(( شائعــة ))
لم يكن هو المنزل الوحيد الآيل للسقوط في ( حي العدامة ) القابع وسط مدينة الدمــام كالطود الشامخ , ذلك الحي المتوهج في ذاكرتي وذاكرة الكثيرين ممن غادروه في سنين متعاقبة 00أما ( أنا ) فما زلت أذرعه مشيا ذهابا وإيابا كلما سنحت لي سانحة , أو برقة لي بارقة !! وهذا المنزل الذي أسكنوه الغرباء بثمن بخس , تتمدد فيه طفولتي كالظل الوارف , هاهنا خضت حروبي , ومارست حريتي , وأثبت فيه ذاتي , وعندما شبت عن الطوق قالوا لي : توقف !! أذعنت لهم مكرها قلبي لا بطل ؟؟ أيقنت أن هناك فضاءات أخرى , تنثال على تلك الطرقات المتربة التي لم تمسسها يد الحضارة بعد !! إحداها كانت تلك الصرخة المدوية التي انطلقت ذات يوم , من فم يزف البشرى للسابلة , مرددا بصوته الجهوري الذي لا يتعب :- أجمعوا الزجاج تستغنوا !! أجمعوا الزجاج تستغنوا !! بدت كلماته للوهلة الأولى كالجنون المطبق ؟؟ استوقفته دهشتنا الجماعية قسرا , ما جعله يعقب : - تم افتتاح المصنع !! تم افتتاح المصنع !! 00أجمعوا الزجاج ولن تندموا 00كما بدى لنا شاخصا فجأة للعيان, توارى بالمثل , ولكن صدى كلاماته المتناثرة طرقت كل باب , وتسورت كل محراب , وتماسكت حتى تعاظمت, أسمعت القاصي والداني 0 صدقها العوام والكثير من الخواص 00 خصوصا وأن المصنع الذي يقع في أطراف المدينة أصبح واقعا ملموسا مكتمل البناء 0 نراه بأم أعيننا , ذاهبون أو عائدون من ( الهاف مون ) 00 تلك الكلمات السحرية , أشعلت روح المنافسة , استطاعت أن تكنس الشوارع والأزقة في حيينا والأحياء المجاورة بوقت وجيز , أدمت ألأيدي , والأرجل 00 ونحن نجمع الشظايا في شوالات الخيش 00مٌلئت مداخل البيوت الضيقة 00 أصبحت كالمتاريس تصد الزائرين , وتقض مضجع المضيفين , أصبحنا نتزاور من أجل التلصص ليس إلا 00كم جمع فلان من ثروة !!
أحدهم قال :ـ
ألشوال وصل سعره عشرة ريالات
لا 00 بل عشرون
ألآخر أدلى بدلوه : ـ
الزجاج يباع بالكيلو 00 صدقوني عليكم بالزجاج السميك !!
في المنام رأيتني , أجلس على جبل من (( زجاج )) . لم أشعر, عندئذ, ألا بفوقيتي وهي تتمترس 00تصد عني إرهاصات القلق والخوف 00 أصبح لدي يدين تتشكل , فيهما أحلاما وردية , وقلبا يصفق فرحا , ورذاذا يهطل ناعما , يغسل وحشة قفر , وينبت في القلب الحب 00
استيقظت00
كانت ( شائعة )
هكذا قالوا !!
قلت لتعاستي وهي تتثاءب كالطفل : - الأحلام الزجاجية تتكسر؟؟
عند بزوغ أول شمس 00
كان علينا إخراج تلك الشوالات 00 من حيث أتت 00
لم ينبس أحد ببنت شفة 00فقط صوت الزجاج (( يتهشم ))