ذكر ابن قدامة في التوابين: أن بني إسرائيل لحقهم قحط على عهد موسى عليه السلام فاجتمع الناس إليه فقالوا: يا كليم الله ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث.
فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء وهم سبعون ألفاً أو يزيدون
فقال موسى عليه السلام : إلهي اسقنا غيثك وانشرعلينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضع والبهائم الرتع والمشايخ الركع فما زادت السماء إلا تقشعاً والشمس إلا حرارة .

فقال موسى : إلهي اسقنا .
فقال الله : كيف أسقيكم ؟ وفيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم ففبه منعتكم .
فصاح موسى في قومه : يا أيها العبد العاصي الذي يبارز الله منذ أربعين سنة اخرج من بين أظهرنا فبك منعنا المطر .
فنظر العبد العاصي ذات اليمين وذات الشمال فلم ير أحداً خرج فعلم أنه المطلوب فقال في نفسه : إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتضحت على رؤوس بني سرائيل وإن قعدت معهم منعوا لأجلي فانكسرت نفسه ودمعت عينه فأدخل رأسه في ثيابه نادماً على فعاله وقال: إلهي وسيدي عصيتك أربعين سنة وأمهلتني وقد أتيتك طائعاً فاقبلني وأخذ يبتهل إلى خالقه فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القرب .
فعجب موسى وقال : إلهي سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد .
فقال الله : يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم .
فقال موسى : إلهي أرني هذا العبد الطائع .
فقال : يا موسى إني لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني

ولنسأل أنفسنا: كم مرة سترنا الله؟!!