مرحبًا,
//
انتهت فعلياً مواسمنا السياحة الثلاثة (الصيف، رمضان والعيد)، والتي تعودنا أن نجعلها من الأوقات الذهبية لنا لقضاء قسط راحة من الجري الوظيفي والتمتع بإجازاتنا السنوية
لكن يبقى السؤال الأهم سنوياً صامداً أمامنا رغم تغير الظروف التي يعيشها العالم العربي من الخليج إلى المحيط سياسياً واقتصادياً وسياحياً وهو: "أين قضينا إجازتنا ولماذا؟"
اطلعت مؤخراً على خبر أوردته شبكة cnn الإخبارية الأمريكية على موقعها الإلكتروني حيث أكدت أن 730 ألف سائح سعودي اختاروا جمهورية مصر العربية لقضاء موسم الصيف، وبهذا ترتفع نسبة سياحنا في مصر 209% عن الفترة نفسها من العام الماضي والذين بلغ عددهم حينها 260 ألف سائح، وكما تعلمون فإن مصر لا تزال تعيش حتى هذا اليوم تبعات إسقاط الحكم السابق ولم تستقر بعد تعيين رئيس جديد، ورغم ذلك كسبت الرهان بنسبة أجزم بأن أفضل المتفائلين بجاذبية مصر سياحياً للسعوديين لم يتوقعها.
هذا الخبر يجب أن نقف عنده جدياً لنحلل أسباب نزوحنا للسياحة الخارجية بدل الداخلية، والتي أضحت جاذبة لنا رغم أي مخاطر أمنية علينا، ولنضع حلولاً عملية لجذب السياح لقضاء إجازاتهم في المملكة، أقصد هنا السياح العرب والخليجيين، خاصة أن الأجواء المناخية لا تختلف بيننا وبين دول الخليج العربي، إضافة إلى إيماني بأننا نملك مقومات سياحية جيدة تجذب السياح لقضاء إجازة رائعة على أرض المملكة، كما نحتاج إلى تغيير رسالتنا الإعلامية السياحية من حث المواطنين على السياحة الداخلية إلى دعوة سياح بقية الدول لزيارة المملكة.
هنا حاولت أن أكون عملياً أكثر من مجرد تنظيري يسلط الضوء على المشكلة ويدع غيره حائراً وغارقاً في الحلول، وخرجت بأن السياحة المحلية لديها ثلاث معضلات أساسية.
# أولاً: أرى أن من أهم أسباب هروبنا للسياحة الخارجية هو تسابق المهرجانات السياحية الخارجية لاقتحام أسوار وسائلنا الإعلامية المحلية بالحملات الإعلانية التي تركز على إبراز النشاطات والفعاليات المقامة لديهم، مما يجعلنا في قلب الحدث ونحن في أماكننا، فيما نتنافس نحن وللأسف في توجيه رسائلنا الإعلانية السياحية للمجتمع الداخلي وكأننا لا نرغب استقبال سياح الدول الأخرى، وألوم هنا متعهدي المهرجانات السياحية المحلية الذين يبخلون على سياحتنا بضخ حملات إعلانية عن مهرجاناتنا في وسائل الإعلام الخليجية على أقل تقدير.
# ثانياً: المتابع للطرح الإعلامي السياحي المحلي يلحظ أن الرسائل الإعلامية سلبية ولا تبتعد كثيراً عن التركيز على سلبيات السياحة المحلية مثل غلاء الأسعار مقابل سوء الخدمة المقدمة من قبل مالكي النزل السياحي، وكأن جل مقصدنا في السياحة هو النزل دون النظر إلى الفعاليات المقدمة والأماكن المتاحة لنا لزيارتها، وهذا الطرح السلبي (بتركيزه العالي لا بفكرته التقويمية) يخلق نوعاً من القناعة الداخلية لدى المتلقي بأننا لا نملك أدنى مقومات السياحة والترفيه في بلادنا، وأن الحل الأمثل للاستفادة من إجازاتنا الهروب لأحضان دول تقل عنا مساحة ومواطنين.
# ثالثاً: وهو الأهم -من وجهة نظري- تكرار متعهدي المهرجانات السياحية المحلية لفعاليات المهرجانات واستنساخ برامج المهرجانات الأخرى مع سوء في تنفيذها، متجاهلين بقية مقومات السياحة المحلية من صالات للفنون التشكيلية ومسارح ومتاحف تضم كما كبيراً من الآثار التي يجهلها شبابنا، واقتصرت فعالياتهم على مهرجانات التسوق داخل المراكز التجارية التي غالبا ما تستهدف النساء والأطفال، وهذا التكرار والتجاهل يجعل السائح السعودي يبحث عن الجديد والتجديد في السياحة الخارجية.
إذاً يجب أن نحل أولاً وبجهد رسمي وبتكاتف صناع السياحة السعودية معضلاتنا التي أوردتها في الفقرات الماضية ليكون الطريق بعد ذلك سالكاً وآمناً أمام مبادرات الهيئة العامة للسياحة والآثار لدعم فرص تنمية السياحة المحلية.