[align=right].
.
الحمد لله ربِّ العالمين , والصلاةِ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمّد صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وأهل بيته أجمعين .. ومن اهتدى بهديه وسارعلى نهجه إلى يوم الدين ..
أمّـــا بعد اخوتي الأعزّاء في منتديات غرابيل الموقرة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أعودَ إليكم بعد طول مغيب عن منتدى القضايا الرائع..
.
.
يقول الله عزّوجل في محكم كتابِه معاتِباً أحبّ الخلْق إليه وصفوة البشريّة محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم :" عبسَ وتوّلّى أن جاءه الأعمى , ومايدريكَ لعلّهُ يزَّكّى "...وكان ذاك الأمر لقصةٍ لاتخفى على صغيرنا ناهيكم عن كبيرنا حينما كان صلى الله عليه وسلم في أوج دعوته لصناديد قريش , فالسبب الحقيقي في ذاك العبوس هو همّ الدعوة , وليسَ همّ الدنيا وملهياتها , ورُغمَ ذاك جاء العتاب الرباني والتربية الروحانية لروح خير البشرية , ومازاده هذا العتاب إلا قرباً من الخالِق عزوجل وتحبُبُاً لمن عَوتِب فيه فكان يلقى ابن أم مكتوم ويقول له ( أهلاً بمن عاتبني فيه ربي )...
إذاً هناك أمور لايمكن التغاضي عنها أو سترها بُغْيَة الحفاظ على ( قدسية زيد من الناس ) .. فالحق أحق أن يُتّبَع ويقال ويُصْدَح به في وجه كل مايمكن أن يمس الدين والشرع القويم , فرغم أن خير البشر وهم الصفوة الأنبياء عليهم أفضل صلاة والسلام قد عُوتِبُوا من ربّ الأرباب , وقد توعدهم الباريء سبحانه بالعذاب والهلكة حالما يكون هناك تقصير معين منهم , إذ أنّهم لم يكونوا معصومين من الناحية الدنيوية بل كانت الروح البشرية تجري في كل سكناتهم , والعصمة فقط كانت لهم من ناحية تبليغ شرْع الخالق عزّوجل , فقد قال الله عزوجل في قصة أسرى بدر :" لولا كتابُ من الله سبق لمسّكم فيما أفضتم فيه عذابٌ عظيم "..وعاتب نوح عليه السلام حينما قال :" ربِّ إن ابني من أهلى وإن وعدك الحق "...فأجابه :" إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح فلاتسئلن ماليس له به علم إنِّي أعظٌك أن تكون من الجاهلين ".. وهكذا يتوالى العتاب الربّاني لتعليم أنبيائه وأصحاب رسالته سبحانه للخلق فلابد أن يكونوا هم أصل الخير ومنبع الصلاح ويُضاعف لهم الثواب وكذاك العقاب , ولذا كان يرى علماء السلف أن الإغراق في المباح لأهل التقى والورع نوع من القدح في العدالة !!
بل إن الخالق سبحانه قد عتبَ على النبي صلى الله عليه وسلم تأخره في أمر زيد ابن حارثة أن يطلِق زينب بنت جحش , إذ كان صلى الله عليه وسلم يردد على مسامع زيد كلما اشتكى منها :" أمسك عليك زوجك واتق الله ".. فيعاتبه الرحمن ويقول :" وتخفي في نفسك مالله مبديه وتخشى الناس واللهُ أحق أن تخشاه "..وتلك الخشية لم تكُن صرف نوع من العبادة بقدر ماهي فقط ابتعاد عن قريش وسلاطة لسان صناديدها حينما يعلنون في أرجاء مكّة أن محمد صلى الله عليه وسلم أحب زوجة ابنه بالتبني وأمره بتطليقها كي يتزوجها!! ولكن لأن الهدف الأكبر والفقه الأعظم هو في تحريم عادة التبني كان حتماً ولابد من ذاك الأمر الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يتأخر في أمر التطليق, ورغم هذا تلا قوله تعالى في العتاب وأثبت أن التربية الربانية أمر لابد من إظهاره ويحرُم كتمانه ولو كتمه لوقع عليه الوعيد الرباني إذ قال عزّ من قائل:" ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين "...
كل ماذُكِر أعلاه هو من باب اثبات أن العصمة والتقديس مطلقاً لم يكُن كنْه لشخصٍ ما مذ خلق الله السماوات والأرض وحتى تقوم الساعة , بل حتى العصمة والتشريف والتقديس كان لشخوص في مواطن معينة ومقدور عليها كتبليغ الشريعة أو ايصالها للآخرين , والتزكية الربانية كانت لجمع معين غير الأنبياء كالصحابة الذين ماتوا على ماعاشوا عليه من ورع وتقى وحفظ للدين لذلك عدّلهم الخالق سبحانه فكانوا مصدر من مصادر التشريع إذ قال صلى الله عليه وسلم :" عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء المهديين من بعدي "... فاعتبر العلماء أن رأي الخلفاء من الصحابة يُعد مصدر تشريع يعاد إليه حين الخلاف ...
.
.
ومن خلال كل ماذكرت أعلاه تبين لنا بالدليل القاطِع أن لاعصمة مطلقة ولا تقديس كامِل لأيٍ من البشر , بينما نجد في هذا الزمن من يعيد كهنوت النصارى وتولي الروافض والصوفية وبشارات الماتردية والقاديانية في بعض الشخوص , وهذا دأبُ أهل البدع حيثما حلوا وأينما وُجِدُوا , حتى أوصلوا بعضهم للمكانة الربانية , فأصبحت النصوص مرتبِطة بالشخوص , فماقال فلان هو الحق وإن خالف خيرُ الخلْق!! كيف ذاك؟ ومن أين لهم هذا؟؟ سبحانك ربي هذا بهتانٌ عظيم !!
.
.
ركائز الشرع قد بنيت والدين كَـــمُل , وليس بحاجة لمن يفتري أو يدّعي أو يختلِق , وفي المقابِل ينهى الشارع الكريم عن التبعية والإتباع دونما رويّة وتأني وسير على النهج القويم ...
إذ أننا نرى مابين الفينة والفينة من يأتي بطوام كبيرة يفتري فيها على الله بغير علم ثمّ نجد التوابِع الناعقين والمصفقين لذاك الباطِل ويكون ستارهم الذي يستترون به هو ( العصمة والقدسية ولحوم العلماء مسمومة ) .. ونسوا وتناسوا في خضم هذا الأمر أن هناك أصول لامجال لكائن من كان أن يفتات فيها أو يفتري بضحالته الفكرية ونقص فهمه للأمور الدقيقة الشرعية فيضِل ويُضِل ..وهكذا دواليك ..
رأيت في هذا الصرح النقي بعض المداولات حول بعض القضايا الشرعية في حياتنا الإجتماعية وكيف أنّ هناك فارِق كبير بين مؤيد ومعارِض , ومصدِّق ومضطرِب !!
فكأنّ البشر في هذا الزمن معصوم , وكأن الحديث حول بعض قضايانا الدينية أمر يحرُم الخوض فيه أو الحديث عنه بقصد الإصلاح , فلابد من الإتباع هكذا قسراَ ودونما اقتناع!! كيفَ هذا؟ من أين جاؤو به لا علم لي فالحق واضح أبلج والباطِل مظلم دحض من وقع فيه كُسِر دينه ولاجبر له ...
.
.
فانقسمت فئات المجتمع إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : وهم العامّة الذين يسيرون وفق ماأراد لهم الخالق عزّوجل وينبذون كل ماخالف الفطرة الربانية مهما زينها أهل الهوى في أذهانهم..
والقسم الثاني : هو من كان على شفا جرفٍ ينهار في أدنى هاوية تدنوا منه , فيكون إمّعه , يهذي بمالاعلم له وكأنّه أعلم الكون , وكلما فاق من فتنة ولج في أختها حتى يغلق الله عليه فهمه وفقهه فيبقى وكأن لسان حاله يقول ( ليتني بقيت كعجائز خراسان أعبد الله على فطرة )..
والقسم الثالث : هو من وهبه الله فقه وعلم ونور وبصيرة , فيعرِف الفتنة مذ يبزغ رأسها ويقمعها في قلبه ثمّ يحذِر منها قومه .. جعلني الله وإياكم ممن وهبه الله البصيرة لندرِك بها الحق من الباطِل ..
..
.
وحينما نتحدَث عن هذه التصورات التى نراها في كل بيت من بيوت المسلمين نوّد بصدق لو أننا نتعلّم ونحرِص على العودة لنهج السلف الصالِح كي نتعلم منهم الماهية التى سبقونا للحق وتأصل في قلوبهم النور المبين ولم يبقوا هكذا سذّج تهوي بهم ريح الفتنة وتحيط بهم من كل حدبٍ وصوب ...
وحينما نكتُب الحق ونصدح به فلانريد منه إلا الوصول إلى الحق لاكما يتصور البعض أن مانتحدث عنه حق أريد به باطل!! حاشا وكلاّ ونبرأ لله من هكذا سلوك لم نعهده إلا من يهود الأمّة ومن روافضها وماسواهم فالله هو حسبنا ونعم الوكيل ...
.
الخلاصة:
يبقى كل انسان في هذا الكون رهن مقولته , فماوافق فيه السلف الصالِح قبِلنا منه , وماخالفهم تريثنا فيه فإن كان فرع من الدين فهو مجال للإجتهاد , ولاباس فيه ,,
وماكان يمس الأصول فقولُه مردود عليه كائناً من يكون مالم يذعن للحق ويعود إليه رغم كلّ المطبلين له ...
وحينما نريد أن نقتدي فالأولى بنا أن نتأسى بالأموات لا الأحياء من أهل الحق فهم قد أمنوا الفتنة ....وماتوا على النهج القويم ...
.
.
وفي الختام كتبت ماقرأتهم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ...
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ....
بقلم:
أختكم أمل بنت عبدالعزيز...[/align]