أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمد لله الَّذِي أبان معالم الْحق فأوضحها، وأنار مناهج الدّين فبينها، وَأنزل الْقُرْآن فصرف فِيهِ الْحجَج، وَأرْسل مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقطع بِهِ الْعذر، فَبلغ الرَّسُول وَبَالغ واجتهد وجاهد، وَبَين للْأمة السَّبِيل، وَشرع لَهُم الطَّرِيق لِئَلَّا يَقُولُوا: مَا جَاءَنَا من بشير وَلَا نَذِير، ولينذر من كَانَ حَيا ويحق الْحق على الْكَافرين، وَإِلَى الله أَرغب فِي حسن التَّوْفِيق لما يقرب إِلَيْهِ من صَوَاب القَوْل وَالْفِعْل، وأستعفيه من الْخَطَأ والزلل إِنَّه ولي الْعِصْمَة والتوفيق، وَبِيَدِهِ الْهِدَايَة والتسديد.وبعد :

فهذه القواعد الكبرى لتحقيق توحيد العبادة ، ذكرها الدكتور إبراهيم البريكان رحمه الله من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، عند دراسته لمنهج شيخ الإسلام رحمه الله في تقرير عقيدة التوحيد ، وهي رسالة علمية ، طُبعت في دار ابن القيم ودار ابن عفان . واعلم -رحمك الله - أني ما لخصت هذه القواعد إلا لتقرب بين يدي طلاب العلم ؛ لأنها إن لخصت ووضعت في وريقات يسيرة كان الانتفاع بها أكثر . واعلم -أرشدك الله لطاعته -أني قدمت بمقدمات ليست من وضع المؤلف رحمه الله للفائدة والبيان ، هذا والله الموفق

[ فصل في بيان معنى القاعدة]
لغة : قال في مقاييس اللغة : (((قَعَدَ) الْقَافُ وَالْعَيْنُ وَالدَّالُ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ مُنْقَاسٌ لَا يُخْلَفُ، وَهُوَ يُضَاهِي الْجُلُوسَ ... وَقَوَاعِدُ الْبَيْتِ: أَسَاسُهُ. وَقَوَاعِدُ الْهَوْدَجِ: خَشَبَاتٌ أَرْبَعٌ مُعْتَرِضَاتٌ فِي أَسْفَلِهِ)) [ مقاييس اللغة (5\108-109) وانظر المفردات للراغب ص409]
اصطلاحاً : قال الفتوحي : ((هي :أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَنْطَبِقُ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ كَثِيرَةٍ تُفْهَمُ أَحْكَامُهَا مِنْهَا ))


[شرح الكوكب (1\30)]

* تنبيه مهم : اصطلاح القاعدة لا يختص به علم دون آخر ، فتنبه -جزيت الجنة-[انظر القواعد الفقهية للندوي رحمه الله ص41]
[ضرورة العناية بالقواعد والأصول ]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ((لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتُ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ؟ وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيمٌ)) [ مجموع الفتاوى (19\ 203 ) ]
قال السعدي رحمه الله : (( أن من محاسن الشريعة وكمالها وجمالها وجلالها : أحكامها الأصولية والفروعية والعبادات والمعالملات وأمورها كلها لها أصول وقواعد تضبط أحكامها وتجمع متفرقها وتنشر فروعها إلى أصولها)) [ الرياض الناظرة ص234]
وقال أيضاً رحمه الله : ((..فإن الأصول والكليات تبنى عليها الفروع والجزئيات، ويحصل بها من النفع والفائدة على اختصارها ما لا يحصل في الكلام الطويل، ..)) [تفسير السعدي ص468 ]

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ((فَمَنْ بَنَى الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ: الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّابِقِينَ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى الْإِرَادَةَ وَالْعِبَادَةَ وَالْعَمَلَ وَالسَّمَاعَ الْمُتَعَلِّقَ بِأُصُولِ الْأَعْمَالِ وَفُرُوعِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَدْيِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَهَذِهِ طَرِيقُ أَئِمَّةِ الْهُدَى. تَجِدُ " الْإِمَامَ أَحْمَدَ " إذَا ذَكَرَ أُصُولَ السُّنَّةِ قَالَ: هِيَ التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَتَبَ كُتُبَ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَكَتَبَ الْحَدِيثَ وَالْآثَارَ الْمَأْثُورَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَعَلَى ذَلِكَ يَعْتَمِدُ فِي أُصُولِهِ الْعِلْمِيَّةِ وَفُرُوعِهِ حَتَّى قَالَ فِي رِسَالَتِهِ إلَى خَلِيفَةِ وَقْتِهِ " الْمُتَوَكِّلِ ": لَا أُحِبُّ الْكَلَامَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ فِي حَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَوْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَالْكَلَامُ فِيهِ غَيْرُ مَحْمُودٍ))[ مجموع الفتاوى (10\236)]


* تنبيه : تجد القاعدة بنص شيخ الإسلام رحمه الله .

القواعد :
1-((... أَنَّ الرُّسُلَ كُلَّهُمْ أُمِرُوا بِالتَّوْحِيدِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنُهُوا عَنْ عِبَادَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ سِوَاهُ أَوْ اتِّخَاذِهِ إلَهًا..)) [مجموع الفتاوى

(9\29)]
2-((..وعبادته تجمع محبته والذل له فلا تكمل نفس قط إلا بعبادة الله وحده لا شريك له والعبادة تجمع معرفته ومحبته والعبودية له وبهذا بعث الله الرسل وانزل الكتب الإلهية كلها تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له)) [الرد على المنطقيين ص145]

3-(( إن أصل التوحيد وأساسه شهادة أن لا إله إلا الله )) [العبودية ص51]
* هذا ليس لفظ شيخ الإسلام إنما هو تلخيص لمبحث مهم

4-(( ..أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ الْجَامِعَةِ لِمَعْرِفَتِهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ..)) [ مجموع الفتاوى (1\23)]

5-((الْعِبَادَة هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة)) [العبودية ص38]

6- معنى الإله : ((فالإله هُوَ الَّذِي يألهه الْقلب بِكَمَال الْحبّ والتعظيم والاجلال وَالْإِكْرَام وَالْخَوْف والرجاء وَنَحْو ذَلِك)) [العبودية ص51]
يتبع بإذن الله تعالى ...