أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، و صل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه.
أما بعد :
اطلعت على تفريغ لجلسة مع العلامة الشيخ الألباني رحمه الله بعنوان: ((من بدع المحدثين على المحدثين)) ـ وهو الشريط رقم (852)من سلسلة الهدى والنورـ ، يرد فيه على الشيخ عبد الله السعد من الناحية الحديثية .
وقد رد هذا الأخير في شريط سجل بعنوان ((مناقشة الألباني))، وكان في نظري شديدا في المناقشة، ولم يستوف الكلام على جملة من النقاط المهمة التي تضمنها شريط العلامة الألباني رحمه الله، بالإضافة إلى أنه خرج عن الموضوع حتى تطرق إلى أخطاء الشيخ الألباني في "مسائل الإيمان" وغيرها !
وقد رأيت أن أكتب جملة من الملاحظات التي عنت لي، وأرجو من إخواننا التصويب والإفادة، وسأقتصر من الشريط على المقاطع المهمة –و ربما تصرفت في اللفظ أحيانا- ، ومن أراد الأصل فهو موجود على الشبكة.
وأسأل الله التوفيق.


1.علي حسن : أنا كتبت لعبد الله السعد رسالة أسأله فيها عن منهجه قبل حوالي ثمان سنوات فلم يجبني بجواب من ذلك الحين (...) قبل أربع سنوات بعث لي مع أردني يقول له :"سلم على فلان وقل له : وصلت الرسالة وانتظر شرح المنهج في مقدمة كتاب سينزل في رواية أبي الزبير عن جابر".والكتاب إلى الآن ما نزل
التعليق :
الكتاب هو "منهج المتقدمين في التدليس"، من تأليف ناصر بن حمد الفهد، وقد طبع.

2.السائل: الشيخ سعد الحميد طلب من السعد مجالس فكان يقول: بعد أيام، حتى كتب له كتابات : من من العلماء السابقين قال بهذا المنهج وهذا التفريق ؟ فلم يجبه على هذا أبداً .
الشيخ الألباني :هذا منهجهم هذا جهلهم!!
التعليق :
الإجابة تجدها في مقدمة السعد على كتاب "منهج المتقدمين في التدليس"



3.السائل : عبدالله السعد يحضر عنده فوق المائة فهؤلاء ما ذنبهم أن يسلكوا هذا المنهج الخطر في الحديث .
الشيخ الألباني : أنا كنت سمعت له شريطاً يخاطب هؤلاء الطلبة الذين حوله –وهم بلا شك لا يعلمون شيئاً – بأنه يجب الاهتمام والعناية بنقد المتون ...
نقد المتون بالكاد يستطيع أن ينهض به كبار علماء الحديث ، وهو يذيع هذا بين الطلبة الذين لا يفقهون شيئاً ..
كنا نشكو من الجمود أصبحنا نشكو من الفلتان والانطلاق بدون حدود ولا قيود
التعليق :
رد الشيخ عبد الله السعد بأن جل الذين يحضرون له هم من طلاب العلم ومن أصحاب الدراسات العليا، وليسوا مجرد طلبة من المبتدئين ، هذا من جهة.
ثم إنه ومن يوافقه يعتمدون على كلام الحفاظ في نقد المتون، سواء كانوا من المتقدمين أم من المتأخرين ومنهم ابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله.


4.علي حسن :أقول :أذكر لكم كلمة قبل سنوات ، قلتم :إن التقليد المنضبط خير من الاجتهاد الأهوج
الشيخ الألباني :صحيح .
التعليق :
إي والله، هذا صحيح، ومن التقليد المنضبط الذي هو خير من الاجتهاد الأهوج بلا شك متابعة نقاد الحديث في تصحيحهم وإعلالهم، وعدم الاعتراض عليهم بالبدهيات وبالقواعد المأخوذةمن الأصوليين بدعوى عدم التقليد !

5.السائل: هو له طريقه في النقاش يقول :ما سكت عنه النسائي فهو صحيح؛ ويستدل بعبارة ابن حجر في "نتائج الأفكار" .قلت للشيخ عبدالله السعد : فهل أحاديث الطير [وقد سكت عنها النسائي] من هذا الباب؟ فيقول:"ليس الغالب" ؛ فيعطينا عبارة مطاطة.
التعليق:
وأين العيب في هذا طالما أن الشيخ عبد الله لم يأت بها من كيسه، فهو مسبوق بكلام الحافظ ابن حجر، ومن قبله الخطيب البغدادي وابن السكن، إذ وصفا سنن النسائي بالصحيح، لكن دل التتبع أن هذا ليس على إطلاقه، وأن فيه أحاديث منكرة، ولذلك قيده الشيخ عبد الله بقوله "غالبا".

6.السائل:في الرياض أصبحوا محتارين ينظرون إلى الشيخ وهو يعقد أمالي: حدثتا شيخنا عبدالله بن الصديق الغماري بسنده؛ ثم يسرد –عنده حفظ عجيب-، فيحضر عنده حوالي مائتين لكن شيخنا سعد الحميد ما يحضر عنده إلا عشرة -في المصطلح أنهى "ألفية السيوطي" و"تدريب الراوي حتى "فتح المغيث"- ...أصبحوا محتارين .
نقول :أحضروا المجالس اقرؤوا في "السلسلة" واقرؤوا "فتح المغيث" يقولون :"ما فيه استقراء، ما فيه منهج المتقدمين هذا جمود"
التعليق:
لم يقل الشيخ عبد الله السعد بعدم الاستفادة كتب المصطلح، وإنما قال –كما في شريطه "مقدمة في علوم الحديث"-أن هذه كتب ينبغي أن تدرس في البداية (وخاصة "النخبة" و"الموقظة")، لكن على الطالب ألا ينفق جل وقته فيها، بل عليه أن ينتقل إلى الكتب المهمة التي تعتني ببيان طريقة الأئمة في النقد من مثل "النكت" لابن حجر، و"شرح العلل" لابن رجب، وعليه أيضا أن يدرس كتب التخريج من مثل "نصب الراية" للزيلعي، و"تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي. هذا فيما يتعلق بالشيخ عبد الله .
فإن أتينا إلى غيره نجد أنهم شرحوا عدة كتب في المصطلح:
-فالشيخ حاتم العوني: درس"التذكرة" لابن الملقن، و"النزهة" لابن حجر، و"المقدمة" لابن الصلاح، و"الموقظة" للذهبي
-والشيخ إبراهيم اللاحم : درس "النخبة" و"اختصار علوم الحديث" و"الموقظة"،
-والشيخ طارق عوض الله: درس هذه الكتب أيضا، و درس معها "ألفية السيوطي" وغيرها !.

7.علي حسن : كلمة دعوى الاستقراء والسبر في هذه الأزمان المتأخرة التي لا يوجد بين أيدي أهل الحديث المشتغلين به سوى النزر اليسير كيف يستطيعون أن يطلقوا ألسنتهم بكلمة الإستقراء والتتبع والسبر؟.
الشيخ الألباني :الأهواء تعمي وتصم ؛الأهواء والجهل ..قلت: مشكلتكم أن كل من تكلم ظننتم فيه أنه عالم يا أخي لاتهتموا بكل من يتكلم.
التعليق :
إن كان المراد من هذا الكلام إغلاق باب التتبع والمقارنة للوصول إلى نتائج أدق في معرفة مناهج الحفاظ، -وكذا ترجيح بعض الآراء المبثوثة في كتب علوم الحديث على بعض-، فلا شك أنه غير صحيح
والشيخ الألباني نفسه استعمل التتبع في مواضع.
-فمن ذلك قوله في كتابه "تمام المنة": "وإن مما يجب التنبيه عليه أيضا أنه ينبغي أن يضم إلى ما ذكره المعلمي أمر آخر هام عرفته بالممارسة لهذا العلم قل من نبه عليه وغفل عنه جماهير الطلاب وهو أن من وثقه ابن حبان وقد روى عنه جمع من الثقات ولم يأت بما ينكر عليه فهو صدوق يحتج به"
-وقوله أيضا : "والخلاصة : أن المؤلف - عفا الله عنا وعنه - لم يستفد شيئا من النقول المتضاربة التي نقلها عن الأئمة في يونس بن بكير هذا ولا هو بين وجه اختياره تضعيفه إياه تقليدا لابن حجر في " التقريب " على أن قوله فيه : " صدوق يخطئ " ليس نصا في تضعيفه للراوي به فإننا نعرف بالممارسة والتتبع أنه كثيرا ما يحسن حديث من قال فيه مثل هذه الكلمة"


8.السائل :أثبت الشيخ سعد الحميد أن فكر "المتقدمين والمتأخرين" منطلق من مكة، فكل من أتى بهذا المنهج كانت له دراسة مسبقه في مكة ، الآن كتب المليباري في الرياض مجرد ما تنزل تنفذ النسخ في أربعة أيام . حمزة المليباري الظاهر أنه عالم من الهند مقيم في الجزائر ، كان مدرسا في دار الحديث في مكة .
التعليق:

فكان ماذا ؟ !الحق حق، سواء انطلق من مكة أم من غيرها.
وعلى كل، هذه الدعوة نابعة ـ في الأصل ـ من كلام جماعة من الأئمة كابن القيم، وابن رجب، وابن عبد الهادي...ومن المعاصرين المعلمي اليماني -رحمه الله-، فكل واحد منهم كان له دور مهم في التنبيه على بعض المسالك المخالفة لطريقة أئمة هذا الشأن .
ومن جاء من بعدهم من المعاصرين لم يكن له -في الغالب- إلا صياغة كلامهم صياغة جديدة ، وتوضيح بعض المسائل عن طريق تتبع كلام الأئمة، وفي الرسائل العلمية الصادرة من جامعة "محمد بن سعود" وجامعة "أم القرى" نماذج طيبة.
والدكتور "حمزة المليباري" مجرد باحث، له ما له وعليه ما عليه، وبعض من يوافقه في الطرح يخالفه في جملة من المسائل.
ودونك مثلا :
- مسألة "السند المعنعن" (أثنى فيها على كتاب"إجماع المحدثين" للعوني، والكتاب رد عليه الشيخ إبراهيم اللاحم)،
-ومسألة "ترتيب الإمام مسلم لصحيحه" وأنه يجعل الروايات المعلة في آخر الباب (خالفه الشيخ عبد الله السعد، والشيخ حاتم العوني)

9.الشيخ الألباني :
هو مستنسخ أشرطة أحد الدعاة إلى هذا المنهج المنحرف ! الشيخ عبدالله السعد –من انحرافه أولاً في هذا العلم،وعدم وضع الشيء في محله ثانياً – يلقن الطلاب الذين يحضرون حلقته بأنه ينبغي ألا نقتصر على نقد الأحاديث من أسانيدها وإنما يجب أن ننقدها بمتونها أيضاً، هذا تخريب للشرع ! هذا منهج الماديين أوالعلمانيين،
التعليق :
تقدم الرد على هذا الكلام ،
ومسألة "نقد المتون" مسلمة لا يمكن لأحد أن يجادل فيها، وكفى بما يذكر في "علوم الحديث" من اشتراط انتفاء الشذوذ والعلة في المتن -وكذا في السند- دليلا على أهميتها.
والمراد بنقد المتن: عرضه على النصوص والقواعد الشرعية الراسية كالجبال، فإن أمكن التأليف بينه وبينها بمسلك من المسالك المعتبرة عند أهل العلم قبل وإلا رد، بخلاف طريقة الماديين أوالعلمانيين الذين يعرضون المتن على أهوائهم وخيالاتهم !
قال الشيخ عبد الله السعد في "شرح الموقظة": ((وليحذر المتكلم في هذا الفن أن يرد المتون بعقله المجرد، وإنما بما دل عليه الكتاب والسنة فعندما نجد خبراً يخالف صريح القرآن والسنة فهذا يدل على عدم استقامة هذا الخبر وأن روايه قد وهم وغالباً، ولهذا لابد أن تكون هناك علة في السند تكتشف بعدم استقامة المتن)).


10.الشيخ الألباني : نحن لا نشك أن كبار أئمة الحديث كانوا ينقدون المتون لكن كان عندهم قدرات وعندهم مبررات، فوين كان هو -ولا غيره-من الناشئين اليوم ، فكيف يلقن هؤلاء المبتدئون مثل هذا الهدم الصريح للسنة، نقد المتون ، وهو أنكر أحاديث صحيحة يعني من الطريقه هذه.
التعليق:
الشيخ يقر هنا بمسلك نقد المتون، وإذن فما الذي يعاب على الشيخ عبد الله السعد الذي يقول بأن نقد المتون من منهج الأئمة الحفاظ، والذي إذا نقد متنا فالغالب عليه أنه يبين من سبقه إليه من الأئمة، كما أنه يتبرأ من طريقة العقلانيين –كما تقدم آنفا-؟!
وأما الشيخ الألباني رحمه الله فكان اهتمامه ينصب على الأسانيد -غالبا- حتى وقع في تصحيح بعض المتون المنكرة ، نبه على هذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما نقله صاحب كتاب "حياة الألباني" (وليس هذا طعنا في الشيخ البتة، ويكفيه شرفا ما قدم من خدمة لجليلة لعلوم السنة).
هذا، وقول الشيخ الألباني : ((وهو أنكر أحاديث صحيحة -يعني من الطريقةهذه-))
لا يقدم ولا يؤخر طالما أن تصحيح تلك الأحاديث ليس أمرا مجمعا عليه، فإن التصحيح والتضعيف من مسائل الاجتهاد، ولا زال العلماء يختلفون ويرد بعضهم على بعض في هذا الباب،

والشيخ الألباني رحمه الله قد ضعف أحاديث هي صحيحة عند بعض الحفاظ وبعض أقرانه، ولك أن تنظر مثلا فيما سطره الشيخ عبد الله الدويش في تعقباته عليه.
فالعبرة -في الأخير- إنما هي بالحجة والبرهان.

11.السائل : عندنا بعض الأسئلة لتوضيح هذه المسألة ،خصوصاً الآن في الرياض هم الذين يتبنون هذا المنهج فأوردنا بعض الأسئلة ومنها أسئلة الشيخ سعد قال اعرضوها على الشيخ ناصر.
س1:لا يخفى على فضيلتكم ما يتردد في أوساط طلبة علم الحديث في هذا الزمن من إثارة لما يسمى "منهج المتقدمين والمتأخرين "
هل تعلمون أحداً أثار هذه الدعوى من العلماء السابقين ؟
الشيخ الألباني:جوابي على ذلك :لا ، بل أعتقد أن هذا التفريق هو مما يدخل في عموم قوله –عليه الصلاة والسلام –"كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار "ولست أعني أنها بدعة مجرد أنه أمر حادث لأن هذا المعنى المحدد ليس هو المقصود من هذا الحديث وأمثاله، وإنما المقصود: المحدثة التي يتقرب بها المحدث إلى الله تبارك وتعالى ،فمن هذه الحيثيه هذه بدعة ضلالة ،....
فهم حينما يفرقون بين علماء الحديث المتقدمين وعلماء الحديث المتأخرين أحدثوا شيئاً لا يعرفه أهل الحديث إطلاقاً، ولو أنهم وقفوا عند هذا الإحداث فقط لربما كان الخطب سهلاً لكنهم أضافوا إلى ذلك أنهم يتقربون بهذا الإحداث إلى الله،
ثم زادوا كما يقال" في الطين بلة " أنهم يخربون السنة ويقضون عليها بمثل هذا التفريق.
ثم مما لا شك فيه أن هذا التقسيم مجرد خاطرة خطرت في بال أحدهم
التعليق:
هذا مجرد اصطلاح، وقد تقرر أنه "لا مشاحة في الاصطلاح" -طبعا بعد فهم المعنى- .
وإلا أمكن قائلا أن يقول في تقسيم التوحيد إلى أقسام ثلاثة : الصحابة والتابعون لم يعرفوا ذلك ، وإنما أحدثه المتأخرون، وتقربوا به إلى الله، فهو بدعة !!
وينظر ما كتبه الشيخ عبد الله السعد في مقدمته على كتاب التدليس لحمد الفهد.
وأما "تخريب السنة، والقضاء عليها"، فما ظهر لي وجد ذلك ،
اللهم إلا أن يقال أن المدسوسين قد يدخلون إلى تخريب السنة من باب "نقد المتون" ، ولكن كون أغراضهم فاسدة لا يخول لنا بحال إغلاق هذا الباب العظيم مطلقا وإنما يجب مقارعة شبههم ودحضها بالعلم. والله أعلم.


12-فالمقصود :أن هذا التقسيم لا سبيل إلى وضع حدود له فمن هم علماء الحديث القدامى ومن هم المحدَثون-منهم من بعدهم -.
أظن أني سمعت شريطاً لهذا–وهذا من سنينيجعل الإمام الدارقطني هو كذلك
السائل :أوردنا عليه هذا السؤال فقال :أنا لم أقل كذا.
الشيخ الألباني: أيش قال ؟
السائل :قال :أنا أقول : الغالب أن من أتى بعد الدارقطني .
الشيخ الألباني:شوف الكلمات هذه!!
التعليق:
ليست القضية في الفارق الزمني -كما يذهب إليه بعضهم- بقدر ما هي في التعامل مع بعض المسائل الحديثية كالتدليس والجهالة والتفرد ونحوها، فمن كان فيها على طريقة أئمة العلل :ابن المديني وأحمد والبخاري وأبي زرعة والنسائي ونظرائهم فهو على منهج المتقدمين -وإن تأخر زمنا-، بخلاف من لفق بين طريقتهم وطريقة الفقهاء ، فهو على منهج المتأخرين -وإن تقدم زمنا-،

هذا ما يقوله بعض أصحاب هذه الدعوة ، والله أعلم.

13-السائل :المليباري ،إضافة على التقسيم يفرق يقول :التقسيم الصحيح ليس ثلاثمائه، التقسيم الصحيح أن نقول :هناك مرحلة الرواية وهناك مرحلة ما بعد الروايه ،
مرحلة الرواية :هي ما تسمى بالمتقدمين الآن ،أما مرحلة ما بعد الروايه :فهي مرحلة إلى من بعد القرن السادس وهكذا التي قعدوا ما حفظوا اولئك في المرحلة الأولى .
الشيخ الألباني :لاحول ولاقوة إلا بالله ،يعني :أيش معنى هذا علم الحديث والمصطلح قضي عليه!!
التعليق:
لا يعني هذا القضاء على المصطلح على الإطلاق، بل هو دعوة إلى تصحيح المسار الذي وقع فيه كثير من المشتغلين بالحديث، فإنهم جعلوا القواعد مطردة ولم يلتفتوا إلى القرائن، كما اعتمدوا جملة من القواعد المخالفة لما عليه العمل عند أئمة الحديث.





14-السائل: هو يجعل الفرق أن من أتى بعد بعد الدارقطني -في الغالب- تغير المنهج ،ثم يقول:من الخطيب البغدادي وبعده تغير المنهج الصحيح لعلم الحديث في "الكفايه"
ثم يقول :منهج الخطيب في "الكفايه" على منهج المتأخرين ،أما في الزيادة وما يتعلق بها –وهذه مخطوطة لم تخرج بعد- فقد سار فيها على طريقة المتقدمين.
الشيخ الألباني :أعوذ بالله ! يعني :معنى هذا الكلام أن الرجل أحاط بعلم المتقدمين وعلم المتأخرين في الحديث ثم استطاع أن يميز المتقدم من المتأخر،هو بالكاد أن يحيط علماً بما سطر في كتاب المتأخرين فضلاً عن أن يحيط بعلم المتقدمين المبثوث الموزع في عشرات الكتب .
التعليق :
الكلام الذي ذكره السائل نقلا عن المليباري إنما هو كلام الحافظ ابن رجب في شرحه على "علل الترمذي"، وهو من هو في الإطلاع على علوم المتقدمين ، ولا "عطر بعد عروس".


15-السائل :هل هناك مسألة علمية أخذ بها المتأخر لم يقل بها من المتقدمين أحد أعني في علم الحديث ؟
الشيخ الألباني: لا أعتقد أنه يوجد شيء من هذا ، هذا علمي، لكني ل اأستبعد أن يكون هناك قول قديم أخذ به بعض المتأخرين مرجحين له على غيره، هذا ممكن ، ...وكما أنه لا يجوز أن يتبنى الفقيه حقاً في هذا الزمان قولاً محدثاً لم يسبق إليه من أحد الأئمة المتقدمين كذلك لا يجوز لمن كان عالماً بعلم الحديث أن يتبنى رأياً جديداً لم يسبق إليه من أحد من العلماء المتقدمين ،كل ما يجوز لهؤلاء و هؤلاء هو أن يرجحوا أو يتبنوا رأيا ًمن رأيين أو أكثر أما أن يبتدعوا فلا .
التعليق:
هذا ما يدعو إليه القوم: إعادة النظر في جملة من القواعد المسطرة في كتب المصطلح، لتمييز ما يتفق منها مع طريقة أئمة الحديث الأوائل فيعتمد في النقد، وما هو مأخوذ من كتب الأصوليين ـ أو هو تلفيق بين الطريقتين ـ فينبذ.
وقد كان بعض الحفاظ المتأخرين كابن رجب والذهبي وابن حجر "قنطرة مهمة" في وصول كثير من آراء المتقدمين إلينا -كما يقول الشيخ إبراهيم اللاحم- .
هذا، ولا أعلم عن القوم أنهم أتوا بقواعد لم يسبقوا إليها وإن تبنى بعضهم آراء مرجوحة (ومن ذلك إنكار عمرو عبد المنعم سليم لتقوية الضعيف بمثله، على طريقة ابن حزم)،
وجل ما يتكلمون عليه من القواعد المتعلقة بالتفرد والشذوذ -والعلل عموما- والتدليس والجهالة وتقوية الأخبار لا يخرج غالبا عن كتب ابن رجب والذهبي و ابن حجر و المعلمي !

16-السائل:الفقرة الثالثة من القضايا العلمية التي تثار الدعوى فيها على أن فيها فرقاً بين المتقدمين والمتأخرين ما يلي(التدليس-الاختلاف – تحسين الأحاديث- الشذوذ-النكارة – زيادة الثقة-التفرد-تعليل الأئمة للأحاديث التي ظاهرها الصحة)
فمثلاً:يرون أن من وصف بالتدليس لا يتوقف عن حديث رواه بالعنعنه إلا إذا كان هناك ما يدل على أن المدلس أسقط منه الواسطة ويستدلون بعبارة نقلت عن يعقوب بن سفيان ويحيى بن معين في هذا فما رأيكم ؟ وشبيه بذلك من وصف بالاختلاط أو التغير كأبي إسحاق السبيعي ؟
الشيخ الألباني : ليس لنا رأي محدث بطبيعة الحال فنحن مع العلم المسجل في علم المصطلح ولا أكثر من ذلك .
التعليق :
طريقة التعامل مع الموصفين بالتدليس ليست محل اتفاق بين الأئمة فضلا على المعاصرين،
ولئن كان بعض من ينتسب إلى منهج المتقدمين –كالشيخ عبد العزيز الطريفي والشيخ سليمان العلوان- يقول بما ذكره السائل (وهو قول لبعض الحفاظ أيضا)، فإن غيرهم على خلافه :
فالشيخ طارق عوض الله وجماعة سواه يسيرون في الجملة على ما قرر في كتب المصطلح.
ويبقى إنزال المدلسين في الطبقات المعروفة محل اجتهاد.
ولك أن تنظر وتقارن مثلا بين تصنيف العلائي و تصنيف ابن حجر لبعض الرواة المدلسين ، بل إن ابن حجر قد تغير اجتهاده في بعض الرواة بين كتابيه "النكت" و "طبقات المدلسين"، فما بالك بمن هو دونهم ؟!
وأما قضية الاختلاط: فلازال حفاظ الحديث بما فيهم المتأخرون- يفرقون بين الاختلاط الفاحش الذي يضعف فيه حديث الراوي والاختلاط اليسير -أو ما يسمى بـ"التغير"- الذي لا يرد به حديث الراوي أصالة .وتبقى القضية في تحديد نوع الاختلاط الذي وصف به الراوي، و هذا محل نظر واجتهاد أيضا.
ولنأخذ أبا إسحاق السبيعي كمثال :
فإن الشيخ عبد الله السعد يرفض كونه من المختلطين، ويعد اختلاطه من النوع غير المؤثر وفاقا للحافظ الذهبي رحمه الله.

بينما نجد الدكتور بشير علي عمر في كتابه "منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث" ينتصر للقول بأنه اختلاطه من النوع المؤثر!

وعلى هذا تقاس بقية الأمثلة.


17-السائل : هم يقولون لماذا نرد كل من عنعن من المدلسين ؟ لماذا نقبل كل من تفرد؟.
التعليق :
يقول السائل هذا على لسان القوم وكأنهم أحدثوا قولا جديدا ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على غفلة السائل أو جهله بالصناعة الحديثية،
فلم يكن من منهج الحفاظ المتقدمين رد كل من عنعن من المدلسين، -كما بينه ابن رجب وغيره-
وإن كان السائل ممن يقول بخلافه فليجبنا إذن عن الفائدة من تقسيم المدلسين إلى طبقات وإفرادهم بالتصنيف كما فعل الحافظ ابن حجر رحمه الله وغيره!

وليجبنا عن تعامل الشيخ الألباني مع بعض المدلسين حيث قبل عنعنتهم !!
وأما قضية التفرد وأنه لم يكن من منهج الحفاظ قبول كل من تفرد، فهذه قد بينها أيضا الحافظ ابن رجب رحمه الله في "شرح العلل" ،

(وينظر ما كتبه الشيخ طارق عوض في شرح "لغة المحدث" حول قرائن الإعلال بالتفرد، وفي الباب دراسات مفردة).

18-الشيخ الألباني :هل يقولون بالحديث الحسن ؟
السائل:إي نعم يا شيخ يقولون بالحديث الحسن .
الشيخ الألباني : ما معنى الحديث الحسن ،هل هو كالحديث الصحيح ،هو دونه عندنا ، وعندهم كذلك ؟
السائل :عندهم مسمى بالصحيح.
الشيخ الألباني : بارك الله فيك ما يهمنا الآن التسمية ، فبالاصطلاح القديم كل حديث يحتج به فهو صحيح ويدخل تحته الحسن لكن من جاء بعدهم ليكون تعبيرهم دقيقاً قالوا "صحيح" وقالوا "حسن" ،لكن الحديث الحسن في واقعه معرض لأن يحشر في زمرة الحديث الضعيف أكثر من الحديث الصحيح ،
هنا يقال لهم :لماذا تنقدون الحديث الحسن مع أنه دون الصحيح ؟
فالذي يدلس مثلاً فيتتبع حديثه فقد يرد إذا لم يوجد مثلاً له تصريف و تعزيز أو لم يكن له شاهد يقويه ،فهم يريدون المسألة تكون جامدة ما فيها مرونة ،هذا من جهلهم -في الواقع- .
التعليق :
لم يظهر لي وجه اعتراض الشيخ هنا، لكن يقال بيانا للقضية:
إن الحسن له إطلاقات متعددة عند الأئمة فقد أطلقوه على الصحيح، و على الغريب، وعلى جزالة المتن ، وعلى حديث من خف ضبطه إذا تفرد

(ينظر ما كتبه الدكتور خالد الدريس في دراسته الاستقرائية عن الحديث الحسن). والمتأخرون يخصون الحسن بهذا النوع الأخير.
وأما القائلون بـ"منهج المتقدمين"، فيراعون هذه المعاني كلها عند النظر في قول الأئمة "حسن"، كما أنهم يقبلون بالحديث الحسن بالمعنى الاصطلاحي إذا كان تفرد راويه محتملا، ويردونه إذا كان غير محتمل،
وقد يحصل بينهم -كما يحصل بين الأئمة- اختلاف في هذا تبعا للاختلاف في حال الراوي و مدى أهليته للتفرد بالرواية محل الدراسة.
وخذ مثالا على ذلك :
حديث "قراءة الكرسي دبر الصلوات المكتوبة" الذي يرويه محمد بن حمير عن يزيد الألهاني عن أبي أمامة
فمحمد بن حمير في مرتبة من يحسن حديثه ،

وحديثه هذا ضعفه المعلمي ، ومحمد عمرو عبد اللطيف
بينما قبله العلوان والعوني بناء على أن المتن ليس أصلا من الأصول ، وأن التفرد هنا محتمل.



19-السائل:
س2: ما رأيك في سبر أحوال الرواة عن طريق تتبع مروياتهم للحكم عليهم بحكم قد يوافق قول بعض الأئمة في ذلك الرجل وقد يخالفه وبالذات الرواة المختلف فيهم ونحوهم كشريك القاضي ،وإذا ما سبرت مروياته وتتبعت ورأينا أنه حسن الحديث وهكذا ؟
الشيخ الألباني : لاأرى مانعاً من هذا التتبع بل هو بلا شك يفيد مادام منضبطاً ومقيداً بالقيد المذكور فيه، أي:بشرط ألا يخرج عن قول من أقوال الأئمة المتقدمين
التعليق :
هذا موافق لما ذكره الشيخ عبد الله السعد في شريط "قواعد في الجرح والتعديل"، وكذا ما ذكره الشيخ حاتم العوني في كتابه "خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل".

20-السائل :
س3:قضية التحسين
هناك من يرى أنها ليست حكماً على السند من حيث النظر في ثقة الرجال واتصاله ولكنها تعني صلاحيته للعمل أو جريان العمل عليه مع كونه منحطاً عن رتبة الصحيح إلى الضعيف ضعفاً محتملاً، وربما قصد بالتحسين الغرابة والتفرد
وهناك من يرى أن الحسن لغيره وقبول الحديث بمجموع طرقه إنما نشأ عند المتأخرين فنرجو التفصيل في هذا ؟
الشيخ الألباني :التفصيل الآن لا مجال فيه لكن نقول هذا الذي يقول هذا الكلام –وأنا لا أدري من هو القائل – إنما يهرف بما لايعرف،
الحديث الحسن عند علماء الحديث معروف وأنه ما توفر فيه كل شروط الحديث الصحيح إلا أن أحد رواته خف ضبطه ،هذا هو الحديث الحسن ،
كان على الشيخ رحمه الله أن يقيد هذا بقوله "فيما استقر عليه الاصطلاح"،
فلا يمكن القول أن علماء الحديث اتفقوا على هذا التعريف، ويكفي لبيان اختلافهم ما ذكره ابن الصلاح من تعريف الترمذي وتعريف الخطابي وتعريف ابن الجوزي، وتعريفه هو !!
وأما قضية إنكار الحديث الحسن لغيره :فقد تفرد بها عمرو عبد المنعم سليم، وقد قال بها أيضا الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ثم تراجع عنها -فيما أظن-
وأما غيرهم -من دعاة هذا المنهج- فقد قالوا بتقوية الضعيف بمثله وإن اختلفوا في بعض التفصيلات ، ومنهم المليباري وعبد الله السعد وسليمان العلوان وطارق عوض الله وغيرهم.
وأقتصر في هذا المقام على كلام الشيخ عبد الله السعد، حيث قال كما في "لقائه بملتقى أهل الحديث" :(( فأيضاً هذه قضية مهمة عند من تقدم من أهل الحديث، وأيضاً مما خالف فيه من تأخر هو في مسألة تقوية الخبر فأيضاً في هذه المسألة طرفان ووسط:
هناك من لا يقوي الخبر مهما تعددت طرقه وممن يذهب إلى هذا أبو محمد بن حزم رحمة الله عليه
وهناك من يتوسع في تقوية الخبر، مثل السيوطي وكثير ممن سار على طريقته ممن تأخر
بينما مذهب من تقدم أنهم يقوون الخبر بتعدد أسانيده ولكن لهم شروط و هذا القول ليس على إطلاقه ....)) إلى أن قال: ((والمذهب الوسط هو مذهب من تقدم أنه إذا كان الإسناد فيه قوة ليس بشديد الضعف وجاء من طرق أخرى نعم هنا يتقوى هذا الخبر
يعني مثلاً ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال عن معاذ بن جبل قال يحشر أمام العلماء برتوه أي بخطوة وهذا جاء من أربعة مراسيل بعضها يعضد البعض الآخر.
ومثل أيضاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في كتاب حكيم بن حزام (أن لا يمس القرآن إلا طاهرا) هذا جاء بأسانيد متعددة مرسلة ومعضلة وبعضها يقوي البعض الآخر، فأقول ينبغي الانتباه إلى مثل هذا)). انتهى كلامه.

21-قال الشيخ الألباني : وقولهم "يطلق الحسن على الحديث الغريب" ، العكس هو الصواب ، قد يطلق الغريب على الحديث الحسن بل وعلى الحديث الصحيح أيضاً لأن علماء الحديث يقولون "الغرابة قد تجامع الصحة والحسن" .
التعليق :
لم يدل الشيخ بحجة ناهضة على تخطئة العبارة الثانية، وما ذكره من أن الغريب يطلق على الحسن ويطلق على الصحيح لا ينافي إطلاق الحسن على الغريب أيضا .
و للعلم، فقد نص على العبارة المذكورة بعض الحفاظ المتأخرين كالزركشي وابن الملقن حيث قالوا (من الحفاظ من يعبر بالحسن عن الغريب والمنكر) . (ينظر "نكت الزركشي" و"المقنع").


22-قال الشيخ الألباني : وحينذاك ننظر في المتفرد أهو ثقة قلنا حديثه صحيح ،أهو دون الثقة ضبطاً قلنا حديثه حسن ، أهو ضعيف الحفظ ، الحديث حينذاك ضعيف
التعليق :
لا يكفي النظر في حال الراوي فحسب، بل لا بد من النظر إلى ما يحتف بالرواية من القرائن، لأن التفرد من وسائل الكشف عن العلة، والثقة الحافظ ليس من شرطه أن يعرى عن الخطأ، فمن دونه من باب أولى. وكذلك الضعيف، ليس من شرطه ألا يصيب أبدا، فقد يكون متخصصا في أحاديث شيخ أو في أبواب معين وعليه، لا بد أن يتأنى وينظر في القرائن قبل الحكم على الرواية، والله أعلم.

23-قال الشيخ الألباني : والمهم أن هذا كله نابع من معين عكر..، لأنه لا يتعرف على المصطلح ،
فالحديث الصحيح ينقسم لذاته ولغيره،والحسن –أيضاً-لذاته ولغيره فقد يكون الحديث أرادوا يقول: الحسن بمجموع طرقه هذا يكون أحياناً ،لكن الحديث الحسن إذا أطلق فالمقصود حديث حسن لذاته
ولذلك فالإمام الترمذي قد أشاع تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن في كتابه السنن ،
لكنه فرق بين الحديث الحسن لذاته والحسن لغيره فيقول في الحديث الحسن لذاته حديث حسن غريب ،أما إذا كان الحديث حسناً لغيره فلا يقول غريب يقول حديث حسن ،أي: أنه تقوى بمجموع طرقه
التعليق :
الأهم إنما هو الناحية العملية. وكثير من علماء الحديث لم يكونوا يقسمون الصحيح والحسن إلى هذه الأقسام ويسمونها بهذه الأسماء، والخطب في المصطلحات –بعد تحرير معانيها- هين.
وأما قول الشيخ أن الترمذي يقصد بـ"الحسن الغريب" الحسن لذاته الذي استقر عليه الاصطلاح -وبه يقول أيضا الشيخ حاتم العوني-، فليس مسلما له، وقد أعل الترمذي رحمه الله جملة من الأحاديث التي وصفها بذلك.
فالأقرب أن يكون معنى "الحسن" أن المتن غير شاذ، له ما يشهد لمعناه من النصوص أو عمل الصحابة، وتبقى الغرابة على بابها، وهي قرينة على التعليل في الغالب، والله أعلم

هذا ما عندي في الباب، والله أعلم بالصواب.
أرجو من الإخوة إبداء ملاحظاتهم.