سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرا


هذا وعد من أصدق القائلين، وهي بشرى لعباده المؤمنين.. أن العسر بعده يسر،
فلا يضيق الأمر ويشتد الكرب إلا ويتبعه يسر، فبشّر كل مكروب ومنكوب بفجر صادق من الفرج يصادر فلول الشدائد،
وما أحسن هذه الآية سلوة للمعذبين .. وعزاء للمصابين، وبشرى لأهل البلاء.

وهذه الآية هدية غالية لمن أضناه البلاء،

فبعد الجوع شبع
وإثر التعب راحة
وعقب السقم شفاء
وخاتمة الشدة رخاء
ونهاية الفقر غنى
النهار يخلف الليل
والنور يطوي الظلام
والماء يزحف على الجدب
إذا امتدت الصحراء فوراءها رياض خضراء
وإذا هالَك الظلام فتيقن أن الصباح مقبل لا محالة.

إن العسر بعده يسران لا يسر واحد، لتعلم أن مرارة المعاناة لها نهاية،
وشظف العيش إلى انقطاع، وكبد الحياة إلى راحة.

لو أن الخوف دائم لتقطعت النفوس حسرة، ولكن بعده أمن وسكينة،

ولو أن الحزن مستمر لزلزلت القلوب زلزالها ولكن يعقبه سرور وأنس،

ولو أن اليأس مقيم لاسودت الحياة في العيون، لكن خلفه أمل..
فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله..

لا تصارع الأوهام، وتقاتل الوساوس، بل انظر من بوابة الرجاء لترى العالم المشهود
ولترى العناية الربانية تغمرك واللطف الإلهي يحوطك

فاغسل همومك بنهر التوكل،
«وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مؤْمِنِينَ»،

واحذر من تصديق وعد الأفاك الأثيم والشيطان الرجيم؛ لأنه يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء

ولكن صدق موعد أصدق القائلين:
«وَاللَّهُ يَعِدُكُم مغْفِرَةً منْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ».

فبشّر آمالك بمستقبل زاهٍ وغد مشرق وفجر باهٍ جديد؛ لأنه سبحانه ما ابتلاك ليهلكك ولا ليخزيك؛

بل أراد أن يذكرك بسوط من ألم، فهو لطيف في الحالين وهو الأعلم الأحكم الأحلم الأرحم،
ولا تدري بالأصلح، فارض باختياره، فاختياره لك خير من اختيارك لنفسك

عسى فرج يكون عسى - نعلل نفسنا بعسى
فلا تجزع إذا قابلـت - هما يقطع النفسا
فأقرب ما يكون المرء - من فرج إذا يئسا


فـ يارب فرج ضيقتنا وهمومنا وغيرحالنا لأحسن حال
اللهم أغننا عن الناس ، وارزقنا مما في أيديهم اليأس ، ورد عنا البأس ،واجعل التقوى لنا أجمل لباس ، وأقوى أساس .

اللهم صل وسلم على خير الأنام سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه