النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: التربية على الابداع

  1. #1
    ~ [ نجم ماسي ] ~ الصورة الرمزية هتان المطر
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    901

    التربية على الابداع

    المقدمة- الواقع التربوى
    محمد نور الفرادي

    الملاحظ لكل متتبع للواقع التربوى فى البلاد العربية و الاسلامية انها تشهد عملية تطوير و تحديث للمناهج و للبرامج التعليمية لمواكبة التطورات البيداغوجية المعتمدة فى البلدان الاوروبية خاصة... مثل الاعتماد على بيداغوجيا الادماج و التدريس بالكفايات واعتماد التدريس بالوضعيات و قد تم تبنى عدة نظريات تربوية حديثة كالبنائية او السلوكية بعدما ثبت نجاحها فى البلدان الممارسة لها منذ سنوات عديدة

    و تبين نجاحها من خلال تمكينها المتعلم من اكتساب مهارات اساسية كالمبادرة الذاتية و القدرة

    على الابداع و تمكين المتعلم من انجاز مشروعه اثناء الدراسة لتعويده التعويل على الذات عند مغادرته مقاعد الدراسة فلا يبقى عاطلا لانه سيعمل على بعث مشروعه الخاص و سيشغل معه عددا آخر من الافراد
    و النجاح الملاحظ فى البلدان الاروبية و الغربية عموما هو انها لا تستهين بقدرات الطفل على الابتكار و الابداع منذ سن الطفولة بل ان التعليم يساعد بقسط كبير فى تنمية هذه القدرات الفردية من خلال الاعتماد على حل المشكلات فى الدراسة و تمكين الطفل من الاعتماد على نفسه فى حلها دون اسقاط الحلول جاهزة او املائها عليه دون ان يكتشفها بنفسه

    و قد ادركت الدول المتقدمة ان تواصل تقدمها رهين بتربية جيدة لاجيالها القادمة و ادراكها ان الطفل يحتاج الى امتلاك الثقة فى النفس و الاستقلالية فى التفكير و العمل حتى يتمكن من حل مشاكل واقعه بكل كفاءة و اقتدار لانه يمتلك القدرات الذهنية الازمة لذلك و يبقى دور المربى فى المدرسة او البيت ان ان يمكنه من اكتشاف قدراته بنفسه بالممارس و اكتساب التجارب مما يتعلمه فى القسم او البيت
    ان الواقع الذى سيعيشه الطفل لن يكون مشابها للواقع الذى يدرسه اليوم فى القسم لان الواقع يتطور بسرعة اكبر مما نتصور لذلك ادرك خبراء التربية ان اهم وظائف المدرسة و المربين عموما هو تمكين الطفل من الادوات الازمة للتعامل مع المحيط للتاثير فيه و تطويره وهذه الادوات او الاسلحة الازمة للمواجهة انما هى من اهم حاجيات الطفل كامتلاك قوة الارادة و الثقة فى النفس و المثابرة على العمل و الاعتماد على الذات و حب المعرفة و الترب المتواصل على حل قضايا الواقع و الشعور بان لكل فرد دوره الاساسى فى المجتمع
    وكل هذه الحاجيات كامنة ومتصلة فى ذات كل فرد و لكنها تتطلب تربية طويلة وصعبة لابرازها لكى تصبح سلوكا راسخا لدى الطفل يمارسه بتلقائية و اقتناع و يتغلب على عوامل الكسل و الاتكال و التهاون و الاستكانة للواقع او العجز عن حل قضاياه ...ان دور المربى يشبه الساعة المنبهة بان الوقت قد حان للاستيقاظ و الذهاب الى العمل و لم يبقى للمتعلم سوى الاقبال على العمل و المبادرةو المثابرة بلا كلل لانه يدرك ان توفر هذه الشروط سيحقق له كل ما يرغب فيه مهما كان صعب المنال
    المحور الاول- اسس التربية الجيدة
    التربية فى المدرسة والبيت
    الباب الاول -
    يرمى اعداد هذه البحوث لكسب التحديات القادمة فى المجال التكنولوجى و العلمى وهى بحوث مستمدة من مراجع مختصة و تجارب عملية... وهى بحوث موجهة الى العاملين فى القطاع التربوى من اولياء او مدرسين او مؤطرين... لضمان تطور التعليم و تجديد مناهجه حتى لا نفقد التحكم فى المقود و للتفوق على البلدان المتقدمة... خاصة و اننا اصحاب حضارة تاسست على العلم و المعرفة و لعل اول آية قرآنية اكبر دليل على ذلك وهى "اقرا" و قال الله تعالى فى محكم تنزيله ان الله يرفع الذين آمنوا و الذين اوتوا العلم درجات
    ان المناهج المعتمدة فى البلدان المتقدمة و المستمدة من بيداغوجيا الكفايات و التدريس بالوضعيات و بيداغوجيا المشروع كلها نظريات متطورة ثبت نجاحها فى البلدان الاروبية و تسعى البلدان العربية الى اخذها و انجازها على مراحل من خلال تغيير البرامج تدريجيا او تكوين المدرسين على اعتماد هذه الطرق الجديدة باشراف الاطار البيداغوجى و المتفقدين و تكثيف عددهم لتمكينهم من الحرص على متابعة تطبيق هذه المناهج الجديدة بكل دقة و نجاعة
    و لكن الجدير بالملاحظة ان هذه التجارب البيداغوجية المعتمدة انما ظهرت منذ زمن اى حوالى ستينات القرن العشرين و قد تطورت المجتمعات و تبين ان هذه النظريات رغم انها آخر ما توصل اليه الخبراء فى علوم التربية و البيداغوجيا لم تعد مسايرة للتطور السريع الذى يشهده العصر الحديث و لم تستطع هذه النظريات التربوية وضع حد لعدة ازمات اقتصادية و مالية و لم تقدم الحلول لظواهر اجتماعية سلبية متفاقمة كالعنف فى الملاعب الرياضية او ارتفاع نسبة الجرائم بكل انواعها فى المجتمعات المتقدمة كالمخدرات او الاغتصاب او التهرب من الضرائب و الاعتماد على الاستهلاك اكثر من الانتاج حتى اصبحت توصف بانها مجتمعات استهلاكية...
    ان التربية هى اساس كل اصلاح اجتماعى او اقتصادى و كل خلل فى المجتمع انما يعود اساسا الى الافراد و بما ان التربية موجهة الى الفرد فان فشلها فى حسن توجيه الافراد يؤكد انها لم تعد صالحة لتطور المجتمع و ينبغى تطويرها بمناهج اكثر حداثة و نجاعة لتنعكس ايجابا على الافراد و بالتالى على المجتمع باسره ...ان المناهج التربوية المقتبسة من الدول المتقدمة تتطلب مراجعةو تحديثا... و هذا البحث يدرس اسس الفكر التربوى من كل جوانبه عند علماء التربية فى الغرب ثم يقدم نقدا لها مع اقتراح البدائل الممكنة لضمان نجاعة العمل التربوى اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا...
    1- الدور الاساسى للمدرسة
    يميل الطفل منذ الولادة الى اللعب و المرح يجد الطفل فى اللعب حرية... وهو اثناء اللعب انما يفكر و يجتهد لان منهج اللعب و النشا ط لذلك علينا ان نفسح المجال للطفل لابراز مواهبه و قدراته الابداعية و ان يمكنه من التفاعل مع المحيط و التاثير فيه
    و قد اثبت العلماء ان التعليم الجيد يكتسب بالممارسة و الاختبارات العملية و اكد الباحث الامريكى "جون ديوى "فى هذا المجال ان افضل اساليب التعليم يكون بالتجربة لانه ليس المهم ما يقدمه المعلم من معارف جديدة بل الاهم هو الاصغاء للطفل و تمكينه من اختبار معارفه و التوصل الى المعرفة بمفرده حتى يمتلها عبر الممارسة الفعلية
    ان الرسول الاعظم محمد (ص) علمنا هذا منذ آلاف السنين حين قال "علموا الاطفال و هم يلعبون " و لما سئلت السيدة عائشة عن خلق الرسول (ص) قالت كان خلقه القرآن مما يثبت ان الرسول كان يربى اصحابه و قومه بالممارسة اولا حتى ان عمر بن الخطاب لما سئل عن حفظه للقرآن قال انه بقى عشر سنوات لحفظ سورة البقرة لاته لا يحفظ آية الا بعد ان يطبقها
    ان الطفل لم يات للمدرسة مجردا من كل شىء و انما له عدة مهارات اكتسبها من الممارسة كالاكل او الكلام او المشى بمساعدة المحيط العائلى و بالمثابرة و تكرار المحاولة و تحدى الفشل فلا بد من استثمار هذه المهارات و الملكات المكتسبة لمساعدة الطفل على تنمية شخصيته لتكون اكثر كفاءة و مهارة فى فهم الواقع و حل مشكلاته
    ان التربية انما ترمى الى تحقيق ما يصبو اليه الطفل من رغبات و حاجيات اساسية و تعديلها لتتلاءم مع حاجيات المجتمع كالحاجة الى التعاون مع الآخرين او ضرورة العمل وبذل الجهد لتحقيق ما يريده و المثابرة على الاجتهاد لتحدى المصاعب و تحليل الظواهر و فهم الحقائق و التحكم فى القدرات الذهنية لبناء مواقف متوازنة و متلائمة مع تطور المجتمع
    ان الواقع المفترض فى الدروس المقدمة يمكن الطفل من التوصل مع محيطه الاجتماعى عبر التدرب على حل المشكلات المعقدة لان الواقع اكثر تعقيدا مما يكسبه القدرة على كسب التحديات و امتلاك قوة الارادة و الثقة بالنفس و امتلاك اسباب النجاح (*1)
    2- التربية على الابداع
    تسعى التربية لصنع الفكر الابداعى لانها اصبحت تعتمد على وسائل و تقنيات و نظريات بيداغوجية متطورة ترمى الى اعداد جيل من المبدعين قادرين على صناعة الابداع عبر اكتساب مهارات و خبرات تمكنهم من بناء اقتصاد الخبرة وهو اقتصاد المستقبل الذى سيحل محل اقتصاد المعلومات
    ان رغبة الطفل فى التعلم الذاتى و كسب المعارف تبدو للملاحظ منذ الولادة من خلال بحث المولود عن امه و الرضاعة من ثديها ثم تتطور هذه الحاجة من خلال طرح الاسئلة المتكررة على كل من يحيط به ان حب المعرفة يحتاج الى تربية طويلة الامد لتنميتها و لتكون عاملا على بلوغ الابداع ليصبح الطفل مغرما بالعلم و مؤسسا لنظريات جديدة و يمتلك القدرة على البحث و النقد و التحليل
    ان اهم شروط الابداع تحقيق الاستقلالية فى التفكير و العمل و افضل خدمة تقدمها المدرسة لافرادها هى التمرس بالعمل حتى يصبح عادة متجذرة فى سلوك الطفل و ان يوظف عمله الابداعى لصالح المجتمع و الانسانية قاطبة لان الدول تحتاج الى المبدعين لحل مشاكلها و ازماتها لذلك يعتبر تكوين المبدعين و المتميزين ضرورة حتمية لكل مجتمع
    ان الوسائل البرامج و التقنيات الموظفة فى التعليم تهدف كلها الى تكوين الفرد المبدع لانه اولوية لمواجهة تحديات العصر الجديد فالمدرسة تعلم الفرد الاعتماد على الذات و تمده بالوسائل المساعدة على العمل و الحرص على النجاح و التفوق بطرق مرنة فى التدريس و الحث على المبادرة و تنمية حب المعرفة دون الشعور بالغرور و غرس حب العمل بصفته قيمة انسانية يكافؤ عليها الافراد المبدعون اكثر من غيرهم (*2)
    3- البيداغوجيا*
    ان البيداغوجيا هى كل تفكير منظم فى تربية الطفل و تهتم بالغايات التى تسعى الى تحقيقها و الوسائل التى يجب توظيفها لبلوغ هذه الغايات و تهتم بنوعية المعارف التى ينبغى نقلها و تنظيم طرق ووضعيات التعلم
    اما الكفايات فهى كيفية معالجة موضوع معين. و تهدف البيداغوجيا الى تحقيق الكفايات المستوجبة و تعمل على تحقيقها بالاعتماد على مقاربة اجتماعية تدرس المحتوى المعرفى و تعد التصورات و المناهج الواجب اتباعها لبلوغ هذه الاهداف كالتحليل او التواصل او الاستكشاف...
    وتعمل البيداغوجيا كذلك على نقل المفاهيم و المهارات المرتبطة بالكفايات ضمن نسق معرفى و فى اطار وضعيات و و فق مخطط اجرائى من اجل التوصل الى وضع مهمة مشكل و حلها باداء ملائم ...وتهدف المعارف و المواقف و الكفايات و المهارات كلها الى تعبئة مجهود المتعلم ليقبل على التعلم الذاتى بطرق مستنبطة قصد امتلاك القدرة على حل الوضعيات المستنبطة و الملائمة لحاجياته وهى التواصل مع الواقع المعاش ليكون الطفل مهيئا لما ينتظره فى المجتمع من اعغمال و تحديات تتطلب التمكن من المهارات و الخبرات المساهمة فى خدمة المجتمع (*3)
    4- التربية الحديثة افضل من التربية التقليدية
    كانت التربية قديما تعتمد على التلقين الجاف للمعارف و المعلومات وهى طرق ماخوذة عن التربية اليونانية المسيحية القائمة على العنف الشدة و ممارسة القمع لانها تعتبر الطفل بمثابة الكهل و كانوا يضربون الاطفال بالسيط و العصى ليصبحوا جنودا اقوياء
    و اعتمد الرومان كذلك على التربية القاسية و تدريب الاطفال على محاربة الوحوش الضارية لابراز قوتهم و كان الاعتقاد السائد لديهم ان الاقوياء وحدهم يسيطرون على العالم فكانوا يدربون الاطفال على استخدام الاسلحة و تحمل المشاق ليكونوا مستعدين للحروب المتوصلة للهيمنة على العالم
    و يعتقد الرومان و اليونانيون ان النفس تولد شريرة و فاسدة يجب قمعها عبر الرهبنة و الزهد و يعتبرون ان المدرسة هى سجن للطبيعة السيئة من خلال تعويد الطفل على الطاعة و الخضوع لاسيادهم و يرون ان الطفل يملك صفات الرجل الكهل فكانوا يعتمدون على حشو الادمغة بكل المعارف الممكنة دون مراعاة ميولهم او قدراتهم الذهنية فالمدرس يهتم بالمادة المراد تبليغها بكاملها دون ان يهتم بتجاوب الاطفال او مراعاة شخصيتهم الغضة لانهم يعتبرون ان الطفل يملك استعدادات البالغين
    و كانت التربية التقليدية تلزم الطفل بالحفظ عن ظهر قلب سواء وافقت هذه المعارف حاجياته و طباعه ام لم توافق فعلى الاطفال ان يتعلموا الطاعة العمياء دون ابداء آرائهم لان النقاش او النقد يعتبر تعديا على السلطة. و كانت البرامج تكرس سيطرة طبقة معينة على بقية المجتمع ليبقى العبيد خاضعين لاسيادهم ...و كانت الفئة الثرية تعلم ابناءها العلوم النظرية و الفلسفة ليبقوا اسيادا اما العبيد فيتعلمون الحرف اليدوية لخدمة اسيادهم (*4)
    الباب الثانى- التربية عند الفلاسفة
    1-التربية امانة و مسؤولية
    ان للمربى العديد من الواجبات التى تحملها الانبياء و الرسل قبله و اشفقت عن حملها الارض والسماوات و الجبال لصعوبتها و جسامة المسؤولية و الامانة الملقاة على عاتق المربى لانه يصنع العقول و يغير الانفس و يعدل السلوك و ينعكس عمله على المجتمع فى اسرع مما كان يعتقد فالتربية تؤثر فى الفرد على الفور لتحدد نوع سلوكه فى المجتمع و كيف سيتعامل مع المحيطين به و اذا ادرك المربى سواء كان ابا او معلما او استاذا او مرشدا هذا الامر ...عندها سيكون المجتمع فاضلا و سيحقق كل ما يرغب فيه من تقدم و ازدهار اما اذا حدث اقل تقصير فان الكارثة ستحل على المجتمع باسره و العياذ بالله لان المهام الموكولة الى المربين جسيمة و لان المجتمعات لا تتقدم و لا تستطيع ان تحافظ على استقرارها الا بفضل التربية التى يتلقاها افرادها فى المدرسة او البيت او المحيط الاجتماعى بكل مؤثراته كالاعلام و المؤسسات و الجمعيات و غيرها من هياكل المجتمع المدنى

  2. #2
    ~ [ نجم ماسي ] ~ الصورة الرمزية هتان المطر
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    901

    رد: التربية على الابداع

    - سقراط المربى ،
    قال سقراط مخاطبا قومه حول اهمية التربية " ايها الرجال انتم توجهون كل اهتماماتكم نحو الحصول على الدراهم و لكنكم تعطون تفكيرا قليلا لابنائكم الذين ستتركون لهم الدراهم "و فى هذا السياق طلب احدهم من المعلم "ارستيبس " كم يطلب اجرا لتعليم ابنه فاجابه 1000 دراخم فقال الاب " استطيع شراء عبد بهذا المبلغ " فقال له المعلم " اذن سيصبح لك عبدان ابنك و العبد الذى ستشتريه " ان التفكير هو خادم العقل الامين و كلما اجتهد الطفل فى الالتفكير نمت قدراته العقلية و زينة المرء عقله الذى يعيد للكهل الشباب و يضفى عليه الهيبة و الحكمة و الوقار

    و يرى المفكر "ماركوس تلليوس شيشرون 106-34 ق م و العالم الرومانى "كونتليان 35- 95 م ان الخطابة لها اهمية فى اعداد المواطن القادر على ادارة شؤونه و و ممارسة دوره الاساسى فى المجتمع
    و يروا ضرورة النظر الى الطفل كانسان و ان يكون المعلم صديقا له يعمل معه لان الطفل يميل الى تقليد من يانس به .اما العالم "بلوتارك " 64-120 فيرى فى كتابه الاخلاقيات ان العناصر الازمة للتعليو الجيد هى –الطبيعة و الفكر و العادة
    اما الفكر فهو يساعد على التعلم الذاتى لاكتساب المعرفة و اما العادة فهى التمرين الدائم و الشاق عى كسب المعارف و اما الطبيعة فهى ما ولد به الانسان و ما تعود به من صبر و جلد. و التربية هى كالزراعة يجب حذقها جيدا ثم يجب ان يكون الفلاح ماهرا و ان تكون البذور جيدة . و الطبيعة البشرية هى التربة و المعلم هو الفلاح المجتهد و التوجيه هو البذور و لا بد من اجتماع هذه الصفات مع بعضها
    و المربى الناجح هو القادر على تنمية مواهب الطفل وواجب المعلم التغلب على الصعاب بالعمل المتواصل فقطرات الماء تحطم الصخور الصلبة و يبلى الفلاذ و البرنز بلمس من الايدى اما الارض فانها مهما كانت وعرة تنتج ثمارا بعد حرثها و قد اثبت ذلك عالم اسبرطة "ليكرجس " عندما اخذ كلبين من بطن واحدة و رباهما بطريقتين مختلفتين ووضع امامهما صحنا من الطعام و ارنبا برية ثم اطلق سبيل الكلبين فجرى الاول نحو الارنب بينما اكل الثانى الصحن .
    و ادرك كل من راى الكلبين ان الاول اصبح كلب صيد بينما اصبح الثانى كلبا شرها مما يثبت ان التربية تعلم الفرد السلوك الذى سيتبعه الفرد فى الحياة بما اكتسبه من معارف و مهارات لتتحول تلك المكتسبات الى قدرات ذهنية و ووجدانية و سلوكية هامة.
    -3-التربية عند افلاطون
    ورد فى كتاب " الجمهورية " لافلاطون 428-348 ق م فى باب السياسا ت حول التربية و مبادئها العامة ان العقل يفرض ان ينفى المعلم عن سمع الاطفال و بصرهم كل حديث او مشهد يخل بالاخلاق و الحياء و الحشمة و اللياقة و من الواجب ان يقصى الكلام السفيه عن الدولة كاقصائها اى شر من الشرور الاخرى لان سهولة النطق بالقباحة تجعل اقترافها امرا دنيئا لا يليق بالاحرار
    و اذا شوهد احد يقول او يفعل امرا محظورا فليعاقب و لا يحظى بالجلوس الى الموائد العامة و لا بد من سن الشرائع ليكون التعليم عموميا و يرى ان الغاية من التربية هى التخلى عن الاعمال الدنيئة و التحلى بالمناقب الحميدة و لا بد من تعليم الاطفل باخلاق بيئتهم قبل تثقيفهم بالمبادىء النظرية ووجوب الاهتمام بالجسد قبل الاهتمام بالمدارك الذهنية لان الرياضة تدرب على ممارسة شغل يهذب النفس كما ان الموسيقى تروح عن النفس و تثير الشجن و العمل بالقيم .
    4-التربية على الفضيلة عند ارسطو
    يرى ارسطو ان الفضيلة تنقسم الى قسمين و هما الفضيلة العقلية و تكتسب بالمعرفة و الفضيلة الاخلاقية و تكتسب بالممارسة و العادة و مغالبة النفس و يرى ان الفضائل العقلية هى العلم و يعتبر ان التربية هى وسيلة لتثبيت النظام السائد و ان السعادة لا تتحقق الا بفاعلية النفس و ان كل الفضائل تكتسب بالتربية
    اما الفضائل الاخلاقية فهى الادب و الحلم و الاعتدال لذلك فان الانسان فى حاجة الى المعلم و المربى لبناء السلوك على الفضائل فى سن مبكرة و ترسيخ الفضائل فى العقل و الوجدان .ان الانسان السوى هو الذى يربى النفس على ترك الرذائل بوصفها اعمالا قبيحة تتنافى مع الطبيعة البشرية السوية
    ان التربية تدفع الفرد الى ترك الافعال الخاطئة و السيئة كالفجور او السرقة او الزنا او القتل او الخداع وهى افعال ترفضها كل الديانات و القوانين و كل المجتمعات المتمسكة بالقيم بل ان الفاجر نفسه يعترف بانه سلوك سىء و لكنه يعترف بضعفه و عجزه عن مغالبة النفس لانه اصبح عبدا لشهواته البهيمية و اصبح ارذل من الحيوان
    ان العمل الخير ممدوح و مرغوب و يتلاءم مع الطبيعة الانسانية السوية لذلك تكون التربية ناجعة لانها تتلاءم مع العقل و الوجدان عندما تدعو الفرد الى اتباع الاخلاق الفاضلة و التخلى عن اللذة العاجلة من اجل اللذة الدائمة وهى وغالبة النفس و الامن من الوقوع فى حبال الرذائل وهو خطر يجب اتقاؤه قبل الوقوع فيه لانه يحول الفرد الى حيوان بلا ارادة و لا قدرة على العودة الى الطبيعة الخيرة الا بمساعدة المربى
    ان التربية على الفضيلة تتطلب العلم بمواطنها و السعى اليها لمنع النفس من الوقوع فى الزلل او اللذة العاجلة والتى تبدو سهلة المنال عكس اللذة الدائمة وهى صعبة المنال لانها تتطلب مغالبة النفس الميالة الى الاسهلفى كل شىء .ان الفضائل المرغوبة هى الافعال التى تحقق السعادة الكبرى وهى الرضا عن النفس
    بينما الرذائل تجعل الفرد غير راض عن نفسه لانه حبيس لشهواته و لا يمكن اصلاح النفس ال بالتربية الطويلة و ان ندرك انه ليس كل ما ترغب فيه النفس هو حسن بل ان نوجهها الى ما يحقق الشعور بالسعادة لان النفس مها انحرفت فانها تميل الى الفضائل اكثر و كما قال الرسول محمد (ص) "افت نفسك ولو افتاك الناس و افتوك "فالانسان السوى عندما يسال نفسه عن الاعمال الفاضلة الواجب اتباعها و الاعمال الخاطئة الواجب اجتنابها فانه سيجد العون و التوجيه المناسب (*5)
    الباب الثالث – واجبات المربى
    1-التربية هى المساعدة على النمو
    ان التربية هى التنشئة و تنمية قدرات الطفل العقلية و النفسية و البدنية و السلوكية... وهى المساعدة على النمو المتواصل فهى ليست الحماية لان الحماية تمثل سياجا يحيط بالطفل و يمنعه من الحركة او التطور.ان وجود الطفل تحت الحماية الدائمة يجعله غير قادر على على التواصل مع المحيط و تعوزه القدرة على الاعتماد على ذاته لانه محاط بضعفه
    ان فرخ الدجاج يستطيع بعد عدة ساعات من تفريخه ان يلتقط قطع الطعام بدقة بعد تجارب قليلة و بعد حصول التوافق التام بين حركات عينيه و حركات جسمه و راسه اما الطفل فهو فى حاجة الى 6 اشهر لكى يستطيع مد يده الى الطعام و لا يمكن ان يتعلم الطفل اى شىء الا بتوفر الرغبة فى التعلم ليستطيع تنمية قدراته باستمرار لان التربية انما هى مساعدة على النمو لان الطفل ينمى ذاته بالتفاعل مع المحيطين به
    ان المتتبع لحالات الانقطاع المبكر عن التعليم يدرك ان العديد من الاطفال لم يجدوا من ينمى لديهم الرغبة فى التعلم مما يدفعهم الى ممارسة اعمال بالممارسة بينما التعليم فى كل مراحله يجب ان يعتمد على الممارسة و التجربة حتى يكتسب الطفل المهارات التى تمكنه من مواصلة التعلم الذاتى و بالتالى تنمية هذه المهارات (*6)
    2- حاجة الطفل الى الشعور بالامن
    ان الطفل كائن ضعيف و هش وهو فى امس الحاجة الى المساعدة لتنمية قدراته الذهنية النفسية و البدنية لانه غير قادر على ادراك ابراز مواهبه و الاعتماد على نفسه الا بمساعدة من المحيطين به وهو غير قادر على حل المشاكل التى تعترضه الا اذا تعلم كيف يجد الحلول من المختصين و الخبراء لذلك يحتاج الانسان الى التربية و التعلم قبل ان يصبح قادرا على الاعتماد على نفسه اكثر من الحيوانات التى سرعان ما تستقل عن امهاتها لتكتسب قوتها بمفردها
    و يرى "جون ديوى " ان التعليم الجيد هو الذى يمنح للمتعلم القدرة على كسب المهارات بالاعتماد على الذات كالمهارة فى التفكير لحل مشكلة معقدة مما يمكنه من اكتساب الثقة فى النفس و القدرة على مواجهة مشاكل الحياة الاكثر تعقيدا .ان التعليم الجيد ايضا هو الذى الطفل على الاجتهاد التلقائى لانه يمكن الطفل من ترويض نفسه على ممارسة الانشطة المتنوعة لتحقيق هدف محدد فيدرك ان الحياة تتطلب وضع اهداف يجب العمل بكل جهد لتحقيقها
    وواجب المدرس عدم ارغام الطفل على فعل ما لا يرغب فيه او تهديده بالعقاب الشديد لانه سرعان ما يقوم بالعمل ليس عن رغبة و اقتناع بل خوفا مما يجعله لا يقبل ما توصل اليه من نتائج لانها لم تكن وليدة رغبته لذا لا بد من اقناع الطفل بواجباته المدرسية و حثه على التعاون مع اقرانه ليقبل على العمل و الاجتهاد و لا يحس بالضغط او القلق و يولد لديه الرغبة فى المعرفة
    و يرى الباحث "وارنر" فى كتابه الاطفال و كيفية دراستهم ضرورة ايلاء اهمية كبرى للا عتبارات النفسية و الاجتماعية للطفل لانه فى حالة نمو عقلى و ذهنى و بدنى سريع و لا بد ان نعطيه الاولوية المطلقة فى التعبير عن مشاغله و مراعاة ميولاته و حاجاته الاساسية كالمبادرة و التجديد ة اشعاره بالامن و الثقة فى نفسه حتى لا يتحول اهتمامه من الاهتمام بالدرس الى الخوف من العقاب
    ان حاجة الطفل الى الاحساس بالامن اثناء التعلم ضرورية و لا تتحقق بسهولة لان الطفل لا يحس بالامن الا اذا بادله المعلم و المربى عموما العطف و الحنان ليشعر بالطمانبنة ثم يمارس عملية التعلم بكل تلقائية و حماس و يطلق العنان لحرية التعبير المبادرة و كلما شعر الطفل بالامان اكتسب الثقة فى النفس مما يدفعه الى العملبكل قوة فيطور سلوكه و ينمى قدراته و لن يكتفى بالمراتب الدنيا بل سيعمل على بلوغ المراتب العليا (*7)
    اهم وسائل التعلم 3--
    ان افضل الوسائل التعليمية التى تساعد على تثبيت الدروس فى الاذهان هى التى الاكثر سهولة و تبسيطا كالصور او القصص او الوضعيات المستمة من الواقع او الاختبارات العلمية المدواضحة و التى لا تحتاج الى مزيد من التوضيح و ان تكون مشوقة و تساعد الطفل على التذكر و التفكير و تكون مرتبطة بالمحتوى المعرفى و ان لا تثير الشك او توحى بافكار خاطئة
    انها الوسائل التى تساعد على تبين الغامض من المشكلات و تعطى حياة للمعلومات و تصبح ذات قيمة و مفيدة للطفل فى حياته العامة و تعوده على الملاحظة الدقيقة و التامل و تثير فيه الرغبة الى التوسع فى معارفه و تكون حافزا على المشاركة و التفاعل مع المحيطين به و تكسبه القدرة على النقد و ممارسة حرية التعبير و تعلم الصبر و توضح الغامض
    ومن الافضل ان يعد المتعلم الوسائل التعليمية بنفسه كالصور او القصص او اجراء التجارب او طرح الاسئلة المتعلقة بمحور محدد قبل الانطلاق فيه .ان الوسائل البيداغوجية هى تجسيم لهدف يعمل المربى على بلوغه و تحقيقه بالتعاون مع المتعلمين لذلك يجب ان تخضع هذه الوسائل الى المناهج المعتمدة فى التعليم وهى حث الطفل على التعلم الذاتى و الممارسة الفعلية لكل ما يتعلمه و ان يختبر معارفه بنفسه ليتاكد من صحتها و جدواها
    4-التعلم بالتجربة و الممارسة
    ان المناهج التعليمية الاكثر حداثة و تطورا هى التى تعتمد على المبادرة و التعلم الذاتى فالطفل الذى لمس النار بيده قد اكتسب خبرة مباشرة و ادرك ان النار تحرقه اذا لمسها و اصبح لديه اثر ثابت ومن هذا المنطلق على المربى ان يعلم الطفل اعتمادا على ممارسته الذاتية حتى تتولد لديه المواقف و يحس بالمشكلة المطروحة عليه و يتبناها ثم يعمل على حلها و كانها مشكلته الشخصية
    و لا يمكن ان يقبل المتعلم على تبنى الوضعيات المقترحة عليه فى الدروس الا اذا تم تحديد الهدف المرد تحقيقه و ان يكون هذا الهدف مرتبطا ارتباطا وثيقا بمشاغله الذاتية و ان يتمكن من ممارسة نشاط يعطيه الحرية فى البحث عن الحلول الممكنة
    ان الهدف الواجب تحديده لكل نشاط تعليمى يتطلب تحديد المراحل و الخطوات الواجب اتباعها و لا بد من توفير الدافع وهو ان تكون الاشكالية ذات علاقة بما اكتسبه من معارف سابقة و ان يمكنه من تنظيم ملا حظاته و استنتاجاته ضمن محاور متعددة
    ان التعليم بالتجربة هو اثبات لاشياء او نفى لها بطرح مشكلة و الشعور بها ووضع خطة لحلها و اعداد الوسائل و السندات الازمة لها ثم التخلى عن الخوف و التردد فى تحقيق الهدف المطلوب و لعل اهم الوضعيات التى تستفز عقل المتعلم و وجدانه هو استثمار الخطا الذى وقع فيه بعض المتعلمين السابقين و تمكين الاطفال من اكتساب عادات حسنة وهى انهم قادرون على اصلاح اخطاء بعضهم و تقدير كل المواد مهما كانت محتوياتها كالشعر او الحساب و يبقى دور المربى هاما فى توظيف الخيال الواسع عند الاطفال لتنمية مهاراتهم العقلية و النفسية و اثراء المعارف عموما(*8)
    الباب الرابع- تحديد الهدف اهميته و مراحل انجازه
    1 - اثارة الرغبة عبر تحديد الهدف

    Education ان افضل طرق التدريس عند الباحث " الانقليزى هربرت سبنسر " الواردة فى كتابه " التربية هى اثارة الرغبة لدى الاطفال و توجيه نشاطهم نحو تحقيق هدف او غرض واضح و محدد بدقة و ليتم ذلك لا بد من 1-التدرج من المعلوم الى المجهول و ربط القديم بالجديد لتثبيت الحقائق و اثارة المكتسبات لديهم 2-ثم التدرج من السهل الى الصعب و السهل هو ما يرتبط بحياة المتعلم و القريب الى واقعه و ما تدركه حواسهم 3-و التدرج من البسيط الى المركب لان العقل يدرك الاشياء ككل ثم يحاول ادراك التفاصيل و الانطلاق من الكل ايسر من الجزئيات 4– و الانطلاق من المبهم الى الواضح و المحدد لان العقل عند الطفل ينمو بالتدريج و المعلومات تنشا بالتجارب و تنمو باعمال العقل و القديم يكون وسيلة لبناء الجديد 5-الانطلاق من المحسوس الى المعقول وهى التجارب الحسية و الامثلة و التجارب العملية 6– و التدرج من الجزئيات الى الكليات وهو تدرج منطقى فى مجال العلوم 7– و الانتقال التدريجى من العملى الى النظرى عبر الملاحظة و التجارب و الحقائق لحمل المتعلم على فهم الواقع و بناء الاستنتاجات بنفسه
    ان المدرسة لا تفتقر الى طرق التبليغ فهى تعتمد على القصص و الوصف و القياس انطلاقا من قاعدة عامة لاستنتاج امثلة حية و المقارنة او الاستنباط بالانتقال من الجزئيات الى القواعد العامة اما القياس فيعتمد فيه على العقل للانتقال من العام الى الخاص بينما الاستقراء هو تقديم الامثلة للبحث عن الحقائق و القواعد العامة
    و اما التنقيب فهو دعوة المتعلمين الى اكتشاف المعلوماتفى وقت محدد و ايجاد الحلول المناسبة بالاعتماد على سندات ووسائل مقدمة اما الجمع فهو توظيف القياس و الاستقراء معا و اما الحوار فهو من الطرق المحبذة للاطفال لما تغرسه فيهم من حب التواصل و التفاعل المباشر مع الآخرين وهو دعوة الى اثارة الحيرة و الشك من اجل بلوغ اليقين
    -2- اقدم طرق التربية
    ان اول نظرية تربوية ظهرت فى التاريخ هى نظرية افلاطون فى كتابه "الجمهورية" و قد اتخذالطبقة المثالية وحدة اجتماعية و هدفا لكل افكاره و اعتبرهم الاقدر على تاسيس المدينة الفاضلة و لكن نظريته تفتقر الى الجانب التطبيقى
    بينما يعتبر المفكر "جون جاك روسو "فى كتابه "اميل "ان الفرد هو اساس تقدم الانسانية ووضع اسسا نظرية مثالية غير واقعية حيث لم يضع طرق تطبيق نظريته لانه ارجع كل شىء الى الطبيعة البشرية الخيرة .وقد ظهرت نظريات اخرى فى اوربا ركزت على البعد القومى للتربية مثل المانيا مما اخضع المؤسسات لخدمة الدولة و ليس المجتمع
    ان الهدف من التربية هو الانسان فالطبيعة لم تزود الانسان بالخير فقط بل زودته بالشر ايضا و الانسان يجمع بين عدة متناقضات وهى الغرائز و الشهوات التى يمكن توظيفها فى الخير كما يمكن ان توظف فى الشر. و الانسان غير قادر بمفرده على التحكم فى رغباته الا اذا تلقى تربية على القيم الفاضلة ليتمكن من التحكم فى شهواته و يوظفها لصالح الخير و لخدمة الانسانية
    ان التربية تزود الفرد بالبذور و عليه ان يزرعها فى التربة الصالحة لتنتج ثمارا حسنة و اذا زرع بذورا فاسدة فانه سيجنى الرذائل و الانحطاط و الانحراف. و لكن التربية الجيدة لا تثمر الا قيما فاضلة و اعمالا صالحة تفيد الفرد و الانسانية بكاملها (*9)
    3- تراكم المعرفة ينمى المهارات
    تهدف المناهج التعليمية الحديثة الى اكساب المتعلم قواعد السلوك الجيد المتمثل فى حب العمل و الاجتهاد و انجاز التجارب لبناء المواقف و اكتساب المعارف انطلاقا من هدف محدد مما يجعل الطفل يسعى الى تحقيق الهدف من الدرس وهو حل الاشكالية المطروحة و اعادة ترتيب العناصر و بناء الاستنتاجات لاكتساب مهارات جديدة
    ان تراكم المعارف و التجارب لدى المتعلم عبر تعدد الانشطة يولد لدى الطفل القدرة على التعامل مع الوضعيات المشابهة فى الواقع و حل الاشكاليات مهما كانت معقدة بالاعتماد على مكتسباته المعرفية دون ان يحتاج الى مساعدة خارجية لان تراكم المعرفة و التجارب يكسب الطفل القدرة على تصور الحلول و اعداد التخطيط الجيد لكل اشكالية تطرح عليه مهما كانت تفرعاتها..

  3. #3
    ~ [ نجم ماسي ] ~ الصورة الرمزية هتان المطر
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    901

    رد: التربية على الابداع

    - ا
    لاهداف تمثل حافزا على العمل

    ان تحديد الهدف الاساسى من الدرس يجعل المربى يعمل وهو يدرك مذا يريد ؟ و لا يسير كالآلة بلا هدف محدد فالفلاح يضع الهدف ان يبدا فى الزراعة و من الخطا ان يزرع دون ان يكرث الى الظروف المناخية و نوعية التربة ...و نفس الشىء بالنسبة للمعلم فى القسم لا بد من اعداد خطط العمل و تحديد الهدف الذى ينمو و يتغير وفق طرق التعامل مع المتعلمين
    فالفلاح يستغل الحيوانات لانجاز اعماله الفلاحية و يجد فى الهدف حافزا على العمل و المثابرة و الصبر و تحمل الظروف المناخية الصعبة .فالنحل يعمل من اجل انتاج العسل فيبدا بجمع الرحيق ثم يصنع الشمع و يبنى الخلايا و بعد بنائها تضع الملكة البيض فيها و بعد وضع البيض يختمه النحل و يحتضنه و يحتفظ بدرجة حرارة مناسبة لفقسه و بعد فقسه يشرع النحل فى اطعام الصغار حتى تتمكن من الاستقلال بنفسها و العمل على انتاج العسل مع المجموعة.
    ان تحديد الهدف يذلل العقبات و على المربى ان يعتمد على وسائل محددة لبلوغ الهدف مع مراعاة النمو التدريجى للقدرات الذهنية للمتعلم و مراعاة الفوارق بين المتعلمين و التعاون بينهم ومن الخطا تقييد المعلم باهداف تفرض عليه فرضا لانه يحتاج الى اعمال عقله و العمل فى جو من الديمقراطية و الاطمئنان ليختار ايسر الاهداف .فالصعود الى قمة جبل واحد يكفى لرؤية ما يوجد فى الاسفل دون الحاجة الى صعود كل قمم الجبال (*10)
    الباب الخامس- شروط التدريس الناجح
    -1-القدرة على جلب الانتباه
    الانتباه هو نوع من النزوع و الرغبة وهو نشاط استعدادى نابع من العقل فما يثير الانتباه هو ما يكون فيه خوف او دهشة و ما يثير الانتباه اكثر من غيره هى كل ما يثير الغرائز .و الانتباه الارادى هو نتيجة للعمل الارادى و يحتاج الى اعمل متكررة لضمان استمراريته ليصبح سلوكا راسخا فى العقل و الوجدان و بناء الانتباه الارادى يتطلب توظيف عواطف الاطفال فى حب المعرفة و الاطلاع و الرغبة فى حل المشكلات و الحرص على التفوق
    ان دور المدرس هو اختيار المعارف و تقسيم المحتوى المعرفى الى عدة عناصر للتاكد من استيعاب الطفل لكل عنصر قبل الانتقال الى العنصر الموالى عبر التقييم او الاستنتاج العام و لا بد من تخصيص الزمن المناسب لكل عمل و التاكد من صحة المعلومات وارتباطها الوثيق بالواقع و باهتمامات الاطفال و من اهم الوسائل المساعدة على جلب الانتباه هو تمكين الطفل من العمل بحرية و الشعور بالمشكلة المقترحة و التعاون مع الاطفال الىخرين لاختيار افضل الحلول
    و قد قال العلامة "ابن خلدون " فى كتابه "المقدمة " ان الحوار هو افضل طريقة فى تنمية القوى العقلية للمتعلم – و من اهم الطرق المساعدة على التواصل بين المتعلمين هو التعاون على حل المشكلات و البحث عن الحلول و عدم توصل التلميذ الى نتائج جيدة لا يدل على غبائه وانما الى عدم تشجيعه و حفزه على التفكير الصحيح لذلك من الافضل لا بد من خلق الدافع لدى الطفل ليقبل على العمل باقتراح وضعيات سهلة و تحملهم على اعمال العقل و اتعود الطفل على النشاط يعدل سلوكه ليدرك ان العمل هو السبيل الافضل لتحقيق الاهداف المراد تحقيقها.
    -2-توظيف المعارف للتفاعل مع المحيط
    ان اعداد الطفل ليتلاءم مع محيطه هى اهم و ابرز مهام المدرسة لان الطفل هو ابن بيئته و لا بد من توفر جو من الفرح و التعاون بين الاطفال و المعلم فالحساب يعلم الطفل الدقة و الامانة و قد اكد الباحث الامريكى "جون ديوى "ان الاطفال الجانحين اذا وضعوا فى الغابات اهتموا بالاعمال الانتاجية و تولوا ادارة شؤونهم بانفسهم و محاسبة المقصرين منهم و لم يعودوا يفكرون فى الجريمة لان المحيط علمهم الانضباط
    ان التجارب التى يكتسبهل الطفل من المحيط تنمى قدراته و مواهبه الفطرية و تعل سلوكه و تبعده عن المساوىء كما قال عمر بن الخطاب " ان اليد اذا لم تجد عملا تمارسه فانها ستتجه الى السرقة " و قس على ذلك بقية اعضاء الجسم فن انشغال الفرد بالاعمال المفيدة لمجتمعه يغنيه عن الانحراف او الميل الى الرذائل .
    ان التربية الجيدة تدفع الفرد الى العمل و المبادرة و تبنى المواقف الحسنة و التفاعل مع المحيط و لا بد للمربى من ان يقوم بتعديل المواقف الخاطئة فالام مثلا مطالبة بتنظيم اوقات اكل و نوم ابنها و اذا اهملت اكساب طفلها الخبرات و العادات الحسنة و صارت تطعم ابنها كلما صرخ و تحمله كلما بكى فانها تعلمه الفوضى و الانانية فيحول حياتها الى جحيم وقس على ذلك التعامل مع المتعلمين فلا بد من اكسابهم السلوك المتوازن و طلب الاذن قبل التكلم و ال فانهم يميلون الى الفوضى فى الكلام و التهاون فى العمل.
    ان تنظيم المواقف و السلوك لدى الطفل هو من اوكد الواجبات المحمولة على المربى ليتلاءم مع محيطه بالاعتماد على الحوار دون ضغط او اكراه بل بالاقناع و الحجة فالمربى يعلم الطفل بالعمل و التجربة و التفكير و الاستنتاج الذاتى و الاستناد على الامثلة و الوقائع ليقبل الطفل على التفاعل مع المربى و بالتالى يندفع بكل حواسه نحو التعود بالعادات الحسنة التى تنعكس ايجابا على عقله ووجدانهو تتحول الى سلوك راسخ فيه...ان المربى هو الذى يجعل المتعلم قادرا على التواصل مع محيطه الاجتماعى من خلال اكتساب القيم و المواقف الحسنة و التى تتلاءم مع طبيعة المجتمع و حاجياته الاساسية.
    3- التربية هى اكتساب الخبرة
    يرى الباحث فى التربية "جون د يوى " 1857-1952 فى كتابه "الاختبار و التربية " الصادر فى 1938 ان العالم يعرف تغييرا متسارعا وذا نتائج غير ثابتة فالبذرة الواحدة قد تاتى بنوع جديد من الاشجار و الانسان هو المتحكم فى التطور بذكائه العملى و التربية هى سلسلة اختبارات وتجارب. فالطفل اذا لمس النار و اختبرها احرقت يده فادرك كنهها و ابتعد عنها… ان اختبار الطفل للنار لا ينتهى عند هذا الحد بل ينمو و يتجدد مع نمو معارفه و قدراته الذهنية و المعرفية فيتعلم كيف يوقد النار و كيف يستفيد منها فى حياته ليوظفها بعد ذلك فى الصناعة او التدفئة او الطبخ …ان مساهمة الطفل فى اختبار الاساليب ووسائل التعلم امر لازم ليدرك المتعلم ان له دورا فاعلا فى الدرس و بالتالى فى المجتمع
    ان اوكد واجبات المعلم هى مساعدة الاطفال على التعلم الذاتى و اعطاء المثال و القدوة الحسنة و اثارة الرغبة فى التعلم و المثابرة و قد اكد العلماء ان التربية الناجعة هى القائمة على الاحترام و المحبة كالشجرة التى تحتاج الى الماء لتنمو من الداخل …ويرى العالم -هربرت- ان التربية هى عملية تكوين للعقل بالقيام باختبارات متواصلة فالعقل لا ينمو من الداخل و انما من الخارج عبر الاحتكاك بالآخرين و التعلم منهم …ويكون دور المعلم اكثر اهمية لانه اقرب الى الطفل من ابويه خصوصا اذا كان الوالدان يعملان فيربى الطفل على حب المعرفة و الولع بها من خلال ما يقوم به المعلم من اختبارات و تجارب فى القسم فتنمو العاطفة و الرغبة فى التعلم بالتوازى مع نمو القدرات العقلية و المعرفية …
    ان المعلم لا ياخذ مكان الابوين و انما يكمل النقص من خلال التربية الجيدة والمثال الحسن و يكتسب الطفل القدرة على مواجهة الصعاب و الاجابة عن السؤال -كيف نعيش ؟ ليتعلم الطفل كيف ينمى عقله ووجدانه كما تعلم تنمية جسده… ان الدور الاساسى للمدرسة هو تعليم الاطفال القدرة على الاندماج فى الحياة لانهم فى حاجة الى من يساعدهم و يوجههم ليتفاعلوا مع العالم الخارجى وكل اعلاء لمكانة الفرد هى اعلاء لمكانة المجتمع ..
    ان التربية الجيدة هى اعلاء للقيم الاخلاقية ونبذ الدوافع الدنياو للانفعالات كالغضب او التعدى على الغير او تلبية الشهوات الحيوانية كالتطاول على حرمة القسم بالافراط فى اللعب او الضحك دون موجب …ان الاعمال الحميدة اذا لم تكن محكومة بالعقل فانها تولد ازمات و كوارث…ان دور المدرسة هو ترسيخ القيم الاخلاقية كالتضحية من اجل الغير لان هذا العمل مفيد للمجتمع و للتربية وجهان مترابطان الجانب النفسى المرتبط بالذات و الارادة و الجانب الاجتماعى المرتبط بالمحيط الخارجى …و التربية بوجهيها المتلازمين تنمى الذات و تقوى الارادة للاندماج فى المحيط الاجتماعى و الاقتصادى …ان اوكد واجبات الجماعة هو اعداد الفرد المتشبع بالقيم ليعمل على افادة مجتمعه بافكاره و اعماله و ابداعه و انشطته و لا يتوانى لحظة فى تسخير كل قدراته واوقاته لخدمة الآخرين…

    -4- تقنية حل المشكلات -
    قال ابن خلدون فى مقدمته “الحوار هو افضل طريقة فى تنمية القوى العقلية للمتعلم “ولعل من افضل الطرق المعتمدة و المتماشية مع هذا الهدف هى تقنية حل المشكلات من خلال تحليل الوضعيات ليشترك المتعلمون فى العمل مع الآخرين …و فشل التلميذ فى الوصول الى نتائج لا يعود الى غبائه و انما الى عدم تشجيعه على التفكير الصحيح لذلك من الافضل ان تتدرج الوضعيات من السهل الى المعقد و لهذا لا بد من تحديد الغرض من المشكلة لحمل الاطفال على اعمال العقل و الاجتهاد لبلوغ الغرض المحدد.
    و يرى الدكتور محمد الفاضل الجمالى فى كتابه “تربية الانسان الجديد “1981 ضرورة الاستئناس بنظرية جون ديوى -الذى يرى ضرورة استمرار الاختبارات و الانشطة لانها تساهم فى تعديل السلوك لان الشخصية الموحدة و المتوازنة هى نتاج الاختبارات الجيدة للتفاعل مع المحيط لانه ليس كل ما فى المحيط يتناسب مع الاطفال بل يجب تنظيم و بناء المواقف ليتحكم الطفل فى المحيط و يضمن القدرة على توظيفه لصالحه
    و الافضل ان يكون الحوار و النقاش و الاقناع بالحجة من الوسائل المعتمدة فى التواصل مع المتعلم دون اكراه او ضغط بل من حق المتعلم ان يجرب و يفكر و يستنتج ليتعود على مواجهة المشاكل دون خوف او تردد و ان يكون قادرا على اصلاح اخطائه بمفرده و يحس بالسرور عند الوصول الى حل المشكل المطروح عليه فيحصل التفاعل بين العقل و العاطفة عند انجاز النشاط او المهام المكلف بها
    ويرى جون ديوى فى كتابه “الاختبار و التربية ” 1938ان العالم يعرف تغيرات متسارعة و نتائج متغيرة فالبذرة قد تاتى بنوع جديد من الاشجار… و التربية تجعل الانسان يرتقى من الحياة البدائية الى الحياة المدنية و بفضل التربية ينمى الانسان من ذكائه العملى و يقلل من مواطن الضعف لديه بما اكتسبه من المعارف التى تتحول الى تجارب بعد الخروج من المدرسة و الاندماج فى المجتمع… ليكيف ما اكتسبه من معارف و مهارات فى الواقع و يسعى لتلبية حاجياته الاساسية و الارتقاء بمحيطه وواقعه … فالتربية تعد الفرد للاندماج فى المجتمع بما تقدمه له من اختبارات و تجارب لان المعرفة المجردة لن تفيد الطفل الا اذا تم اختبارها و التاكد من نجاعتها و ارتباطها بالواقع وتلبيتها لحاجياته الاساسية كالعمل و الابداع فى مجال مختصين بل يجب التعامل مع المحيط لتطويره نحو الافضل….فلا يقتصر دور المدرسة على اعداد مبتكرين فى شتى المجالات قادرين على قيادة المجتمع و حل مشاكله بما اكتسبوه من مهارات وقدرات .
    5-الانصات من شروط التعليم الجيد
    يرى ديزيدرس ارازمس 1466-1536 المولود بهولندا ان اهم وظائف التربية هو ان يتلقى الفكر الشاب بذور التقوى و من ثم حب الدراسة الحرة و تعلمها بشكل عميق و الثالث التهيؤ لواجبات الحياة و الرابع التعود منذ الطفولة الاولى على قواعد السلوك الحسن و يرى كذلك ان الدور الاول للتربية هو ملاءمة طبيعة الطفل و تدريبه و تعويده على الآداب الحسنة و الدور الثانى هو واجب الابوين والدولة تربية الطفل لضمان تقدم المجتمع… وهو يعتبر التعليم فنا حيث قال اذا كنت محبا للعلم فستتعلم كثيرا لان الفن يتطلب صبرا و مثابرة و من يتعلم الكلمات دون فهم فسينساها حالا و الشخص الذى لا ينتبه الى المعلم لمدة طويلة لا يستطيع التركيز مثله مثل الماء او الزئبق لا يمكن ان تختم عليه شيئا لانه فى حالة سيلان بينما الرصاص اذا ختمته فسيبقى الى الابد لذا يجب ان يتعلم الطفل الانصات و الاستماع ليتعلم… فالمولود الجديد يتعلم من الانصات لابويه دون ان ينطق بكلمة و لذا على الاطفال ان يدركوا ان التعلم الجيد يكون عبر الانصات الجيد لتثبت الافكار المفيدة فى اذهانهم
    اما ميشال دى مونتينى 1533- 1529 م فيرى ان التربية الجيدة تكون بحث الاطفال على النشاط العفوى و الذاتى و السعى للمعرفة بدلا من الحصول على المعرفة جاهزة واعتبر ان اصعب فروع المعرفة الانسانية هو الذى يعالج تربية الاطفال و تعليمهم فالزراعة عملية بسيطة ولكن حالما يبرز الزرع و يولد الطفل تتحول الى مسؤولية كبرى فى العناية المصحوبة بالمخاوف و الصعوبات فى التربية الحسنة لان كل كل ما يقدم الى الطفل سينعكس على حياته و مجتمعه عاجلا فان كانت التربية جيدة كان المجتمع متطورا و اذا لم تكن التربية جيدة فان المجتمع سيكون المتضرر الاكبر من ذلك …

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مولع سمى الابداع
    بواسطة محمد الجبريني في المنتدى الشعر النبطي
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 30-12-2007, 03:05 PM
  2. سر الابداع
    بواسطة عوادالعلي في المنتدى الشعر النبطي
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 14-12-2006, 05:15 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •