أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الماء المشمّس :
وهو الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِتَأْثِيرِ الشَّمْسِ فِيهِ
فإنّ هذه المسألة مع كونها قديمة التناول عند العلماء فهي حديثة من جهة أنّ التقنية الحديثة والطبّ المعاصر أخذَا دوراً مهمّاً في إثبات علّة الكراهة وعدمها ولهذا سوَّغتني أن أُعِدَّها في النوازل الفقهية .
أقوال العلماء في هذه المسألة
للعلماء في هذه المسألة قولان :
الْقَوْل الأوَّل : جِوَازُ اسْتِعْمَالِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الاِسْتِعْمَال فِي الْبَدَنِ أَمْ فِي الثَّوْبِ .
وَبِهَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِبَعْضِ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَالنَّوَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ
الْقَوْل الثَّانِي : كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهِ : وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بشروط ستة :
الأول : أن يُسَخَّن في إناء منطبِع غير الذهب والفضّة
الثاني : أن يكون في قطر حار كأَرْضِ الْحِجَازِ لاَ فِي نَحْوِ مِصْرَ وَالرُّومِ .
الثالث : أن يُستعمل في الجسد
الرّابع : أن يُستعمل في حال الحرارة كما جزم النّوويّ في زوائد الرّوضة .
الخامس : أن يُستعمل في حال الحياة
السّادس : أن يجد غير المشمّس وأمّا عند عدمه فلا كراهة ويجب استعماله .
ودليل الكراهة حديثان وأثر فأمّا الحديثان فالأوّل ما رواه الدارقطنيّ في سننه (1/38) من طريق خالد بن إسماعيل المخزومي نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد سخنت ماء في الشمس فقال : " لا تفعلي يا حميرا فإنه يورث البرص "
قال الدارقطني : غريب جدا خالد بن إسماعيل متروك
والثاني : مارواه العقيليّ في الضعفاء الكبير ( 2/ 176) من طريق سوادة عن أنس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس فإنه يعدى من البرص "
قال العقيليّ : سوادة مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ وليس في الماء المشمس شئ يصح مسند
وأمّا الأثر فراه الشافعي في الأمّ (1/8) عن إبْرَاهِيم بن مُحَمَّدٍ عن صَدَقَةَ بن عبد اللَّهِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ كان يَكْرَهُ الِاغْتِسَالَ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وقال إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ "
وهذا الأثر ضعيف جداً لأنّ إبراهيم متروك الحديث
وقال النّوويّ : في "المجموع" وهذا ضعيف باتفاق المحدثين فإنّه من رواية إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وقد اتفقوا على تضعيفه وجرَّحوه وبيَّنوا أسباب الجرح إلا الشَّافعي رحمه الله فانه وثَّقه .
وترى أنّ الكراهة لم تثبت من حيث الأدلّة وأمّا من حيث الطبّ فلم تثبت أيضاً عند أهل الطبّ .
وقال النّوويّ : في "المجموع" أن المشمس لا أصل لكراهته ولم يثبت عن الاطباء فيه شئ فالصواب الجزم بأنه لا كراهة فيه وهذا هو الوجه الذى حكاه المصنف وضعفه وكذا ضعفه غيره وليس بضعيف بل هو الصواب الموافق للدليل .
وقال ابن قدامة : في" المغني " وحُكي عن أهل الطب أنهم لا يعرفون لذلك تأثيرا في الضرر .
وقد ذكر جمع من الأطبّاء المعاصرين أنّ الطبّ المعاصر لا يقرّه بذلك أصلاً منهم :
الأوّل : د/ محمد عليّ البار
الثاني : د/ عبد الباسط السيّد
الثالث : د/ عبد الجواد الصاوي
الرّابع : د/ عبد العزيز الجفريّ
الخامس : د/ عبد الحميد القضاة
السادس : د/ مأمون أبو خضر
السابع : د/ عمر النّجار
الثامن : د/ مروان أسعد
التاسع : د/ محمد جميل الحبال
العاشر : د/ عبد الدائم الكحيل
الحادي عشرة : الدكتورة نهي أبو كريشة
الثاني عشرة : الصيدلاني نائل عويس .