حظي مفهوم مجتمع المعرفة باهتمام دولي كبير ، فقد نظمت المؤتمرات والاجتماعات والدعوات التي تهتم بموضوعة تكوين مجتمع معرفي ، ورسم صورة مستقبلية لمجتمع قائم على المعرفة والوعي ، فقد عد مؤتمر برشلونة الذي انعقد في عام 1995، الشراكة والتعاون بأنها الخطوة الأساسية للعمل في نشر المعرفة والتعاون، بضرورة العمل على تنمية الموارد البشرية في كافة المجالات وامتلاك استراتيجية اقتصاديه ومعرفيه توفر افاق التعاون المشترك المثمر نحو الارتقاء نحو توسيع افاق المعرفه وبناء مجتمعها.
حدد الاتحاد الأوروبي في مؤتمر عقد في لشبونه عام 2000 هدفا استراتيجيا جديدا من أجل الألفية القادمة، هو اقتصاد المعرفة الأكثر تنافسا والأكثر ديناميكية في العالم، والذي يجب أن يكون قادر على تحقيق نموا اقتصاديا مستداما مصحوبا بتحسين فرص العمل من حيث الكم والجودة، وبتماسك اجتماعي أقوى ( ).
وانطلاقا من اهمية تكوين وخلق مجتمع معرفي فقد وضع تقرير التنمية البشرية لعام 2003 رؤية إستراتيجية لإقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية تلخصت في إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم، وضمانها من خلال الحكم الصالح ونشر كامل لتعليم راقي النوعية وتوطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير الثقافي في جميع النشاطات المجتمعية والتحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاجتماعية والاقتصادية العربية ، وتأسيس نموذج معرفي عربي عام وأصيل ومنفتح ومستنير، يقوم على العودة إلى صحيح الدين وتخليصه من التوظيف المغرض، وحفز الاجتهاد وتكريمه ، فضلا عن النهوض باللغة العربية، وإثراء التنوع الثقافي داخل الأمة ودعمه، والاحتفاء به مع استحضار إضاءات التراث المعرفي العربي ( ).هذه خطى عمليه وفعاله نحو خلق مجتمع المعرفه وفق رؤيه عربية.
في حين يرى اخرون ان الفكر ومراكز التعليم ومؤسساته المختلفة لها اليد الطولى في سبيل تحقيق ترسيخ وتعميق السير بالاتجاه الصحيح وتجاوز الاخطاء والتحديات نحو خلق مجتمع معرفي ، كما يعد الانضباط والوعي واحترام النظام من أهم مقومات نجاح الخطط والاستراتيجيات التي توضع من أجل الوصول إلى نتيجة مرضية ، في حين ان التسيب واللا مبالاة ومحدودية الثقافية وقلة الوعي العدو اللدود للمعرفة والوعي ، إن أهم مقومات التقدم في المجتمعات المعرفية الانضباط احترم النظام طواعية ووعيا ، اذ ان الوعي والإدراك يقود إلى الاهتمام بالمصلحة العامة ( ).
ومن هنا اصبحت الحاجة بضرورة القيام بنشاطات تعمق الحس المعرفي وتحقق وسائله وتعمل على استيعاب المعرفة ومن ثم افرازها من خلال البحث والتطوير ومن ثم الإنتاج والإشهار والاستفادة والاستخدام ،وان تكامل تلك النشاطات تجعل المجتمع أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق تنمية مستدامة قوامها العلم والمعرفة ، وبما أن التنمية تشتمل على طيف واسع من الفعاليات والبرامج والأنشطة التي يأتي في مقدمتها التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في مقدمتها تحفيز الحس المعرفي وتشجيعه ، وهذا يعد من ابجديات عمل مراكز التدريب في كافة مراحل التعليم وتترافق هذه الاهمية لدور مراكز التدريب مع دور الإعلام في تحفيز وتنمية الحس المعرفي،ووضع أسس وقواعد ناضجة للمعرفة ، وخلق تعليم متميز وتكوين مؤسسات تعليم وتدريب ترتقى الى اهمية الحاجة الى تحقيق وبناء هذه الأسس ، وبالتأكيد ان ذلك يؤدي الى انتاج وتوليد المعرفة وتطوير مراكز البحث والتطوير التي تكون مقدمة وشرط أساسي في انتاج المعرفة ، فضلا عن توظيف المعرفة واستخدامها ونشرها ( ).
وأهمية التدريب الالكتروني في إطار مجتمع المعرفة يتطلب توفير ثلاثة عناصر أولهما يوصف بأنه الضمان لنجاح العملية التدريبية وهو تشجيع المتعلمين، وثانيهما متطلبات الاقتصاد المتوقعة التي تتغير بسرعة، وثالثهما المكان الذي يجب تخصيصه لطرق التدريب التي تعتمد على التقنيات الحديثة، وعلى الأساليب التعليمية المبتكرة. وبالتالي فان تكوين مجتمع المعرفة يقوم توفير ارضية وقاعدة من العوامل والمقومات الثقافية والبيئية والمعرفية تساعد في انتاج المعرفه وتوظيفها بشكل مناسب .