بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة الاستعاذة والتعوذ)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.......وبعد:
فكلنا نحفظ الاستعاذة ونرددها في مواطن كثيرة
ولكن بعضنا يجهل أن هناك الكثير من الاحاديث وردت في الاستعاذة من شرور وأمور مختلفة،
وقد أحسن الامام النسائي رحمه الله عندما جمع أكثر من ستين حديثا في سننه تحت عنوان:
(كتاب الاستعاذة )
وقد عقد صاحب كتاب عون المعبودفي شرح سنن أبي داود
فصلا في كتاب الصلاة تناول فيه بعضها
وهذا الفصل سيكون عليه مدار هذه السلسلة بإذن الله
فما أحوجنا للعودة الى سنة نبينا
عليه الصلاة والسلام في الإلتجاء والاعتصام بالله سبحانه من كل مايضرنا في ديننا ودنيانا.
فأسأل الله أن ييسر لنا هذا العمل
وينفع به ويجعله خالصا لوجهه.
تعريف الاستعاذة والتعوذ:
التعوذ والاستعاذة بمعنى واحد، ولا يختلف معنى الاستعاذة اللغوي عن معناه الاصطلاحي، فقد عرفها أهل اللغة بأنها : الالتجاء، يقال: عاذبه، أي لاذبه ولجأ إليه.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه تزوّج امرأَة من العرب فلما أُدْخِلَتْ عليه قالت: أَعوذ بالله منك،
فقال: لقد عُذْتِ بمعاذ فالحقي بأَهلك.
.والله عز وجل مَعَاذ من عاذ به وملجأُ من لجأَ إِليه....
وصيغ الاستعاذة مثل قوله
أعوذ بك أستعيذ بك أعوذ بالله أستعيذ بالله اللهم إني أعوذ بك ونحو ذلك من أشباه ذلك،
* ونصوص الإستعاذة والتعوذ فى السنة كثيرة جدا منها مثلا:
* فى الحديث سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ
قَالَ جَاءَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْجِبَالِ
وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ
مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
فَرُعِبَ قَالَ جَعْفَرٌ أَحْسَبُهُ قَالَ جَعَلَ يَتَأَخَّرُ قَالَ وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام
فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ
قَالَ مَا أَقُولُ
قَالَ
قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ
وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَطَفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَل"
.[ أحمد والطبرانى وفى صحيح الجامع برقم:74].
يتبع بإذن الله
2-تابع ماجاء في الاستعاذة:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من خمس :
[من الجبن والبخل وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر]
الحاشية رقم: 1
( من الجبن ) : قال الشوكاني بضم الجيم وسكون الباء وتضم المهابة للأشياء والتأخر عن فعلها ،
وإنما تعوذ منه ـ صلى عليه وآله وسلم ـ لأنه يؤدي إلى عدم الوفاء بفرض الجهاد والصدع بالحق وإنكار المنكر ويجر إلى الإخلال بكثير من الواجبات
( والبخل )
ضد الكرم ، ذكر معنى ذلك في القاموس وقد قيده بعضهم في الحديث بمنع ما يجب إخراجه من المال شرعا أو عادة ولا وجه له لأن البخل بما ليس بواجب
من غرائر النقص المضادة للكمال ، فالتعوذ منها حسن بلا شك فأولى تبقية الحديث على عمومه وترك التعرض لتقييده بما لا دليل عليه
( وسوء العمر ) : هو البلوغ إلى حد في الهرم يعود معه كالطفل في سخف العقل وقلة الفهم وضعف القوة
( وفتنة الصدر ) : قال ابن الجوزي في جامع المسانيد : هي أن يموت غير تائب ، وقال الأشرفي في شرح المصابيح : قيل هي موته وفساده ، وقيل ما ينطوي عليه الصدر من غل وحسد وخلق سيئ وعقيدة غير مرضية . وقال الطيبي : هو الضيق المشار إليه
بقوله تعالى
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا)
( وعذاب القبر ) : فيه رد على المنكرين لذلك من المعتزلة ، والأحاديث في هذا الباب متواترة . قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه .
[اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر]
كلمات سهل حفظها يسير العمل بها
فاللهم لاتحرمنا بذنوبنا فضلك.
يتبع ...
3- تابع باب ماجاء في الاستعاذة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أسمعه كثيرا يقول:
(اللهم أعوذ بك من الهم والحزن وضلع الدين وغلبة الرجال)
( من الهم والحزن ):
قال الطيبي :
الهم في المتوقع والحزن فيما فات
( وضلع الدين ) :
ضلع أي ثقله وشدته وذلك حين لا يجد من عليه الدين وفاءه لا سيما مع المطالبة . وقال بعض السلف :
ما دخل هم الدين قلبا إلا أذهب من العقل ما لا يعود إليه
( وغلبة الرجال ) :
أي قهرهم وشدة تسلطهم عليه .
والمراد بالرجال الظلمة أو الدائنون ، واستعاذ عليه الصلاة السلام
من أن يغلبه الرجال لما في ذلك من الوهن في النفس.
قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي .
المرجع : شرح عون المعبود لسنن أبي داود بتصرف
يتبع بإذن الله
(4)
سلسلة الاستعاذة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يعلمهم هذا الدعاء
كما يعلمهم السورة من القرآن
يقول:
(اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)
( كان يعلمهم ) : أي أصحابه أو أهل بيته ( هذا الدعاء ) : الذي يأتي . قال النووي : ذهب طاوس إلى وجوبه وأمر ابنه بإعادة الصلاة حين لم يدع بهذا الدعاء فيها . والجمهور على أنه مستحب
( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ) : فيه إشارة إلى أنه لا مخلص من عذابها إلا بالالتجاء إلى بارئها
( من فتنة المسيح الدجال ) : أي على تقدير لقيه
( وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ) : تعميم بعد تخصيص ، وكرر أعوذ في كل واحدة إظهارا لعظم موقعها وأنها حقيقة بإعاذة مستقلة . قاله القاري .
قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي والترمذي .
يتبع
5- سلسلة الاستعاذة
عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات:
(اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار ومن شر الغنى والفقر)
( اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ) :
أي فتنة تؤدي إلى النار
ويحتمل أن يراد بفتنة النار سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ ،
وإليه الإشارة بقوله تعالى :
(كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير)
( وعذاب النار ) : أي من أن أكون من أهل النار وهم الكفار فإنهم هم المعذبون ، وأما الموحدون فإنهم مؤدبون ومهذبون بالنار لا معذبون بها
( ومن شر الغنى ) : وهو البطر والطغيان ، وتحصيل المال من الحرام وصرفه في العصيان ، والتفاخر بالمال والجاه.
( والفقر ) : هو الحسد على الأغنياء والطمع في أموالهم ، والتذلل بما يدنس العرض ويثلم الدين ، وعدم الرضا بما قسم الله له وغير ذلك مما لا تحمد عاقبته .
وقيل الفتنة هنا الابتلاء والامتحان أي من بلاء الغنى وبلاء الفقر أي من الغنى والفقر الذي يكون بلاء ومشقة ، ذكره في المرقاة .
قال المنذري : وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه بنحوه أتم منه .
يتبع
(6). تابع سلسلة الاستعاذة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول:
(اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم)
( اللهم إني أعوذ بك من الفقر ) :
أي من قلب حريص على جمع المال أو من الذي يفضي بصاحبه إلى كفران النعمة في المال ونسيان ذكر المنعم المتعال .
وقال الطيبي : أراد فقر النفس أعني الشره الذي يقابل غنى النفس الذي هو قناعتها.
( والقلة ) : القلة في أبواب البر وخصال الخير ، لأنه عليه ـ الصلاة السلام ـ كان يؤثر الإقلال في الدنيا ويكره الاستكثار من الأعراض الفانية
( والذلة ) : أي من أن أكون ذليلا في أعين الناس بحيث يستخفونه ويحقرون شأنه ، والأظهر أن المراد بها الذلة الحاصلة من المعصية أو التذلل للأغنياء على وجه المسكنة والمراد بهذه الأدعية تعليم الأمة .
قال الطيبي : أصل الفقر كسر فقار الظهر ، والفقر يستعمل على أربعة أوجه ،
الأول : وجود الحالة الضرورية ، وذلك عام للإنسان ما دام في الدنيا ، بل عام في الموجودات كلها ، وعليه
قوله تعالى:
(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله)
والثاني : عدم المقتنيات وهو المذكور في قوله تعالى:
(للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله)
و قوله
(إنما الصدقات للفقراء)
والثالث :
فقر النفس وهو المقابل بقوله
[الغنى غنى النفس ]
الرابع : الفقر إلى الله
المشار إليه بقوله :
[ اللهم اغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك]
وإياه عنى تعالى بقوله:
(رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)
والمستعاذ منه في الحديث هو القسم الثالث ،
وإنما استعاذ ـ صلى الله عليه وسلم ـ
من الفقر الذي هو فقر النفس لا قلة المال
( من أن أظلم أو أظلم ) :
معلوم ومجهول ، والظلم وضع الشيء في غير موضعه أو التعدي في حق غيره.
قال المنذري : وأخرجه النسائي وابن ماجه من حديث جعفر بن عياض عن أبي هريرة.