أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فإن بعض المتصوفة -هداهم الله-عندهم غلو في تعظيم بعض الآثار والأماكن، التي لم يجعل الله تعالى لها حكما شرعيا ، أو دلالة مسألة شرعية.

بل ويدعي بعض المتصوفة المعاصرين تواتر بعض الأماكن التي لاتثبت بخير آحاد !
وهذا من الغلو المذموم، الذي ما أنزل الله به من سلطان.

ولو نظرنا إلى تصرف كبار الصحابة، وأهل العلم، من السلف، لوجدنا أنهم كانوا يعتبرون بعض الأماكن- التي يعظمها بعض المتأخرين- أماكن عادية ، يمرون عليها عشيا وهم مصبحون، لايخطر في بالهم نحوها أي تعظيم، أو زيادة اهتمام عن غيرها.

ومن ذلك المكان الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بيت أبيه عبدالله بن عبدالمطلب، وهو الواقع في شعب أبي طالب، والذي يسمى الآن بشعب علي، ومكانه الآن مكتبة تسمى مكتبة مكة، فهذا المكان قد ورد في تحديده بعض الروايات التاريخية التي تدل على ذلك ، وكأن هذا القول بتحديد البيت فيه قوة ، بخلاف من ذكر أنه لايثبت، أو أن فيه خلاف قوي، فالراجح-والله تعالى أعلم- أنه هو هذا المكان المعروف.

أما موقف الصحابة رضي الله عنهم من هذا المكان فهو موقف عادي ، فقد بيع هذا البيت أكثر من مرة، واشتراه معاوية رضي الله عنه، ثم تداوله الناس حتى وصل للخيزران، التي بنت فيه مسجدا ، ولم يخطر ببالهم تعظيم هذا المكان أو حرمة بيعه ، أو أن فيه فضل معين.

فالناظر إلى موقف الصحابة رضي الله عنهم في بيعهم وشرائهم لهذا المكان، واعتباره مكانا عاديا، يستدل على أن الغلاة من المتصوفة المعاصرين قد خالفوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيمهم لهذا المكان، وفي إصرارهم على عدم التصرف فيه، أو تحويله لساحة المسجد، أو غير ذلك.

فالعاقل الحصيف، ينظر إلى عدم اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المكان، وعدم تعظيمه له، مع أنه بيع في عهده صلى الله عليه وسلم، عندما قال (وهل ترك لنا عقيل من رباع) ، ولم يفسخ النبي صلى الله عليه وسلم عقد البيع أو يستعيده بعد الفتح، فهذا يدل على أنه ليس له أي فضل، أو تعظيم شرعي، وكذلك بيع هذا البيت في عهد الصحابة رضي الله عنهم ، ولم ينكر هذا أحد منهم .

فمن اراد اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهي واضحة مثل الشمس، ومن أراد التعصب والغلو المخالف للسنة فإنما يضر نفسه.