لِقَوْلِهِ ، وَلَكِنْ قُولُـوا كَمَا قَالَ اللَّهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _ : ( شَهْرُ رَمَضَانَ ) [ البقرة : 185] .
أَقُولُ : هَذَا أَثَرٌ مَوْضُوعٌ ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّيبَاجِيُّ سَهْلُ بنُ أَحْمَدَ قَالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي " تَارِيخِ بَغْدَادَ " (9/121) : " سَأَلْتُ الأَزْهَرِيَّ عَـنْ سَهْلٍ الدِّيبَاجِيِّ ؟ ؛ فَقَالَ : " كَانَ كَذَّاباً ، رَافِضِيّاً ، زِنْدِيقاً " ، وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ _ أَيْضاً _ : " لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَلاَ كِتَابٌ صَحِيحٌ " ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ : " كَانَ سَهْلٌ الدِّيبَاجِيُّ آيَةً وَنَكَـالاً فِي الرِّوَايَةِ ، وَكَانَ رَافِضِيّاً غَالِياً فِيهِ ، وَكَتَبْنَا عَنْهُ كِتَابَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ لأَهْلِ البَيْتِ مَرْفُوعٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ، وَلاَ كِتَابٌ صَحِيحٌ " ، وَقَالَ العَتِيقِيُّ : " لَمْ يَكُنْ فِي الحَدِيثِ بِذَاكَ " ، وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ قَالَ عَنْهُ ابنُ عَدِيٍّ فِي " الكَامِلِ " (6/301) : " مُقِيمٌ بِمِصْرَ ، كَتَبْتُ عَنْهُ بِهَا ، حَمَلَهُ شِدَّةُ مَيْلِهِ إِلَى التَّشَيُّعِ أَنْ أَخْرَجَ لَنَا نُسْخَةً قَرِيباً مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ عَنْ مُوسَى بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ مُوسَى بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ = = عَنْ جَدِّهِ ، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى عَلِيٍّ وَالنَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، كِتَابٌ كِتَابٌ يُخْرِجُهُ إِلَيْنَا بِخَطٍّ طَرِيٍّ عَلَى كَاغِدٍ جَدِيدٍ ، فِيهَا مَقَاطِيعُ ، وَعَامَّتُهَا مُسْنَدَةٌ ، مَنَاكِيرُ _ كُلُّهَا أَوْ عَامَّتُهَا _ ، فَذَكَرْنَا رِوَايَتَهُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ عَنْ مُوسَى _ هَذَا _ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ ابنِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ _ وَكَانَ شَيْخاً مِنْ أَهْلِ البَيْتِ بِمِصْرَ ، وَهُوَ أَخُ النَّاصِرِ ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْـهُ _ فَقَالَ لَنَا : كَانَ مُوسَى _ هَذَا _ جَارِي بِالمَدِينَـةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، مَا ذَكَرَ قَطُّ أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئاً مِنَ الرِّوَايَةِ ، لاَ عَنْ أَبِيهِ ، وَلاَ عَنْ غَيْرِهِ " ، وَقَالَ السَّهْمِيُّ : " سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ ؟ ؛ فَقَالَ : " آيَةٌ مِنْ آيَـاتِ اللَّهِ ، وَضَعَ ذَاكَ الكِتَـابَ _ يَعْنِي : العَلَوِيَّاتِ _ " .
خَامِساً : أَثَرُ مُجَاهِدِ بنِ جَبْرٍ : أَخْرَجَهُ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ في " تَفْسِيرِهِ " (2/150) قَالَ : حَدَّثَنِي المُثَنَّى ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ : رَمَضَانُ ، وَيَقُولُ : لَعَلَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ، لَكِنْ نَقُولُ كَمَ_ا قَالَ اللَّهُ : ( شَهْرُ رَمَضَانَ ) [ البقرة : 185 ] .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ؛ فَالمُثَنَّى _ شَيْخُ الطَّبَرِيِّ _ هُوَ : ابنُ إِبْرَاهِيمَ ، لَمْ أَعْثُرْ لَهُ عَلَى تَرْجَمَةٍ ، وَبَقِيَّةُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ ، وَقْدْ تُوبِعَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَيْهِ ، تَابَعَهُ طَلْحَةُ بنُ عَمْرٍو : أَخْرَجَـهُ ابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " (26/240) مِنْ طَرِيقِ تَمَّامِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ ، أَخْبَرَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى عِمْرَانُ بنُ مُوسَى الطَّرَسُوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ [ كَـذَا فِي الأَصْلِ ، وَالصَّـوَابُ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو عَلِيٍّ ] سُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ طَلْحَةَ بنِ عَمْرٍو ، عَنْ مُجَاهِدٍ ؛ قَالَ : لاَ تَقُولُوا : رَمَضَانُ ، وَلَكِنْ قُولُوا : شَهْرُ رَمَضَانَ ؛ لَعَلَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ .
أَقُولُ : هَذِهِ مُتَابَعَةٌ لاَ يُفْرَحُ بِهَا ؛ لأَنَّ إِسْنَادَهَا ضَعِيفٌ جِدّاً ؛ فَأَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ هُوَ : العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ ، نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ ، تَرْجَمَ لهُ ابنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ " ، وَأَخْرَجَ هَذَا الأَثَرَ فِي تَرْجَمَتِهِ ، ولَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحاً وَلاَ تَعْدِيلاً ، وَسُنَيْدُ بنُ دَاوُدَ هُوَ : حُسَيْنُ بنُ دَاوُدَ ، وَسُنَيْدٌ لَقَبٌ لَهُ ، ضُعِّفَ ، وَطَلْحَةُ بنُ عَمْرٍو هُوَ : ابنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ .
=
= وَأَشَارَ البَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/202) إِلَى أَثَرِ مُجَاهِدٍ هَذَا ، وَذَكَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ .
سَادِساً : أَثَرُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ : أَشَارَ البَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/202) إِلَى أَثَرِهِ هَذَا _ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ _ ، وَذَكَرَ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ .

(32) " صَحِيحُ البُخَارِيِّ " (2/671 _ بُغا) .

(33) " السُّنَنُ الصُّغْرَى " (4/130) .

(34) " السُّنَنُ الكُبْرَى " (2/67) .

(35) " تَفْسِيرُ ابنِ أَبِي حَاتِمٍ " عَقِبَ الحَدِيثِ (رقم :1673) .

(36) " تَفْسِيرُ القُرْطُبِيِّ " (2/292 _ 293) .

(37) " الأَذْكَارُ " (ص :889) .

(38) " فَتْحُ البَارِي " (4/113) .

(39) " الشَّمَارِيخُ فِي عِلْمِ التَّأْرِيخِ " (ص :40) .

(40) " تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ " (2/150) ، وَانْظُرْ _ أَيْضـاً _ : " لَسِـانَ العَرَبِ " (4/431) ، و" تَاجَ العَرُوسِ " (ص :3039) .

(41) " فَتْحُ البَارِي " (4/113) .

(42) الفِصَالُ : جَمْعُ فَصِيلٍ ، وَهُوَ : وَلَدُ النَّاقَةِ ، أَوِ البَقَرَةِ بَعْدَ فِطَامِهِ وَفَصْلِهِ عَنْ أُمِّهِ .

(43) " تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ " (2/150) .

(44) " المَشْهُورُ فِي أَسْمَاءِ الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ " لَهُ _ كَمَا فِي " تَفْسِيرِ ابنِ كَثِيرٍ (2/465) _ .

(45) " الشَّمَارِيخُ فِي عِلْمِ التَّأْرِيخِ " (ص :40) .

(46) وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " المَجْمُوعَ " لَهُ (6/400 _ 401) ، و " الدِّيبَاجَ شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ " لِلسُّيُوطِيِّ (3/253) ، و " فَيْضَ القَدِيرِ " لِلْمُنَاوِيِّ (6/161) .

(47) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/68 _ 69) ، وَكَلاَمُهُ هَذَا مَأخُوذٌ مِنْ كَلامِ القَرَافِيِّ فِي كِتَابِهِ : " الفُرُوقِ " (2/314) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " بَدَائِعُ الفَوَائِدِ " (4/826) .

(48) انْظُرْ : " حَاشِيَةَ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/69) .

(49) هُوَ : القَرَافِيُّ ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي " الفُرُوقِ " (2/317 _ 318) ، وَتَعَقَّبَهُ ابنُ الشَّاطِّ فِـي " إِدْرَارِ الشُّرُوقِ " (2/312) بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالقَوِيِّ .

(50) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/70) .

(51) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/69) .

(52) " المَنَارُ المُنِيفُ " (ص :39) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " لابنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ (ص :234 _ 235) .

(53) انْظُرِ : " الفُرُوقَ " لِلْقَرَافِيِّ (2/315) .

(54) انْظُرْ : " حَاشِيَةَ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/69) .

(55) عَقِبَ الحَدِيثِ ( رقم :759 ) ، حَيْثُ قَالَ : " قَالَ ابنُ المُبَارَكِ : وَيُرْوَى فِي بَعْضِ الحَدِيثِ : وَيُلْحَقُ هَذَا الصِّيَامُ بِرَمَضَانَ " .

(56) أَثَرُ أُمِّ سَلَمَةَ _ هَذَا _ لاَ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا فَهِمَهُ ابنُ رَجَبٍ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ ؛ فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَراً ، مَعَ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ (ص :233) كَامِلاً دُونَ اخْتِصَارٍ ، وَقَالَ : " وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ " ، وَالأَثَرُ ذَكَرَهُ المُتَقِّي الهِنْدِيُّ فِي " كَنْزِ العُمَّالِ " (8/976 _ رقم :24318) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ لأَهْلِهَا : مَنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَلْيَصُمْهُ مِنَ الغَدِ مِنْ يَوْمِ الفِطْرِ ، فَمَنْ صَامَ الغَدَ مِنْ يَوْمِ الفِطْرِ ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ مِنْ رَمَضَانَ . وَعَزَاهُ لابنِ زَنْجُويَه ، ولَمْ أَقِفْ عَلَى إِسْنَادِهِ .

(57) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :234) .

(58) " أَحْكَامُ القُرْآنِ " (4/15) .

(59) " الفُرُوقُ " (2/314) .

(60) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/69) ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ كَلاَمٍ عَلَى هَذِهِ المَسْأَلَةِ لاَحِقاً .

(61) " إِدْرَارُ الشُّرُوقِ " (2/312) .

(62) الرُّطْبُ : المَرْعَى الأَخْضَرُ مِنَ العُشْبِ وَالشَّجَرِ .

(63) الطِّرَاقُ : ضِرَابُ الفَحْلِ .

(64) انْظُرْ : " لِسَانَ العَرَبِ " (11/374) ، وَ " تَاجَ العَرُوسِ " (ص :7230) ، وَ " تَفْسِيرَ ابنِ كَثِيرٍ " (2/465) نَقْلاً عَنِ السَّخَـاوِيِّ فِي جُزْئِـهِ : " المَشْهُورِ فِي أَسْمَـاءِ الأَيَّامِ وَالشُّهُورِ " ، وَ " الشَّمَارِيخَ فِي عِلْمِ التَّأْرِيخِ " لِلسُّيُوطِيِّ (ص :41) .

(65) " فَيْضُ القَدِيرِ " (6/161) ، قَالَ القَرَافِيُّ فِي " الفُرُوقِ " (2/315) : " وَذَلِكَ أَنَّ شَهْراً بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بِسِتِّنَ يَوْماً ؛ لأَنَّ الحَسَنَةَ بِعَشَرَةٍ ، وَالسِّتُّونَ يَوْماً بِشَهْرَيْنِ ، وَشَهْرَانِ مَعَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ سَنَةٌ كَامِلَةٌ ، فَمَـنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ هُـوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَامَ تِلْكَ السَّنَةَ ؛ لِتَحْصِيلِهِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً ، فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ عُمُرِهِ ؛ كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ ، وَالمُرَادُ بِالدَّهْرِ : عُمُرُهُ إِلَى آخِرِهِ " .

(66) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/70) .

(67) " مُشْكِلُ الآثَارِ " (6/41 _ 43) .

(68) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ فِي " المُسْنَدِ " (رقم : 50 _ منتخب) ، وَأَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (1/58 _ رقم :408) ، وَمُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِـهِ " (رقم :656) _ وَاللَّفَظُ لَهُ _ ، وابنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِـهِ " (5/408 _ رقم :2060) ، وابنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِهِ " (2/365 _ رقم :1473) ، وَالدَّارِمِيُّ فِي " المُسْنَدِ " (رقم : 1244) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (1/463 _ رقم :2012) و (3/60 _ رقم :4743) مِنْ طُرُقٍ عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ " .
وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (1/525 _ رقم :2008) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : البَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (3/60 _ رقم :4743) ، وَأَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (1/58 _ رقم : 40408) بِشَطْرِهِ الثَّانِي فَقَطْ _ ، وَأَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (1/68 _ رقم:491) _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم:555) ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم:221) ، وابنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " (5/407 _ 408 ، رقم :2058 و 2059) _ بِشَطْرِهِ الثَّانِي فَقَطْ _ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيمٍ ، بِهِ ؛ بِلَفْظِ: " مَنْ صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ ؛ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ؛ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ " .
وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ البَعْضِ : " وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالصُّبْحَ " .
وَجَاءَ عِنْدَ ابنِ حِبَّانَ _ فِي المَوْضِعِ الأَوَّلِ _ : " مَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالغَدَاةَ " . =
= وَرُوِيَ مَوْقُوفاً _ أَيْضاً _ عَلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ : أَخْرَجَـهُ مَالِكٌ فِي " المُوَطَّإِ " (رقم : 295 _ رِوَايَةُ يَحْيَى اللَّيْثِـيِّ ) _ وَاللَّفْظُ لَـهُ _ ، وَعَبْـدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (1/525 _ رقم :2009) ، وابنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " المُصَنَّفِ " (1/293 _ رقم : 3357) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ ابنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ إِلَى صَلاَةِ العِشَاءِ ، فَرَأَى أَهْلَ المَسْجِدِ قَلِيلاً ، فَاضْطَجَعَ فِي مُؤَخَّرِ المَسْجِدِ يَنْتَظِرُ النَّاسَ أَنْ يَكْثُرُوا ، فَأَتَاهُ ابنُ أَبِي عَمْرَةَ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ ، فَسَأَلَهُ مَـنْ هُوَ ؟ ، فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ؟ ، فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لهُ عُثْمَانُ : مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ ؛ فَكَأَنَّما قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ ، ومَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ ؛ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً .

(69) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/70) .

(70) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ البُخَـارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم : 1813) ، وَمُسْلِـمٌ فِي " صَحِيحِـهِ " (رقم : 1089) ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 2323) ، وَالتَّرْمِـذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم :692) ، وَابنُ مَاجَهْ فِي " السُّنَنِ " (رقم :1659) مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الحَذَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِهِ .

(71) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :234) .

(72) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَوَقَفْتُ عَلَى لَفْـظٍ قَرِيبٍ : أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (3/435 _ 436 ، رقم :15622 و 15632) و(4/19 _ رقم :16294) و (5/34 _ 35 ، رقم :20380 و 20387) ، وابنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " (413 _ رقم :3653) مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُـولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " صِيَامُ ثَلاَثةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ؛ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِفْطَارُهُ " .
أَقُولُ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجَلِيِّ : أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الصُّغْرَى " (رقم :2420) و " الكُبْرَى " (رقم : 2728) ، وَأَبُو يَعْلَى فِي " المُسْنَدِ " (13/413 _ رقم :7504) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (2/356 _ رقم :2499) ، و " المُعْجَمِ الأَوْسَطِ " (7/298 _ رقم :7550) ، و " المُعْجَمِ الصَّغِيرِ " (رقم :913) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/390 _ رقم :3853) مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنْ جَرِيرِ ابنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِـنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ ، وَأَيَّامُ البِيضِ : صَبِيحَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ " .
قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ البَارِي " (4/226) : " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ " .
أَقُولُ : لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ مُدَلِّسٌ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّحْدِيثِ .

(73) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (4/25 _ 26 ، رقم : 16358 و 16366) _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَابنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِـهِ " (3/311 _ رقم :2150) ، وَالحَاكِمُ فِي " المُسْتَدْرَكِ " (1/601 _ رقم : 1590) مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ؛ لاَ صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ ، أَوْ مَا صَامَ وَلاَ أَفْطَرَ " .
قَالَ الحَاكِمُ : " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ " .
أَقُولُ : بَلْ هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَقَطْ ، فَعَبْدُ اللَّهِ بنُ الشِّخِّيرِ _ وَالِدُ مُطَرِّفٍ _ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يَرْوِ لَهُ البُخَارِيُّ .
وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ سَيَأْتِي قَرِيباً .

(74) " مَجْمُوعُ الفَتَاوَى " (22/237 _ 238) .

(75) لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَكَأنَّهُ حَكَاهُ بِالمَعْنَى ، وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (2/344 _ رقم :8521) ، وَابنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " المُصَنَّفِ " (4/221 _ رقم :19479) ، وَالبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَالنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الصُّغْرَى " (رقم :3128) و " الكُبْرَى " (9/157 _ رقم : 18269) مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُجَادَةَ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فَقَالَ : دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ ، قَالَ : " لاَ أَجِدُهُ " ، قَالَ : " هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُـلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِـرَ ؟ " ، قَالَ : وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ؟! ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طُولِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ .
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم :1878) مِـنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ لِلنَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ _ عَزَّ وَجَلَّ _ ؟ ، قَالَ : " لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ " ، قَالَ : فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ : " لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ " ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ : " مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ ، لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَصَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى " .

(76) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم:1162)، وَأَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 2425) ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم :767) ، وَالنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ " (رقم : 2383 و 2387) مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ .
وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِدُ أُخْرَى .

(77) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم :1876 و 1878) ، وَمُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم :1159) ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ _ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا _ .
وجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَ البُخَارِيِّ _ فِي المَوْضِعِ الثَّانِي _ : " لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ " .

(78) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " ( رقم : 1078 و 1875 و 3238 ) ، وَمُسْلِـمٌ فِي " صَحِيحِهِ " (رقم :1159) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا _ .
وَجَاءَ لَفْظُهُ عِنْدَهُمَا _ فِي بَعْضِ المَوَاضِعِ _ : " أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ " .

(79) " حَاشِيَتُهُ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/70 _ 71) .

(80) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ .

(81) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ .

(82) " المَنَارُ المُنِيفِ " (ص :39 _ 40) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " الجَوَابَ الكَافِي " لَهُ (ص : 103) .

(83) " فَتْحُ البَارِي " (4/223) .

(84) وَمِنْ لَطِيفِ مَا يُرْوَى فِي هَـذَا المَعْنَى : مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِـيُّ فِي " المُسْنَـدِ " (1/315 _ رقم :2393) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : البَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الإِيمَانِ " (3/290 _ رقم : 3574) _ ، وَأَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (2/384 _ رقم :8974) و (2/513 _ رقم : 10673) ، وَإِسْحَاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ فِي " المُسْنَـدِ " (1/101 _ رقم :12) _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، وَأَبُو يَعْلَى فِي " المُسْنَدِ " (12/5 _ رقم : 6650) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " الحِلْيَةِ " (1/382) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (4/293 _ رقم :8220) ، و " فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ " (رقم : 294) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ فِي سَفَرٍ ، فَنَزَلُوا مَنْزِلاً ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ رَسُولاً _ وَهُوَ يُصَلِّي _ لِيَطْعَمَ ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ : إِنِّي صَائِمٌ ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَـامُ ، وَكَادُوا أَنْ يَفْرُغُوا ، جَعَلَ يَأْكُلُ ، فَنَظَرُوا إِلَى رَسُولِهِمْ ؛ فَقَالَ : قَـدْ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَائِمٌ ! ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : صَدَقَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ يَقُولُ : " صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ ، وَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ " ، فَقَدْ صُمْتُ ثَلاَثاً مِنَ الشَّهْرِ ، فَأَنَا مُفْطِرٌ فِي تَخْفِيفِ اللَّهِ ، وَصَائِمٌ فِي تَضْعِيفِ اللَّهِ .
جَاءَ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي المَوْضِعِ الأَوَّلِ : ( حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ) ، وَهَوَ تَحْرِيفٌ ، وَالصَّوَابُ : ( حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ) ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْرَفُ فِي شُيُوخِ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ مَنْ يُسَمَّى لَيْثاً .
أَقُولُ : وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ .

(85) " فَيْضُ القَدِيرِ " (6/161) .

(86) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :232) .

(87) قَالَ ابنُ الهُمَامِ الحَنَفِيُّ فِي " فَتْحِ القَدِيرِ " (2/349) : " صَومُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَرَاهَتُهُ ، وَعَامَّةُ المَشَايخِ لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْساً " .
وَقَالَ الكَاسَانِيُّ الحَنَفِيُّ فِي " بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ " (2/215) _ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِلأَيَّامِ الَّتِي يُكْرَهُ صِيَامُهَا _ : " وَمِنْهَا : اِتْبَاعُ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ، كَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ ، كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُتْبِعُوا رَمَضَانَ صَوْماً ؛ خَوْفاً أَنْ يُلْحَقَ ذَلِكَ بِالفَرِيضَةِ ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالَكٍ ، = = ... ، وَالإِتْبَاعُ المَكْرُوهُ هُوَ : أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الفِطْرِ ، ويَصُومَ بَعْدَهُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، فَأََمَّا إِذَا أَفْطَرَ يَوْمَ العِيدِ ، ثُمَّ صَامَ _ بَعْدُ _ سِتَّةَ أَيَّامٍ ؛ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَسُنَّةٌ " .
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي " حَاشِيَتِهِ عَلَى مَرَاقِي الفَلاَحِ " (2/637) : " قَالَ فِي ( البَحْرِ ) : لِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ صَوْمُهَا مَكْرُوهٌ عِنْدَ الإِمَامِ _ مُتفَرِّقِةً أَوْ مُتَتَابِعَةً _ ، لَكِنَّ عَامَّةَ المُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَرَوْ بِهِ بَأْساً " .
وَقَالَ المُبَارَكْفُورِيُّ فِي " تُحْفَةِ الأَحْوَذِيِّ " (3/389) : " قَوْلُ مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ صَوْمِ هَذِهِ السِّتَّةِ بَاطِلٌ ، مُخَالِفٌ لأَحَادِيثِ البَابِ ؛ لِذَلِكَ قَالَ عَامَّةُ المَشَايِخِ الحَنَفِيَّةِ [ كَذَا فِي الأَصْلِ ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ خَاطِىءٌ ، وَغَلَطٌ شَائِعٌ ، لِمَا جُمِعَ فِيهِ مِنْ إِدْخَالِ ( ال ) عَلَى ( مَشَايِخِ ) مَعَ الإِضَافَةِ إِلَى مَا فِيهِ ( ال ) ، وَصَوابُهُ أَنْ يُقَالَ : عَامَّةُ مَشَايِخِ الحَنَفِيَّةِ ] بِأَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ " .

(88) انْظُرْ : " لَطَائِفَ المَعَارِفِ " لابنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ (ص :232) .

(89) قَالَ ابنُ القَيِّمِ فِي " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُننِ أَبِي دَاوُدَ " (7/67) : " وَكَوْنُ أَهْلِ المَدِينَةِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ ؛ لاَ يُوجِبُ تَرْكَ الأُمَّةِ كُلِّهِمْ لَهُ ، وَقَدْ عَمِلَ بِهِ أَحْمَدُ ، وَالشَّافِعِـيُّ ، وَابنُ المُبَارَكِ ، وَغَيْرُهُمْ " .

(90) " المُوَطَّأُ " (رقم :684 _ رِوَايَةُ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ ) ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ _ كَمَا فِي " حَاشِيَةِ ابنِ القَيِّمِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/63) _ : " كَانَ مَالِكٌ يَصُومُهَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ " ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " لَطَائِفَ المَعَارِفِ " (ص :232) لابنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ حَيْثُ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ ؛ فَقَالَ : " وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا فِي نَفْسِهِ " .

(91) " الاسْتِذْكَارُ " (3/380) .

(92) " بِدَايَةُ المُجْتَهِدِ " (ص :443) .

(93) " الاعْتِصَامُ " (2/603) .

(94) " المُوَافَقَاتُ " (3/199) و (4/106) .

(95) قَالَ الإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي " الاعْتِصَامِ " (2/604) : " وَكَذَلِكَ وَقَعَ عِنْدَنَا مِثْلُهُ " .

(96) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ؛ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " السُّنَنِ " (رقم :1007) وَاللَّفْظُ لَهُ _ وَمِنْ طَرِيقِـهِ : البَيْهَقِـيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْـرَى " (2/190 _ رقم : 2868) _ ، وَالحَاكِـمُ فِي " المُسْتَدْرَكِ " (1/403 _ رقم :996) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (22/284 _ رقم :727 _ مُخْتَصَراً _ ، و 728 _ مُطَوَّلاً _ ) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (2/190 _ رقم :2867) مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثِ بنِ شُعْبَةَ ، عَنِ المِنْهَالِ بنِ خَلِيفَةَ ، عَنِ الأَزْرَقِ ابنِ قَيْسٍ ؛ قَالَ : صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى : أَبَا رِمْثَةَ ، فَقَالَ : صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلاَةَ ، أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلاَةِ مَعَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ، قَالَ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصَّلاَةِ ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ ثُمَّ سَلَّمَ عَـنْ يَمِينِهِ ، وَعَنْ يَسَارِهِ ، حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ ، ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ _ يَعْنِي : نَفْسَهُ _ ، فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصَّلاَةِ يَشْفَعُ ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ ، فَهَزَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : اجْلِسْ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُـنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ ، فَرَفَعَ النَّبِـيُّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ بَصَرَهُ ؛ فَقَالَ : " أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ " .
أَقُولُ : هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ ، أَشْعَثُ بنُ شُعْبَةَ هُوَ : المِصِّيصِيُّ ، اخْتُلِفَ فِيهِ ؛ فَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : " ثِقَةٌ " ، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ فِي " الثِّقَاتِ " ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ : " لَيِّنٌ " ، وَضَعَّفَهُ الأَزْدِيُّ ، وَقَالَ عَنْهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي " التَّقْرِيبِ " : " مَقْبُولٌ " ، أَيْ : حَيْثُ يُتَابَعُ ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَيِّنٌ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَابَعَهُ عَلَى حَدِيثِهِ هَذَا ، وَالمِنْهَالُ بنُ خَلِيفَةَ ضَعِيفٌ ، وَذَكَرَ ابنُ حِبَّانَ أَنَّهُ يَتَفَرَّدُ بِالمَنَاكِيرِ عَنِ المَشَاهِيرِ .

(97) " الفُرُوقُ " (2/314 _ 315) ، وَقَدْ قَامَ ابنُ القَيِّمِ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ بِنَقْلِ كَلاَمِ القَرَافِيِّ فِي " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/67) _ بِتَصَرُّفٍ وَزِيَادَةٍ _ دُونَ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَنَّهَا مِنْ كَلاَمِهِ ، فَقَالَ : " قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيُّ : وَالَّذِي خَشِيَ مِنْهُ مَالِكٌ قَدْ وَقَعَ بِالعَجَمِ ، فَصَارُوا يَتْرُكُونَ المُسَحِّرِينَ عَلَى عَادَتِهِمْ ، وَالنَّوَاقِيسَ ، وشَعَائِرَ رَمَضَانَ إِلَى آخِرِ السِّتَّةِ الأَيَّامِ ، يُظْهِرُونَ شَعَائِرَ العِيدِ .
ويُؤيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ المَسْجِدَ ، وَصَلَّى الفَرْضَ ، ثُمَّ قَامَ يَتَنَفَّلُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ ؛ وَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ حَتَّى تَفْصِلَ بَيْنَ فَرْضِكَ وَنَفْلِكَ ، فَبِهَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُـولُ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ : " أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابنَ الخَطَّابِ " ، قَالُوا : فَمَقْصُودُ عُمَرَ أَنَّ اتِّصَالَ الفَرْضِ بِالنَّفْلِ إِذَا حَصَلَ مَعَهُ التَّمَادِي ، وَطَالَ الزَّمَانُ ، ظَنَّ الجُهَّالُ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الفَرْضِ ، كَمَا قَدْ شَاعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ العَامَّةِ أَنَّ صُبْحَ يَوْمِ الجُمُعَةِ خَمْسُ سَجدَاتٍ وَلاَ بُدَّ ، فَإِذَا تَرَكُوا قِرَاءَةَ ( الم تنزيل ) قَرَؤُوا غَيْرَهَا مِنْ سُوَرِ السَّجدَاتِ ، بَلْ نَهَى عَنِ الصَّـومِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ ، حِمَايَةً لِرَمَضَانَ أَنْ يُخْلَطَ بِهِ صَوْمُ غَيْرِهِ ، فَكَيْفَ بِمَا يُضَافُ إِلَيْهِ بَعْدَهُ ؟! " .
وَقَالَ _ أيضاً _ (7/68) : " فَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ فِـي وَصْلِهَا بِرَمَضَانَ مِثْلُ هَذَا المَحْذُورِ ؛ كُرِهَ أَشَدَّ الكَرَاهَةِ ، وَحُمِيَ الفَرْضُ أَنْ يُخْلَطَ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ ، وَيَصُومُهَا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ، أَوْ آخِرِهِ ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ المَحْذُورِ فَدَفْعُهُ وَالتَّحَرُّزُ مِنْهُ وَاجِبٌ ، وَهُوَ مِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلاَمِ ، فَإِنْ قِيلَ : الزِّيَادَةُ فِي الصَّوْمِ إِنَّمَا يُخَـافُ مِنْهَا لَوْ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ ذَلِكَ بِفِطْرِ يَوْمِ العِيدِ ، فَأَمَّا وَقَدْ تَخَلَّلَ فِطْرَ يَوْمِ العِيدِ فَلاَ مَحْذُورٌ ، وَهَـذَا جَوَابُ أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيِنيِّ وَغَيْرِهِ ، قِيلَ : فِطْرُ العِيدِ لاَ يُؤثِّرُ عِنْدَ الجَهَلَةِ فِي دَفْعِ هَذِهِ المَفْسَدَةِ ؛ لأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاجِباً فَقَدْ يَرَوْنَهُ كَفِطْرِ يَوْمِ الحَيْضِ ، لاَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ ، وَاتِّصَالَ الصَّوْمِ ، فَبِكُلِّ حَالٍ يَنْبَغِي تَجَنُّبُ صَوْمِهَا عَقِبَ رَمَضَانَ إِذَا لَمْ تُؤْمَنْ مَعَهُ هَذِهِ المَفْسَدَةُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " الاعْتِصَامَ " لِلشَّاطِبِيِّ (1/243) .

(98) " المَجْمُوعُ " (6/401) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " شَرْحَ مُسْلِمٍ " لَهُ (8/56) .

(99) " سُبُلُ السَّلاَمِ " (2/167) .

(100) " نَيْلُ الأَوْطَارِ " (4/238) .

(101) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ؛ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (11/369 _ رقم :20763) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَحْمَدُ فِي " المُسْنَدِ " (5/218 _ رقم :21950) ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ فِي " السُّنَّةِ " (رقم :38) ، وَالنَّسَائِيُّ فِي " السُّنَنِ الكُبْرَى " (6/346 _ رقم :11185) ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (3/243 رقم: 3290) _ ، وَابنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " المُصَنَّفِ " (7/479 _ رقم :37375) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : أَبُو يَعْلَى فِي " المُسْنَدِ " (3/30 _ رقم : 1441) _ ، وَأَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " (5/218 _ رقم :21947) ، وَالحُمَيْدِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ " (2/375 _ رقم :848) _ وَمِنْ طَرِيقِهِ : الطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (3/244 _ رقم : 3292) _ ، وَالطَّبَرِيُّ فِي " تَفْسِيرِهِ " (6/45) ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي " سُنَنِهِ " (رقم :2180) ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ فِي " السُّنَّةِ " (رقم :37 و39 و 40) ، وَابنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " (15/94 _ رقم :6702) ، وَابنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " (رقم:8946) ، وَابنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي " السُّنَّةِ " (رقم :76) _ وَاللَّفْـظُ لَهُ _ ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " المُعْجَمِ الكَبِيرِ " (3/244 _ رقم :3291 و 3293) ، وَأَبُو الفَضْلِ المُقْرِىءُ فِي " أَحَادِيثِ ذَمِّ الكَلاَمِ وَأَهْلِـهِ " (رقم : 458) ، وَاللاَّلَكَائِـيُّ فِي " شَرْحِ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ " (رقم : 205) ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي " دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ " (رقم:1881 و 1882) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَعْرِفَةِ الصَّحَـابَةِ " (رقم : 1886) مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سِنَانَ بنِ أَبِي سِنَانَ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِـيِّ ؛ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ إِلَى حُنَيْنٍ ، ونَحْنُ حَدِيثُوا عَهْدٍ بِكُفْرٍ _ وَكَانُوا أَسْلَمُوا يَوْمَ الفَتْحِ _ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِشَجَرَةٍ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ ، كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ _ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِـدْرَةٌ يَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ ، يَدْعُونَهَا : ذَاتَ أَنْـوَاطٍ ، فَلمَّا قُلْنَـا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ قَالَ : " اللَّهُ أَكْبَرُ ! ، وَقُلْتُمْ _ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ _ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى : ( اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) [الأعراف :138] ، لَترْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ " . =
= وَجَاءَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي يَعْلَى : " خَيْبَرٍ " بَدَلاً مِنْ : " حُنَيْنٍ " ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْرِيفٌ ؛ لأَنَّ خَيْبَرَ كَانَتْْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَهَذِهِ الوَاقِعَةُ حَدَثَتْ بَعْدَ الفَتْحِ .
وَجَاءَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ : " فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ " .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " .
أَقُولُ : وَهُوَ كَمَا قَالَ .

(102) " أَحْكَامُ القُرْآنِ " (1/142) .

(103) قَالَ الشَّاطِبِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي " الاعْتِصَامِ " (1/485 _ 486) : " وَمَنَ البِدَعِ الإِضَافِيَّةِ الَّتِي تَقْرُبُ مِنَ الحَقِيقِيَّةِ : أَنْ يَكُونَ أَصْلُ العِبَادَةِ مَشْرُوعاً ، إِلاَّ أَنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ أَصْلِ شَرْعِيَّتِهَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ ، تَوَهُّماً أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى أَصْلِهَا تَحْتَ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَيِّدَ إِطْلاَقُهَا بِالرَّأْيِ ، أَوْ يُطْلِقَ تَقْيِيدُهَا ، وَبِالجُمْلَةِ ؛ فَتَخْرُجُ عَنْ حَدِّهَا الَّذِي حُدَّ لَهَا " .

(104) " البَحْرُ المُحِيطُ " (6/430) .

(105) جَاءَتِ العِبَارَةُ فِي " الفُرُوعِ " لابنِ مُفْلِحٍ المَقْدِسِيِّ (3/79) هَكَذَا : " وَيَتَوَجَّـهُ احْتِمَالُ تَحَصُّلِ الفَضِيلَةِ بِصَوْمِهَا فِي غَيْرِ شَوَّالٍ وِفَاقاً لِبَعْضِ العُلَمَاءِ ، ذَكَرَهُ القُرْطُبِيُّ ؛ لأَنَّ فَضِيلَتَهَا كَوْنُ الحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، كَمَا فِي خَبَرِ ثَوْبَانَ ، وَيَكُـونُ تَقْيِيدُهُ بِشَوَّالٍ _ لِسُهُولَةِ الصَّوْمِ لاعْتِيَادِهِ _ رُخْصَةً ، وَالرُّخْصَةُ أَوْلَى " .

(106) " الإِنْصَافُ " (3/343) .

(107) " كَشَّافُ القِنَاعِ " (2/337) ، وَانْظُرِ : " الإِقْنَاعَ " (1/318) .
أَقُولُ : وَمِنْ أَغْرَبِ الأَقَـوَالِ الشَّاذَّةِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مَا نَقَلَـهُ ابنُ عَرَبِيٍّ الصُّوفِـيُّ فِي " الفُتُوحَاتِ المَكِّيَّةِ " (1/749) ، حَيْثُ قَالَ : " وَفِيهَا خِلاَفٌ شَاذٌّ ؛ وَهُوَ : أَنْ يُوقِعَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهَا فِي شَوَّالٍ ، وَبَاقِي الأَيَّامِ فِي سَائِرِ أَيَّامِ السَّنَةِ " !! .

(108) ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ابنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ فِي " المُغْنِي " (3/112) ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَرْوِيَّاتِهِمْ .

(109) قَالَ فِي " المُصَنَّفِ " (4/315) بَعْدَ إِخْرَاجِهِ لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ _ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ (رقم : 7918) : " وَبِهِ نَأْخُذُ " .

(110) ذَكَرَ ذَلِكَ ابنُ القَيِّمِ فِـي " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/63) ، وَابنُ قُدَامَـةَ فِي " المُغْنِي " (3/112) ، وَالأَمِيرُ الصَّنْعَانِيُّ فِـي " سُبُلِ السَّلاَمِ " (2/167) ، وَالشَّوْكَانِـيُّ فِـي " نَيْلِ الأَوْطَارِ " (4/238) ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ عَنِ الشَّافِعِـيِّ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي " مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ " (3/450) _ عَقِبَ الحَدِيثِ _ (رقم:2622): " وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ _ رَحِمَهُ اللَّهُ _ مُتَابَعَةُ السُّنَّةِ إِذَا ثَبَتَتْ ، وَقَدْ ثَبَتَتْ هَذِهِ السُّنَّـةُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ " .

(111) ذَكَرَ ذَلِكَ ابنُ القَيِّمِ فِي " حَاشِيَتِهِ عَلَى سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ " (7/63) ، وَالصَّنْعَانِيُّ فِي " سُبُلِ السَّلاَمِ " (2/167) ، وَالشَّوْكَانِيُّ فِي " نَيْلِ الأَوْطَارِ " (4/238) ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ .

(112) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " _ عَقِبَ الحدِيثِ ( رقم :759) _ : " قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : هُوَ حَسَنٌ ، هُوَ مِثْلُ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ " ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " شَرْحَ السُّنَّةِ " لِلْبَغَوِيِّ (6/332) .

(113) انْظُرِ : " المَجْمُـوعَ " (6/401) ، وَ " شَرْحَ مُسْلِمٍ " (8/56) كِلاَهُمَـا لِلنَّوَوِيِّ ، وَ " نَيْلَ الأَوْطَارِ " (4/238) .

(114) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي " السُّنَنِ " _ عَقِبَ الحديثِ (رقم :759) _ : " وَاخْتَارَ ابنُ المُبَاركِ أَنْ تَكُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ فِي أَوِّلِ الشَّهْرِ " ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ : " شَرْحَ السُّنَّةِ " لِلْبَغَوِيِّ (6/332) .

(115) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :233) .

(116) " المَجْمُوعُ " (6/401) ، وَقَالَ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " (8/56) : " قَالَ أَصْحَابُنَـا : وَالأَفْضَلُ أَنْ تُصَامَ السِّتَّةُ مُتَوَالِيَةً عَقِبَ يَوْمِ الفِطْرِ ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَائِلِ شَوَّالٍ إِلَى أَوَاخِرِهِ ؛ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ المُتَابَعَةِ ؛ لأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ " .

(117) " رَوْضَةُ الطَّالِبِينَ " (2/252) .

(118) " سُبُلُ السَّلاَمِ " (2/167) .

(119) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :233) .

(120) " سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ " عَقِبَ الحديثِ (رقم :759) .

(121) " المُسْتَخْرَجُ " (2/169) عَقِبَ الحديثِ (رقم :2701) .

(122) " المُغْنِي " (3/112) .

(123) " سُبُلُ السَّلاَمِ " (2/167) .

(124) " الرَّوْضَةُ النَّدِيَّةُ " (1/228) .

(125) قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي " المُصَنَّفِ " (4/316 _ رقم :7922) : " وَسَأَلْتُ مَعْمَراً عَنْ صِيَامِ السِّتِّ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ الفِطْرِ ، وَقَالُوا لَهُ : تُصَامُ بَعْدَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ ؟ ، فَقَالَ : مَعَاذَ اللَّهِ ! ، إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ عِيدٍ ، وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ ، وَلَكْنْ تُصَامُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ قَبْلَ أَيَّامِ الغُرِّ ، أَوْ ثَلاَثَةُ أَيَّامِ الغُرِّ ، أَوْ بَعْدَهَا ، وَأَيَّامُ الغُرِّ : ثَلاَثةَ عَشَرَ ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ " .
قَالَ رَاوِي " المُصَنَّفِ " _ عَقِبَ الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ _ : " وَسَأَلْنَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ عَمَّنْ يَصُـومُ يَوْمَ الثَّانِي ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ ، وَأَبَاهُ إِبَاءً شَدِيداً " .

(126) حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، سَيَأْتِي تَخْرِيجُهُ فِي المَبْحَثِ الرَّابِعِ .

(127) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :233) .

(128) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي " المَنْهَجِ القَوِيمِ " (ص :540) : " أَمَّا مَنْ لَمْ يَصُمْ رَمَضَانَ _ وَلَوْ لِعُذْرٍ _ فَهُوَ وَلَوْ سُنَّ لَهُ صَوْمُهَا عَلَى الأَوْجَهِ ، لَكِنْ لاَ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ المَذْكُورُ ؛ لِتَرَتُّبِهِ فِي الخَبَرِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ " .

(129) قَالَ البُهُوتِيُّ الحَنْبَلِيُّ فِي " كَشَّافِ القِنَاعِ " (2/338) : " وظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يُسْتَحَبُّ صِيَامُهَا إِلاَّ لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَقَالَهُ أَحْمَدُ وَالأَصْحَابُ ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي ( الفُرُوعِ ) : أَنَّ فَضِيلَتَهَا تَحْصُلُ لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَى رَمَضَانَ وَقَدْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الأَصْحَابِ ، وَفِيهِ شَيْءٌ ، قَالَهُ فِي ( المُبْدِعِ ) " .
أَقُولُ : جَاءَتْ عِبَارةُ ابنِ مُفْلِحٍ فِي " الفُرُوعِ " (3/80) هَكَذَا : " وَيَتَوَجَّـهُ تَحْصِيـلُ فَضِيلَتِهَا لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَقَدْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الأَصْحَابِ ، وَمَا ظَاهِرُهُ خِلاَفُهُ خَرَجَ عَلَى الغَالِبِ وَالمُعْتَادِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
قَالَ المِرْدَاوِيُّ فِي " الإِنْصَافِ " (3/343) _ مُعَقِّباً عَلَيْهِ _ : " وَهُوَ حَسَنٌ " .

(130) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :237) .

(131) تَكَلَّمْنَا سَابِقاً عَنْ مَسْأَلَةِ صَوْمِ السِّتِّ فِي غَيْرِ شَهْرِ شَوَّالٍ ، فَارْجِعْ إِلَيْهَا وَانْظُرْهَا ( ص : 88 _ 91 ) ، وَمَسْأَلَةُ قَضَاءِ هَذِهِ السِّتِّ لَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ ، مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ _ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ _ أَفْتَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ ، فَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ ، وَصَامَ السِّتَّةَ فِي القَعْدَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا ، لاَ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ السِّتَّةِ فَرْضاً . انْظُرْ : " حَاشِيَةَ الشِّرْوَانِيِّ وَالعَبَّادِيِّ عَلَى تُحْفَةِ المُحْتَاجِ " (2/237) .

(132) " مُغْنِي المُحْتَاجِ " (1/447) .

(133) " لَطَائِفُ المَعَارِفِ " (ص :237) .

(134) " حَاشِيَةُ البُجَيْرِمِيِّ " (2/89) .

(135) هُوَ : العَلاَّمَةُ ، ذُو الفُنُونِ ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، الصُّولِـيُّ ، البَغْدَادِيُّ ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ ( ت : 335هـ ) .

(136) هُوَ : الحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ .

(137) انْظُرْ : " شَرْحَ مُسْلِمٍ " لَهُ (8/49) .

(138) انْظُرْ : " غَرِيبَ الحَدِيثِ " لِلْخَطَّابِيِّ (1/132) .

(139) " فَتْحُ البَارِي " (4/231) ، وَانْظُرْ _ أَيْضاً _ شَرْحَ الحَدِيثِ بِتَوَسُّعٍ فِي " لَطَائِفِ المَعَارِفِ " لابنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيِّ (ص :148 _ 157) .

(140) " فَيْضُ القَدِيرِ " (4/231) .