بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
ما حكم النغمات الموسيقية في الجوالات ، وخصوصاً في المساجد ؟
الجواب : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 0
لا ريب أن الشريعة الإسلامية أولت المساجد عناية عالية ، ومكانة مرموقة ، فقد أضافها الله تعالى إلى نفسه فقال تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ ) وقال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ) ورفع الله من شأنها وعظمها فقال تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) وهي أحب البقاع إلى الله تعالى ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) رواه الإمام مسلم في صحيحه (671) من طريق الحارث بن أبي ذباب ، عن عبد الرحمن بن مهران مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة 0
ويقول ابن عباس رضي الله عنه ( المساجد بيوت الله في الأرض تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض ) رواه عنه الطبراني في المعجم الكبير (10/262) من طريق بكير بن شهاب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس 0
وهي من شعائر الإسلام الظاهرة التي أمر الله تعالى بتعظيمها واحترامها ، وجعل تعالى ذلك من علامة التقوى فقال تعالى ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) ولذلك فقد صان الإسلام المساجد عن مباحات كثيرة ، كل ذلك لأجل رفع مكانة المساجد ، وتعظيم شأنها ، ورفع قدرها ، فهذا البيع الذي به قوام البشرية وحياتهم نهي عنه ، بل وأمرنا أن نقول لمن يبيع ويشتري في المسجد لا أربح الله تجارتك ، جاء هذا في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا أن نجيب من أنشد ضالة في المسجد بقولنا له : لا ردها الله عليك ، جاء ذلك عند الإمام مسلم في صحيحه (568) من طريق محمد بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله مولى شداد بن الهاد ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد ، فليقل : لا ردها الله عليك ، فإن المساجد لم تبن لهذا ) 0
هذا وهي في ذاتها أعمال مباحة ، ولا ترتبط بصلب الصلاة ، والآن ما هو موقف الإسلام من الذين يشوشون على المصلين ، ويعملون في المساجد أعمالاً محرمة ، ويأتون بالموسيقى وأشباهها ، بلا ريب أن الذنب أعظم ، والنهي آكد ، والوعيد أشد ، لا سيما وهذه الآلات تلهي المصلين ، وتزعج الذاكرين ، وقد نهى الشرع الحكيم عن كل ما يلهي المصلين ويشوش عليهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ، في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة فلما انصرف قال : ( اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي ) متفق عليه من طريق ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة ، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه ( من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ ) ذكره البخاري في صحيحه معلقاً مجزوماً به 0
وحين ننهى عن النغمات الموسيقية مطلقاً في الجوالات وغيرها ، نحذر من تشغيل الجوالات في المساجد ، ورنين الأجهزة ، فمفاسد ذلك متعددة ، وأضراره واضحة وآفاته قبيحة قال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) وأجزم أنه لا يجتمع في الصلاة خشوع ، ورنين جوال ، فمن عقل عن الله أمره ، آثر رضاه وأقبل على صلاته وخشع لربه ، وابتعد عن سلوك أهل العادة والغفلة ، فهؤلاء في واد وأهل الصلاة والخشوع في واد آخر ، وأحسب أن المؤمن يستجيب لأمر الله ، وأمر رسوله r فلا يعصي الله في أحب البقاع إلى الله ، ولا يؤذي أحداً بقوله ، ولا فعله فحين يأتي إلى المساجد يغلق الجوال ، ويقبل بقلبه على صلاته ، نسأل الله التوفيق والثبات على الحق 0
منقول