أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


وَقَفَاتٌ اعْتِبَارِيَّةٌ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ لِعَامِ 1433 هـ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الْمُسْلِمُونَ واعْلَمُوا أَنَّكُم على دِينٍ عَظِيمٍ امْتَنّ اللهُ بهِ عَلَيكُمْ وَهَدَاكُمْ لَهُ وَقَدْ أَضَلَّ عنه كثيراً من الناسِ , ومَا مَاتَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إِلَا وَقَدْ أَكْمَلَ اللهُ به النعمةَ , وأتمَّ به المِنَّةَ , وعَلَّمَ به من الجهل , وبصَّرَ به من العَمَى , وأَضَاءَ به الظُّلْمَةَ , وأَزَالَ به الغُمَّةَ , قال اللهُ تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
أيها المؤمنون : انْتَهَى موسمَ الحجِّ وانْقضت قبله خيرُ أيامِ العَامِ وفي ذلك عِبَرٌ وخَبَرٌ ,,, وهذه وقفاتٌ مع تِلْكُمُ الأيامِ , فَهَلْ مِنْ معتبرٍ أو هناك مِنْ مُدَّكِرٍ ؟
الوقفة الأولى : تأمَّلُوا أيها الإخوةُ في مرورِ الأيامِ وفي تَعَاقُبِ الدُّهورِ والأَعْوامِ فَمَا أَنْ تبدأَ سنةٌ حتى تنتهي , وما يَهِلُ هلالُ شهرٍ حتى ينقضي , وما أنْ تطلعَ شمسُ يومٍ حتى تَغيبَ , ومَا يُولدُ من مولودٍ حتى يَكْبُرَ ويَشِيب !!! وفي هذه عبرةٌ لنا بانْقِضَاءِ آجالِنا وانتهاءِ أعمارِنا ! فاسْتعدَّ للقاءِ اللهِ , ومواجهةِ ما قدمت يداك , واستعدَّ لمُفَارِقَةِ الأصدقاءِ والأَصحاب , والبعدِ عن الأهلِ والأحباب , قال الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
الوقفةُ الثانيةُ : مَعَ الطاعاتِ , فإنَّ لها مواسمَ ولها أوقاتٍ تَشْرُفُ فيها ويَعْظُمُ أجرُها , وقد مَرَّتِ العشرُ ثم أيامُ التشريقِ , فَمَنْ كانَ استَغلها غَنِمَ وفَرِح ومَنْ أهملَها وَسَوَّفَ فَاتَتْهُ ولم يربحْ , وربما تَمَنَّى رجوعَها لِيَسْتَغِلَّها ولكنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ !! فمن يدري ؟ فَرُبَّمَا لا تعودُ إِلَّا وَقَدْ وُسِّدَّ الترابَ , أَوْ أصابَهُ مَرَضٌ , أَوْ ابْتُلِيَ بِأَمْرٍ يَصْرفُهُ عن العباداتِ , ويَشْغَلُه عنِ المسارعةِ للخيرات , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِك) رواه الحاكم وصححه هو والألباني .
الوقفةُ الثالثةُ : مَعَ العِبَادَةِ , وذلك أنَّ لها أثراً في القلبِ بِالارْتِيَاح , وأثراً في النفسِ بالانْشِرَاح , ونوراً في الصدرِ , وضياءً في الحشرِ !
قال الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فهذا وَعْدٌ صَادِقٌ مِنْ رَبٍّ كريمٍ ,بأَنَّ المؤمنَ الذي يعملُ الصالحاتِ سواءً كان رجلاً أو امرأةً أنَّ له حياةً طبيةً وعيشةً هَنِيَةً في الدنيا , وأنَّ له الجزاءَ الوافرَ في الدارِ الآخرةِ , فَأَيْنَ مَنْ يَعْمَل ؟ وأَيْنَ مَنْ يُقْبِل ؟ فالعملُ الصالحُ لذةُ الدنيا وأُنْسُها , فَهَلَّا عَرَفْنَا الطريقَ , وهَلَّا أَقَبَلْنا على العملِ وجعلْناه الرفيق ؟ قالَ بعضُ السَّلَفِ : واللهِ لولا الليلُ ما أحببْتُ الحياة ! يعني بذلك : أنَّهُ يَخْلُو بِرَبِّه فيصلي بالليلِ والناسُ نِيَامٌ فَيَأْنَسُ باللهِ ويَجِدُ طَعْمَاً للحياة !!! (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فَيَا مَنْ غَابَتْ عَنْهُ الأَفْرَاح , وفَارَقَهُ الهناءُ وخَسِرَ الأَرْبَاح , تَعالَ إلى لَذَّةِ الدنيا وسعادتِها ! تعالَ إلى العملِ الصالحِ ! تعالِ لِلَذَّةِ الصلاةِ وقُلْ كَمَا قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا) رواه أبو داوود وصححه الألباني !

يَاخادمَ الجسمِ كَمْ تَسْعَى لِرَاحَتِهِ * أَتْعَبْتَ نَفْسَكَ فِيْمَا فِيهِ خُسْرَانُ
أَقْبِلْ على النفسِ واسْتَكْمِلْ فَضَائِلَها * فَأَنْتَ بِالرُوحِ لَابِالجِسْمِ إِنْسَانُ

الوقفةُ الرابعةُ , عَظَمَةُ اللهِ في الحَجِّ : انْظروا أيها المسلمونَ في هؤلاءِ الحَجِيجِ الذينَ جاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق , جَاءُوا مِنْ أقطارِ الدنيا وأطرافِ الأَرْض , جَاءُوا مُلَبِينَ مُكَبْرِينَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ! فَوَ اللهِ لَوْ دَعَاهم مَلِكٌ أو وَزِير أَو غنيٌ أو أمير , لما جاءُوا بِمِثْلِ هذهِ الأَعْدادِ وبِمِثْلِ هذا الإقبال , و بِمِثْلِ هذه التَضْحِيَة !!!
إِنَّهم أَتَوْا لهذهِ الدِّيارِ وقدْ بَذَلُوا الغاليَ والنَّفِيس , جاءُوا بِقلوبٍ يَمْلَؤُها الشَّوْق , وَعيونٍ اغْرَوْرَقَتْ بِالدموعِ , جاءَ الواحدُ منهم وَرُبَّمَا قَدْ باعَ أَثَاثَ بيتهِ وتَركَ أولادَه يَفْتَرِشونَ الأَرضَ , أَوْ ربما ضَيْقَ على نفسهِ وأهلهِ شُهورا ودُهُورَاً لِيُوَفِرَ أُجْرَةَ المَجِيءِ إِلى هَهُنا , فَلِماذا كلُّ هذا ؟ ومَا الذي حَمَلَهُم على ما يَفْعلونَ , ومَنِ الذي دَعاَهم لِمَا يَعْمَلُون ؟ الجواب : ... إِنَّهُ الله ! إِنَّهُ الله ! إِنَّهُ الله !
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق)
فَيَا مَنْ ابْتَعَدَّتَ عَنِ الله , وَيَا مَنْ هَرَبَ مِنْ مَوَلاه , وَيَا من أَسْرَفَتَ أَنْقِذْ نَفْسَكَ وَأَطِعْ رَبَّكَ وَإِلَّا فَوَ اللهِ لَنْ تَجِدَ لَكَ مَكَانَاً مَعَ عِبَادِ اللهِ , فَاللهُ غَنِيٌّ عَنَّا وَلَوْ كَانَ سُبْحَانَهُ فِي حَاجَةٍ – وَحَاشَاهُ - فَعِبَادُهُ كُثِيرٌ , كَثِيرٌ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ ! كَثِيرٌ يُطِيعُونَهُ فَيَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَيَجْتَنِبُونَ نَهْيَهُ وَهُمْ فَرِحِينَ مَسْرُورِينَ ! فَهَيَّا تَعَالَ مَعَهُمْ وَأَقْبِلْ عَلَى رَبَّكَ وَاهْرُبْ مِن الشَّيْطَانِ عَدُوِّي وَعَدُوَّكَ !!!
إِنَّ للهِ عِبَــــــــــاداً فُـــــــطَنَــــــا * طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا
نَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا * أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَــــــــــــــــنَا
جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَــــــــــــذُوا * صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
الْوَفْقَةُ الْخَامِسَةُ : مَاذَا بَعَدَ هَذَا الْمَوْسِمُ ؟ اعْتَادَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الْجِدِّ فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ ثُمَّ الدَّعَةِ والْخُمُولِ بَعْدَ ذَلِكَ , بَلْ رُبَّمَا خَلَّطَ وَقَارَفَ بَعْضَ الْمَعَاصِي بِحُجِّةِ أَنَّهُ قَدَّمَ وَقَدَّمَ , وَهَذَا أَمْرٌ لا يَنْبَغِي , بَل الْمُؤْمِنُ لا يَزَالُ مُسْتَمِرَاً فِي طَاعِةِ اللهِ حَتَّى يَكَونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةُ , ثُمَّ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالخَوَاتِيمِ , فَاحْذَرْ تَسْلَمْ , وَجِدَّ تَغْنَمْ !!! واسْتَمِعْ لِهَذَا الحَدِيثِ : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) مُتَّفَقٌ عَلِيْهِ
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ , والصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ , نَبِيِّنَا مَحَمِّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ البِلادِ كَثِيرَةٌ فَمِنْ نِعْمِةِ إِسْلامٍ وَإِيمَانٍ إِلى نِعْمَةِ أَمْنٍ وَسَلامٍ , وَمِن نِعْمَةَ عَقِيدَةٍ صَحِيحَةٍ قَامَتْ عَلَيْهَا الدَّوْلَةُ وَنَشَأَ عَلَيْهَا الصِّغَارُ وَشَابَ عَلَيْهَا الكِبَارُ , إِلى نِعْمَةِ رَخَاءٍ فِي الاقْتَصَادِ !!! وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ إِلى غَيْرِ بَلَدِنَا مِنْ بُلْدَانِ العَالمَ , لِيَرَى الفَّرْقَ وَيَعْرِفَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ خَيْر ! وَقَدْ قَالَ اللهُ تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) فَنَشْكُرُ اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِه !
وِلِيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّنَا فِي بِلَدِنَا السَّعُودِيَةِ فِي كَمَالٍ وَعَدَمِ نَقْصٍ , كَلَّا بَلِ النقصُ موجودٌ , والشَّرُّ غَيْرُ مَفْقُود , وأَهْلُ الباطلَ كَانُوا ولَا زَالُوا يَكِيدونَ لِهذَا الدِّينِ وأهلِه , ويُغِيظُهم ظهورُ الدينِ وانتشارُ الخيرِ , وبعضُهم مِنْ جِلْدَتِنَا ويتكلمونَ بألسنتِنا ويَنْعمونَ بِخَيْراتِ دَولتِنا
أيُّها الإخوةُ : وإنَّ من الخيرِ الذي تَنْعُمُ به البلادُ في نواحٍ شَتَّى تَمَسُّكُها بِالسُّنَّةِ , ومِنْ ذلكَ مَا حَصَلَ بَعْدَ موتِ الأَميرِ سلطانَ بِنِ عبدِ العزيزِ رِحمهُ اللهُ رَحمةً وَاسِعَةً .
حيثُ إِنَّ جَنَازَتَهُ وَدَفْنَه كانَ على السُّنِّةِ النَّبَوِيَةِ والمِلَّةِ الإِبراهِيمِيَّة , فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طُبُولٌ مُصَاحِبَةٌ , ولَا أَهَازِيجَ مُمَازِجَةٌ , ولم يكنْ ثَمَّ مُنْكرٌ مِنْ رِفْعٍ للقبرِ أو بناءٍ عليه , أَو نَثْرٍ للزِّهورِ فَوْقَه , بَلَ قُبِرَ رحمه اللهُ كَمَا يُقْبَرُ أَدْنَى واحدٍ مِنَ الرَّعِية , وَحُمِلَ عَلى الأَعْنَاقِ كما يُحْمَلُ غَيْرُهُ بِالسَّوِيةِ , بِلْ رُؤُيَ الأُمراءُ والوجهاءُ وَهُم يَحْمِلونَه فَوقَ الأَكتاف , كما يَفْعَلُ غيرُهم مِنَ البُسَطَاءِ والضِّعَاف ! وقد حَصَلَ مثلُ ذلك في جَنَازَةِ الْمَلِكِ فهدِ بنِ عبدِ العزيزِ رحمهُ الله !
وَقَدْ نُقِلَ هذا الْمَشهدُ عَبْرَ مَحَطَّاتِ الإِعْلامِ العَالَمِية وَشُوهِدَ بالوسائلِ الْمَرْئِيَة , فحصلَ بسببِ ذلكَ نفعٌ كبيرٌ وخيرٌ كثيرٌ , لا سِيمَا لِمَنْ كان خارجَ هذهِ البلادِ , فأسلمَ أناسٌ من الكفارِ لَمَّا رأَوا ما عليه أهلُ الإِسلام !!! وتأثرَ كثيرٌ مِنَ المسلمين , حيثُ عَرَفُوا السنةَ من البِدْعَةِ فِي مِثْلِ هذه الأَحْوَال , وعَرفُوا الصوابَ من الخطأِ في نَحو هذهِ الفِعَال , فللهِ الحمدُ والمنة , ونَسْأَلُه عزَّ وجلَّ أَنْ يُتِمَّ علينَا نِعَمَهُ وأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ نِقَمِهِ , ونَسْأَلُه عزَّ وجلَّ أنْ يَغْفِرَ لِفهدٍ وسلطان , ولجميعِ المسلمينَ الأحياءِ منهم والميتين .
اَللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا , وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنا , وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ , اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا , وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا !
الله آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمورِنَا , اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ , اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ , اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ , اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَارًا فَأَرْسِلِ السماءَ عَلينا مِدْرَارا , اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقاً مُجَلِّلاً عَامًا سَحًّا طَبَقًا دَائمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغيثَ ، ولا تجعلْنَا مِنَ القَانطِيِن اللَّهُمَّ سُقْيَا رحمةٍ لَا سُقْيَا عذابٍ ، ولا بَلاءٍ ، ولا هَدْمٍ ولا غَرَق , اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْع ، وأَدِرَّ لَنَا الضَّرْع واسْقِنَا مِنْ بركاتِ السماءِ ، وأَنْزِلْ علينَا مِنْ بَرِكاتِك .
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .

<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: وَقَفَاتٌ اعْتِبَارِيَّةٍ بَعْدَ مَوْسِمِ الحَجِّ عام 1433هـ.pdf&rlm;
: 240.3 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf