أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اللغة الصّومالية ومدى تأثّرها بالعربيّة
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وآله وأصحابه .
أما بعد : فإنّ اختلاف اللغات وتنوّعها آية عظيمة دالّة على وحدانية الله سبحانه وتعالى وحكمته البالغة قال الله سبحانه وتعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ "
وأصول اللغات توقيفية وإنّ الله تعالى قد أقسم بين عباده وفضّل بعضهم على بعض .
وأفضل اللغات على الإطلاق هي لغة القرآن المنزّل بالحقّ وعلى الحقّ .
ومن هذه اللّغات لغة الصّومالية الّتي أكثر موادها عربيّة في نثرها وشعرها ولكنّها في الحقيقة من حيث بنائها وأوزانها لغة بحيالها ولا أستبعد كونها لهجة عربيّة قد دخلها التغيير منذ بعيد كما قال بعض .
وأحبّ أن أنقل إلى القرّاء تأثّر لغة الصومالية باللغة العربيّة ليدرك القارئ الكريم مدى هذا التأثّر وهناك قواعد أهمّها ما يلي :
القاعدة الأولى :كلّ كلمة مبدوءة بالخاء فهي عربيّة مثل "خير"و"خطّ"و"خجل"و"خمر"و"خسر"و "خلط"و"خمار"و"خيانة" و"خطر"و"خيار"و...و...و..
القاعدة الثّانية :كلّ كلمة رباعية خُتم بالدّال السّاكنة فأصلها عربيّة مثل "حَلْوَدْ" أصلها "حلوة" و"حَتَبَدْ" أصلها "عتبة" و"عِقَامَدْ" أصلها "إقامة" و"رِوَايَدْ" أصلها رِواية" و" ساعدْ"أصلها "ساعة " و" دقيقد" أصلها "دقيقة "وهلمّ جرٍّ
القاعدة الثّالثة : أنّ أدوات النفي والاستفهام عربية وهي "ما" النّافية والاستفهامية مثل " ما هَ " أي"ما هُوَ" وهلم جرٍّ .
القاعدة الرّابعة : أنّ اللام الملك هو نفسه عند الصُّوماليين ويقولون بالضبط " أنا لها" أنا لَهْ" أي : أنا لي وهلم جرٍّ
القاعدة الخامسة : معظم أسماء الأشياء والأدوات عربيّة لا سيّما في المناطق الشّمالية مثل "دار" و"الباب" و"طاقة"و"سقف"و"مطبخ"و"حمّام"و "مغسلة"و"مخزن"و"لوح"و "سرير" و"فراش"و"بسط"و"قطيفة" و"الشنطة"و"صحن"و"ملعقة"و"طس� �" و"إبريق"
و"ثلاجة" و"ترموس"و"كوب"و"مطيبة" و"قفل" و"كرسي"و...و...و...
ومما ينبغي أن نخوض فيه الكلامُ بكيفية تغيير الكلمة العربيّة إلى الصومالية ونأتي بضوايط مسلّمة وهي ما يلي :
الضابط الأوّل : ايدال الميم بالباء مثل "المياه " بــــــ "بيو "و"مين" بـــ" بَيْن"
الضابط الثّاني : ابدال الميم الواقع في آخر الكلمة بنون ساكنة مثل " قَلِم" بـــــ "قلِنْ" و"علَم" بـــــ " علَنْ" و"صوم" بـــ" صونْ" و"قاسم" بــــ "قاسِنْ" وهلمّ جرٍّ
الضابط الثّالث : إبدال الصاد بالسين وهو كثير .
وهناك ما لا يدخل في ضابط وهو كثير مثل إبدال الباء بالميم مثل " صَبْرٌ" بــــ "صَمِر" وإبدال العين بالحاء مثل " عتبة "بـــ" حَتَبَدْ "وإبدال الهمزة بالعين مثل " أرملة "بـــ " عَرْمَل"وإبدال الطاء بالتاء مثل " خطر " بـــ" خَتَر" وإيدال الثّاء بالتاء مثل "ثُوم" بــ "تَونْ" وإبدال الثاء بالدال مثل الثلاثاء بـــــ" تَلَادَاْ" وإبدال التاء بالدّال مثل " تلعة " بــ " دلعَدْ" وهي : ما ارتفع من الأرض ومسيل الماء من أعلى إلى أسفل ، وإبدال الكاف بالقاف مثل " فُك" بــــ "فُقْ"وإبدال السين بالجيم مثل "جاسوس" بــ "جاجوس"وإبدال الهمزة بالهاء مثل "أفر" أي أشد افتراءاً بـــ " هَفَر" وإبدال الضاد اللام مثل "فَرْضٌ" بــــــ "فرلْ " و"ضد" بـــ " لِد"
قال ابن الجزري في " التمهيد" : أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم وهذه غريب وفيه توسع للعامة ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة لا يقدرون على غير ذلك وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب ومنهم من يخرجها لاما مفخمة وهم الزيالع ومن ضاهاهم "اهــــ
وإبدال التاء المربوطة بالواو مثل "حليمة" بـــ "حليمو" وهلمّ جرٍّ .
وقد يُقدّم حرف على حرف مثل "ملقعدْ" أصلها "ملعقة" و"نِمْعَو" أصلها " نِعْمة"و"تُكُبْ" أصلها "كُتُبٌ"
وقد يكون مفرد الكلمة صحيحاً عند الصوماليين لكن يدخل تغيير في جمعها مثل "وَفْدِيَو" في جمع "وَفْدٌ "و "تُكُب" في "جمع "كتاب" و...و...و...
وقد يحذفون بعض الكلمة إختصاراً مثل "قَبُ" أصلها "اقبِضْ" بالأمر وهلمّ جرٍّ .
وهناك كلمات عربية غير قليلة لا تستعمله الشعوب العربية داراً ولساناً ولكن قد استعمل الصّوماليون في الحياة اليومية مثل " عبّ"أي : شرب و" مين" أي : كذب وهلمّ جرٍّ
ومن الغريب وجود حروف المضارعة الأربعة المجموعة في" أنيت " في بعض كلمات الصّومالية مثل " أَقَانَ/ يَقَانَ/تَقَانَ /نَقَانَ"
و" إرِ/تِرِ/يِرِ/نِر" على لغة الكسر و"إِمِ/يِمِ/نِمِ/تِمِ"و" أَهَيْ/تَهَيْ/نَهَيْ/يَهيْ" وهلمّ جرٍّ
وهذه الحروف المضارعة لا توجد في كلمات اللغات العجمية فيما أعلم .
وقد تأثّرت اللغة الصّومالية باللهجات اليمنية والمصرية كثيراً وربما يقال إنّ بعض الكلمات للهجة اليمنيّة أصلها صومالية مثل "ما هَلَّوْشْ" ففي الصومالية " ما هَلِن " لأنّ المعروف زيادة الواو والشين في آخر الكلمة .
الكتابة الصومالية
ومما يُحسن أن نعلم أنّ خطّ الصّوماليّ كان الحرف العربيّ قديماً إلى أن جاءت ثورة محمّد زياد برِّي فهو الّذي بدّل بالحرف اللاتينيّ مع أنّ أغلب أعضاء البرلمان الصّومالي في ذلك العهد قد صوّت إبقاء الحرف العربيّ
الشعر الصومالي
كان طبيعة الشعر الصومالي مثل الشعر العربي في الحماسة والفخر والرّثاء والهجاء ووصف الخيل والإبل والحروب إلا أنّ الغزل في الشعر عيب عند الصّوماليين .
وقافية الشعر الصوماليّ هو أول الحرف لا آخره إلا أنّ الشاعر المشهور عبد القادر حرس يَمْيَمْ قد اخترع شعراً مثل أشعار العربية في القافية .
هذا آخر المطواف ونستغفر الله الزلل في المقال وصلى الله على أفصح من نطق بالضاد وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.