أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مسألة اختيار النسخة الأم وترتيب النسخ الخطية التي تم بناء العمل عليها.
أحيانا التكرار في الكلام لبعض المسائل ينفع بعض المتعلمين، وقد يكون في تكرار مسألة بعينها يوافق اطلاع متعلم جديد، ثم التكرار ينفع في تحرير المسألة نفسها.
وأنا هنا لن أكرر الكلام الذي قيل في اختيار النسخة الأم في تحقيق النصوص، وهنا أستاذنا عباس ارحيلة في موقعه كتب أيضا عن النسخة الأم والتسمية:
http://rhilaabas.arabblogs.com/rhila.../2/470585.html

وهناك مواقع كثيرة فيها كلام حول مسألة معايير اختيار النسخة الأم، فضلا عن كتب منهجية التحقيق.
بعض الأساتذة يذكر أن مصطلح (الأصل) لا يمكن يستخدم إلا على النسخة التي كتبها المؤلف بيده، والذي أراه أن الأمر في هذا واسع، ولا مشاحة في الاصطلاح.
بل بعضهم ذهب إلى أبعد من ذلك وقال: إن النسخة التي كتبها المؤلف بيده، إذا نشرها الباحث المحقق فهو لا يعد تحقيقا بل نشرا أو إخراجا، فلا يجوز أن يكتب على الغلاف تحقيق!.
قلت: مع كامل الأدب والاحترام لأمثال هذا الفاضل، فأنا لا أوافقه على هذا التنطع والتشدد في حفريات المصطلح، لأنه بهذا الوصف ربما يجعل المحقق يفر من نسخة كتبها المؤلف بيده، وذلك لأن أهل العلم يعتبرون هذا العمل إخراجا أو نشرا فقط وليس تحقيقا!!!!، مما يزهد الناس في مخطوطات المتأخرين لأن غالب النسخ التي كتبت بخطوط مؤلفيها هي من القرون المتأخرة، وهذا القول وإن قال به عالم له احترامه وتقديره إلا أنه قول مرجوح يفترض أن لا يعمم ولا ينتشر.
أعود على البدء أنا هنا أرغب المشاركة في تنبيه المحقق والباحث إلى مسائل داخل مسألتنا (اختيار النسخة الأم) ينبغي التفطن لها، وهي مسألة ترتيب النسخ أثناء عرض الدراسة:
عندما يجتمع لدى المحقق عددا من النسخ فتجده يحتار في اختيار النسخة الأم، والمعايير المشهورة هي:
1 ـ النسخة التي بخط المؤلف، شريطة أن لا تكون مسودة.
2 ـ النسخة التي أملاها المؤلف، وقرئت عليه.
3 ـ النسخة التي قرأها المؤلف، وكتب عليها بخطه ما يثبت ذلك.
4 ـ النسخة التي قرئت على المؤلف، وكتب عليها بخط يده ما يثبت سماعه.
5 ـ النسخة المنقولة عن نسخة المؤلف.
6 ـ النسخة التي كتبت في عصر المؤلف وتمت مقابلتها بنسخة المؤلف.
7 ـ النسخة التي كتبت في عصر المؤلف، بدون إشارة مقابلة بنسخة المؤلف.
8 ـ النسخة التي كتبت بعد عصر المؤلف، ومصحح ومقابلة بنسخة المؤلف.
9 ـ النسخة التي كتبت بعد عصر المؤلف، وفيها إشارة إلى التصحيح والمقابلة، وغير معلوم على أي النسخ قابلها.
10 ـ النسخة التي كتبت بعد عصر المؤلف، بدون إشارة مقابلة ولا تصحيح.
11 ـ وبالجملة فالكاملة تقدم على الناقصة، والمتقدمة تقدم على المتأخرة، والواضحة تقدم على غير الواضحة، وهذا ليس على إطلاقه وإنما فقد تجد كاملة سقيمة، ناقصة مضبوطة، وتجد متقدمة زمانا فيها عيب إما تصحيف وتحريف أو نقص أو غير ذلك، وتجد متأخرة ناقلة عن نسخة مضبوطة، وقد تجد نسخة واضحة الخط فيها سقط وطمر لبعض الكلمات ونسخة رديئة الخط ليس فيها هذا العيب، لأن صاحب الخط الجميل لا يريد أن يكتب كلمة غامضة بشكل سيء فيقفزها، مما يعد تحريفا.
أيضا سبق أن تكلمت عن النسخ العوائل وهي المجموعات التي تتسلسل وتنقل من بعض، ولست بحاجة لإعادة ما كتبت.
فعلم مما سبق أن المعيار الرئيس هو سلامة النص من ضبطه وإتقانه وسلامته من العيوب الخلقية والخلقية. وهذا المعيار يجب أن يضعه المحقق نصب عينيه فهو من مقاصد التحقيق وقواعده العامة.
أقول: معلوم أن المعايير المذكورة هي أغلبية، وبعضها يناسب النسخ المتقدمة وبعضها يناسب المتأخرة، أيضا هناك علوم ومعارف نسخها ليس فيها مفردات مصطلح الحديث (سماع، قراءة،...الخ) ولكن الضبط والإتقان في كل العلوم والمعارف يكاد يكون ضابطه واحد وهو سلامة النص وإتقانه.
فإن تساوت النسخ بين يدي المحقق فإنه هو الحكم، عليه أن ينظر في أي النسخ أسلم نصا وأضبط وأتقن من غيرها، فعليه أن يرجح ولو كان الترجيح بالقشة، فهذا من صميم عمله، وإلا ينظر في جلب نسخ أخرى تساعد في الترجيح.
كل ما مضى من كلام ليس هو المراد في رأس العنوان، إنما مرادي أن المحقق أثناء الدراسة عندما يكتب فصلا خاصا بالنسخ التي تم بناء العمل عليها، هنا بيت القصيد، وسبق أن كتبت موضوعا (منهجية الترتيب إحدى مسائل التحقيق):
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=302448

من خلال اطلاعي على كثير من الأعمال المحققة أجد أن هذا الأمر لم يضبط، فقد رأيت ترتيب عرض النسخ أحيانا حسب وصولها للباحث أولا، وأحيانا حسب قربها مكانا، وأحيانا حسب تمامها، وربما كان الترتيب عند بعضهم لأمور أخرى...الخ
والذي أراه أن يرتب الباحث النسخ في عرض الدراسة حسب قوة كل نسخة فيجعل العرض الأول للنسخة الأم، ويذكر مرجحاته لماذا اختارها أما دون غيرها، ويذكر إن كان فيها عيوبا.
ثم النسخة التي تليها في المرتبة ويذكر لماذا جعلها ثانية ويذكر رمز النسخة، ثم النسخة التي تليها في المرتبة ويذكر لماذا جعلها ثالثة ويذكر رمز النسخة...وهكذا بهذه الطريقة يكون ترتيب عرض النسخ منهجيا.
والرمز إما يكون حسب ترتيب حروف الهجاء أو حسب حروف أبجد، أو حرف يرمز للمكتبة التي تحتفظ بالنسخة، أو حسب الدولة، وإن كنت أفضل أن يكون ترتيب النسخ برموز حسب حروف الهجاء ونحاول تقنين ذلك، بدلا من الترميز العشوائي.
فالنسخة الأم ليس لها رمز....ويشار إليها في الحواشي بالأصل، والنسخة التي تليها يرمز لها برمز (أ)، والثانية (ب) والثالثة (ت)...وهكذا.
والله المستعان وعليه التكلان.