فضل التسبيح
إنَّ التسبيح له شأن عظيم ومكانة رفيعة؛ إذ هو أحد الكلمات الأربع التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّها خيرُ الكلام وأحبُّه إلى الله، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «أحبّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، و لا إله إلا الله، والله أكبر» (1)، وقد مرّ معنا جملة طيّبة من أحاديث النبيّ صلى الله عليه وسلم في تفضيل هؤلاء الكلمات، وبيان ما لهنّ من منزلةٍ عاليةٍ ومكانةٍ رفيعةٍ.
وكلمة: سبحان الله، التي هي إحدى هؤلاء الكلمات لها شأن عظيم، فهي من أجلِّ الأذكار المقربة إلى الله، ومن أفضل العبادات الموصلة إليه، وقد جاء في بيان فضلها وشرفها وعِظم قدرها نصوصٌ كثيرة في الكتاب والسنة، بل إنَّ ما ورد في ذلك لا يُمكن حصرُه لكثرته وتعدّده، وقد ورد ذكر التسبيح في القرآن الكريم أكثر من ثمانين مرة، بصِيغ مختلفة وأساليب متنوِّعة، فورد تارة بلفظ الأمر كما في قوله –تعالى-:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ (2)، وتارة بلفظ الماضي كما في قوله تعالى: ﴿ سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ (3)، وتارة بلفظ المضارع كما في قوله تعالى: ﴿ يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ ﴾( 4 )، وتارة بلفظ المصدر كما في قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ * وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾ ( 5 ).
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى التسبيح في مُفتتح ثَماني سُوَر من القرآن الكريم، فقال تعالى في أول سورة الإسراء: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ (6)، وقال تعالى في أول سورة النحل: ﴿ أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ (7)، وقال تعالى في أوّل سورة الحديد: ﴿ سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ ( 8 )، وقال تعالى في أوّل سورة الحشر: ﴿ سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ ( 9 )، وقال تعالى في أول سورة الصف: ﴿ سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ (10)، وقال تعالى في أول سورة الجمعة: ﴿ يُسَبِّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ ﴾ ( 11 )، وقال تعالى في أول سورة التغابن: ﴿ يُسَبِّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ( 12 )، وقال تعالى في أول سورة الأعلى: ﴿ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ المَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى ﴾ ( 13 ).
قال بعض أهل العلم ( 14 ) : والتسبيح ورد في القرآن على نحو من ثلاثين وجهاً، ستةٍ منها للملائكة، وتسعةٍ لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأربعةٍ لغيره من الأنبياء، وثلاثةٍ للحيوانات والجمادات، وثلاثةٍ للمؤمنين خاصة، وستةٍ لجميع الموجودات.
1- صحيح مسلم (رقم:2137).
2- سورة الأحزاب، الآية: (41 - 42).
3- سورة الحشر، الآية: (1).
4- سورة الجمعة، الآية: (1).
5- سورة الصافات، الآية: (180 - 182).
6- سورة الإسراء، الآية: (1).
7- سورة النحل، الآية: (1 - 2).
8- سورة الحديد، الآية: (1).
9- سورة الحشر، الآية: (1).
10- سورة الصف، الآية: (1).
11- سورة الجمعة، الآية: (1).
12- سورة التغابن، الآية: (1).
13- سورة الأعلى، الآية: (1 - 5).
14- انظر: بصائر ذوي التمييز للفبروزابادي (2/285 وما بعدها).
</B></I>
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ( غربة الروح )
