أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفصل الخامس: إهدم صنمك من الهوى:
لكل نفس صنم من الهوى يؤزها أزا أي يغريها ويهيجها ويحثها فيزعزع استقرارها ويكدر بياض صفائها ، ويعكر جمال نقائها ولهذا تنبه يا عبد الله لهذا العدو الذي إن خفي عنك حسبته حبيبك ومؤنسك في مسيرك وهو طاعن في قلبك وهادم لأركان دينك.
فالصنم ليس هو الحجارة التي يعظمها الناس ويعبدونها ويقدسونها فكل ما يقدس ويعظم ويطاع من دون الله فهو صنم من الهوى ، فالهوى إن تمكن منك عَبدك لشهواتك وحطم عظيم بنيانك وهدم بيتك وعطل أركانك وأوردك المهالك في الدنيا والآخرة
وسوف نتناول الهوى في هذه المباحث التالية :
المبحث الأول : تعريف الهوى وبيان محلة وتعلقه وأنواعه:
المطلب الأول : تعريف الهوى :
قيل : هو ميل النفس إلى الشهوة ، وأكثر ما يستعمل في الحب المذموم كما قال تعالى( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فإن الجنة هي المأوى)النازعات40 -41.
وقيل : هو ميل الطبع إلى ما يلائمة وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائة فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح ، وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه إن زاد عن حده .


المطلب الثاني : محل الهوى وتعلقه:
الهوى محله القلب ويتعلق بأنواع المشتهيات:
فالهوى يدفع النفس ونازع الشر في القلب إلى التعلق بالحياة الدنيا ومشتهياتها حتى يعبد الإنسان هواه ، قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)الجاثية 23.
ومعنى الآية : أفرأيت - أيها الرسول- من اتخذ هواه إلهًا له ، فلا يهوى شيئًا إلا فَعَله ، وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه ، فلا يسمع مواعظ الله ، ولا يعتبر بها ، وطبع على قلبه ، فلا يعقل به شيئًا ، وجعل على بصره غطاء ، فلا يبصر به حجج الله؟ فمن يوفقه لإصابة الحق والرشد بعد إضلال الله إياه؟ أفلا تذكرون - أيها الناس- فتعلموا أنَّ مَن فَعَل الله به ذلك فلن يهتدي أبدًا ، ولن يجد لنفسه وليًا مرشدًا؟ والآية أصل في التحذير من أن يكون الهوى هو الباعث للمؤمنين على أعمالهم.
وقال تعالى(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)القصص 50.
ومعنى الآية : فإن لم يستجيبوا لك بالإتيان بالكتاب ، ولم تبق لهم حجة ، فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ، ولا أحد أكثر ضلالا ممن اتبع هواه بغير هدى من الله . إن الله لا يوفِّق لإصابة الحق القوم الظالمين الذين خالفوا أمر الله ، وتجاوزوا حدوده.
ولكن ما هي المشتهيات وما هي علل الإشتهاء وما هو مذاهب الناس في الشهوات والإشتهاء؟
أولا : بيان المشتهيات :
قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ)آل عمران14.
وفي الآية بين الله أصناف المشتهيات السبعة:وهي النساء والبنين والذهب والفضة والخيل والأنعام والحرث( الأرض والزرع).
ثانيا : علل الإشتهاء:
فالله بين علل الإشتهاء حين تكون خواطر القلب في الإنسان متعلقة بالدنيا دون الآخرة ، وناشئه هوى النفس ونازع الشر للراغبين في الدنيا ، وحصرها الله في خمسة أنواع تستوفي كل أسباب الإشتهاء بقوله (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)الحديد 20.
وهذه العلل هي :
1- اللعب بالأبدان وإمضاء الوقت فيه وبعد ذلك الحسرة والندامة.
2- اللهو بالقلوب وتضيع الأوقات فيه ثم الحسرة على ذلك.
3- الزينة بتزين القبيح وعمارة الدنيا الفانية .
4- التفاخر بالبنين والقوة والقدرة وكلها فانية.
5- التكاثر في الأموال والأولاد فيجمع المال في سخط الله ويصرفه في مساخط الله ثم يكون عليه حسرة.
والله قد أمر بترك هذه الأمور وهي اللهو واللعب والزينة والتفاخر والتكاثر لأن ورائها الحسرة والندامة ولا طائل منها فيلهو الإنسان ويلعب حتى يحضر أجله ، قال تعالى (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ....)الأنعام70.
وقال تعالى (فَأَمَّا مَنْ طَغَى*وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى*وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)النازعات37: 41.
فمن تجاوز الحد وآثر الحياة الدينا وفضلها على الآخرة وجعلها غايته فإن الجحيم مصيره ، ومن خاف ربه ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة فإن الجنة هي مصيره.
مذاهب الناس في الشهوات :
1- المغالين في الشهوات:
وهم عبيد الدنيا والهوى الذين يتمرغون فيها ، قال تعالى(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)البقرة 96.
وهم الذين أخلدوا إلى الأرض وركنوا إلى الدنيا وجعلوها غايتهم ، كما قال تعالى(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)الأعراف176.
وهؤلاء رتبتهم كرتبة الأنعام بل أضل فلا هم لهم إلا الشهوات ، وهم الذي قال الله فيهم (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)محمد12.
وهؤلاء تنجست فطرتهم حتى أصبحت النجاسة عندهم أصلا والطهارة شذوذ كما قال الله في قوم لوط (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ*إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ*فمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)الأعراف80: 82.
2- مذهب المغالين في محو الشهوات:
مثل غلاة الصوفية الذي يكبتون شهواتهم من الطعام والنكاح وغيرها ، وهؤلاء مخالفون للفطرة مخالفون للسنة لأن الشهوة إبتلاء وضرورة ، وعن أنس بن مالك : (جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِبعنسُنَّتيفليس مني)صحيح البخاري.
3- مذهب السلف المعتدلين في الشهوات:
فهؤلاء لا ينكرون وجود الشهوات والرغبات في أنفسهم ولكن المسلم يعلم أنها ابتلاء لابد أن يخضع فيه لشرع الله ، و عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله قال (وفي بضعِأحدكم صدقةٌ)صحيح مسلم.
الخــــــلاصـــــة

أي في جماع الرجل لزوجته صدقه.

1- الهوى هو ميل النفس إلى الشهوة.
2- الهوى محلة القلب ويتعلق بالمشتهيات ومنها النساء والبنين والمال والخيل والأنعام والأرض والزرع وغيرها.
3- الناس تشتهي هذه المشتهيات لعلل وأسباب منها اللهو بالقلوب واللعب بالأبدان والتفاخر بالولد والقدرة والقوة والتكاثر في المال والولد.
4- يجب على المسلم أن يخضع شهواته لشرع الله فيجب أن تنضبط بالشرع فلا يصرفها إلا في الحلال ودون إسراف.


المطلب الثالث : أنواع الهوى من حيث الذم والمدح:
ينقسم الهوى إلى نوعين هما :
1- الهوى المذموم :
وهو الهوى المفرط ، فالهوى ليس مذموما كله ولكن ما يذم منه هو الإفراط فيه وهو مازاد على جلب المنافع ودفع المضار.
2- الهوى المحمود أو الممدوح:
وهو الهوى الذي ينضبط بضوابط الشرع ويوافقه.
فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال (لا يؤمنُ أحدُكمحتَّىيَكونَهواهُتبعًا لمَّا جئتُ بِهِ)الأربعين النووية.
فالضابط إذا للهوى المحمود هو الشرع.
فمن اتخذ المشتهيات أسبابا للطاعة كمن يأتي شهوته في زوجته ليعف نفسه عن الحرام وينجب الأولاد ليعملوا بطاعة الله ويحصد المال ليعف نفسه وأهله وينفقه في وجوه الخير المختلفة فهذا من الخير.
ومن أتخذها غاية في حد ذاتها وتعلق بها قلبة وأحبها حبا شديدا وأفنى فيها عمره وشغلته عن ربه فهذا هو الشر بعينه ، ومن فعل ذلك فقد جعل إلهه هواه.
وقال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)الجاثية23.
الخــــــلاصـــــة

ومعنى الآية أن من أطاع هواه فقد جعله إله يطاع من دون الله.

1- الهوى المذموم هو الهوى المفرط الذي يزيد على جلب المنافع ودفع المضار.
2- الهوى المحمود هو الهوى المنضبط بضوابط الشرع فيأتي المرء شهواته في الحلال ودون إسراف.


المبحث الثاني : خطورة و جزاء إتباع الهوى المذموم وجزاء إنتهاء النفس عنه:
المطلب الأول : خطورة الهوى المذموم وجزائه:
الهوى من أسباب الضلال عن سبيل وطريق الله تعالى ، والضلال عن سبيل الله عاقبته السوء والهلاك في الدنيا والآخرة ، قال تعالى( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)ص26.
وقال تعالى( فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى)طه16.
ومعنى الآية : فلا يصرفنَّك - يا موسى - عن الإيمان بها والاستعداد لها مَن لا يصدق بوقوعها ولا يعمل لها ، واتبع هوى نفسه ، فكذَّب بها ، فتهلك.
وقد شبه الله سبحانه تعالى من اتبع هواه بالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، قال تعالى( وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)الأعراف176.
ومعنى الآية :ولو شئنا أن نرفع قدره بما آتيناه من الآيات لفعلنا ، ولكنه رَكَنَ إلى الدنيا واتبع هواه ، وآثر لَذَّاته وشهواته على الآخرة ، وامتنع عن طاعة الله وخالف أمره. فَمَثَلُ هذا الرجل مثل الكلب ، إن تطرده أو تتركه يُخْرج لسانه في الحالين لاهثًا ، فكذلك الذي انسلخ من آيات الله يظل على كفره إن اجتهدْتَ في دعوتك له أو أهملته ، هذا الوصف -أيها الرسول- وصف هؤلاء القوم الذين كانوا ضالين قبل أن تأتيهم بالهدى والرسالة ، فاقصص -أيها الرسول- أخبار الأمم الماضية ، ففي إخبارك بذلك أعظم معجزة ، لعل قومك يتدبرون فيما جئتهم به فيؤمنوا لك.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسسم يخشى على أمته من مضلات الهوى ، فعن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله قال(إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ، ومضلات الهوى)صححه الألباني.
وعن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله قال (إن أهل الكتاب قبلكم تفرقوا على اثنتين و سبعين فرقة في الأهواء ، ألا و إن هذه الأمة ستفترق على ثلاث و سبعين فرقة في الأهواء ، كلها في النار إلا واحدة ، و هي الجماعة ، ألا و إنه يخرج في أمتي قوم يهوون هوى يتجارى بهم ذلك الهوى كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يدع منه عرقا و لا مفصلا إلا دخله)صححه الألباني.
ومعنى الحديث أن سبب ضلال الأمة وتفرقها إلى فرق كان بسبب إتباع الهوى ، وأنها كلها في النار إلا الجماعة التي تكون على ما كان عليه النبي وصحبه ، وأن الهوى يسحب صاحبه ويتحكم فيه كيفما شاء ويكون سبب هلاكه.
وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله قال(تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا . فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء . وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء . حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا . فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض . والآخر أسود مربادا ، كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا . إلا ما أشرب من هواه )صحيح مسلم .
ومعنى كالكوز مجخيا :أي كالكأس المقلوب فلا تستطيع أن تضع فيه شيئا ولا أن تنتفع به ، فهذا هو قلب المفتون لا تسطيع ان تدخل في قلبه الايمان .
وقد نفى رسول الله الإيمان عن من يكون هواه غير موافقا للقرآن والسنة ، فعن عبدالله بن عمرو أن رسول الله قال(لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يَكونَ هواهُ تبعًا لمَّا جئتُ بِهِ)حسنه النووي.
السبب الرئيسي في إتباع الهوى :
الخــــــلاصـــــة

السبب الرئيسي في اتباع الهوى هو عدم الإستجابة لله والرسول وعدم التمسك بالقرآن والسنة ، قال تعالى( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)القصص 50.

1- الهوى من أسباب الضلال عن سبيل الله ويؤدي إلى الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة.
2- السبب الرئيسي في اتباع الهوى هو عدم الإستجابة لله والرسول وعدم التمسك بالقرآن والسنة.
المطلب الثاني : جزاء إنتهاء النفس عن الهوى المذموم :
الخــــــلاصـــــة

جعل الله جزاءً لمن خافه ونهى نفسه عن هواها دخول الجنة ، قال تعالى( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فإن الجنة هي المأوى)النازعات40 -41.

جعل الله جزاء من خافه ونهى النفس عن هواها هو دخول الجنة.


المبحث الثالث : أصنام من الهوى:
الصنم ليس هو الحجارة التي يعظمها الناس ويعبدونها ويقدسونها فكل ما يقدس ويعظم ويطاع من دون الله فهو صنم من الهوى ، فالهوى إن تمكن منك عَبدك لشهواتك وحطم عظيم بنيانك وهدم بيتك وعطل أركانك وأوردك المهالك في الدنيا والآخرة ، فالهوى أنواع وأصناف منها :
1- السلطان والرياسة :
فمن الناس من يتملك حب السلطان والرياسة من قلبه ، فلا يرى إلا سلطانه ورياسته ونفوذه ، فيحمله ذلك على ترك الواجبات وارتكاب المحرمات ومعانده رب الأرض والسموات فيعطل الشريعة ويعيث في الأرض الفساد ، فيورده ذلك الهلاك في الدنيا والآخرة ، ومن أمثلة ذلك ما يلي :
× هرقل الروم الذي تملك حب السلطان والرياسة من قلبه ، فقد كان يعلم أن رسول الله هو رسول الله حقا وصدقا ولكنه خاف أن يضيع منه سلطانه إن هو اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن إمبراطوريته كانت تدين بالنصرانية ، فآثر السلطان على الإسلام وآثر الكفر على الهداية ، ومات على غيه وكفره ، فهذا كان صنمه حب السلطان فأورده الهلاك.
× من خاف على سلطانه أن يضيع إن هو طبق شرع الله سبحانه وتعالى ، وخاف من الدول الكافرة أن تحاربه وتناصبه العداء ، فآثر سلطانه على تطبيق شريعة الرحمن ، وطبق القوانين الوضعية العفنة وجحد الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال تعالى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ‏)المائدة44.
فمن أراد بالحكم بغير ما أنزل الله استرضاء الكفار والمنافقين كفر كفرا أكبر.
ومن لم يحكم بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أنه عاص وأن حكم الله هو الحق وشرع القوانين بالمخالفة لشرع الله وجعل القوانين بترتيب وتخضيع فهو كافر كفرا أكبر مخرج عن الملة وإن قال أنه أخطأ وأن حكم الشرع أعدل ، لأن من نحى الشريعة الإسلامية وجعل القانون الوضعي بديلا عنها فهذا دليل على أنه يرى أن القانون أحسن وأصلح من الشريعة.
× من ترك الواجبات وآثر سلطانه ورياسته ووظيفته ، فترى المرء يسمع حي على الصلاة ويؤثر عمله ورياسته و سلطانه فلا يلبى النداء فهذا صنمه هو عمله وسلطانه ورياسته .


2- كرة القدم :
من الناس من يعبد كرة القدم ، فكرة القدم هي صنمه التي تملكت قلبه ونفسه ووقته وكل حياته ، فتجده يقول إن الكرة تمشي في دمي وعروقي ، ويوالي ويعادي على أساس انتمائه لهذا النادي أو ذاك ، ومن الناس من يقتل نفسه ربما لو خسر ناديه في مبارة معينة ، ومنهم من يطلق زوجته لمجرد أنها تشجع فريقا آخر غير فريقه ، ومنهم من يقتل أو يعتدي بالضرب على شخص آخر لمجرد أنه يشجع فريقا غير فريقه ، فما هذا السفه أفمن أجل كرة الكرة تنتهك الحرمات وتسفك الدماء؟ ، فصارت كرة القدم دينا وصارت صنما تعبد من دون الله ، فترى الرجل يقف الساعات في وقت الظهيرة شديد الحرارة وبدون مظلة ليشاهد مبارة لكرة القدم وذلك لعدم توفر الأماكن داخل المقهى في حين أنه لا يتحمل أن يذهب لصلاة الفريضة التي هي عماد الدين خمس دقائق وتراه يسمع حي على الصلاة فلا يلبي نداء الله فأيهما يعبد ويطيع أيعبد الله أمالكرة ؟
3- الغناء والموسيقى:
ومن الناس من صنمه هو الغناء والموسيقى فقد تملك قلبه وروحه ، فيقول إن الغناء هو غذاء الروح ، ونسي هذا أن الغناء محرما ، فعن أبو مالك الأشعري أن رسول الله قال (ليكونَنَّ من أمَّتي أقوامٌ ، يستحلُّونَ الحِرَ والحريرَ ، والخمرَ والمعازِفَ )صحيح البخاري.
وتراه ينام على الغناء ويصبح على الغناء ويعيش على الغناء ويموت على الغناء ، فهذا هو إلهه الذي يظل عليه عاكفا صباح مساء ، فلا يعرف من دينه شيئا ولا يحفظ من القرآن شيئا في حين تراه يحفظ الأغاني جميعا القديم والحديث ويحفظ أسماء المغنيين ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ومنهم من حضرته الوفاة وهو يسمع الغناء فقيل لأهل بيته اجعلوا القرآن في المكان بدلاً من الغناء فقال لهم من يحتضر لا أريد سماع القرآن إنما أريد سماع الغناء ، فأغلق القرآن وفتح الغناء ومات على إلهه الذي ظل عليه عاكفا ، وإنه والله لمن سوء الخاتمة أعاذنا الله وإياكم من سوء الخاتمة.
4- النساء:
ومن الناس من تملك حب النساء من قلبه فهو لا يرى إلا معشوقته ولا يسمع غيرها ، فتراه يترك الواجبات ومنها الصلاة ، ويترك ذكر الرحمن ، ويرتكب المحرمات ومنها الزنا وشرب الخمر بل وحتى القتل من أجل عشيقته ، ومنهم من يترك دينه كله من أجل امراءة فتراه يتنصر ويترك دينه من أجل أن يتزوج نصرانية اشترطت عليه ذلك بل يزيد على ذلك شرب الخمر وأكل الخنزير ، وتراه يقول لعشيقته ومحبوبته إني أعبدك فهل من تملك حب النساء من قلبه إلى هذة الحدود إيهما يعبد هل يعبد الله أم النساء؟

وسوف نفصل هنا العشق الذي ابتلي به كثير من الشباب والفتيات في هذا الزمان فإنه صار المرض العضال:
العشق : داء أعيا الأطباء دواءه ، وعز عليهم شفاءه ، وهو واللَّه الداء العُضال وهو مرض يصيب القلب بسبب تعلق المرء بصورة معشوقه فلا يرى ولا يسمع ولا يفكر إلا فيه بحيث تملك عليه حواسه كلها .
والعشق تارة يكون كفرا وتارة يكون معصية :
1- تارة يكون كفرًا:
كمن اتخذ معشوقه ندًّا ، يحبه كما يحب اللَّه ، فكيف إذا كان محبته أعظم من محبة اللَّه في قلبه ؟ فهذا عشق لا يغفره اللَّه لصاحبه ، فإنه من أعظم الشرك ، واللَّه لا يغفر أن يشرك به ، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك ، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري ما يلي:
× أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه ، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحق ربه وطاعة ربه وطاعته قدم حق معشوقه على حق ربه وآثر رضاه على رضاه .
× إن يبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ويبذل لربه - إن بذل - أردأ ما عنده ، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه وجعل لربه - إن أطاعه - الفضلة التي تبقى بعد قضاء الساعات الطوال مع معشوقه.
ولا ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك ، وكثير من العشاق يصرح بأنه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه ألبتة ، بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله فصار عبدًا مخلصًا من كل وجه لمعشوقه ، فقد رضي هذا بعبودية مخلوق مثله بدلا عن عبودية الخالق جل جلاله ، فإن العبودية هي كمال الحب والخضوع ، وهذا قد استغرق قوة حبه وخضوعه وذله لمعشوقه ، فقد أعطاه حقيقة العبودية.
2- وتارة يكون معصية:
وذلك إن لم يكون العشيق ندا ولا يحبه ولا يعظمه كما يعظم الله و مع ذلك فله من الآفات الكثير فهو يشغله عن الله ويشتت قلبه في العبادة ويضعفه فيها .
آفات العشق:
1- الاشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره : فلا يجتمع في القلب هذا وذاك إلا ويقهر أحدهما صاحبه ، ويكون السلطان والغلبة له.
2- عذاب قلبه بمعشوقه : فإن من أحب شيئًا غير اللَّه عُذب به ولا بد ، والعشق وإن استلذ به صاحبه ، فهو من أعظم عذاب القلب.
3- أن العاشق قلبه أسير في قبضة معشوقه يسومه الهوان والذل : ولكنه لسكرة العشق لا يشعر بمصابه.
4- أنه يشتغل عن مصالح دينه ودنياه : فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من عشق الصور ، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم تفرق القلب وإقباله على اللَّه ، وعشق الصور أعظم شيء تشعيبًا وتشتيتًا له ، وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين ، فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه ، فمصالح دنياه أضيع وأضيع.
5- أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى عشاق الصور من النار في الهشيم : وسبب ذلك أن القلب كلما قرب من العشق وقوي اتصاله به بعد من اللَّه فأبعد القلوب من اللَّه قلوب عشاق الصور، وإذا بعد القلب من اللَّه طرقته الآفات من كل ناحية ، فإن الشيطان يتولاه ومن تولاه عدوه واستولى عليه لم يدع أذى يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله ، فما الظن بقلب تمكن منه عدوه .
6- أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوي سلطانه أفسد الذهن وحدث الوساوس ، وربما التحق صاحبه بالمجانين: الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون بها ، وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها ، بل بعضها يشاهد بالعيان .
7- أنه ربما أفسد الحواس أو أنقصها ، إما إفسادًا معنويًا أو صوريًا :
× أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب ، فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان ، فيرى القبيح حسنًا منه ، والعشق يعمي ويصم ، فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوئ المحبوب وعيوبه فلا ترى العين ذلك ، ويصم أذنه عن الإصغاء إلى العدل فيه فلا تسمع الأذن ذلك ، والرغبات تستر العيوب فإن الراغب في شيء لا يرى عيوبه حتى إذا زالت رغبته فيه أبصر عيوبه ، فشدة الرغبة غشاوة على العين تمنع من رؤية الشيء على ما هو عليه ، والداخل في الشيء لا يرى عيوبه ، والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يرى عيوبه ، ولا يرى عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه .
× وأما إفساده للحواس ظاهرًا فإنه يمرض البدن وينهكه ، وربما أدى إلى تلفه ، كما هو معروف في أخبار من قتله العشق.
8- أنه يترتب على العشق آفات للبدن والروح :فأن العشق كما تقدم هو الإفراط في المحبة ، بحيث يستولي المعشوق على القلب من العاشق ، حتى لا يخلو من تخيله وذكره والتفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه ، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القوى ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يعسر دواؤه ويتعذر، فتتغير أفعاله وصفاته ومقاصده ، ويختل جميع ذلك فيعجز البشر عن إصلاحه .
والعشق مبادئه سهلة حلوة ، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم ، وآخره عطب وقتل إن لم تتداركه عناية من اللَّه.
علاج العشق:
1- العلاج الأول: أن يعرف العاشق أن ما ابتلي به من هذا الداء المضاد للتوحيد إنما هو من جهله وغفلة قلبه عن اللَّه ، فعليه أن يعرف توحيد ربه من سننه وآياته أولاً ، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكر فيه ، ويكثر اللجوء والتضرع إلى اللَّه سبحانه في صرف ذلك عنه ، وأن يرجع بقلبه إليه ، وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره اللَّه في كتابه حيث قال: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف: 24 ، فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه ، فإن القلب إذا أخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور، فإنه إنما يتمكن من القلب الفارغ.
2- العلاج الثاني : الزواج بالمعشوقة فإنه يذهب ما يجده في قلبه من التعلق بصورة المعشوقة.
3- العلاج الثالث : تذكر قبائح المحبوب ، وما يدعوه إلى النفرة عنه ، فإنه إن طلبها وتأملها وجدها أضعاف محاسنه التي تدعوه إلى حبه.
9- الخمر والمخدرات:
فمن الناس من يعاقر الخمر والمخدرات صباح مساء يكاد لا يفيق منها ولا يعرف لله حقا ، وتراه من الممكن أن يقتل ويسرق ويرتكب المحرمات من أجل أن يوفر تلك الخبائث فهذا هو صنمه الذي تملك قلبه وهذا هو هواه الذي يعكف عليه صباح مساء .
10- المال:
من الناس من صنمه هو المال فقد تملك عليه قلبه وملاء حب المال نفسه ، فتراه يبذل فيه كل غالي ونفيس فيترك الصلاة من أجل عمله وتجارته التي هي سبب ثرائه ، وتراه يجمع المال من الحلال والحرام ولا يبالي من أي طريق يجمع ، وتراه يعيش من أجل المال فقط ويموت كذلك في طلب المال ، وقد يموت على ذكر إلهه الذي ظل عليه عاكفا فتراه وهو يحتضر ويقول الفلوس الفلوس الفلوس المال المال المال ، وقد روي عنه (تَعِس عبدُ الدينارِ ، والدرهمِ ، والقَطيفَةِ ، والخَميصَةِ ، إن أُعطِي رضِي ، وإن لم يُعطَ لم يَرضَ)صحيح البخاري.
والمقصود أن عمل هذا العبد إنما كان للدنيا فقط ، فلا يريد بعمله إلا المال والدنيا.




11- الشيشة والسجائر:
من الناس من يعبد الشيشة والدخان ، فتراه في الصباح والمساء يجلس عليها ولا يعرف سواها فتراه يصبح على شرب الشيشة ويمسي عليها فهذا هو ذكره في الصباح والمساء وتراه يصوم رمضان ويفطر فهل يفطر على الطعام والشراب ؟ بالطبع لا إنه يجهز الشيشة وينتظر الأذان لكي يفطر عليها فهي محبوبته وهي مولاه .
12- الطعام والشراب :
ومن الناس من صنمه الطعام والشراب فلا يفكر إلا في ماذا يأكل ؟ وماذا يشرب ؟ ويقضي أوقاته كلها في ذلك ويعيش من أجل الطعام والشراب ويموت من أجل الطعام والشراب ويصبح على الطعام والشراب وينام على الطعام والشراب وربما شغله ذلك عن أداء الواجبات والطاعات ومنها الصلاة لرب الأرض والسموات ، فتجد ربة البيت تجلس الساعات الطوال في مطبخها لإعداد الواجبات من أصناف الأكل المختلفة والأشربة والحلوى وربما تؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها من أجل إعداد الطعام كما لو أن الناس قد ظنوا أننا قد خلقنا للطعام والشراب فقط ونسوا أننا ما خلقنا إلا للعبادة ، وحتى في رمضان تجد أن هم المسلمين رجال ونساء على بطونهم ماذا سوف نأكل وما ذا سوف نشرب وربما شغلهم ذلك عن الصلاوات والطاعات .
وهؤلاء الذين يغالون في الشهوات رتبتهم كرتبة الأنعام بل أضل فلا هم لهم إلا الشهوات ، وتشبهوا بالكفار قال تعالى(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)محمد12.
13- الزينة واللباس :
الخــــــلاصـــــة

فتجد أن هم الناس الرئيسي صار في اللباس والزينة ماذا يلبس ؟ وكيف يتزين ؟ ويظهر هذا الأمر أكثر في النساء فتراها تنفق مالها كله على لباسها و ربما طلب منها فقير أو مسكين مساعدة فلا تعطيه شيئا ولو قليلا وتراها تنفق مالها على الزينة فتذهب إلى الصالونات وتقضي الساعات من أجل الزينة وتراها تقضي الساعات أمام المرآة من أجل الزينة وكأنها قد خلقت للتزين فقط وللباس فقط وربما لا تعير الصلاة والعبادات أدنى إهتمام ، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا و الآخرة.

1- الصنم ليس هو الحجارة التي يعظمها الناس ويعبدونها ويقدسونها فكل ما يقدس ويعظم ويطاع من دون الله فهو صنم من الهوى .
2- والهوى أصناف منها السلطان والرياسة ، كرة القدم ، الغناء والموسيقى ، النساء ، الخمر والمخدرات والدخان ، المال ، الطعام والشراب ، الزينة واللباس ، فكل أمر من هذه الأمور ذاد عن حده وتملك صاحبه وعظمها صاحبها وأطاعها من دون وصار يفضلها على طاعة الله صار صنم من الهوى .
المبحث الرابع :علاج الهوى :
يتمثل علاج الهوى فيما يلي :
1- إلتزِام القرآن والسنة:
فأفضل علاج للهوى التمسك بالقرآن والسنة ، لأن السبب الرئيسي في اتباع الهوى هو عدم الإستجابة لله والرسول وعم التمسك بالقرآن والسنة ، قال تعالى( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)القصص 50.
2- الصبر عن الأهواء والشهوات:
فالصبرعن الشهوات والتصبر والإبتعاد عنها شيئا فشيئا لهو من أنجح الوسائل في علاج فتنة الشهوات والهوى ، فأغلق باب المعصية ولا تجعله مفتوحا فإن غلق الباب يكون سهلا أما لو تركت الباب مفتوحا فلن تستطيع أن تدفع ما يأتيك منه من الفتن والأهواء ، فإذا كان هواك النساء وكنت تعرف الكثير منهم فأغلق الباب إحذف أراقمهم من تليفونك وإذا ما إتصلت عليك إحداهن فقل لها إني أخاف الله رب العالمين ولا تتصلي علي ثانية ، وإذا كنت تهوى الأفلام المخلة أو سماع الموسيقى والأغاني فاحذف هذا كله من حاسوبك وجوالك وتليفونك وكسر تلك الأشرطة وأغلق الباب ، وإن كان هواك المال فتذكر أنه وسيله وليس غاية وأنك لن تأخذ شيئا معك في قبرك وانفقه في مرضات الله وتعلم الإنفاق بالصبر فأنفق حتى ولو قليلا وثابر وصابر حتى تتعود على ذلك ، وإن كان هواك في المخدرات والخمور والشيشة فألقي زجاجات الخمر وألقي المواد المخدرة في القمامة وكسر الشيشة وألقي السجائر في الزبالة وتصبر شيئا فشيئا سوف تنسى كل هذا واستعن بالله ولا تعجز.
3- كثرة الإستغفار:
فعنه صلى الله عليه وسلم (إنهلَيُغانُعلى قلبي . وإني لأستغفرُ اللهَ ، في اليومِ ، مائةَ مرةٍ)صحيح مسلم.
والغين : شيء يعترى القلب مما يقع من حديث النفس أو هفوات الطباع البشرية التي لا يسلم منها أحد .
4- قوة العزيمة وإيثار ما عند الله ومراغمة الشيطان عدوه اللدود.
5- التفكر في أنه لم يخلق للهوى.
6- أن ينظر بقلبه في عواقب الهوى فإن عاقبته السوء.
7- أن يذكر أن الله شبه من اتبع هواه بالكلب .
8- أن يتذكر أن التوحيد واتباع الهوى متضادان:
فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه فليس الصنم هو ما صنع من الحجارة فقط ، فمنا من صنمه النساء ومنا من صنمه المال وغير ذلك ، فعليك بهدم صنمك والتخلص من الهوى.
9- أن يتذكر أن الهوى يتعلق بمحيط جهنم:
فعن أبي هريرة أن رسول الله قال (حجبتالناربالشهوات ، وحجبت الجنة بالمكاره)صحيح البخاري.
10- أن يعلم أن مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن :
فأمراض القلب متابعة الهوى وكذلك إتباع الهوى يمرض البدن .
11- أن يتذكر أنه أصل العداوة والشر والحسد الواقع بين الناس:
فمن خالف هواه أراح قلبه وبدنه وجوارحه فاستراح وأراح.
12- إخباتأنات النفس وشهواتها وأهوائها بالعزم و القوة .
13- تطهير القلب بالتوبة .
14- أن تزيد الطاعة وفارق زواج المعصية وطلقها ثلاثة واقترن بالعبادة واسقيها بماء الصبر تعطيك ثمار النصر.
15- تخير لنفسك ربات الخدور:
الخــــــلاصـــــة

فأختر من تعينك على نفسك وتساعدك في هدم صنمك فاجعلها حافظ لنفسك راعية لبيتك قائمة على نصحك.

علاج الهوى يتمثل فيما يلي :
1- إلتزِام القرآن والسنة:
2- الصبر عن الأهواء والشهوات.
3- كثرة الإستغفار.
4- قوة العزيمة وإيثار ما عند الله ومراغمة الشيطان عدوه اللدود.
5- التفكر في أنه لم يخلق للهوى.
6- أن ينظر بقلبه في عواقب الهوى فإن عاقبته السوء.
7- أن يذكر أن الله شبه من اتبع هواه بالكلب .
8- أن يتذكر أن التوحيد واتباع الهوى متضادان.
9- أن يتذكر أن الهوى يتعلق بمحيط جهنم.
10- أن يعلم أن مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن .
11- أن يتذكر أنه أصل العداوة والشر والحسد الواقع بين الناس.
12- إخبات أنات النفس وشهواتها وأهوائها بالعزم و القوة .
13- تطهير القلب بالتوبة .
14- أن تزيد الطاعة وفارق زواج المعصية وطلقها ثلاثة واقترن بالعبادة واسقيها بماء الصبر تعطيك ثمار النصر.
15- تخير لنفسك ربات الخدورالتي تعينك على هدم صنمك.

من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية




لتحميل الكتاب أدخل على الرابط التالي - في الملتقى - المرفقات أسفل الموضوع


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807