بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله المصطفى الأمين:-
لقد اتكأت على مكتبي وأرخيت قلمي لوصف تلك الأحداث والمواقف التي مرت بنا أو ببعضنا في تلك المرحلة وهي لا شك تمر بكل من عايشها وأراد أن يرتقي بنفسه وأكاديميته,,
اجتمعنا مع الفقر في قفص الغربة وتكالبت علينا الظروف التي لا ترحم من فقد للأحبة وبعد عن الديار ,,فتكبدنا العناء وسيتكبد من بعدنا ذلك العناء,,إن لم يكن هناك من يقف مع إعادة برمجة تلك المرحلة وأعني ماديا..
ليس الحديث هنا عن فخر الأمجاد أو فتوحات الأجداد..ولكنه أرجوزة أو قل إن شئت صورة حيه لكل من لا يعرف عن معاناة طلاب الجامعة الذين سلكوا طريق السؤدد والنجاح ولكن للأسف حال بينهم وبين النجاح تلك الظروف التي كان من الممكن أن تكون عقبة قابلة للإزالة لو تحرك المسؤلون ورجال الأعمال الذين يسعون ويبذلون من نفائس أموالهم حرصا على إعداد كادر يعتمد على نفسه,, كذلك الجمعيات الخيرية والصناديق المعده لمساعدة المحتاجين إلخ.. التي أكل الزمان على شروطها وشرب دهرا مديدا..أو بعض منها أدرج تباهياً دون تفعيل لها وتطبيقا لما جعلت له,,
أخي القارئ أستأذنك في نقل البث إلى داخل المأساة بمواقف حقيقية قد تستغرب منها:-
- عندما تخرجت من المرحلة المتوسطة عام1422هـ تقريبا وكنا زملاء منا من واصل الدراسة والبعض انجرف حول مقبرة الإبداع والطموح العسكرية وليس على الإطلاق!
فهناك من سلك هذا الطريق ونفع وإنتفع وصار حصنا حصيناً لهذا البلد المبارك ولكن ربما البعض دخلها لأنها أخصر الطرق لكسب المادة المهم عدت هذا العام في شهر رمضان تحديداً فالتقيت أحد الزملاء وكان الثاني علينا آنذاك سألته عن حاله ! وأخباره! فقال بخير والحمد لله تقال عادة طبعاً وإلا فالحال يعلمها الله وعن دراسته وجدته ودعها قبل عقد من الزمن..فحزنت حزناً شديدا لأني أعلم بأن لديه طاقة وإمكانية ليست مع غيره وقد يفتح الله عليه ويشق طريقه من خلال دراسته بحثت عن الأسباب لم تتجاوز الأصبعين وعلى رأس الهرم (المادة)أي قلة ما في اليد وخصوصا والديه.
- تخرج من إحدى مدارسنا العريقة إداريا بمعدل 98%علمي ودخل جامعة الملك خالد –قسم الكيمياء, وأبدع في المستوى الأول والثاني فقد تفوق على القاعات وفجأة ترك الجامعة وانضم إلى القطاع العسكري بالجيش ليمضي عمره المتبقي داخل الميدان دون شقه لطريقه الذي أبدع فيه بحثنا عن العائق الأكبر كان (المادة) قلة ما في اليد..حيث أنه لا يجد ما يشتري به كتب الجامعة ولا مصروفه حينما ابتعد عن أهله وهم يأملون عليه يعود وينتشلهم من الفقر والحاجة بوظيفته المترقبة...
- أذكر أنه أتاني أحد الزملاء في الجامعة وأخبرني بأنه اقترض ريال واحدا ولا يعلم حينها هل هو الوحيد في جيبه أم لا؟ المهم ضحكنا قليلا وبعد أيااام يقول: ذكره بالسداد لأنه أحتاجه فلا تضحكون هذا جزء يسير من حالهم والله المستعان..
-أما الأخر فيقول خرج من الجامعة ولم يكن يملك نقوداً ليركب بها فمرت إحدى الدوريات(الشرطة) ونظروا لحاله في وسط الظهيرة والشمس تكاد أن تهلك فتوقف ليركب في مؤخرة الدورية داخل القفص كأنه مجرم تم القبض عليه وهو في الحقيقة ضحية للفقر الذي قدره الله عز وجل بحكمته ...
- أما عن الوجبة الرئيسية لطلاب الجامعة (الأندومي) فلا تسألوا عن كومة الأكياس التى تراكمت في أفنية العزاب فقد صار بعضهم يشعر بحراشف في ظهره يخشى أن ينبت له الريش من كثرة ما يأكل من أندومي الدجاج ولأنه الوجبة الأقل ثمناً والأكثر نفوذا في سوق العزاب,,فقد صار وجبة رئيسية بعد أن كان وجبة سريعة بعد المرسوم الملكي من ديوان الطفرة
- يذكر لي أحد الأخوة أن ما يقارب تسعة في أحد الشقق قد حلت بدارهم محنة الاختبارات وهمهم الوحيد أن لا تفوتهم مذكرة ولا كتاب يخدم تحصيلهم العلمي والمحافظة على مستواهم الدراسي فمن لديه بضع ريالات يحافظ عليها خشية أن يعتمد دكتوره مذكرة فلا يجد ما يشتري به فيتزاحمون في سيارة لاحمرار مؤشر الوقود ويبحثون عن مكان إرسال جيد ليضعوا هواتفهم فيه طمعاً أن يتصل بهم أحد من المتأهلين ليتناولوا معه مصيبة العشاء عفوا وجبة العشاء! وأحسن الله عزاء من أخطأ باتصاله على أحدهم,,
الإيجابية الوحيدة أن المغاسل تسجل عندها للمكافاءات وإلا ظهر المستور و انكشف الستار فبعضهم يكاد أن يخرق أنف الدكتور بمرزامه وقرقرة بطنه تؤذي من أمامه وخلفه وعن يمينه وشماله فلا يسمعون الدرس من كثرة تنحنحه ومحاولة التمويه,, فقد يتهم بنزلة معوية وحقيقة الأمر أنه جوعٌ ينخر العظم ...والذي يزيد الطين بله والمحنة محنة أن بعض الزملاء من غيرهم ممن أنعم الله عليه بيسرة الحال ورغد العيش جل حديثه في التخسيس وشكواته من افتراسه لموائد المرقوق والمطازيز والجريش وما يكفي من إثارة سيل عرمرم من اللعاب ,,وصاحبنا لا يعلم أن أحدنا يراه أحيانا كالسمكة المقلية!! وأخرى كالدجاجة المشوية!!والبعض منهم في الفسحة قارئ مشهور لأن المقصف لا يخطر على باله فجيبه من أسابيع كالكوز مجخيا لا يعرف إلا مسواكه اليابس!! وجدوله البائس!!وحاله إذا لمح إليه أحدٌ أو ناداه من بعيد!! تلقاه بوجه طلق من قريب!! وهتف بصوت مشرق مستبشر أين أنت فقد بحثت عنك في كل مكان هلم بنا إلى المقصف فأنا أريدك في موضوع طويل خطير.. وحديث مهم مثير.. فإذا وصلا إلى فنائه تقدما صاحبنا خطوة قائلا: سأبحث عن مكان قبل الزحام, وأنت آتنا فطورنا لقد لقينا من حالنا هذا نصبا ,,حتى إذا أقبل بالغنيمة أكله أكلاً لما,, فأخذ استحقاق اليوم وغدا بالأمس محمددا بعد ذلك شاكرا ومجيبا لصاحبه هذا فراق بيني وبينك! فالموضوع الطويييييل يحتاج إلى بسط في المقام ودكتورنا شديد لا يقبل التأخير فلا يدخل بعده في القاعة أحد وقد أزف الوقت ولكن لقاءنا غدا هنا وغدا لناظره قريب... إلخ
نعود بك أخي القارئ إلى صلب الموضوع :
ليس المقصود من هذا المقال هو الشماتة بحالنا أو حالهم أو بمن يمر على هذا الوضع بقدر ما هو تصوير ونقل لحال وقد تركت جلها خشية الحساسية أو الهمز واللمز فبعض المواقف يندى لها الجبين,, ويستغرب منها العاقل ,,هل نحن فعلا في المملكة أو في جنوب أفريقا...ومن هنا أرسل رسائل خاصة إلى كل مسؤل أو أب أو من يريد الأجر في سن سنة حسنة تخدم أبناءه وأخوته فهم عماد المستقبل وأمله..المتطور والذي سيحمل رسالة التطور الحضاري أمام الأمم والشعوب الأخرى,,
رسالة إلى المقام السامي وملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين/الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله
إن أكثر ما يعاني منه طلابنا في الجامعات هو قلة ما في اليد من المادة بل أعتقد أنها السبب الرئيس في تأخر نهضة المعرفة الحية التى يعشقها الجيل فأغلبهم لا يجد رغبه في الدراسة بقدر ما يجد في نفسه من الميل إلى شيء يعف به حاله ويسد به جوعته وعياله وكأن الدراسة هي مرحلة ذل إجتماعي لابد أن يلعقه كل من أراد أن يرتقي بنفسه وأكاديميته فلو رفعت المكافاءات إلى حد المعقول ما يستطيع معه الطالب الموافقة بين دراسته وحاجياته وكل ذلك لكان أكثر خيرا ونفعاً من باب مساعدة طلاب العلم فهم الصدقة الجارية التى يرجى منها ثمرة يانعة في المستقبل القريب..
[OVERLINE] [/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE]
[OVERLINE]
رسالة إلى سعادة مدراء الجامعات!
[/OVERLINE]
إن أبناءكم أمانة في أعناقكم فهذا عمر يقول لو تعثرة بغله في العراق لخشي أن يُسأل عنها ..وكثير من طلاب الجامعات يتعثرون بسبب ظروفهم المادية وبأسباب الغربة أحيانا عن مدنهم وبعدهم عن أسرهم كما أن المصيبة تزداد سوءاً عندما تتأخر مكافاءتهم بالرغم من قلتها إلى شهور فيضيع البعض ويغرق البعض في ديونه فأي معنا للدرسة سيحفظون وأي علم مع هذا سيتقنون..
[OVERLINE] [/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE]
[OVERLINE]
رسالة إلى الجمعيات الخيرية!
[/OVERLINE]
كل الشكر والعرفان لبذلكم وجهدكم في خدمة الأسر المحتاجة ولكن أين جهودكم في خدمة بصيص الأمل لتلك الأسر من أبنائها المغتربين للدراسة كيف تريدون أن تتحسن أوضاعها وابناهم يتعثرون في الجامعات بسبب الفقر والحاجة هل يوجد عندكم بند ينص على مساعدة طلاب الجامعات إذا كان الجواب نعم؟ فأين هو ولماذا لا يفعل وإذا كان الجواب لا فكيف يكون القاعد في بيته وبالقرب من أهله وجيرانه أحوج من المغترب بين أناس لا يعرفهم ولا يجرأ على سؤالهم وهو الأمل الوحيد الذي أُثقل كاهل بإنقاذ أسرته من الفقر لأنهم ينتظرون متى يتخرج و يتوظف!!!
[OVERLINE] [/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE][OVERLINE][/OVERLINE]
[OVERLINE]
رسالة إلى رجال الأعمال!
[/OVERLINE]
لم نسمع عنكم إلا كل خير وتعاونكم تشهد عليه مكاتب الدعوة والإرشاد والأعمال الخيرية وهذا من فضل الله عليكم إذ أنه لاحسد إلا في اثنتين ومنها رجل آتاه الله مالاً فهو ينفق منه آناء الليل وأطراف النهار وهؤلاء هم أبناؤكم ولهم حق عليكم فما هناك أشرف من مساعدة طالب العلم الذي تستغفر له الحيتان في البحر والملائكة ..فكم أجركم عند الله عندما تساهمون في تزويدهم بما يحتاجون ولو سهم بسيط فلا يضيع عند الله مثقال ذره...
أخيرا/ لقد بذلت الوسع.. وأكللت الجهد.. وهذا ما وقف عليه القلم!! وأسمع أنينه الألم!!وأختم بصلى الله على نبينا محمد وسلم.
وكتبه
أ.محمد المالكي
تم نشره في أحد الصحف الأكترونية.