بلحظة من اللحظات التي تطرأ في ذهن الإنسان،
أن يسترجع بها حياته ويتأمل ما كان يفعله فيها، ويحاول الاعتذار لكل سمة من سمات الحياة
فيقول للحياة:
أعتذر: " لـِ أحبائي "
لأني بكيت في وقت فرحهم..
و ضحكت في وقت آلامهم..
و أطلقت صرخاتي في لحظة هدوئهم..
وصمت في لحظة مشاركاتهم..
و بقيت في لحظة رحيلهم.
و رحلت في لحظة اجتماعاتهم ولقاءاتهم..
و اعتذرت لهم في وقت حاجتهم ..
و بدون سبب تركتهم..
أعتذر: " لـِ قلبي "
لأني أتعبته كثيراً في لحظات حبي..
و جرعته ألماً في لحظة حزني..
و نزعته من قلبي وبدون تردد لأهبه لغيري..
أعتذر: " لـِ أوراقي"
لأني كتبت بها و أحرقتها..
و رسمت الطبيعة عليها..
و بدون ألوان تركتها..
و في لحظة همومي وأحزاني لجأت إليها..
و في لحظة فرحي و راحتي أهملتها..
و عندما عزمت الإعتكاف عن الكتابة مزقتها و ودّعتها إلى الأبد
أعتذر: " لـِ القلم "
لأني في معاناتي أتعبته..
ولأني حملته الألم و الأحزان وهو في بداية عهده..
و عندما انتهى رميته..
و استعنت بآخر مثله..
أعتذر: " لـِ الواقع "
لأني بكل قسوة رفضته..
و أغمضت عيناي عنه في كل لحظاتي المرة..
و شكّلته بشبح أسود يتحداني بدون رحمة..
و نسيت بأنه هو مدرستي التي جعلتني أكون حكيما في المواقف الصعبة..
\
أعتذر: " لـِ الأحلام"
لأني أطرق على أبوابها في كل ساعة
.. و أجعلها تبحرني في كل مكان أريده..
فهي من حققت كل أمنياتي دون تردد..
و هي من أتعبتها معي حينما كبرت
و كبرت معي أحلامي..
ورغم ذلك كله ،
لا تتذمر وإنما تقول: " اطلب وأنا على السمع والطاعة "
أعتذر: " لـِ الأمل"
حينما رحلت عنه و بدون إستئذان..
و لازمت اليأس في محنتي..ومكابرتي
رغم مرارتي وآلامي أقول بأني أسعد إنسان..
فلقد كانت سعاتي الوهمية تكويني في صمتي..
و تعذبني في ليلي..
دون إحساس الآخرين بي..
فعذراً أيها الأمل
أعتذر: " لـِ السعادة "
لأني عشقت الحزن ،
و حملته شطراً من حياتي..
و عشقت البكاء لأني أنفّس به عن آلامي..
وعشقت قول الآه لأنها تطفئ حرقة أناملي..
و عشقت الجراح لأنها أصبحت قطعة أرقع بها ثغور ثيابي..
و عشقت الصمت في لحظة الألم لأنها تحفظ لي كبريائي..
فعذراً أيتها السعادة لأني أبعدتك عن حياتي
أعتذر: " لـِ البحر"
لأني عشقته بجنون..
و طعنته في خواطري بالمليون..
وأضفت إليه الغدر في هدوئه..
و وصفته بأنه جميل وهو في قمة جنونه..
فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة
و كان ضحيتها البحر لأني عشقته..
أعتذر: " لـِ اللقاء"
لأني كتبت عن الرحيل والواداع ..
و لأني جردته من قاموسي الملتاع..
و لأني أصبحت خاضعا للقدر
فأمنت بالرحيل كثيرا
و بكيت لأجله كثيرا..
و تناسيت كلمة الاجتماع واللقاء..
أعتذر: " لـِ أمي"
لأنها تألمت عند ولادتي ..
و سهرت على نشأتي ورعايتي..
فتبكي على بكائي..
و تسعد عندما تسمع ضحكاتي..
و تسقم لـِ سقمي.
و تتعافى بـِ معافاتي..
و صبرت و تحملت طيشي و إزعاجي
و تجاوزت عن أخطائي..
وتذكرت حسناتي
أعتذر: " لـِ الحياة "
حينما اتهمتها بـِ القسوة..
ولـِ الطيور والبلابل حينما قلت عنها خرساء..
و لـِ الدموع حينما جمدتها بالعين ..
ولـِ صندوق الذكريات الذي أخرجته بعد دفنه..
أعتذر: " لـِ كلمة أعتذر"
لأني أدخلتها في بحور شتى من الإعتذار ..
فشكراً وعذراً..
و أدمعت عيناها عندما سمعت اعتذاراتى..
... مــــمــــا راق لــــي ...
،،، تـــــحــــيــــاتــــي ،،،