أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مشكلتان كبيرتان

قال تعالى: "ما ضل صاحبكم وما غوى" فقد نفى الله تعالى عن نبيه، صلى الله عليه وسلم، صفتين ذميمتين تقودان إلى الهلاك. الأولى الضلال وتعني الجهل بالحق، لأن الضال لايعرف الحق سواء كان حقاً لله أو حقا للمخلوقين.

والغاوي يعرف الحق ولكنه يتجاهله لغلبة الهوى وحب الذات عليه. وقد يعتدي ولو كان عالما اذا غلبت عليه أمراض القلوب.

الحق كما قلت قد يكون حقاً لله كالعبادات وقد يكون حقاً للمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض. وكثيراً ما نرى تلازم الجهلين، أعني الجهل بحق الله والجهل بحق المخلوقين.

كثير من الناس لايعرف حدود حقه ويظن أن كل ما طالته يده فهو من حقه. فإذا تولى وظيفة جعلها حكرا على نفسه وأهل بيته وعشيرته. ويظن أن ذلك من محاسن الأخلاق. وقد يتباهى أنه عين كذا وكذا من أبناء عشيرته. والبعض لايفرق بين المال العام الذي يشترك فيه الجميع والمال الخاص. وبعضهم لايعطي حق الورثة لأنهن نساء، وبعضهم لايؤدي زكاة المال وهو حق الفقراء.

أذكر ذات مرة أن رجلا كان يتحدث في مجلس من المجالس وكيف أن حادثا وقع بين شاحنة تحمل البطيخ وسيارة صغيرة فانقلبت السيارتان. قال الرجل متباهيا: "انشغل الناس بجمع البطيخ أما أنا فقد سرقت ديلكو السيارة بدقيقتين". لايستحي من السرقة، ولا يستحي أنه لم يسعف المصابين، ولكنه يفتخر لأنه استغل مصيبتهم وزادها بدل أن يخففها.

بعض الناس يفتخر لأنه فجر بامرأة جاره أو قريبه مستغلا غيابه، ولايعلم أن ذلك من أحط الصفات وأخسها. فبدل أن يصون الأمانة ويحمي الذمار يكون أول الخائنين.

لإيصلح أمر الناس إلا إذا تولى أمرهم من يعرف الحق ويتبعه. ومعرفة الحق تحتاج إلى العلم. واتباع الحق يحتاج الى نفوس عالية. وكلما كان الانسان أقرب الى السنة قولا وفعلا كلما كان اقرب الى الهدى وأبعد عن الضلال والغواية. لأنه يكون أقرب إلى سنة من عصمه الله من الجهل والتجاهل.

وطالما تولى على الناس الجهلة وأصحاب النفوس الدنيئة فإن حقوق الله وعباده لا تزداد إلا ضياعا. كما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها يا رسول الله قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.