النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: تربية الطفل في العصور القديمة

  1. #1

    مراقبة

    الصورة الرمزية لمياء الديوان
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    العراق -
    المشاركات
    10,059

    تربية الطفل في العصور القديمة

    /
    /
    /
    /


    كانت التربية في الثقافات القديمة آلية تدريجية هدفها تمكين الطفل من العيش مع جماعته؛ وبذلك كانت تربية غير مقصودة، تتم بمشاركة الوالدين والأقارب، فالحاجة الطبيعية عندهم لا تدعو إلا إلى ما يُلقنه الأهل إلى أطفالهم، فيلاحظ هؤلاء الصغار من أعمال ذويهم؛ فيتعلمون ما يؤهلهم ليكونوا أعضاء مقبولين في المجتمع.
    الظاهر أن المدارس ـ بشكلها النظامي ـ ظهرت في وقت من التطور الثقافي تحتم فيه نقل التراث المكتوب إلى الأجيال الآتية، وكان فيه تعلم الكتابة أمراً ضرورياً، ويلوح أن هذه المدارس كانت مقصورة على فئات خاصة، أما الأغلبية فكانت الحياة مدرستهم والخبرة معلمهم وحواسهم أدوات العلم، وما أروع تلك المناهج التي تعلموها؛ فهي فعلاً من البيئة في محتواها وطرائقها، وقد كان الأطفال يُقبلون عليها بشوق لأن ما يتعلمونه كان محسوساً مفيداً وهادفاً. (118: 1983:ص 65).
    يشمل هذا المحور التربية في عدد من الأمم السابقة، وهي: (بلاد الرافدين ومصر القديمة- الصين- اليونان- الرومان).
    أ) تربية الطفل في بلاد الرافدين: ليس بمستغرب على حضارةٍ عرفت أول مدرسة في تاريخ الإنسانية ـ وكانت تسمى " بيت الألواح " (Edlippa) ـ أن تخص الطفولة بالاهتمام الكبير، إذ تشير النصوص الأثرية أن الحضارة السومرية و الآشورية و الآكدية و البابلية خاصة عرفت العديد من ملامح الاهتمام بالطفولة في قوانينها، ويكفي النظر إلى قانون (حمورابي) الصادر في القرن (18 ق.م) حيث يتضمن العديد من المضامين التربوية والحقوق القانونية لحق الطفل في الحياة، والرضاعة، والميراث، والتربية والتعليم، ويمكن إيجاز ملامح النظرة التربوية لحضارة وادي الرافدين للطفولة بما يأتي:

    1. التربية هي الوسيلة الفعالة لتنشئة الطفل في ظل أسرة متماسكة.
    2. حق الطفل في الميراث لتأمين متطلبات حياته.
    3. التأمين القانوني لحقوق اليتيم من الناحية المالية.
    4. الاهتمام بالأم وضمان حقوقها، ومحاسبة المعتدين عليها، خاصة الحامل للحفاظ على صحة الجنين. (116: 1990: ص 36)
    ب ) تربية الطفل في مصر القديمة: كانت الأسرة في مصر القديمة هي المسئولة عن تربية الطفل في سنواته الأولى، حيث تقوم بالتنشئة الاجتماعية له، وتعليمه المشي، والكلام، وطريقة الأكل، وبعض المبادئ الدينية و الخلقية الأخرى. وقد عرف الأطفال اللُّعَب؛ وكان للبنات الدُمى وللأولاد لُعَبٌ على شكل التمساح، و يظل الأطفال في حضانة أسرهم حتى سن الخامسة فيدخلون المدرسة فيتعلمون مبادئ الكتابة والحساب والقراءة. (118: 1983: ص110).
    وكان الفراعنة يعلمون أطفالهم الحكمة، و الفضيلة، والطاعة، عن طريق احترامه لمعلميهم، والانصياع لأوامرهم، والالتزام بما يتعلموه، حتى يكتسبوا القيم الخلقية والاجتماعية، وكان العقاب أمراً مألوفاً في تربية الطفل عندهم إذا ما أساء الأدب. (52: 1979: ص 138)
    و يمكن تلخيص أهم ملامح النظرية التربوية للطفل في وادي النيل بما يأتي:
    1. الأسرة هي المسؤولة عن تربية الطفل في السنوات الأولى من حياته.
    2. صياغة الطفل وتشكيله مثل الأواني الفخارية.
    3. الاعتماد على العقاب لفرض الطاعة والانقياد.
    4. الاهتمام بالناحية الخلقية والكتابة والقراءة والحساب والموسيقى و اللعب. (116: 1990: ص 40)
    أخي لن تنال العلم إلا بستـة
    سأنبيك عن تأويلها ببيـان
    ذكاء.. وحرص ... واجتهاد وبُلغة
    وصحبة أستاذ.... وطول زمان

  2. #2

    مراقبة

    الصورة الرمزية لمياء الديوان
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    العراق -
    المشاركات
    10,059
    جـ). تربية الطفل في الصين القديمة: كانت الأسرة الصينية هي المسؤولة عن تطبيق تعليمات ومبادئ تربية الأطفال قبل ذهابهم إلى المدرسة، عن طريق تلقينهم العقائد الدينية، وتبجيل الآباء، وطاعتهم وخدمتهم، وإذا ما أخذ الطفل طريقه للمدرسة؛ فإنه يخضع لنظام صارم، فيحضر مع مطلع الشمس، ويدرس حتى مغيبها؛ ليتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وشيئاً من كتابات (كنفوشيوس)* وبعض الشعر، وكانت اللغة التعليمية لغة ميتة، ليست لها علاقة بما هو خارج المدرسة، خاصة وأن المعلم كان يلجأ إلى تحفيظهم عن ظهر قلب وملوحاً بالعصا دائماً. (36: 1981: ص 100).
    ومما يلاحظ أيضاً أن التربية الصينية للطفولة اتسمت بالمحدودية؛ إذ توجهها التقاليد المتوارثة، ولا تُكوّن لدى الطفل المرح والسعادة الطفولية والتلقائية في التعبير، كما أنها لم تكن تبعث على التربية الجسمية، والوجدانية، و الفنية، واستمتاع الطفل باللعب والترفيه، وإنما تتسم بالجدية وعدم اللهو، والحرص على العمل الدؤوب المتواصل. (116: 1990: ص 42)
    ويمكن ذكر بعض ملامح النظرية التربوية الصينية للطفل بما يأتي:
    1. تغليب الطابع الديني والخلقي في تربية الطفل.
    2. الأسرة هي المسؤولة الأولى عن تكوين الجانب السلوكي للطفل مع إهمال بقية الجوانب.
    3. هدف التربية هو تحقيق الفضائل الخمس (الرفق- العدل- النظام- التأني- الولاء).
    (87: 1981: ص 88)
    د) تربية الطفل في اليونان: شخّص اليونانيون ـ بصيغة أو بأخرى ـ أن هناك مرحلة تسبق مرحلة التعليم النظامي (Preschool)، ويبدو أنهم شملوا بهذه المرحلة من تقل أعمارهم عن سبع سنوات. وتُعد التربية في مقاطعة (أسبارطة وأثينا) أنموذجاً للتنشئة الاجتماعية السائدة لتربية الطفل في ذلك الوقت.
    اهتمت (أسبارطة) بتربية الطفل منذ اليوم الأول لولادته، فتقرر ما إذا كان يستحق الحياة أو الموت؛ بعرضه على مجلس من المسنين، فإذا آنسوا فيه ضعفاً أو هزلاً تركوه في العراء ليتحمل ويقاوم، ويعودوا له بعد مدة زمنية معينة؛ فإذا كان ميتاً، فخير للدولة أن يموت بدلاً من أن ينمو فرداً ضعيفاً، أما إذا وجدوه حياً فيأخذوه ويرسلوه إلى أمه لتربيته تربية خشنة قاسية. (55: 1985: ص 53)
    لقد كان على الأسرة (الأسبارطية) أن لا تقيد نمو الطفل أو تعيق حركته؛ كما كان عليها أن تبتعد عن تدليله، إنما تعامله بخشونة فتتركه يبكي دون استجابة لبكائه، أو تتركه في الظلام بمفرده؛ وذلك من أجل إذكاء روح الشجاعة، و التحمل البدني عند الطفل. (118: 1983: ص 121)
    أما (أثينا) فقد هدفت إلى تكوين تناسق بين روح مرهفة تحس بالجمال، و تُقدّر الأدب وجسم رشيق قوي، أي إلى تكوين الرجل الكامل عقلاً وجسماً وذوقاً، وعلى الوالدين في بواكير الطفولة مسئولية كبيرة، فعليهما تقع تربية الطفل في سنواته الأولى تربية فنية متنوعة؛ فكانت الأغاني والموسيقى من وسائل تدليله، كما تُتلى عليه القصص الأسطورية، و تُعطى له الألعاب كالدُمى والكرات، ومع هذه المرونة إلا أن الأسرة الأثينية كانت تقسو على أطفالها مستخدمة الضرب ـ إذا ما لزم الأمر ـ بغية التهذيب. (11: 1946: ص 35)
    هكذا تبدو تربية الطفل الأثيني، أنها سعت إلى تحقيق النمو المتكامل جسمياً وعقلياً وذوقياً، ما عدا الجانب الروحي المتعلق بالعالم الآخر، عن طريق الألعاب،والنحو والرياضيات والموسيقى والرسم. بينما توجهت التربية الأسبارطية إلى تحقيق النمو الجسمي للطفل بدرجة أساسية، ولم تول الجانب العقلي والفني والاجتماعي فرص كافية للاهتمام بقدر ما كان للجانب الجسمي؛ لغرس بذور التفوق العسكري، و النزعة الحربية من خلال التدريبات الرياضية المستمرة.
    هـ ) تربية الطفل في الرومان: اتسمت رعاية الطفولة لدى الرومان بإعطاء الأسرة دورها في تربيتها، إذ يظل إلى سن السابعة من عمره يتلقى التعاليم الخُلقية، و العادات السلوكية من خلالها، وكان اعتقادهم بأن الطفل في هذه السن يتميز بقوة الذاكرة، خاصة إذا ما رضع من مرضعة فصيحة، وتم تلقينه من أبوين متعلمين؛ مما يؤهله لأن يكون مواطناً صالحاً مثقفاً وخطيباً مفوّهاً، مع تأكيد التربية الرومانية على البعد الجسمي؛ لأن هدفها هو إيجاد الخطيب الصالح والجندي المقتدر. (55:1985: ص 65)
    كما تميزت التربية الرومانية في هذه المرحلة بالناحية العملية؛ من ممارسة الخطابة والإكثار من الأسئلة للأطفال، وإعطائهم المكافآت، والتدرج مع الطفل في تعليمه القراءة والكتابة، مع عدم الإسراع في ذلك أكثر مما ينبغي. (78: 1975: ص 90).
    وهنا يمكن أن يتلمس الباحث ملامح اتجاه فلسفي لتربية الطفل في العصر القديم:
    1. إن الاهتمام بالطفولة في العصور القديمة، بلغ درجة كبيرة وصلت إلى حد التشريع القانوني في بلاد الرافدين، واقترانها بالحكمة الدينية في مصر القديمة، وأصبحت موضوعاً جوهرياً في منظومة القيم الخلقية الصينية، والعناية الفائقة بها من الناحية الجسدية في كل من أسبارطة والرومان، وهدفاً ثقافياً في أثينا اليونانية، وهذا يقود إلى القول: إن هدف تربية الطفل كان حصيلة تفاعل مجموعة عوامل ثقافية متداخلة في نسيج المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، آمنت بها تلك المجتمعات وخصوصاً العوامل السياسية.
    2. غياب التربية المؤسسية للطفولة في سن ما قبل المدرسة في هذا العصر؛ وإنما أسندت تربية الطفل في هذا العمر إلى الأسرة التي لعبت دوراً أولياً و جوهرياً في رعاية الطفولة في تلك الدول، مع تفاوت بسيط في مقدار تدخل الدولة في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل، كما هو الحال في أسبارطة اليونانية.
    3. اختلاف البرامج والفعاليات التربوية لتلك الدول في تربيتها للطفولة، كلُ بحسب تصورها الاجتماعي لطبيعة الطفولة، وما يرتجى منها مستقبلاً؛ مع ما يتوافر لتلك المجتمعات من معارف وما بها من معتقدات وما تمارسه من قيم.
    4. اتفاق هذا العصر في نظرته إلى الطفل كونه رجلاً صغيراً؛ و بالتالي فالطفولة مرحلة لا تختلف عن مرحلة الرشد إلا بالفارق الزمني فقط.
    5. على الرغم من أن تربية الطفل في سن ما قبل المدرسة في هذا العصر، لم يكن عن طريق الخبرة التعليمية المباشرة، وإنما كان عن طريق الخبرة غير المباشرة (التقليد و المحاكاة)، إلا أن ذلك لا ينطبق على الأطفال كافة، فأطفال الفئات الاجتماعية الميسورة (أبناء الملوك والأمراء ورجال الدين) الذين كانت تربيتهم مقصودة، من خلال أنشطة وموضوعات تعليمية كالموسيقى والشعر وتعلم مبادئ القراءة والحساب والفضائل الخلقية.
    أخي لن تنال العلم إلا بستـة
    سأنبيك عن تأويلها ببيـان
    ذكاء.. وحرص ... واجتهاد وبُلغة
    وصحبة أستاذ.... وطول زمان

  3. #3

    مراقبة

    الصورة الرمزية لمياء الديوان
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    العراق -
    المشاركات
    10,059
    تربية الطفل في العصور الوسطى


    يمكن تاريخياً ـ بصورة تقريبية ـ تحديد هذه المدة من عام (529) م عندما اغلق الإمبراطور (جيستنيان) أكاديميات أثينا، وحتى بداية حركة النهضة الأوروبية في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، وهي مدة طويلة اختلفت الآراء التاريخية حول بدايتها ونهايتها، غاصت أوروبا فيها في سبات عميق، وشبه صحوة أحياناً أخرى، أما في الجانب الآخر (أرض شبة الجزيرة العربية) فقد شهدت هذه الفترة انبلاج النور السماوي ليغمر الإسلام الأرض شرقاً وغرباً ويقيم صرحاً ثقافياً وحضارياً عملاقاً. (119: 1974: ص 105).
    موضوع هذا المحور هو التربية في أوروبا النصرانية، والتربية في شبة الجزيرة العربية قبل وفي ظل الإسلام.


    أ) تربية الطفل في أوروبا النصرانية:
    تتصف التربية النصرانية في أنها تؤكد على أهمية الجانب الديني في مرحلة الطفولة، محملة بذلك الأسرة دورها في تنشئة الطفل حتى سن السابعة، ليواصل دراسته في المعاهد الدينية ـ وهي دُور ملحقة بالكنائس ـ ويمارس الرُهبان دور المعلمين، وقد اهتمت هذه المعاهد بالجانب الروحي، والخلقي في شخصية الطفل، وهذا ما أكدت عليه تعاليم الديانة النصرانية التي جاءت مناهضة لما كانت عليه التربية الوثنية في اليونان والرومان، ومع ذلك كانت التربية النصرانية للطفل تتسم بالكبت والقسوة، بعيداً عن الفرح والبهجة، والاهتمام بحاجات الأطفال. (56: 1962: ص 28).
    هدفت التربية النصرانية إلى تقوية عقيدة الطفل،وتهذيب خُلقه، وإعداده للحياة الآخرة
    فقط، خصوصاً بعد إعلان الدين النصراني ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية؛ فتحولت معظم المدارس الوثنية إلى مدارس دينية تابعة للكنائس، وكانت تُدرس الأطفال عن طريق حفظ العبارات ليرددوها حتى يستظهروها، دون أن يتعرضوا لخبرات ملموسة أو معان يمكنهم هضمها بواسطتها. (38: 1973: ص 45)
    سر هذه العناية بالجانب الروحي والخلقي، ليس اعتبار قيمة الطفولة كحياة قائمة بذاتها، وحالة نمو لا بد من إكمالها، ومرحلة مستقلة عن الرشد لها خصائصها و متطلباتها؛ بل ظلت مرحلة الطفولة في أوروبا ـ ولفترات طويلة ـ بمثابة نقص في الفطرة الإنسانية، وطبع شيطاني فالطفل كالبهيمة يعيش حياة دنيئة وشريرة، ولن يتخلص من هذه الوحشية إلا إذا دخل في مسلك تأديبي قاس، يقوم فيه الكبار بتهذيبه بالتكاليف الدينية، والتمارين الرياضية، والمجاهدات النفسية لخلعه من متطلبات طفولته، وإدخاله إلى عالم الكمال والطهارة، عالم الكبار. (97: 1984: ص 91)
    يتضح مما سبق أن التربية النصرانية تجاهلت حاجات الطفولة في هذه المدة، وتعاملت مع الطفل وكأنه رجل صغير، لا يختلف عن الرجل الكبير، إلا في مقاييس الحجم و الوزن البدني، وكأن الفرق بينهما في العمر الزمني فقط؛ ولأجل هذا الفارق يظل الطفل عند النصرانيين يخضع لتدريبات قاسية ومتلاحقة؛ كي يغدو رجلاً كبيراً.


    ب) تربية الطفل في شبه الجزيرة العربية:


    1. التربية العربية للطفل قبل الإسلام:


    أعطى العرب منذ القدم مكانة كبيرة للطفولة، و نالت في نفوسهم منزلة عالية، فحظيت بنظرة فريدة في تربيتها والعناية بتنشئتها؛ فكانت حقاً فلذات أكبادهم؛ ولهذا حاول عرب الجزيرة تهيئة بيئة طبيعية، كمحيط يتعلم فيه الأطفال بصيغة تلقائية، وبالأخص عرب الحضر؛ فكانوا يرسلون أطفالهم في مرحلة الطفولة المبكرة إلى البادية، حيث الهواء الطلق النقي، والآفاق الواسعة والفطرة السليمة، والفروسية البارعة، واللسنة العذبة والفصحى، و الشجاعة الأدبية، ويختارون لهم مرضعات صالحات فصيحات؛ لينشأوا في أجواء البادية على القوة والحيوية و الطلاقة والجراءة. (117: 1984: ص 20)
    كان هدف التربية هو إعداد الفرد العربي؛ للقيام بمتطلبات الحياة المعيشية، وإكسابه الخبرات في شئون التجارة، والزراعة، ورعي الإبل والمواشي، و في أعمال الحرب، وصناعة أدواتها، والتدريب على فنونها، و الدفاع عن النفس. (47: 1996: ص 94)
    2. تربية الطفل في الإسلام:
    جاء الإسلام بمنهج حياتي متكامل للدين والدنيا، ولجميع أنظمة المجتمع، وجوانب شخصية الفرد المسلم، يستند على منظومة إيمانية خلقية تربوية هادفة، تلازم الإنسان منذ أن كان نطفة في رحم أمه إلى أن يحين أجله، ولحظة موته وخروجه من هذه الدنيا.
    أكد هذا المنهج على أهمية السنوات الأولى من عمر الإنسان، وأحاطها بالرعاية الشاملة، عبر مراحل نموها المتواصل، وتطورها الزمني حتى قبل أن يولد الإنسان؛ إذ شدد هذا المنهج و رغّب في حسن اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين و الخلق القويم، عند تفكير الشاب وشروعه في الزواج، وفي هذا المعنى يروي أبو هريرة  حديثاً عن النبي  أنه قال: (تُنكح المرأة لأربع؛ لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)*.
    حرص الإسلام على إيجاد مجموعة الأجواء النفسية الهادئة، والتغذية الصحية، والرعاية الاجتماعية السليمة للأم في مرحلة الحمل؛ حفاظاً على صحتها وصحة الجنين، ومن مظاهر هذا الاهتمام أن التربية الإسلامية بينت كيفية التعامل مع الوليد منذ لحظة ولادته؛ فيؤذَّن في أذنيه، ويقام الصلاة ويحنك ويقص شعره في اليوم السابع ويعق عنه، ويختار له اسم جميل، و يحاط بالحنان والعطف والمودة والرحمة. (89: 1983: ص 37)
    يعد القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، المصدران الرئيسان ـ فضلا عن المصادر الفرعية الأخرى، كالاجماع والقياس والاجتهاد ـ الذين يشتق منهما التصور الإسلامي التربوي لمرحلة الطفولة، فهناك العديد من الآيات القرآنية، التي تحمل في مضمونها العديد من الدلالات والمعاني التربوية، في معرض اهتمامها بمرحلة الطفولة المبكرة، كقوله تعالى:  ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإياكم  ( ). وقوله تعالى:  المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخير أملاً  ( ).
    وفي سيرة الرسول  شواهد عديدة حاملة لمعنى الرعاية الصادقة لهذه المرحلة، وفيها لمحات تربوية ونفسية مليئة بالحنان والعطف على الأطفال؛ فقد كان كثيراً ما يداعب الأطفال الصغار ويتلطف معهم، وكان يقضي من وقت النبوة الثمين وقتاً للعب مع حفيديه الحسن والحسين  ويقبلهما وقال الذي قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم. فقال : (من لا يَرحم لا يُرحم)* ، وهناك العديد من التوجيهات النبوية التربوية لمرحلة الطفولة، التي كانت عند مستوى إدراكها، وملبية لإشباع حاجاتها بأساليب سارة، ومراعاتها لجميع جوانبها، مع تركيزها على حاجة هذه المرحلة للعب، بل والمشاركة مع مشاعرها أثناء اللعب.


    و يمكن الإشارة إلى بعض الأسس الجوهرية للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة المستخلصة من السيرة النبوية:
    أ) مداعبة الأطفال. ب) احترام شخصية الطفل. جـ) العطف والرفق.
    د) الرياضة البدنية. هـ) الرسم والأشغال. و) تربية الحيوانات.
    ز) الاهتمام بالجمال. (93: 1990: ص 41)
    كما يظهر اهتمام التربية الإسلامية في مدى ما تلقيه من مسؤولية كبيرة على عاتق الأسرة في إكساب الطفل المعايير السلوكية التي أقرّها الدين والمجتمع الإسلامي، ومن تلك المعايير أن يُعَلّم الطفل آداب الطعام، والمجالس، والحديث، وتحية الآخرين، وأساليب الاستئذان. (120: 1998: ص 21)
    و في مسار تطور التعليم بصورة عامة، نجد بعض مظاهر أشكال التعليم الأولى ـ الكتاتيب ـ المتناثرة بقلة قبل الإسلام، ثم أصبحت أكثر انتشاراً في ظل الإسلام، وقد دعا إلى وجودها ضرورات التوسع في نشر الدين، و تعليم اللغة العربية، وانتقال حال العرب من البداوة إلى الحضر، فضلاً عن حث الدين الإسلامي على العلم والتعليم. (88: 1977: ص 141)
    ازداد إقبال الأطفال عليها ـ خصوصاً من كانت أعمارهم بين الرابعة والخامسة ـ و كان التعليم فيها على نوعين:
    1. تعليم القراءة و الكتابة، ومكانه في منازل المعلمين للأولاد دون سن السادسة.
    2. تعليم القرآن ومبادئ الدين الإسلامي، ومكانه في المساجد للأولاد الأكبر سناً.
    (124: 1990: ص 10)


    ازداد عدد الكتاتيب في القرن الثاني الهجري حتى أصبح في كل قرية كُتّابَ، ويذكر (ابن خلدون) في مقدمته، أن ما يدرسه الصبيان يختلف من قطر إسلامي إلى قطر آخر، ولكن يلّوح أن الدراسة اشتملت على القرآن، وأحاديث الأخبار، وبعض الأحكام الدينية، و الشعر، ومبادئ الحساب، وبعض قواعد اللغة العربية، هذا إلى جانب تعلم القراءة والكتابة، والخط الذي كان له مدرسون مختصون.(96: 1966: ص 215).
    وإذا ما تم احتواء أفكار وآراء العلماء و المربين المسلمين ـ من أمثال ابن سحنون (202 ـ 256 هـ)، و القابسي (324 ـ 403 هـ)، و ابن سينا (370 ـ 428 هـ)، والغزالي (450 ـ 505 هـ)، و ابن جماعة (639 ـ 733 هـ)، وابن خلدون (722 ـ 808 هـ ) في ميدان تربية الطفولة المبكرة ـ نلمح أبعاد التصور الإسلامي للعملية التربوية في الطفولة المبكرة، ويمكن الإشارة إلى ثلاثة أبعاد لهذا التصور:
    1. البعد الروحي الأخلاقي: ويشتمل الاهتمام بالقيم السماوية ومنظومة الفضائل الحميدة التي من شأنها تعزيز نمط السلوك القويم وتعديله نحو الخيرية مع الله تعالى والمجتمع وذات الطفل.
    2. البعد التكاملي: و يشتمل الاهتمام الشامل لجوانب شخصية الطفل الروحية والجسمية والاجتماعية والعقلية، فضلاً عن الموازنة بين متطلبات الحياة الدنيا والآخرة وهذا ما افتقرت إليه تربية الطفل في كل العصور التاريخية.
    3. البعد الاجتماعي: و يشتمل الاهتمام بعملية التنشئة الاجتماعية و تحقيق دينامية عمليات التفاعل بين الأطفال بما ينسجم و عادات المجتمع وتقاليده الاجتماعية والمخطط الآتي يوضح ذلك.
    وهذه الأبعاد النظرية للتربية في هذه المرحلة، هي محصلة مشتقة من منطلقات فلسفية إسلامية كبرى، حول طبيعة الإنسان و المجتمع والمعرفة، وهي منطلقات عامة يمكن تطبيقها على أي مجتمع، وتشمل قطاعات جزئية، تنضوي تحتها بصورة متداخلة، والمخططات الآتية توضح ذلك.


    وفي ضوء ذلك استشراف أساس نظري إسلامي للتربية في رياض الأطفال؛ و بالتالي التوصل إلى منهج يمكن تعليمه للأطفال، وكيفية ذلك التعلم، و الغاية منه، والطرائق المؤدية إليه، وإمكانية التحقق من حصوله في إطار من المنطلقات الإيمانية الهادية التي جاء بها الدين الإسلامي، وزكاها العقل وعززتها الخبرة الإنسانية.
    مع ذلك فإن آراء هؤلاء المفكرين المسلمين التربويين في مختلف الأزمنة، لا تمثل بالضرورة الأسس النظرية التربوية المستمدة من القرآن الكريم والسنة الشريفة؛ فهي آراء واجتهادات صادرة عن بعضهم؛ لا تمثل إلا وجهة نظرهم البشرية.
    يلاحظ مما سبق أن الطابع الديني، كان الغالب على تربية الأطفال في هذه المدة؛ حيث كانت المبادئ الدينية من الأمور الأساسية التي يهتم بها المربون في مرحلة الطفولة المبكرة؛ لكن لم تكن هناك مدارس رياض أطفال بالمعنى الصحيح لهذه الرياض، لا عند العرب المسلمين، ولا عند الأوربيين. ولكن الاهتمام بتربية الأطفال وإعدادهم للمراحل التالية، كان واضحاً عند العرب المسلمين بشكل خاص، حيث كانت الكتاتيب تقوم بهذه المهمة، فضلاً عن دور الأسرة، وذلك لما أولته الشريعة الإسلامية من حقوق راعت حاجات هذه المرحلة مثل حق الرضاعة والنفقة والتربية والتعليم والنسب والإرث. (124: 1990: ص 11)
    و يمكن تلخيص أسس التربية العربية الإسلامية للطفولة بما يأتي:
    1. تربية تكاملية للروح والعقل و الجسد.
    2. تربية متوازنة بين متطلبات الدنيا والآخرة.
    3. تربية عملية لا تكتفي بالجانب النظري.
    4. تربية فردية تحث على الفضائل و تربية جماعية تقود إلى التعاون.
    5. تربية لضمير الإنسان ليكون رقيباً على السلوك والأفعال.
    6. تربية للفطرة وإعلائها، و وضعها على خط الاعتدال والوسطية.
    7. تربية مستمرة لا تبدأ ولا تنتهي عند مرحلة عمرية معينة.
    8. تربية أصيلة معاصرة مفتوحة على الأساليب الحسنة كلها في التوجيه و التعديل.
    (76: 1989: ص 137)
    أخي لن تنال العلم إلا بستـة
    سأنبيك عن تأويلها ببيـان
    ذكاء.. وحرص ... واجتهاد وبُلغة
    وصحبة أستاذ.... وطول زمان

  4. #4

    مراقبة

    الصورة الرمزية لمياء الديوان
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الدولة
    العراق -
    المشاركات
    10,059
    تربية الطفل في العصور الحديثة في أوروبا



    لقد كانت تربية الطفل قبل هذا العصر تمتاز بالقسوة و الشدة عند اليونان والرومان في العصر القديم، أما في العصر الوسيط فقد كان الاعتقاد سائداً بأن طبيعة الطفل شريرة فاسدة يجب قمعها؛ وهذا أدى إلى الرهبة والزهد، و كانت المدرسة بوجه عام (سجن الطفولة)؛ الأمر الذي دفع العديد من الفلاسفة و المفكرين التربويين إلى إعادة النظرة نحو الطفولة المبكرة بصورة أفضل، واتفقت آراء هؤلاء بأن لهذه المرحلة مواصفاتها ومتطلباتها وخصائصها النمائية، التي تختلف عن بقية المراحل العمرية اللاحقة، التي ينبغي الاهتمام بها، و دراستها دراسة علمية بعيداً عن المعتقدات السائدة في المجتمع.
    برز اتجاه فلسفي جديد على مساحة الفكر الإنساني في أوروبا، وقد تبلور التطور الفكري العام في ظهور فلسفة التنوير، وهي تمثل أول دعوة عقلانية تأخذ بالعقل معياراً للتقدم في أوروبا الوسطى*، لتقف وجها لوجه أمام الديانة النصرانية المحرفة، ممثلة بالمذهب السُكلائي، وهي مجموعة تعاليم مختلطة لأفكار الفيلسوف اليوناني أرسطوطاليس. (103: 1970: ص 141)، ومذهب القديس المسيحي توما الأكويني (Toma Al-Akiweni) واجتهادات رجال الدين النصراني، رافضة بذلك النظرة التقليدية لذلك المذهب في الإنسان والمعرفة والمجتمع، ومحاولة إعادة صياغة تركيبة جديدة، أساسها الإيمان القائم على العقل و التجربة والعلم، الأمر الذي أدى إلى زيادة التحرر لدى العديد من الحركات الدينية، والاجتماعية، والسياسية، والعلمية كحركة التطهير ومذهب التقوى، فظهرت حركة تربوية تؤكد الاهتمام بالطفولة وتربيتها، وفق أسس جديدة تنادي بتوفير البيئة التربوية المناسبة لهذه المرحلة. (35: 1971: ص 45).
    يتفق الباحث مع رأي الباحثة (سناء الكبيسي) من أن الأدبيات التي عالجت التطور التاريخي لرياض الأطفال في العصر الحديث يشوبها نوع من التداخل والتكرار، سواءَ في المسميات، أو تواريخ نشأة رياض الأطفال، و ضماناً لإثراء هذا الجانب، وتحاشياً للتكرار والتداخل في هذا العصر، الذي اتسم بالتسارع نحو الاهتمام بمرحلة الطفولة، وبروز العديد من المفكرين لهذه المرحلة، ومن ثمَّ نشوء رياض الأطفال بالصورة المتعارف عليها الآن. (100: 1996: ص 15)، وقد تم تقسيم هذا العصر إلى ثلاث مراحل:
    المرحلة الأولى (المرحلة الفلسفية النظرية): وتشتمل على أبرز الفلاسفة الذين ساهموا إسهاماً نظرياً في تطور الفكر التربوي لمرحلة الطفولة المبكرة، و أرسو المبادئ والأسس التربوية لها، وكان لأفكارهم الأثر القوي على من جاء بعدهم، ويمكن الإشارة إلى ثلاثة من
    هؤلاء الفلاسفة:


    1. جون آموس كومينوس (J. A. Comenius )،(1592-1671) م.
    2. جون لوك (J. Locke)، (1632 – 1704) م.
    3. جان جاك روسو (J.J.rousseau)، (1712 – 1778) م.
    ليس هناك ضرورة للخوض في توضيح إسهامات هؤلاء الفلاسفة كلٌ على حده في مجال تربية الطفل؛ فهذه الاسهامات موجودة في جميع الأدبيات التي تناولت التربية في مرحلة ما قبل المدرسة، ويكتفي الباحث بإبراز أهم المنطلقات الفلسفية العامة، التي غلبت على مبادئهم نحو تربية الطفل في سنواته الأولى، ومن هذه المنطلقات:


    1. التربية تبدأ بالحواس وتقوم على الأنشطة الحسية.
    2. تكاملية وشمولية مظاهر النمو عند الطفل بالذات الناحية الجسمية.
    3. الطبيعة هي مصدر المعرفة ووسيلة التربية.
    4. الإحساس الداخلي ومعطيات التجارب الخارجية هما مصدرا المعرفة عند الطفل.
    5. اللعب التلقائي وحرية الحركة.
    6. محاكاة الأنشطة للبيئة الواقعية.
    7. الخيرية الفطرية في طبيعة الطفل.
    8. التعزيز الإيجابي للطفل.
    (131: 1997: ص 27)


    المرحلة الثانية (المرحلة التجريبية العملية): تشتمل على أبرز المربين الذين حاولوا الافادة من تلك المبادئ والأسس النظرية المتعلقة بمرحلة الطفولة، ساعين إلى تطبيقها على أرض الواقع من خلال افتتاح مدارس تجريبية، ويمكن الإشارة إلى ثلاثة من هؤلاء المربين:
    1. جون هنري بستالونزي (J. H. Pestalozzi)، (1746 – 1827) م.
    2. جين فريدريك أوبرلين (J. F. Oberlin)، (1740 – 1826) م.
    3. روبرت أوين (R. Owen )، (1771 – 1858) م.
    حيث وضع (بستالونزي) الأفكار التي عبر عنها (روسو) موضع التنفيذ في مدارس رياض الأطفال التي أنشأها في " ستانز " و" بروجورف " و" إفردون " بسويسرا. (131: 1997: ص 15)


    أما (أوبرلين) فقد حوّل قاعات الكنيسة في إحدى مقاطعات فرنسا إلى مدارس أولية، تؤوي أطفال البيئات الفقيرة في سن ما قبل المدرسة، و وضع لهم منهجاً تربوياً؛ اشتمل على الألعاب المتنوعة، وتقطيع الصور، وحياكة الأقمشة، ودراسة الطبيعة، وتعلم اللغة عن طريق الأناشيد والغناء، وتدريبهم على زراعة بعض النباتات، و القيام بالنزهات، مع تأكيد المنهج على التربية الفنية والتوجيه الخلقي.(80: 2001:ص 74)
    ونهج (روبرت أوين) في بريطانيا المنهج نفسه الذي سار فيه سابقوه؛ فأنشأ مدارس طفولة لأبناء عمال المصانع البريطانية.
    يلاحظ أن برامج تربية الطفل في هذه المرحلة غلب عليها طابعٌ، لم يكن واضحاً بقوة في المراحل السابقة، يتمثل في توافر:
    1. الحماية الصحية المقدمة للأطفال من خلال وجبات غذائية ضرورية لهم.
    2. الاهتمام بالأعمال اليدوية والأشغال الحرفية، بعيداً عن الموضوعات الشكلية في التعليم، من مقررات معدة سلفاً، وجداول، وحصص مفروضة ومحددة لموضوعات بعينها.
    3. الرعاية الإنسانية ومشاعر الحب والمودة الصادقة للأطفال، من خلال تكوين علاقات عاطفية وحميمية، تتسم بالثقة بين المعلم والأطفال. (152: 1973: ص 160).
    يبدو أن السبب في ظهور هذا الطابع راجع إلى العوامل الاقتصادية، و الاجتماعية، التي مرت بها بعض الدول الأوروبية " بريطانيا و فرنسا " كالثورة الصناعية، وظاهرة الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة، مما أدى إلى خروج المرأة إلى سوق العمل في المصانع والمدن الكبرى، وما ترتب على ذلك من إهمال في أحوال الأطفال وضياع حقوقهم، جراء مزاولة أعمال لا تتناسب ومستوى أعمارهم؛ فكانت هذه المدارس لإيواء أطفال العمال و الفقراء واليتامى وأبناء البيوت المحطمة، الذين يعانون من حرمان صحي وعاطفي مبكر.
    المرحلة الثالثة (المرحلة التأسيسية): تشتمل على أشهر المفكرين والمؤسسين لرياض الأطفال وتبدأ من عام (1837) م، الذي تأسست فيه أول روضة للأطفال بالمفهوم المتعارف عليه في هذا الوقت، وتمتاز هذه المرحلة بتزايد البحوث و الدراسات التربوية و النفسية حول الطفل، ومن رواد هذه المرحلة:


    1. فريدريك فروبل (F. Frobel)، (1782 – 1852) م.
    2. جون ديوي (J. Dewey)، (1859 – 1952) م.
    3. ماريا منتسوري (M. Mantsorry )، (1870 – 1953) م.
    4. جان بياجيه (J. Piaget)، (1896 – 1980) م.


    تعد هذه المرحلة من أخصب المراحل التاريخية في أوروبا الحديثة، اهتماماً بالطفولة المبكرة ـ مع كونها نتيجة طبيعية ومنطقية للمراحل التاريخية السابقة ـ وبالتالي ساعد ذلك على تعدد الاتجاهات التربوية والنفسية في تربية الطفل قبل سن السابعة، مستهدفة توفير أفضل البيئات التربوية الملائمة لتربيته، من خلال توافر تهيئة الفرص التعليمية المرتبطة بخبرات الطفل، و التفاعل الاجتماعي مع أقرانه، و تنمية السمات الشخصية له، ويمكن تصنيف هذه الاتجاهات التربوية بحسب الفكر الفلسفي الذي اعتنقه رواد هذه المرحلة:


    ****أ. الاتجاه النفسي المثالي، ممثلاً بـ (فروبل).
    ****ب. الاتجاه الاجتماعي التجريبي، ممثلاً بـ (ديوي).
    ****ج. الاتجاه الحسي، ممثلاً بـ (منتسوري).
    ****د. الاتجاه المعرفي، ممثلاً بـ (بياجيه).


    إن نظرة فاحصة لهذه الاتجاهات توحي بأن بعضها، و إن كان يختلف عن بعضها من ناحية، و يتفق معها من ناحية أخرى، لكن جميعها تتفق في الروح العامة؛ بمعنى قد تختلف في الوسائل، ولكنها تتوحد في الغايات البعيدة، وهكذا يكون الفرق في الدرجة بين هذه الاتجاهات للاعتبارات المتعلقة بنفسية الطفل، وعقليته، وحواسه، و بين الاعتبارات المتعلقة بطبيعة المجتمع.
    أولاً: الاتجاه النفسي المثالي: المدخل الرئيس لهذا الاتجاه هو الكشف عن القدرات الهائلة الكامنة داخل الطفل، وذلك من خلال دراسة ميوله واهتماماته، مع اعتبار أن النمو نتيجة نشاط الطفل نفسه، من خلال تجاربه وخبراته الذاتية، ولأن الطفل وليس المادة التعليمية هو محور العملية التعليمية. (10: 2000: ص 152).


    و يُعد (فردريك فروبل) الممثل الأول لهذه الاتجاهات التقدمية، وإليه ترجع تسمية المدارس التي تضم أطفالاً بين الثالثة والسادسة بـ (رياض الأطفال). أما عن الفكرة الجوهرية في فلسفته لهذه المرحلة فهي أن الأطفال بطبيعتهم مبدعون وقادرون على النشاط الخلاق المبدع، إذا ما أُعدت لهم البيئة المناسبة، وتركت لهم حرية اللعب والنشاط، وإن الحقائق الكبرى كامنة في الطفل نفسه، وبالتالي يصبح هدف تربيته هي توثيق علاقة الطفل بالله تعالى، والطبيعة، والإنسان ؛ لينمو روحياً، وجسمياً، و عقلياً متكاملاً من خلال النشاط الذاتي كما احتوى منهجه عدداً من الفعاليات؛ كالأنشطة العملية من ورق وصلصال ورسم وحياكة، إلى أنشطة فنية كالغناء والقصص، وأنشطة معرفية كالقراءة و الكتابة والحساب، وأنشطة دينية وخلقية؛ فضلاً عن الهدايا والألعاب الأخرى. (9: 1995: ص 53)، (60: 1994: ص 12)، (80: 2001: ص 105).

    انتشر هذا المنهج بفلسفته في أنحاء من أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليظهر تأثيره العميق في مجال تربية الطفل، بسبب تركيزه على الجوانب الخلقية والتدريبات اليدوية؛ ولهذا يعد (فروبل) الرائد الأول في محاولة ابتكار مناهج وبرامج مناسبة و ممتعة للطفولة، ومع ذلك فقد لقي منهجه المعتمد على الخبرة النفسية بعض النقد، من ذلك مثلاً:
    1) إن منهجه هندسي، فلا ينبغي للطفل أن يتعلم غير الكرة والمكعب والاسطوانة، والمفردات المتعلقة بها، فالحياة مفعمة بأشياء غير هندسية؛ فيجب أن لا نحرم الطفل منها.(3: 1985: ص 14).
    2) إن منهجه يجبر الطفل على طول الجلوس في الصف أثناء تشكيل الأشياء، وتدريب الحواس، وعمل الأشكال الفنية، وهذا لا يحقق الهدف الذي من أجله أنشئت الرياض لطول بقائه في الصف، مما يعرقل نمو نواحي من شخصيته. (74: 1994: 254).
    ثانياً: الاتجاه الاجتماعي التجريبي: و جوهر هذه الاتجاه التربوي، هو التفاعل المستمر بين الإنسان بعدِّه ذاتاً قابلة للتطور والنمو بصورة مستمرة من ناحية، وبين البيئة الاجتماعية المحيطة به من ناحية أخرى، مع التسليم بأن النمو هو سلسلة من الخبرات المتجددة؛ من خلال إعادة تركيبها بصورة صحيحة، ليحدث التغيير المنشود.


    يعد (جون ديوي) من أبرز أعلام هذا الاتجاه التقدمي في التربية ـ إن لم يكن رائدها ـ التي انتقدت الفكر التربوي التقليدي في نهاية القرن التاسع عشر، وكانت فلسفته قائمة على تحويل النزعة الماهوية للتربية إلى نزعة واقعية اجتماعية، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببرامج وأنشطة تستند إلى اهتمامات الطفل وقدراته، و على تنمية مهاراته الاجتماعية والعلاقات الإنسانية لدى الأطفال، وراح (ديوي) ينادي بدور جديد للتربية؛ تقوم على روح الحرية والاحترام المتبادل بين المربين والأطفال، وعلى الانضباط الذاتي، وتعديل البرامج التربوية بشكل يلائم الخبرة، مع إثارة حب الاطلاع والاهتمام الشديد بمعالم البيئة الحيوانية والنباتية. (2: 1993: ص 19).
    وفي كتابه " المنهج والطفل (1902) م" جعل (ديوي) الطفل مركز العملية التربوية وطالب بربط خبراته المباشرة ربطاً مفيداً بالمعرفة المنظمة، و دعا إلى التخلي عن الفكرة القائلة، بأن المواد الدراسية شيءٌ جاهز ثابت خارج عن خبرة الطفل، وأن خبرة الطفل شيء عابر صعب، مؤكداً أنه حين يُنظر إلى خبرة الطفل على أنها شيء متدفق وحيوي يصبح الطفل والمنهج وجهين لعملة واحدة. (132: 2001: ص 22).


    لا يخفى إذاً أن هذه الدعوة جاءت للتأكيد على خبرات الطفل المتصلة بحياته وميوله واحتياجاته، فالمنهج يجب أن يمتد ليشتمل على الخبرات التي يتكون منها المحيط الذي يعيش فيه الطفل، و تتسم الطريقة بالتعاون بين الأطفال ومدرسيهم. (10: 2000: ص 213)، (9: 1995: ص 56).
    مما لا شك فيه أن مناهج رياض الأطفال استفادت من هذه الآراء في أهمية ربط التعليم بالحياة والمجتمع، واتخاذ الخبرة المباشرة أسلوباً للعمل و التعليم، و استغلال البيئة المحلية إلى أقصى حد ممكن؛ فالحدائق والمزارع والمتاحف و المصانع والمؤسسات الاجتماعية وغيرها من مختبرات لا تقل في أهميتها عن فصول الروضة. (66: 1978: ص 400).



    ومن المفيد هنا ذكر بعض الأفكار الأساسية التي نادى بها (ديوي):
    1. لا تَعلُم بدون دافع داخلي؛ فإثارة الرغبة واكتساب الخبرات أمر مهم في التعلم.
    2. السلوك يتعدل بنتائجه؛ فإذا كانت النتائج مرضية تقوى السلوك والعكس بالعكس، وبالتالي فالعقاب يجب أن يستمد من النتائج الطبيعية المترتبة على سلوك الطفل.
    3. ضرورة قيام الطفل بنشاط إيجابي ذاتي حر يتناسب و قدراته وميوله.
    4. التربية الحقة لا تتحقق من خلال تلقين المعلومات النظرية، وإنما من خلال تهيئة البيئة لاكتساب الخبرات، وإعادة تنظيمها عن طريق اللعب التلقائي، مع التنوع في هذه الخبرات. (60: 1994: ص 19).
    لقيت هذه الأفكار رواجاً كبيراً منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية
    الثانية، إذ وجد المهتمون بالطفولة المبكرة أن الالتزام الشديد بمنهج (فروبل) ـ حيث الجلوس الطويل في الصف لتنفيذ الأنشطة ـ لا يحقق أهداف رياض الأطفال، وهذا بدوره يعرقل صور النمو المختلفة عند الطفل، لهذا جاءت الدعوة إلى ممارسة الأنشطة الحرة خارج الصف.
    هذا ما أكده (ديوي) من أن مهمة الرياض ليست تعليم مبادئ القراءة والكتابة والحساب؛ وإنما العمل على أن يحيا الطفل كطفل، فلا بد من أن تعد له البيئة الاجتماعية المناسبة؛ ليتحرك بحرية، ويمارس أنواعاً مختلفة من النشاط الحر التلقائي.
    ثالثاً: الاتجاه الحسي الحركي: يعتمد هذا الاتجاه على مبدأ هام، هو أن للطفل منذ لادته وحتى سن السادسة من عمره (حواساً) تتأثر بدرجة كبيرة جداً بالمنبهات الخارجية المحيطة، أكثر من أي مرحلة أخرى في حياته؛ ولهذا فإن إحاطة الطفل بمنبهات حسية تثير عنده الرغبة في التعلم، والاستكشاف عن طريق تدريب هذه الحواس بعيداً عن الحفظ الصم الذي يعوق عمليات النمو. (70: 1987: 118)، (86: 2001: ص 59).


    تعد الطبيبة و المربية الإيطالية (ماريا منتسوري) من مؤيدي أفكار هذا الاتجاه ـ إن لم تكن من مؤسسيه ـ فقد تابعت ما جاء به سلفها ونقحت طرائق (فروبل)، ودعمتها بمعرفتها بطب الأطفال؛ الأمر الذي مكنها من تطوير وابتكار منهج تربوي لتعليم أطفال الروضة الخبرات المتخصصة، ويمكن الإشارة إلى بعض جوانب هذا المنهج.
    الأسس النظرية لمنهج منتسوري:


    1. تدريب الحواس القائم على تنمية الملاحظة المنظمة هو الأساس في النمو العقلي.
    2. التربية الذاتية والتعليم على وفق القدرات و الميول.
    3. التعليم الفردي ومراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.
    4. النزعة الاستقلالية للطفل تساعده على النمو السليم.
    5. حرية الطفل في العمل والتعلم.
    6. إعطاء اللعب قيمة وظيفية في عملية التعلم.
    7. الضغط و الشدة يعيقان التعلم التلقائي.
    8. التوجيه وعدم التدخل المباشر من قبل المربية مع توافر الوسائل التعليمية.
    (3: 1985: ص 18)، (9: 1995: ص 55)
    أهداف منهج (منتسوري):
    هناك مجموعة أهداف لهذا المنهج يمكن إجمالها في الآتي:
    1) تنمية الحواس. 2) احترام حرية الطفل. 3) تمكين الطفل من اللعب.
    4) التربية الخلقية واللغوية والحركية. 5) التنمية المتكاملة. 6) الضغط الذاتي.
    (100: 1996: ص 80)
    محتوى المنهج: هناك مجموعة مناشط هي:
    1. التناسق بين النمو العقلي، والاهتمام بالأشياء الصغيرة والكبيرة.
    2. تحسين الحركات الجسمية.
    3. الصدق والإدراك الحسي للحقيقة.
    4. التأثير بسلوك الكبار للنمو الاجتماعي.
    5. الاستعداد للكتابة.
    6. الإحساس باللمس.
    7. التهيؤ للقراءة. (134: 1995:ص 89)، (92: 1999: ص 124)
    أما عن تنظيم محتوى هذا المنهج:
    كان التنظيم متدرجاً بحسب الفئة العمرية للأطفال من (3 – 6) سنوات.
     فئة صغرى بعمر ثلاث سنوات، يتم تدريبها على الممارسات اليومية الاعتيادية؛ كالمحافظة على المظهر العام.
     فئة وسطى بعمر أربع سنوات، يتم تدريبها على التميز الحسي المتنوع، من خلال اللعب والعمل.
     فئة كبرى بعمر خمس سنوات، يتم تدريبها على التميز السمعي والبصري للتهيؤ للقراءة والكتابة. (134: 1995: ص 91)
    وبذلك تكون طرائق (منتسوري) هي:
    النشاط الحرفي، وتدريب الحواس، وتعليم القراءة والكتابة.
    في ضوء هذه الطرائق العامة جاءت استراتيجيات تنظيم المكان في هذا المنهج، مؤكدة على أهمية التهيئة البيئية وإعدادها، بحيث يزود الأطفال بمواد وأجهزة وأدوات خاصة محددة؛ توزع عادة على أركان ثلاثة هي:

    1. ركن الحياة العملية (النشاط الحركي).
    2. ركن المواد الحسية (تدريب الحواس).
    3. ركن المواد الأكاديمية (تعلم القراءة والكتابة).


    حيث يتم ممارسة أنشطة كل ركن، من خلال تفاعل الطفل المباشر مع المواد المتوافرة بالركن.(86: 2001: ص 65)
    رابعاً: الاتجاه المعرفي:
    يعد العالم السويسري الشهير (بياجيه) من أبرز الممثلين لهذا الاتجاه، الذي عُني بدراسة النمو العقلي في مراحله الأولى، والأسس التي تحكمه، وما يتعلق ببنية الذكاء، وكيفية تطورها انطلاقاً من الأشكال المعرفية البسيطة إلى الأشكال العليا المعقدة.
    بعد الدراسة العلمية والملاحظة الدقيقة ـ التي استمرت أكثر من نصف قرن ـ توصل هذا العالم إلى بعض المبادئ العامة حول تطور النمو العقلي، أثرت بدورها على إعداد مناهج وبرامج رياض الأطفال، ومن هذه المبادئ:


    1. هناك استمرارية محدودة لكل عمليات النمو.
    2. النمو يتقدم خلال عمليتي التعميم والتمييز.
    3. كل مرحلة من مراحل النمو تتضمن تكراراً للعمليات التي تمت في المراحل السابقة، ولكن بتنظيمات مختلفة.
    4. التنظيمات المختلفة قد تكون ترتيباً (تصاعدياً) للخبرات والأطفال.
    5. الأفراد يحققون مستويات متباينة داخل هذا الترتيب. (74: 1994: ص 72)


    الطفل وفق هذه النظرية، يعيد بناء الواقع الذي جاءت به حواسه من البيئة، وتصبح عملية البناء و إعادة البناء المعرفي، ذات قوة و فاعلية محدودة، وتزداد بزيادة الخبرة والعمر وثراء البيئة نفسها، وتعد عمليتا التنظيم والتكيف من المفاهيم الجوهرية في هذه النظرية، فالتنظيم يتضمن عمليات التصنيف والترتيب للأشياء في نظام مترابط؛ أما التَّكيُف فيشتمل على (المواءمة والتمثيل)، والمواءمة هي تغير سلوك الطفل ليتمشى مع البيئة؛ والتمثيل هو تغير البيئة لتتماشى مع سلوك الطفل. النشاط المستمر لوظيفتي التنظيم والتكيف يؤدي إلى النمو العقلي من خلال تشكل المخططات (البني) المعرفية الجديدة، التي يستخدمها الطفل في معالجة ما يواجهه من مشكلات في بيئته. (53: 1985:ص 27) .


    كانت حصيلة هذه النظرية، أن هناك أربع مراحل رئيسة، يتطور عبرها النمو العقلي للطفل، من الولادة حتى المراهقة، وهذه المراحل هي:
    1. المرحلة الحسية الحركية (من الميلاد إلى الثانية).
    2. مرحلة ما قبل العمليات (من سنتين إلى سبع سنوات).
    3. مرحلة العمليات المحسوسة (من سبع سنوات إلى إحدى عشر سنة).
    4. مرحلة العمليات الصورية المجردة (من إحدى عشر إلى خمسة عشر سنة).
    ولابد الاشارة هنا إلى المرحلة الثانية لما لها من ارتباط بعمر أطفال الروضة؛ فعادة ما تكون أعمارهم بين (الثانية والسابعة).


    وهذه المرحلة تنقسم إلى مرحلتين فرعيتين هما:
    1. مرحلة التفكير السابق على المفاهيم: تمتد من (2-4) سنوات، ويحدث فيها ثلاثة أشكال من النمو، الفكر الرمزي واكتساب اللغة، وظهور المنطق الانتقالي، فقبل هذه المرحلة، لم يكن لدى الطفل القدرة على تذكر الأشياء غير المرتبطة بالزمان والمكان الحاضر؛ لأن الصورة البصرية، و التمثيل الصوتي لم تنشط بعد، ويتجلى ذلك من خلال زيادة اللعب الإيهامي للطفل في هذه المرحلة؛ فيدعي مثلاً أنه يصنع كعكة في صندوق الرمل، أو يجعل من القطعة الخشبية التي بيده طائرة محلقة في السماء.(2: 1993: ص 45).
    بعد وصول الطفل، هذه المرحلة تزداد قدرته على استخدام الرموز الذهنية بصورة واضحة وبسرعة كبيرة، ومن ثم تزداد قدرته اللغوية زيادة هائلة، إن التفكير يعتمد على إجراءات وحركات معينة وتساعد اللغة على سرعة التفكير، ولكنه مازال يعتمد على الأفعال والأدوات، وغير قادر على تكوين مفاهيم عامة. (53: 1985: ص 35)
    2. مرحلة الفكر الحدسي: تمتد من (4 – 7) سنوات، يعتمد الطفل في هذه المرحلة بشكل أكبر على حواسه و تخيله أكثر من أي شيء آخر، فهو يخمن الحل بناءً على ما تظهره حواسه. فيكون التفكير حدسياً مرتبطاً بالإدراك المباشر لما يفعله من أعمال بوساطة أدواته، وهذا سبب التغيير في أحكامه من حالة إلى أخرى حسب الظروف المحيطة بكل حالة، ويرى (بياجيه) أن الطفل مع بداية هذه المرحلة يبدأ تفكيره يخطو نحو الأشكال الآتية:

    1. الصورة التفسيرية: من خلال قدرته على الإجابة عن السؤال " لماذا ؟ ".
    2. الصورة الإيحائية: من خلال قدرته على إسقاط نمط الحياة على العالم الجامد.
    3. الصورة السببية: من خلال قدرته على الربط بين الأشياء. (74: 1994: ص100)

    هذه الخلفية النظرية لفهم بنية العقل عند الأطفال، أثرت على طبيعة البرامج
    و المناهج المصممة لرياض الأطفال، خصوصاً أن هذا الاتجاه جاء مؤكداً على التأثير المتوازي لكل من الوراثة والقوى الداخلية الخفية، و بين البيئة والعوامل الخارجية؛ إذ تعكس تلك المناهج المفهوم القائل: إن النمو والتعلم يتفاعلان مع التأثير المتبادل بين الطفل وبيئته؛ فإنه إن كان هناك تأثير للعمليات العقلية العليا فإن ذلك لا يعني تجاهل أثر التعلم على قدرة الطفل في حل المشكلات. (92: 1999: ص 112).
    أهداف المنهج المعرفي في رياض الأطفال:


    1) تمكين الطفل من التفكير الاستقلالي والابتكاري.
    2) تكوين صورة إيجابية لذات الطفل.
    3) تمكين الطفل من التفاعل السوي والتعاون مع الآخرين.
    4) تدريب الطفل على تحمل المسؤولية الشخصية.
    5) تزويده بالمعلومات الصحيحة عن البيئة.
    6) إكسابه مهارات التعلم الأساسية من قراءة وكتابة وحساب. (100: 1996: 86)


    محتوى المنهج المعرفي:
    يشتمل محتوى هذه المناهج على مجموعة من مجالات التفكير للخبرات الآتية:
    1. التفكير السمعي: الانتباه والتمييز بين الأصوات.
    2. التفكير البصري: تمييز الاختلاف والتشابه بين الأشياء.
    3. التفكير اليدوي: الإحساس باللمس واستخدام اليد.
    4. التفكير التصوري: نقل الرسوم إلى أشغال معينة.
    5. التفكير المنطقي: التصنيف والتتابع والتسلسل.
    6. التفكير المكاني: تحديد المواقع والاتجاهات.
    7. التفكير الاجتماعي: تفهم مشاعر الآخرين. (134: 1995: ص 88)
    طرائق التعليم في المنهج المعرفي:
    هناك مجموعة من الأساليب التي يجب مراعاتها عند تنفيذ أنشطة ومحتوى المنهج المعرفي، وهي:
    1. تفعيل دور الطفل ودمجه في بيئة غنية بموارد وفرص تعلم.
    2. استخدام الحوار المسرحي والتمثيلي للتعبير عن المشاعر.
    3. تصوير الأشياء ورسمها وتلوينها.
    4. القيام بالرحلات والنزهات إلى البيئة المحيطة.
    5. توظيف اللعب في التعلم. (92: 1999: ص 116)
    و ظهرت العديد من البرامج، التي استندت على نظرية بياجيه، مثل برنامج (لافتلي) و برنامج (كامي وديفريز)*.
    وعلى الرغم من انتشار فكرة مؤسسات رياض الأطفال منذ بداية القرن الثامن عشر؛ فإنها لم تنل اهتماماً كافياً من المربين، ولم يتوافر لها مناهج تعليمية واضحة المعالم، إلى أن جاء (فردبل) و وضع منهجاً شاملاً للتربية في رياض الأطفال، تضمن العديد من الأنشطة ـ كاللعب والموسيقى والتمارين ـ عرفت (بهدايا فروبل)؛ وعلى الرغم من غلبة الطابع المثالي على منهجه إلا أن أفكاره و أنشطته التربوية أصبحت أساساً للمناهج المعاصرة، ولم تقتصر تطور مناهج رياض الأطفال عند جهود (فروبل) وآرائه فقط؛ وإنما لعبت المربية الإيطالية (مدام منتسوري) دوراً جوهرياً في تطوير مناهج رياض الأطفال؛ بإدخالها أنشطة مهارية،وحركية، و فعاليات حرة، وأدوات جديدة.
    ظل منهجا (فردبل) و (منتسوري) سائداً في أوروبا، وانتشرا أيضاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية لفترة طويلة من الزمن، إلا أن الدراسات التي أجريت في مجال المناهج عموماً، بلورت تطورات جديدة في مناهج رياض الأطفال، وطورت أهدافها، وبنيت على أسس نفسية واجتماعية. مثل دراسة المربي (بياجيه) لمرحلة الطفولة؛ فقد كان لها الأثر البالغ في تطوير مناهج رياض الأطفال، وترسيخ مكانتها في الاتجاهات التربوية المعاصرة، إذ وضع برامج ومواقف تعليمية مثيرة، وتفاعلات مستمرة مع البيئة بما يتلاءم و مرحلة نمو تفكير المتعلم. وأدخلت إلى رياض الأطفال مناهج تؤكد الألعاب الحسية والتفاعل الإدراكي مع البيئة المثيرة؛ بأساليب وطرائق تعليمية متنوعة، معتمدة على الاتجاهات الحديثة في طرائق التعليم، وأخذت هذه الرياض تحجم عن تدريس المناهج على شكل مواد منفصلة وفق جدول زمني، وإنما أخذت تستفيد من خبرات هذه المواد، و تدمجها مع بعضها، وتقدمها في إطار مشوق، وبطريقة جذابة عرفت (بطريقة الدورات التعليمية)، وهي طريقة متأثرة أصلاً بنظرية (الجشطالت) في علم النفس؛ التي تؤكد على الإدراك الحسي المتكامل للطفل، ولهذا أخذ منظّرو المناهج يصنعون المنهج على شكل وحدات تعليمية متكاملة، تحقق التكامل والترابط بين الخبرات التعليمية. (140: 1997: ص 74).
    وقد استفاد الباحث من هذه الخليفة النظرية والتاريخية كأحد مراجع صياغة فقرات أداته التي طُبقت على عينة البحث لتعميق نظرته حول كيفية بناء معايير تطوير منهج رياض الأطفال.


    نقلت ما ججاء في اعلاه من اطروحة دكتوراه املي ان اكون قد حققت الفائده لمعلمات رياض الاطفال

    وان استفدتم اسالكم الدعاء لمن بحث ولمن نقل
    أخي لن تنال العلم إلا بستـة
    سأنبيك عن تأويلها ببيـان
    ذكاء.. وحرص ... واجتهاد وبُلغة
    وصحبة أستاذ.... وطول زمان

  5. #5
    مشرفة سابقة الصورة الرمزية المجروحة
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    $& رياض أبو متعب&$
    المشاركات
    2,555
    يسلمووو

    اختي والله يعطيك العافية

    على هالمشاركة الرائعة

    كل الغلا

    أختكـ/المجروحة

  6. #6

    نبضـ متدفق

    الصورة الرمزية ندى الحروف
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    شخصـك ؟!
    المشاركات
    7,693
    يعطيك العافيه و جزاك الله خير على جهدك
    EveRy Thing « Reminds Me Of yOu


  7. #7

    ~نجمة في سماء التألق ~

    الصورة الرمزية ريف العين
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    18,853
    د / لمياء الديوان

    يعطيك الف عافيه يالغلا

    مجهود رائع

    تقبلي اعذب تحيه

  8. #8

    مراقبة سابقة

    الصورة الرمزية سارهـ


    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    الدولة
    في قلب أبي وعين أمي
    المشاركات
    6,567
    يعطيك العافيه و جزاك الله خير على جهدك





  9. #9
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    المشاركات
    2

    رد: تربية الطفل في العصور القديمة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    عزيزتي بحثك جدا" رائع وأود الاستفادة منه في دراستي للماجستير ويلزمني توثيق المراجع

    هل من الممكن ان تكتبي اسماء المراجع التي استمديتي منها المعلومات

    وفقك الله وسدد خطاك

  10. #10
    & واثقة الخطوة & الصورة الرمزية الخاالديه
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    ألسعوديه
    المشاركات
    1,187

    رد: تربية الطفل في العصور القديمة

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    .
    اللَهُمَ خُذّ بِيّدْيّ فِيّ المضَائقّ
    أستودعكم ألله



    همس الليل
    ,
    ,

  11. #11
    ~ [ عضو جديد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1

    رد: تربية الطفل في العصور القديمة

    مشششششششششششششششششششششششش شششششششششششششششششششششكووو ووووووووووووووووووووووووو ورررررررررررررررررررررررر رررررررررررررررررر

  12. #12
    ~ [ عضو مؤسس ] ~

    الصورة الرمزية كاسب العز
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    جــــــــــــده
    المشاركات
    26,890

    رد: تربية الطفل في العصور القديمة

    بارك الله فيك

    لك مني أجمل تحية

    تقبل مرورى

    كاسب العز
    {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }

    أنت الزائررقم

    لمــواضيعي





    جـــده

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. لمحات سريعة على بعض الاساليب الخاطئة في تربيت الطفل
    بواسطة صمـ الحياه ـــود في المنتدى منتدى الأناقه والمكياج
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 02-09-2009, 10:53 PM
  2. قواعد أساسية في تربية الطفل
    بواسطة صمـ الحياه ـــود في المنتدى منتدى الأناقه والمكياج
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 16-08-2009, 10:04 AM
  3. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 19-07-2007, 06:43 PM
  4. دور الروضة في تربية الطفل
    بواسطة المجروحة في المنتدى الكتب والبحوث والمطويات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 24-06-2007, 11:11 PM
  5. دور اللعب في تربية الطفل ما قبل المدرسة .
    بواسطة لمياء الديوان في المنتدى طرائق التدريس في التربية الرياضية وتكنولوجيا التعليم
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-05-2007, 04:19 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •