يجري على رمال الشاطئ , بين فرحة المكان , وقسوة الزمان , يلعب ويمرح , بكل براءة , لايلتفت لهم أو غم . 
 
 
طفل .. أجرمت الدنيا بتيتيمه , يقاسي الآلام , ضامر تجاهها , لايملك أي بِدّة .
 
أكهى العقل .. أمدش الحنكة .. فطيم في الدنيا .
 
في لحظة .. بينما هو لاهٍ , التج البحر .. وسهكت الرياح , ارتطام العُباب بالصخور يُحدث في المسامع صُداحاً .. يُرعب 
أصحاب الأفئدة الصلبة , فما حال ذلك النجل , الذي لم يفطن حقيقة العواصف , كان واقفاً فقط , احساس من الدهشة .. 
ممزوج مع الخوف , وبينما هو واقف .. أتت موجة عارمة , جزع الطفل خوفاً , دوي الموج يرعد بعقله الصغير , كان 
وحيداً . 
حاول المناص , لكن هيهات للموج إذا هجم أن يرحم شيئاً , لم يرأف الموج بحال الصبي , خوف ودهشة , هكذا
كان يُحس الطفل , ظل خاضعاً لجبروت الماء .. حتى أُخذ للأعماق .
في قعر البحر .. غيهب موحش .. وجسد فاتر , أفاق الطفل في مكان مختلف , وقف على عقبيه , صعب عليها 
حمله , حاول النهوض , وقف يحس بِـ حيرة .
يدور سؤال بباله .. أين أنا ؟!
لم يجد إجابة , لم يستوعب سوى صدى تفكيره , انهار الطفل من التعب .. ليرقد على فراش الوحدة , لايعلم مصيره 
في الغد , ماذا سيرى ويواجه !
استيقظ صباح اليوم التالي , بدأ يمشي ويمشي , لا يعلم إلى أين المسير .. وإلى اين سيصل .
استقرت قدماه على مكان يحوي الكثير من الناس .. الجيد والسيء .. قرر أن يعيش هنا !
كبر الطفل في تلك البيئة , رأى سرقات ! ونصب واحتيال ! , رأى من يعمل , من يعمل بشرف , ومن لايعمل بشرف ! 
كان عليه ليكد في العمل , بحثاً عن لقمة يأكلها .. ومسكن يأوي إليه , أتعبته مشقات الحياة , التي لاتلبث أن يرتاح من 
أحدها , حتى يواجه الأخرى .
ذات يوم .. الطفل الذي أصبح شاباً , قرر أن يأوي إلى فراشه , بعد يومٍ شاق مُتعب , كان مرهقاً للغاية , لا يملك 
سوى غرفة تحتضن آلامه كلي ليلة .. بدأ يستحضر ماضيه , كيف كان .. وكيف وصل إلى هنا وبهذا الحال !
تذكر طفولته البريئة .. وماضيه الجميل رغم أنه كان يتيماً , بعد أن فقد والديه , تُرك وحيداً يقاسي الآلام , تذكر ذلك 
اليوم العاصف , الذي قضى على طفولته , قتل براءته . تذكر الموجة .. والخوف , ارتعش جسده لذكرى ذلك 
اليوم الحزين ..
تلك الموجة .. هو القدر الذي كان قاسياً هذه المرة , كالموجة .. ربما تُدهش الأنظار من جمالها , أو تُصبح وحشاً 
لا يرأف بمن هم أضعف منه !
تلك الموجة .. التي تغتال الطفولة , وتقتل البراءة , تشيّب الرجال , نحتاج فيها إلى القوة للتمسك .. إلى أحدٍ بجانبنا 
لنحس بالأمان في حضنه !
عمق البحر .. هو الدنيا , بألمها وحزنها وقسوتها .. يجب أن نعمل ونعمل لكي نجعلها تبتسم لنا , يجب أن نقهر 
الظروف , ونصبر على كل مآسيها وأحزانها .. 
هو المكان الذي إن لم نجد التنفس فيه , لن نبقى .. سنموت !
 
بقلمي / فهد