للجيل العاق أروي قصة قدمها الإمام وهو يحكي عن مأساة الأم المسكينة يقول عن حادثة رواها مالك بن دينار فيها من العبرة لمن يعتبر، يقول مالك «]» خرجت إلى حج بيت الله في سنة من السنين فرأيت الجميع على عرفات وقد رفعوا أيديهم إلى السماء، وبسطوا أكف الضراعة والرجاء واكثروا من الأنين والبكاء يطلبون من الله رحمته ورضوانه، فقلت في نفسي ليت شعري من المقبول من هؤلاء فأهنئه وأباركه، ومن المطرود منهم ومن الشقي المحروم فأتوجع له وأعزيه، فلما نمت تلك الليلة وكنت بالمشعر الحرام رأيت في نومي من يقول لي «يا مالك إن الله قد غفر لأهل الحجيج أجمعين وتقبل منهم ما عدا هارون البلخي فإن الله قد رد عليه حجه، فاستيقظت فزعا فصليت وسألت عن الرجل فعلمت انه متنسك لا يسكن إلا خرائب الجبال، يعيش على بقل الصحراء، لا رغبة له في الدنيا، قلت أريد أن أراه فأخذوني إليه، فلما كنا في صحراء بلخ بحثت عنه حتى وجدته قائما يصلي، فلما فرغ من صلاته التفت إليَّ وقال من الرجل؟ فقلت له مالك بن دينار، فاغبر وجهه وارتعدت مفاصله وقال: مرحبا بك سيدي لعلك رأيت مناما لي، فتعجبت من قوله ومكاشفته فقلت نعم رأيت لك رؤيا وأحببت ان اطلعك عليها، فقال هكذا يا سيدي في كل عام، يرى لي رجل صالح مثل رؤياك، فقصصتها عليه فلما فرغت منها نظرت إليه فإذا هو يبكي، فقلت له يا سيدي هل لي ان اطلع من سرك على سبب هذه الجفوة من الله لك؟ فاشتد بكاؤه وقال اني كنت مسرفا على نفسي، وكنت أشرب الخمر، وحدث ان سكرت أول ليلة في رمضان فزجرتني أمي ونهرتني على معصية الله، واشتد غضبها علي وتقريعها لي، فقمت اليها فصفعتها صفعة قوية فاضت روحها بعدها، فلما رأيتها صريعة بين يدي عضني الندم وتملكني الأسف، وأبغضت نفسي، ولم أجد سبيلا إلى الراحة والسكينة، إلا أن أفزع إلى وحشة الجبال وظلمة الكهوف، أضرع إلى الله فيها وابتهل اليه ان يقبل عثرتي ويغفر زلتي، وفي كل عام أحج بيت الله طالبا الرحمة والعفو والمغفرة، ثم أعود فاعتق العبيد وانفق الأموال على مستحقيها فعسى ان يكون ذلك كفارة لما وقع مني ثم هاج به الدمع وأخذه البكاء فسكت عن الكلام، فلما سمعت قصته عبست في وجهه وقلت له كدت تحرق الأرض ومن عليها بجريمتك هذه، ثم قمت عنه وسألت عن المسجد الجامع فصليت فيه وقمت الى وردي فأديته ثم نمت على طهارة ولساني رطب بذكر الله فرأيت رسول الله «[» في منامي تلك الليلة وهو يقول لي «يا مالك بن دينار لا تقنط عباد الله من رحمة الله فقد يطلع الله على المذنبين فيغفر ذنوبهم ويرحم ضعفهم ويستجيب دعاءهم» فلما أصبحت رجعت الى ابن هارون في مغارته فأخبرته بما قال رسول الله «[» فشهق شهقة، وظل مدنفا عليلا حتى لقي الله، فكان أهل بلخ ولاسيما الصالحون منهم يسمونه شهيد أمة.
بعد هذه القصة المرعبة هل يعلم الفتى كما في الحديث ان «البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان، وبالكيل الذي تكيل به تُكال».
فهل من مدكر؟؟؟
منقوووووول